· المنتحر كافر وقاتل.. ولكن الوزير الذي تسبب في انتحاره كافر وقاتل أيضا · النكتة التي انتشرت تلخص المأساة أن الحزب الوطني أمر وزارة البترول بتقديم خدمة «احرقني شكرا» بجميع محطات البنزين منذ عدة سنوات شاهدت تقليدا غريبا وخطيرا يقوم به الناس في ليلة رأس السنة في بيرو بأمريكا اللاتينية، حيث يحرقون صور الوزراء والمسئولين الذين يكرهونهم أو الذين تسببوا في انهيار أحوالهم المعيشية والاجتماعية.. وفي اليوم التالي نبهني الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب في جو ودي ناصحا إياي نصيحة قانونية بأن الدعوة إلي حرق صور الوزراء هي بمثابة تحريض علي قتلهم.. ودخلنا في نقاش حيث كانت وجهة نظري أنها عملية رمزية تعني حرق سياسات هذا الوزير التي أدت إلي مشاكل عائلية واجتماعية ومعيشية.. والحقيقة أن الفكرة راودتني لتحل محل قيام الشباب العاطلين أو الجائعين أو الذين لديهم مشاكل معيشية طاحنة بحرق أنفسهم.. لا أحد يستطيع أن ينصح أحداً بحرق نفسه أو الانتحار بأي وسيلة لتسليط الضوء علي مأساته اقتداء بالشاب التونسي بوعزيزي الذي كان انتحاره وقود إشعال الثورة التونسية.. بعض المنتحرين في مصر اعتقدوا أن الثورة سوف تشتعل بعد انتحارهم مثلما حدث مع بوعزيزي في تونس.. الوضع مختلف تماما لأن بوعزيزي انطلق من منطقته وبيئته أي أنه انطلق من قاعدة جماهيرية ينتمي إليها.. ومع ذلك أنا مندهش جداً لبعض الصحف التي ركزت علي أن المنتحر كافر واستعانت بفتاوي دينية تؤكد ذلك ونحن لا نمانع ولا نعترض، ولكن كان واجبا علي هذه الصحف أيضا أن تبحث في حكم الدين فيمن يدفع مواطنا إلي الانتحار ويغلق كل الأبواب في وجهه أليس هذا المسئول أو الوزير هو القاتل الحقيقي.. لذلك أحرقوا صور الوزراء والمسئولين بدلا من أن تحرقوا أنفسكم.. إن حالات انتحار المواطنين سوف تزداد وستتحول إلي أهم سلاح يواجه به الناس سوء الأحوال المعيشية. المواطن يرفع شعار: أنا ميت ميت.. إذن أموت وأنا أسلط الضوء علي قضيتي ومأساتي أفضل من أن أموت من الجوع أو الفقر أو البطالة.. والنكتة التي انتشرت تلخص المأساة أن الحزب الوطني أمر وزارة البترول بتقديم خدمة «احرقني شكرا» بجميع محطات البنزين.. الحزب الوطني الذي خرب مصر سيدفع الناس جميعا إلي الانتحار.. رغم يقيني بأن السلطة اهتزت بسبب حالات الانتحار المتتالية في كل الأحوال أحرقوا صور الوزراء المسئولين ولا تحرقوا أنفسكم.