شاب تونسي آخر يضرم النار في نفسه ويموت حرقا. المنتحر الذي أطلقت عليه وسائل الإعلام اسم البوعزيزي2 نسبة لمن سبقه علي طريق الاحتجاج انتحارا والذي فجر الثورة التونسية أحرق نفسه في شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة للتعبير عن رفضه للمضايقات التي تعرض لها علي أيدي أفراد الشرطة خلال عمله كبائع متجول.. فلا هو تمكن من حل مشكلته الشخصية بتوفير الاحتياجات الأساسية لمن يعول, ولا طرح تصورا للحكومة بالحل المقترح من وجهة نظره. نعيش أزمة خانقة ومحنة حقيقية تفرض نفسها بقوة علي الحكومات والمحكومين علي حد سواء. الشعوب العربية لم تعد لديها أي طاقة علي الصبر, وباتت تتوقع حلولا فورية لمشاكلها, والحكومات عاجزة عن التصرف بالصورة التي ترضي طموحات الشعوب الثائرة. البوعزيزي2 كفر بالحكومة التونسية وبالإجراءات الشرطية التي تعيق عمله المتواضع الذي يكسب منه قوت يومه, وإن خالف القانون ووقف في مكان ممنوع, فالحكومة لم توفر له عملا بديلا ولا وفرت له فرصة كريمة تضمن له3 وجبات لنفسه ولأفراد أسرته. الحكومة التونسية تتحمل أمام الرأي العام وزر هذا الشاب الذي بلغ به اليأس والقنوط مبلغا دفعه لحرق نفسه بسكب مادة ملتهبة علي جسده ليموت متأثرا بحروقه البالغة, إلا أن هذا لا يعفيه هو نفسه من مسئولية الإقدام علي الانتحار بمحض إرادته. لا أحد يدافع عن الفساد ولا الفشل, وعجز الحكومات عن توفير فرص كريمة للعيش لمواطنيها فشل وعجز يعجز أمامه المواطن عن الفهم, غير أن الانتحار لم يكن في يوم من الأيام حلا للمشاكل ولكنه أسرع الطرق إلي جهنم, ليس هذا رأيي ولكنه حكم السماء, والانتحار رد فعل مستورد من أي مكان آخر, ولم يكن يوما أمرا مشروعا في ثقافتنا ولا وليد بيئتنا. لا نريد أن تدفعنا الأزمة إلي الكفر بالله فنمجد من يقتل نفسه بنفسه, ولا أن نبرر الانتحار أو أن نسبغ عليه صبغة ثقافية أو ثورية, المنتحر ليس بطلا ولكنه شخص استسهل اليأس من رحمة الله واختار ميتته بنفسه وبيده. أدعو الله ألا يصبح الانتحار موضة ثورية بين شبابنا, وألا نفقد شبانا آخرين تحت لافتة الاحتجاج اليائس من أي شيء. رابط دائم :