ملف خاص أشرف على الملف : مها عمران كاريكاتير : ياسمين مأمون صورتان تصدرتا الصحف والفضائيات والإنترنت قالتا الكثير.. وكشفتا المسكوت عنه: صورة الفتاة التى سحلت وكشفت عورتها على إثر الضرب المبرح فى الشارع وصورة أطفال الشوارع الذين اشتركوا فى قذف الحجارة وإشعال المبانى، صورتان كانتا بمثابة صدمة قاسية ليس لأصحابها فحسب بل للجميع لأنهما كشفتا عورات المجتمع وكذبتا ادعاءاتنا ومزاعمنا أمام أنفسنا وأمام العالم كله. فالصورة الأولى كشفت «انتهازية سياسية» منقطعة النظير من قبل المعسكر الدينى الذى ينتفض فقط مدافعا عن مصالحه والقضايا التى تخدم مطامعه وليس دفاعاً عن الحق والمقهورين كما يدعون، لذا فهو يتظاهر فقط من أجل كاميليا وعبير ووثيقة السلمى ويلتزم الصمت المريب والمواقف المتخاذلة تجاه فتاة العباءة وغادة وهند و...... كما كشفت الصورة أيضاً «ازدواجية أخلاقية» مخزية فالمجتمع بدلاً من أن يتعاطف ويساند الفتاة التى ضربت وأهينت وتعرت راح يمطرها بوابل من الاتهامات الأخلاقية ويشكك فى شرف موقفها وكأنه بذلك يعلن براءته من ذنبها ويتهرب من مسئولياته ،فبدلاً من أن يواجه الجانى الذى سحلها وأهانها راح يعنف المجنى عليها ويحملها المسئولية دون أن يدرك أنه بذلك يلحق الأذى والإهانة بجميع سيدات مصر الشريفات المناضلات أصحاب الرأى والرؤية واللاتى يشاركن بإيجابية فى رفض الظلم والقهر. أما الصورة الثانية.. فهى لا تقل بشاعة وقوة عن الصورة الأولى.. لأنها كشفت سوءات مجتمع ظل سنوات يدعى حكامه ومسئولوه أنهم يعملون من أجل تقدمه ورخاء مواطنيه فصدقناهم وكذبنا أنفسنا وغضضنا الطرف عن الفقر والمرض والجهل الذى توغل فى البلاد معتقدين أننا أفضل بدليل الموبايلات والمدارس الخاصة والزبالة المتراكمة كما ادعوا ودللوا على تحسن أحوال العباد والبلاد، فإذا بنا لانرى هؤلاء والذين يعيشون تحت خط الفقر يقارب عددهم 04٪ من المجتمع هؤلاء الذين يعيشون ويموتون على الهامش لا يجدون مأوى ولاحياة آدمية ولا تعليماً ولاعلاجاً ولا أى دعم مجتمعى بل نستخدمهم كوسيلة لابتزاز المشاعر والاستيلاء على المنح الخارجية. ونتركهم يأكلون من صناديق القمامة وينامون فى العراء نتابعهم بلا مبالاة من خلف زجاج سياراتنا نشيح عنهم بأبصارنا أو بعض القروش لنرشى ضمائرنا ولتكف عن تأنيبنا ونحن نضعهم فى قفص الاتهام. الصورتان لم تلحقا العار بأصحابهما فهم مجنى عليهم بينما الجانى الحقيقى هو المجتمع كله الذى يدعى زوراً الفضيلة.. والإيجابية ويدين صاحبة العباءة.. وأطفال الشوارع لأنه لا يجرؤ على مواجهة عجزه.. وضعفه.. وانتهازيته.. وازدواجية قيمة.