استغل الجراد الأحمر حالة التراخي والإهمال وتوقف فرق المكافحة وهاجم مصر من عدة اتجاهات, تاركا المسئولين والسياسيين منشغلين بهموم الأخونة وصراعات الحصانة ومعارك المقاطعة وتبادل الاتهامات ليفاجيء الجميع بأن المزارع- وحده- يدفع الثمن كما هو المعتاد في مصر المحروسة. من المفترض أن مصر- يا سادة- لديها خريطة زمنية ومكانية تعرف منها مواسم تحركات الجراد وأن وزارة الزراعة بها إدارة تختص بهذه المهمة وتتحرك من خلالها فرق لرصد تلك التحركات وتنفذ مصدات لوقف زحفه ومن المفترض أن هذه الفرق لديها القدرة علي التنبؤ بتحركات الجراد وليس رصدها فحسب وهو ما يسمي بالترصد وتحديد الإجراءات المطلوبة. المثير للدهشة أن منظمة الفاو سبق وأن حذرت من الهجوم المتوقع للجراد منذ نوفمبر الماضي, بل وحددت المنظمة الأماكن التي سوف يهاجمها الجراد الأحمر الشرس ولكن وزارة الزراعة تعاملت مع التحذير كما تتعامل مصر كلها الآن مع أي شيء يتعلق بالسياسة, فقد انشغلنا بأي شيء يفرقنا وينسف أي أمل في المستقبل وتشاغلنا عن أي شيء يرتبط بمصيرنا, وكأننا نعيش حالة من الفشل لا يعرف لها سبب ولا ندري لها مواصفات ولا ملامح وذابت الحكومة بنجاح كبير مع الفشل وتجاذبت مع التراجع. فقد تعاملت الوزارة مع التحذيرات من الجراد علي طريقة بيانات الدكتور هشام قنديل وخطابات الانجازات الرئاسية حيث زعم وزير الزراعة أن وزارته تصدت وبنجاح لأكثر من80% من أسراب الجراد وأنها لقنته درسا لن ينساه, وما كاد الوزير ينتهي من كلامه حتي كانت بعض الأسراب عل أبواب وزارته تخرج لسانها للوزير وادعاءاته, فطمأن المصريين بنفس أسلوب لبن السرسوب القنديلي وحماية الأطفال من تلوث الرضاعة قائلا: ز الجراد في استراحة بمصر وسوف يواصل هجرته وأنصح الناس ألا يقلقوا ز..يا حلاوتك يا جمالك.. والنبي يا شيخ تكرم الجراد في استراحته. المشكلة أننا نتعامل مع الجراد مثلما تعاملنا مع حمادة المسحول فقد تسابق الجميع في التناول الساخر للأسراب بين قائل بأنها هاجمت بيت الرئيس ومقر الإخوان المسلمين ومحذر من استخدامها في تزوير الانتخابات وأن هجوم الجراد درس وعظة وليت الجماعة تفيق ولا تنشغل برقصة هارلم شيك التي أداها ناشطها أحمد المغير عاريا, وبينما كان الأنصار يدافعون والمعارضون يشمتون كانت أسراب الجراد تلتهم أجود المساحات الزراعية وكان الرئيس يفكر بالأسلوب المصري باقتراح تشكيل صندوق إقليمي لمكافحة الجراد! يا سادة تعاملوا مع أسراب الجراد كأي طارئ يمكن أن يواجهنا ليس في الزراعة فقط ولكن في أي قطاع من قطاعات الدولة لأننا نعيش عراة من توخي الحذر ولا نمتلك خطة لأي شئ وعلينا أن نعرف أن أي خطر قادم ومهما صغر يمكن أن يفتك بنا ويكسر ظهورنا وساعتها لن نفرق بين رقصة الجراد ورقصة هارلم شيك! رابط دائم :