في الدول التي سبقتنا علي درب الإبداع والتطوير والتنمية يجتهد المسئولون شرقا وغربا في البحث عن الموهوبين والمتفوقين لاكتشافهم من أجل تنمية مهاراتهم وقدراتهم الخاصة وصقلها, وتوجيههم الوجهة الصحيحة لتحقيق أفضل عائد ممكن( باعتبار أن الاستثمار في البشر هو أعلي أنواع الاستثمار) فهم الثروة الحقيقية لأي بلد وهم قاطرة التقدم العلمي والتكنولوجي للمجتمعات التي لا يتحقق النهوض الاقتصادي بدونهم. فمن غير هؤلاء الموهوبين تتعثر سبل أي تطوير زراعي أوصناعي أوتعليمي أوعسكري, ويترسخ الاعتماد علي الخارج في كل شيء. هذه ليست مجرد أفكار للتجريب تحتمل الصواب والخطأ ولكنها خبرات شعوب تقدمت وأحرزت نجاحات ساحقة في كل المجالات الطبية والهندسية والتكنولوجية وعلوم الفضاء وغيرها من العلوم, شعوب فهمت أن الاستثمار في الثروة البشرية تستفيد منه كل قطاعات التنمية الأخري من دون جدال, وأصبح اكتشاف المواهب علما قائما بذاته وهدفا قوميا يستحق التضحية بالوقت والجهد والمال. أما في بلادنا فمازالت هناك معوقات إدارية تحول دون الاستفادة من تجارب الشعوب المتقدمة وتتسبب في تأخيرنا عن اللحاق بقطار التقدم. في عام2009 قرر محافظ القاهرة الأسبق عبدالعظيم وزيرإنشاء مركز لرعاية الموهوبين تحت رعايته الشخصية لاكتشاف المواهب الصغيرة من أجل توفير الرعاية اللازمة لتنميتهم علي أمل خلق جيل من المبتكرين والمخترعين والمبدعين من بين طلبة المدارس للاستفادة منهم في صنع مستقبل أفضل لمصر. وعلي مدي السنوات الخمس الماضية أسهم المركز رغم ضعف إمكاناته المادية حيث يعمل تقريبا بدون ميزانية في اكتشاف مئات المواهب في الابتكار والاختراع والخيال العلمي والموسيقي والرسم والخطابة والغناء من خلال مسابقات بين الموهوبين, إلا أن السيدة مديرة مديرية التربية والتعليم بالقاهرة قررت تجميد نشاطه ورفعت لمحافظ القاهرة د.أسامة كمال طلبا بإلغائه ورغم رفضه الموافقة علي الطلب إلا أنها ألغت مسابقة كان من المقرر إقامتها صباح اليوم في مدرسة مجمع الملك فهد التجريبية بمدينة نصر رغم حصول مدير المركز د.عزالرجال فاروق علي موافقة مسبقة من المديرية لإقامتها, متجاهلة الجهود الهائلة التي بذلها الطلاب لخوض المسابقة علي مدي الشهور الستة الماضية بكل ما يعنيه ذلك من إحباط هؤلاء الموهوبين وأسرهم.. ووأد حماسهم.. ضاربة بتعليمات رؤسائها عرض الحائط. لا تخلو أي دولة عربية الآن من مركز لرعاية الموهوبين.. أما موهوبونا فمازالوا تحت رحمة قرار يحتاج لوقفة حاسمة من جانب وزير التربية والتعليم ومحافظ القاهرة. [email protected] رابط دائم :