العصيان المدني وتعطيل حركة العمل في بعض المحافظات والتي دعت إليها احزاب وحركات سياسية تعبيرا عن رفضها سياسات الحاكم والضغط لتحقيق مطالبهم, ظاهرة طرأت علي الساحة السياسية وهو الأمر الذي اجمع علماء الدين علي أنه لا يجوز شرعا والتأكيد علي أن كل من ساهم فيه يستحق العقاب في الدنيا والآخرة. * في البداية يقول الشيخ عبدالحميد الاطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق أن العصيان المدني أمر تأباه الشريعة الإسلامية لأن الإسلام حث علي العمل وقال تعالي: وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون( التوبة:105) وتحدث القرآن الكريم عن العمل في أكثر من موضع, والنبي صل الله عليه وسلم قال: ما أكل العبد طعاما أحب إلي الله من كد يده, ومن بات كالا من عمله بات مغفورا له, وقال في حديث آخر( إن من الذنوب ذنوبا لا يكفرها الصوم, ولا الصلاة, ولا الصدقة, ولكن يكفرها السعي علي العيال) بل جعل النبي صلي الله عليه وسلم الذي يعمل ويعف نفسه ويكفي أهل بيته من عرق جبينه كمن جاهد في سبيل الله. * وأكد الأطرش انه من حق الإنسان أن يتظاهر ويعلن عما يغضبه ويطلب مطالبه بأسلوب أمر به الإسلام وليس بالعصيان لان الدين يمنعه, وتوقف الحياة بكل هيئتها في الوقت الذي يعلم الجميع ان عجلة الحياة تدور ولا تتوقف بموت احد أيا كانت مكانته, ثم أذكر من يعلنون العصيان المدني بتوقف المخابز والمصانع والمستشفيات وشركات المياه وما إلي ذلك لو أن إنسانا أصيب بمرض ولابد من نقله إلي احد المستشفيات وأعلنت المستشفيات العصيان المدني فكيف يتم انقاذه؟ ولو لفظ أنفاسه فكيف يتم تجهيزه ودفنه؟ * وأضاف انه لا مجال للدعوة للعصيان أيا كان نوعه ولا مانع من التظاهر السلمي بعيدا عن التخريب والتدمير من مؤسسات الدولة وممتلكاتها وبعيدا عن ترويع المواطنين, لذلك فالعصيان المدني أمر لا يقبله شرع ولا قانون ولا دين ولا عقل مصداقا لقوله تعالي إن الذين أمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها لا يبغون عنها حولا)( سورة الكهف اية108,107) ونجد ان الإعلام المصري ينقل هذه المظاهرات عبر شاشات التلفاز, مشيرا إلي أنه يجب علي الإعلام عندما يجد نقيصة لا يعلنها وإنما يئدها في مهدها حتي لا يشعل نار الفتنة ونسأل الله عز وجل ان يجعل مصر بلد أمن وأمان وخير وسعادة ويجعل اهلها علي قلب واحد ويبعد عنا الفرقة. * ومن جانبه رأي الدكتور الأحمدي ابو النور وزير الأوقاف الأسبق أن كل ما يؤدي للإضرار بالنفس والمجتمع والمؤسسات والممتلكات الخاصة والعامة لا يجوز شرعا لأنه لا يجوز أن نعطل مصالح الناس والمجتمع فالعصيان المدني يتبرأ الله منه, فإغلاق المحال وإحراق الممتلكات وإغلاق المترو والمصالح الحكومية كمجمع التحرير وغيره لا يأتي إلا بالمضار للشعب المصري ولابد أن نتحاور معا لكي نصل إلي مطالبنا المشروعة. وتساءل فكيف نوقف عجلة الإنتاج ثم نطلب من الدولة ان تؤدي دورها بتوفير المرتبات والسلع والأدوية وغيره, وهل هذا عصيان لله أم للرسول صلي الله عليه وسلم أم للمجتمع أم للنظام؟, فهذا العصيان يعلن عن ترجمة تخريب البيت المصري بأيد مصرية فهل يجوز ذلك؟ وكيف ستكون صورتنا امام العالم ونحن نخرب بيوتنا بأيدينا وندمر بلدنا؟ لذلك لابد فورا من التوقف عن هذا العصيان المدني لأنه لا سند له في الدين ويغضب الله لان الذين يعلنون العصيان مسئولون امام الله مسئولية كاملة عن التدمير والتخريب وكل شيء يؤذي المجتمع وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن ماله من أين أخذه وفيما انفقه وعن علمه ماذا عمل به. ونحن في مصر شركاء في التنمية, والعصيان لا يؤدي إلي تنمية بل سيؤدي إلي التخريب والانهيار, وهذا العصيان سيرمي المصريين بأيديهم إلي التهلكة وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم) لا ضرر ولا ضرار( فالضرر عندما يؤذي الإنسان نفسه والضرار عندما يؤذي الغير والعصيان هنا يؤدي إلي ان يؤذي الانسان لنفسه وغيره ويتساءل كيف يلقي المجتمع بنفسه إلي الانتحار, وعلي المواطن ان يعلن عن مطالبه وتظاهره تظاهرا سلميا دون وقف العمل أو الاضرار بالناس وتدمير مكتسبات الدولة العصيان المدني ينبئ عن الانتحار وانهيار الدولة, والمواطن الذي يعلن العصيان مسئول قانونا امام الدولة وشرعيا امام الله. وهذا العصيان يعني الهروب من مواجهة المسئولية والرأي وأنه لا حجر علي الرأي فكل مواطن يعبر عن رأيه دون تخريب ودون الحجر علي الممتلكات وتدمير الاقتصاد والعصيان سيؤدي إلي تدمير الاقتصاد ومستقبل مصر. ويري أبو النور ان العصيان إن كان ايجابيا في الصورة ولكنه سلبي في الواقع والمجتمع كيف يمكن ان يتطور المجتمع بعصيان مدني؟ سيتطور المجتمع إلي الخلف وليس إلي الامام العصيان المدني انتحار بطئ ولكن نهايته سريعة. * وبدوره دعا الدكتور محمد أبو ليلة عميد معهد الدراسات الإسلامية باللغات الأجنبية وأستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر من يحرضون علي العصيان المدني إلي استشعار المسئولية ومراجعة أنفسهم حرصا علي المصلحة العامة للبلاد. وحذر أبو ليلة من أن الدعوات للعصيان المدني تمنح البلطجية والمسجلين خطرا فرصة لإحكام سيطرتهم وفرض الأعمال الإجرامية علي المجتمع وحكمهم في الإسلام بأنهم يحاربون الله ورسوله والمجتمع المصري مصداقا لقول الحق سبحانه وتعالي: إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم( الآية33 سورة المائدة. وقال أبو ليلة أن الحاكم يمكن أن يحاسب إذا أخطأ ويتم عزله إذا ظلم بالطرق المشروعة التي يقبلها الشرع, مؤكدا أن الحاكم الحالي رئيس منتخب لم يأت علي ظهر دبابة ولم يفرض بإرادة أجنبية وجاء في ظروف صعبة وعقب ثورة قامت علي الفساد والاستبداد والمهمة التي تولاها شاقة لا يمكن السيطرة عليها في مجرد شهور أو نحو ذلك ويحارب من كل جانب من الداخل والخارج, وأيا كان من هو في موقعه لا يقبل أن يعامل بهذه الطريقة. وأضاف أن فرض قلة إرادتها علي الشعب وتحريضهم علي تعطيل العمل والإنتاج أمر غير مقبول ويرفضه الشرع وأن من يقومون بهذه الأفعال يسعون إلي إسقاط مصر. ووجه أبو ليلة اللوم لوسائل الإعلام التي تركز كثيرا علي ما يغضب الناس ويثير الفتن, وتتسبب في كآبة المصريين الذين يتميزون بالتفاؤل والفكاهة, مشيرا إلي أن الدعوات للعصيان قد تتسبب في حدوث مجاعة لدي كثير من الناس دون ذنب, مؤكدا أن العصيان المدني لم يحدث أيام الرسول صلي الله عليه وسلم والنبي الذي كان يحث علي العمل.