لم استغرب من ضبط مركز لعلاج الإدمان يقوم بتعذيب المدمنين، وأري أن ذلك لا يعبر عن أزمة انعدام الضمير لدي القائمين علي المركز فحسب وإنما يجعلنا نتأكد أن مصر ليس بها لا وزارة للصحة ولا وزير ولا حكومة وأنه لا تفتيش علي تلك المراكز التي تسير بالبركة وتنشر في مختلف المحافظات. وهذه المراكز ليست جديدة علي مصر فقد كتبت بالأهرام المسائي بتاريخ 27 أغسطس 2009 محذرا من مخالفات مراكز علاج الإدمان بعنوان: "إيدز ومخدرات وبلطجة في مراكز علاج الإدمان" وكان الأمر يمر بإحالة طبيب للتحقيق ويستمر الخطر ويتوحش السرطان في التعامل اللاإنساني مع ضحايا الإدمان من الفقراء إذ لا يعرف الأغنياء الطريق إلي تلك المراكز القاسية التي تبدو وكأن أصحابها ومديروها لا يجيدون إلا الاستعانة ببعض موظفي وزارة الصحة والعلاج الحر بمديريات الصحة للتحايل علي القوانين. وقامت الثورة ثم هدأت والمدمنون يتزايدون والمراكز المخالفة تبتكر في تحديها للقانون عدة زوايا منها الاستعانة بعدد من البلطجية لإدارة مراكز علاج الإدمان فكثير ممن يقومون بالعلاج كانوا ضحايا ثم تحولوا بقدرة قادر إلي أطباء لعلاج المدمنين علي طريقة: "إسأل مجرب ولا تسألش طبيب" ويشتري هؤلاء المعالجون تراخيص لمراكزهم من أطباء أو من وزارة الصحة أو يحصلون علي تراخيص تشغيل بمجرد تقديم اسم طبيب كمدير للمركز مقابل مبالغ تتراوح ما بين ألف إلي ألفي جنيه شهريا لاستخدام الإسم فقط في التعامل مع وزارة الصحة وإدارتها المركزية للمؤسسات الطبية غير الحكومية والتراخيص وقد تتم الاستعانة بأحد موظفي العلاج الحر ل"تضبيط" الأوراق. ومثلما ينشغل رئيس الوزراء حاليا بأبحاثه في الرضاعة ومشكلاتها نجد وزير الصحة مشغولا بالتسويق لتلك الأبحاث ولا يعنيه أمر المدمنين ومراكزهم ولن يعنيه ويكفيه فخرا أنه أنجز تغيير مسمي تحديد النسل إلي تنظيم الأسرة. وأقول للوزير الهمام إن وزارته تواطأت ضد ضحايا الإدمان بتركها أكثر من 20 مركزا تعمل دون ترخيص ولا تعرف الأمانة العامة للصحة النفسية ولا المجلس القومي للصحة النفسية ولا العلاج الحر عنها شيئا وأن مستشفيات الصحة النفسية التي يصل عددها إلي 15 مستشفي لا تمتلك أكثر من 50 سريرا لعلاج الإدمان وأنه تم تدمير مستشفي المطار وأن ما يقال عن المراكز الحكومية لعلاج الإدمان مجرد حبر علي ورق وأن ما يحدث في هذا الصدد يتم لصالح أباطرة علاج الإدمان من كبار أساتذة الطب النفسي الذين حرموا مراكزهم علي الفقراء وحولوها إلي منتجعات علاجية للأثرياء فقط. إنني أدعو إلي فتح تحقيق في مخالفات الصحة ضد ضحايا الإدمان وجنون تكاليف العلاج ومخالفات الكبار في حق المرضي وتحديد المسئول عن مراكز لا دور لها أكثر من نشر الإيدز والبلطجة والمخدرات وحديثا القتل بتحريك من ضمائر خربة تتسول ثراءها من دماء ضحايا الإدمان.