نموذج للفتاة المصرية المكافحة التي حطمت كل القيود لتحقيق حلمها وحماية حقها في التعليم.. إنها رضا سيد التي منعها أهلها من استكمال تعليمها بسبب ضعف نظرها وهي مازالت في الثانية عشرة من عمرها وبالفعل خرجت من الصف الثاني الإبتدائي والتحقت بالكتاب الذي ساعدها علي إتقان القراءة ولكن ما الفائدة والنور حولها يختفي شيئا فشيئا خاصة وأن خطأ التشخيص والعلاج في مستشفي أسيوط الجامعي قضي علي آخر ما تبقي من نور عينيها... وظلت هكذا حتي أصبحت كفيفة لا تري بعينها ولكن عقلها مازال يرفض الاستسلام لشبح الظلام بل يريد المزيد من الغذاء العقلي والروحي لتقرر رضا أن تنتقل إلي القاهرة لتكمل ما وصلت إليه وتدخل المدرسة من جديد حتي وإن كانت كفيفة لأنها تريد أن تتعلم وتقرأ هذه الهواية التي سخرت كل حياتها من أجلها... كان عليها أن تتعلم طريقة برايل وقد فعلت وأجادتها في شهرين وأصبحت تقرأها وتكتب بها, وأصبح عليها أن تستكمل مسيرتها التعليمية من جديد ولكن ظهرت أولي العقبات أمامها حيث كانت في حاجة لاستخراج شهادة محو الأمية أولا, ولكن قال لها موظفون الإدارة التعليمية أنها عليها أن تحصل علي هذه الشهادة من فصول مبصرة..! بدأت رحلتها مع المسئولين في التربية والتعليم وداخل الإدارات التعليمية من أجل الحصول علي الشهادة ومرت سنة ومن بعدها سنة والوضع كما هو عليه استمرت خلالها محاولتها حيث تواصلت مع هيئة محو الأمية الذين أكدوا لها سهولة الحصول علي الشهادة للمبصرين ولكن الأمر صعب بالنسبة لذوي الإعاقة وأكدوا لها أنها في حاجة لوجود متخصص يتابع معها ليتأكد من أحقيتها للحصول علي الشهادة.. و في قطاع التعليم بالجيزة فقالوا لها أن الأمر ينتهي بوجود مجموعة من المكفوفين ليكون هناك عدد لفصل كامل يتم عمل اختبارات لهم جميعا وليس بمفردها وعندما أوضحت رضا صعوبة الأمر كان الرد: صعب ليه المكفوفين بيعرفوا بعض..! لتنهي رضا حديثها عن هذه الرحلة المؤلمة للنفس قبل الجسد حيث ان المبصرين يحصلون علي هذه الشهادة خلال أسبوعين أما هي وغيرها من ذوي الإعاقة فقد يستغرق الأمر معهم سنوات, ولكن أراد الله أن يكون لها من اسمها نصيب فظلت راضية وصابرة حتي استطاعت أخيرا الحصول علي شهادة محو الأمية وبدأت دراستها حتي وصلت للصف الثالث الإعدادي حيث تدرس في إحدي مدارس المكفوفين وأكدت أن حلمها مستمر رغم أحاديث المحبطين الذين لا يقدرون قيمة ذوي الإعاقة, وهنا تذكرت عبارة قالتها لها موظفة بإحدي الإدارات التعليمية أثناء متابعتها لشهادة محو الأمية حيث قالت لها اللي زيك عايز يتعلم ليه لترد رضا بإبتسامة هادئة الزمن هيثبت للجميع أنا بتعلم ليه. وقد تطوعت رضا لخدمة الأطفال المكفوفين لتساعدهم علي إتقان طريقة برايل وقالت أنا تعبت عشان اتعلمها وعاهدت ربنا أن أساعد أي حد عايز يتعلمها, وأضافت أنها حتي أثناء فترة الامتحانات لا تكف عن خدمة الأطفال ومساعدتهم لأنه واجب عليها خاصة وأن مدارس المكفوفين لا تقبل الا بأطفال تعلموا برايل ويستطيعون كتابة أسمائهم وهي تعلم أن كورسات تعلم البرايل مكلفة جدا لذلك قررت رضا تأهيل الأطفال المكفوفين للإلتحاق بالمدرسة وعدم حرمانهم من التعليم... وانتقدت رضا تقصير الدولة في رعاية ذوي الإعاقة وعدم مساهمتها في تخفيف العبء عنهم مؤكدة أنها لا تهتم مطلقا بحقوق المعاقين ولكن بقوة عزيمتها ورضاها بقضاء الله تري أن إيمان ذوي الإعاقة بأنفسهم وقدراتهم ستجبر الجميع علي احترامهم.. أما عن المجال الذي تتمني رضا أن تدخل فيه بعد انتهاء دراستها فهو الإلتحاق بكلية الإعلام أو دراسة التاريخ الذي تهوي التعرف عليه واكتشاف تفاصيله, لتنهي حديثها قائلة إنني علي يقين تام بأنني كالمجاهد في سبيل الله لأني طالبة علم ولأن الله منحني شيئا من العلم أصبح لزاما علي أن أنقله لغيري. رابط دائم :