الشعب الغاضب الآن لن يعطي لأحد حق التحدث باسمه ولا صك المتاجرة بصرخاته ولا اللعب غير النظيف برصيده في صناديق الانتخاب ولا المشاركة في معركة خاسرة من أجل المصالح الشخصية. الذين يظنون أنهم قادرون علي تحريك المواطنين كاذبون وواهمون ومخادعون ومخدوعون فغالبية الشعب لا تعنيها مشروعات للنهضة, ولا خططها البديلة ولا تقليد تركيا ولا أسلوب اللحاق بماليزيا ولكن يعنيها وفي المقام الأول فرصة عمل شريفة وخدمة دون مذلة ومرفق يعمل وشارع بلا بلطجة وطريق دون مخاوف وسلع في متناول اليد وشرطي لا يهين كرامتهم ولا يسحلهم ويجبرهم علي الاستمتاع بالسحل. وعلي حكامنا أن يدركوا أن من يثورون في الشارع الآن لا هم بلاك بلوك مأجورون ولا بلطجية مستأجرون ولا فقراء وأطفال شوارع مدفوعون ولا قلة من الشباب يحركهم الترامادول أو مراهقون يبحثون عن احتفالية للتحرش والجنس الجماعي في ميدان ثائر أو تظاهرة تبحث عن أمن يتحرش بها, ولكن الذين يوجدون في مسيرات الرفض والغضب تفرقت دماؤهم علي هموم المجتمع تجد بينهم أسرة مل أبناؤها من البطالة وضل ولي أمرها طرق الرزق التي تمنحه القدرة علي الاستمرار في مواجهة هموم الحياة ومواجعها وشاب واجهه بطش ضابط أو عضلات أمين للشرطة أو شخص سرق حلمه وأهينت أحلامه وآخر انتهكت حرماته. ولا يدين الغاضبون بالولاء والطاعة للبرادعي وحمدين صباحي وموسي والبدوي ورفاقهم ولا غير الغاضبين يربطهم الحاكم بسلسلة في يده أو يصطفهم النظام خلف شعاراته الدينية وأكاذيبه السياسية, وعلي من يشكك في كلامي أن يتأمل القوي الحاكمة والمعارضة فكلاهما ترهل في جلباب مصالحه الشخصية ونزواته السياسية ومراهقته الفكرية وصبيانية أفكاره وطفولية تبريراته. وأري أن مصر الآن حبلي بمن سيمنحها حريتها ويرسم مستقبلها ويوقظ البهجة علي جبينها ويعيد البسمة علي وجهها الذي خالطه العبوس واختلطت به تجاعيد الديكتاتورية, حبلي بمن سيعيد لها ثورة محصنة ضد السرقة و نهضة بالواقع لا الخيال وديمقراطية دون رتوش للفساد ومشاركة بالوطنية لا مغالبة بالأهل والعشيرة وأقارب السلطان ونسب الأقربين وحسب الموالين. مصر بغضبها وصرخاتها الدفينة وظهور أبنائها التي لا تقبل السحل ولا الاعتقال ولا الاحتجاز بأمر محظوري الأمس ومحظوظي اليوم ستخفي جراحها وتداري دماء اكتئابها ودموع ارتباكها وتنتظر شهرا تلو الشهر حتي تسطيع الشمس من جديد ويخرج من رحم آمالها وأحلامها وأوجاعها من يديرها دون كذب ويحكمها من غير مراوغة ويجعل مسارها في صعود مثلما فعل محمد علي باشا بدماء غير مصرية و جمال عبد الناصر بعرق وطني وأيد نبتت في شراقي الطين المصري. أحلم بهذا اليوم بشرط واحد ألا يكون بعد حرب أهلية أو معارك دينية غالبها مؤمن ومغلوبها كافر وأن يكون أبطالها أصحاب بطاقات للهوية لا تعترف إلا بخانة الجنسية.. أحلم بدولة للحرية وبرئيس من ضلعها لا يمثل بجثة الوطن.