الثراء السريع بأي طريقة مشروعة أو غير مشروعة, كان حلم مجموعة من الأصدقاء العاطلين, للوصول إلي القمة, من خلال جمع المال, واقتناء الأطيان والعقارات, وركوب السيارات الفاخرة, وتمضية السهرات الماجنة, وقتما وكيفما أرادوا. حب المال إلي حد الجنون, أعمي أبصارهم, وصنع غشاوة علي قلوبهم, فأخذوا يقدحون زناد فكرهم, حتي تفتقت أذهانهم المريضة عن حيلة إجرامية جهنمية, لتحقيق غرضهم, وبلوغ غايتهم, تمثلت في خطف الأطفال بسوهاج. اعتقدوا أن السير في طريق الإجرام, أصبح سهلا وميسورا, وأنه يصعب علي أجهزة الأمن كشف ألاعيبهم, وفضح جرائمهم.. وسمعوا وشاهدوا وقرأوا عن بعض العصابات التي تخطف المواطنين, وتبتز أسرهم, حتي يحصلوا منهم علي مبالغ مالية طائلة, تصل أحيانا إلي الملايين, مقابل إعادة أبنائهم وذويهم. اختمرت هذه الفكرة الشيطانية في عقولهم وأذهانهم, فقرروا تنفيذها.. وبدأوا يفكرون من ستكون ضحيتهم الأولي, متفقين علي أنه لا بد أن تكون أسرتها ثرية.. ولإنجاز هدفهم, ركزوا أعينهم علي تحركات الأثرياء وجمع أكبر قدر من المعلومات عن أصحاب النفوذ بدائرة القسم. وبتكثيف المراقبة, استرعي انتباههم الطفل أحمد ابن قرية باجا دائرة مركز سوهاج, فأعدوا خطة لتحديد كيفية اصطياده, وفي الزمان والمكان المحددين, خطفوه من أمام منزله داخل سيارة, وفروا هاربين إلي منطقة مهجورة, بعيدا عن الكتلة السكنية بعد تكميمه, ثم اتصلوا بوالده لابتزاز أمواله ودفع الفدية, وبالفعل رضخ لهم الأب, وأبدي استعداده لدفع المبلغ المحدد خشية علي حياة ابنه. ترجع أحداث الواقعة, عندما تلقي اللواء محسن الجندي مساعد وزير الداخلية لأمن سوهاج, بلاغا من عبد الناصر طبيب ومقيم بشارع ترعة باجا دائرة القسم, يفيد بقيام ثلاثة أشخاص مجهولين, يستقلون سيارة, باختطاف ابنه أحمد في أثناء وجوده أمام منزله. وأضاف أنه تلقي اتصالا تليفونيا عقب ذلك من أحد الأشخاص, يطالبه بفدية مقابل إعادة فلذة كبده, وأشار إلي أنه قام بالتفاوض معهم, ودفع مبلغا ماليا, حيث استعاد طفله من خاطفيه. قاد العقيد أحمد الراوي مفتش المباحث فريق بحث ضم الرائد عمر الفاروق رئيس مباحث قسم ثان, بإشراف العميدين محمود العبودي والحسن عباس مدير ورئيس مباحث المديرية, لكشف مرتكبي الواقعة وضبطهم. فحص فريق البحث الجنائي, المسجلين والمشتبه فيهم, وكذلك فحص علاقات أسرة الطفل, وبعد جهود مكثفة, تبين أن الأسرة ليست لها أي خلافات أو عداءات مع أحد, وتوصلت الجهود إلي أن وراء ارتكاب الواقعة كلا من:( م.م.م)28 سنة صاحب سوبر ماركت, و(م.ق.ف)33 سنة عاطل, ومقيم بقرية جزيرة شندويل, بالاشتراك مع آخرين جاري تحديدهم. وأضافت التحريات أن المتهمين كونوا فيما بينهم عصابة, تخصصت في ارتكاب جرائم الخطف, وطلب فدية مقابل إطلاق سراح المجني عليهم, حيث يقوم المتهم الأول بالاتفاق مع الثاني وآخرين باختطاف الضحية, علي أن يقتصر دور الأول علي الإرشاد عن المجني عليه, وإحاطة باقي المتهمين بالمعلومات المتوفرة لديه عن عائلته, ويتولي المتهم الثاني وباقي المتهمين الهاربين إتمام عملية الخطف, وطلب الفدية المالية. تم تقنين الإجراءات واستئذان النيابة العامة, حيث تم ضبط المتهمين المذكورين, وبمواجهتهما بما توصلت إليه التحريات, اعترفا بارتكابهما الواقعة, بالاشتراك مع آخرين, كما ضبط بحوزة المتهم الثاني مبلغ25 ألف جنيه وبعض المشغولات الذهبية, قدرت ب29 ألفا, وعثر معه علي هواتف محمولة. واعترف المتهم الثاني أن نصيبه من الواقعة50 ألف جنيه, وأن المبلغ المضبوط هو ما تبقي بحوزته, وأن المشغولات الذهبية والهواتف المضبوطة اشتراها بجزء من المبلغ, عقب حصوله علي نصيبه من الواقعة. تم التحفظ علي المضبوطات, وأخطرت النيابة التي أمرت بسرعة ضبط باقي المتهمين. سوهاج- محمد أبو العباس رابط دائم :