بوسعي أن أقول إنه طالما استمر المشهد الراهن فلا مجال للحديث عن تحقيق أي إنجاز سواء علي صعيد تعافي الاقتصاد الذي شهد هبوطا جديدا في التصنيف الائتماني من(b-) إلي(b3) أو مفاوضات صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض ال4.8 مليار دولار أو عودة الأمن الذي تحول إلي رعب يسكن كل بيت مصري ناهيك عن تحقيق مشروع النهضة الذي صار محلا للتهكم في الصحف وموقعي الفيس بوك وتويتر تفاءلت مثل الكثيرين الأسبوع الماضي بالتسريبات التي أطلقها قادة حزب النور بشأن موافقة الرئيس مرسي علي طرح مبادرة الحزب السلفي للمناقشة خلال جلسة الحوار الوطني الذي ترعاه الرئاسة وكان من المفترض أن تلتئم الأربعاء الماضي قبل إرجائها بسبب عدم حضور عدد من القوي الوطنية, ولكن موجة التفاؤل لم تدم طويلا بشأن موافقة الرئيس علي إقالة حكومة د. هشام قنديل وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة شخصية وطنية مستقلة وكذلك تغيير النائب العام المستشار طلعت عبدالله وهو ما تراجع عنه المتحدث باسم الرئيس لاحقا مما يفتح الباب معه للخلاص من الأزمة التي تعصف بالبلاد والعباد وتهييء الأجواء لإنهاء حالة الاحتقان والانقسام التي طالت بأكثر مما نتصور أو علي نحو أدق مما نحتمل لا سيما وأن البلاد تعاني من تعطل دولاب العمل وبطء عجلة الانتاج وهو ما خلف تركة ثقيلة تحتاج إلي تضافر جهود جميع أبناء الوطن المخلصين للنهوض بمصر الثورة من عثرتها ووضع قطار الإنتاج فوق القضبان وهو الأمر الذي يستحيل تحقيقه برأينا طالما استمر الوضع علي ما هو عليه أعني واصلت المعارضة التشويش علي الرئيس وجماعته تارة بالشائعات وتارة بالمليونيات غير السلمية المدججة بالمولوتوف والبلطجية والبلاك بلوك ممن يهدفون إلي نشر الفوضي وترويع المواطنين ظنا منهم أن ذلك الأمر سيعجل بالخلاص من حكم جماعة الإخوان, التي وإن اختلفنا مع توجهاتها وإدارتها للبلاد فلا نستطيع أن نختلف علي طريقة وصولها إلي السلطة بالأسلوب الديموقراطي وعن طريق صناديق الانتخابات وفي المقابل فإن تجاهل الرئيس وجماعته للمطالب المشروعة للمعارضة والتذرع بامتلاك الشرعية والتفويض من الشعب لأخذ البلاد إلي الوجهة التي تحقق مصالحهم يكشف عن عدم استيعاب لدروس ثورة25 يناير التي حولت الإخوان من جماعة محظورة في النظام السابق إلي سدة الحكم وبالتالي يتعين أن تراجع الجماعة وتحديدا عقلاؤها تجربة الشهور السبعة الماضية للوقوف علي ما ارتكبته من أخطاء والمسارعة بإصلاحها قبل فوات الآوان وقبل أن تستيقظ علي فقدان الأغلبية في مجلس النواب المقبل خصوصا وأن السلفيين سيدخلون معركة مجلس النواب سواء مستقلين أو متحالفين مع جبهة الإنقاذ مما ينذر بصعوبة المعركة علي الإخوان ويجعل من احتفاظ الجماعة بالأغلبية في البرلمان الجديد محل شك كبير. وأغلب الظن أن مليونية( معا ضد العنف) التي خرجت يوم الجمعة الماضي بالتزامن مع مليونية( كش ملك) التي نظمتها المعارضة وشهدت اشتباكات بالمولوتوف حول قصر الرئاسة بكوبري القبة لن تخدم جهود الوساطة التي يقوم بها حزب النور لأن من شأن التنابز بالمليونيات وسقوط مصابين جدد أن يعمق هوة الخلافات بين الفريقين المتناحرين ويضع عقبات أمام التوافق الذي يسعي إليه حزب النور معتمدا علي مرجعيته الاسلامية من جانب وكذلك انفتاحه مؤخرا علي جبهة الانقاذ مما يجعله أكثر قوة سياسية مؤهلة لإنجاز الوساطة بين جبهتي الحكم والمعارضة. إن ملونيتي( معا ضد العنف) و( كش ملك) كشفت مجددا عن الوجه القبيح لمصر المنقسمة بين معسكرين يكن كل منهما الكراهية للآخر ويسعي إلي إرباكه وتعطيله بكل السبل المشروعة وغير المشروعة مما يعني الانحراف عن أهداف الثورة وألف باء التحول الديموقراطي. وبوسعي أن أقول إنه طالما استمر المشهد الراهن فلا مجال للحديث عن تحقيق أي إنجاز سواء علي صعيد تعافي الاقتصاد الذي شهد هبوطا جديدا في التصنيف الائتماني من(b-) إلي(b3) أو مفاوضات صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض ال4.8 مليار دولار أو عودة الأمن الذي تحول إلي رعب يسكن كل بيت مصري ناهيك عن تحقيق مشروع النهضة الذي صار محلا للتهكم في الصحف وموقعي الفيس بوك وتويتر. وخلاصة القول أن لب الأزمة التي تواجهها مصر كما يقول الأستاذ الكبير السيد يسين وأتفق معه تماما أن مصر بثقلها وثقل مسئوليتها في المنطقة أكبر من أن يحكمها فصيل سياسي واحد حتي لو كان في حجم جماعة الإخوان ذلك التنظيم الحديدي المشهود له بقوته علي الأرض والتساؤل الذي يطرح نفسه هل تفطن الإخوان إلي ذلك؟ وتبادر إلي مد الأيدي لشركائها في الوطن لبنائه معا بعيدا عن حكاية المغالبة والتفرد بزعم أنها صاحبة الأغلبية في الانتخابات وبدون ذلك فستبقي الأوضاع السيئة علي حالها ما لم تتحول إلي الأسوأ.