كانت دعاء تحرص دائما علي تذليل كل الصعاب التي تواجه حياتهما, وكان زوجها يعرف ذلك إلا أنه كان دائما يفكر في زوجته القديمة التي توجد فيها بعض الخصال التي افتدقها بعد زواجه الثاني منها الطريقة المثالية التي كانت تتعامل بها زوجته القديمة مع الغرباء مع احتفاظها بتقدير الآخرين في حين أن دعاء لا تهتم إلا بزوجها ولا تجيد فن التعامل مع الآخرين حتي أقارب الزوج ولكنه كان يتحمل لاقتناعه أن دعاء لا تبخل بأي شيء ولكنها الطباع والفوارق الإنسانية بين بني البشر كما أن دعاء بها مميزات أخري تتفوق بها علي سابقتها منها الهدوء والبعد عن العصبية والتأني في التفكير والعمل ولأن الطمع من سمات بعض البشر فكثيرا ما كان يفكر د. مصطفي في زوجة ثالثة تجمع الخصال الجميلة في الاثنتين ولكنه كان يخشي من رد فعل دعاء التي باعت كل شيء من أجله وقبلت الزواج منه رغم سابق زواجه واعتراض أسرتها في البداية بالإضافة إلي جمالها الفائق الذي ربما إن وجده في امرأة أخري لا تقبل الزواج منه ورغم ذلك كان هذا الأمر يشغل جانبا كبيرا من تفكير الرجل الذي كان يهتم بحياته الشخصية أكثر من أي شيء آخر وهو ما ورثه عن والده عمدة القرية الراحل الذي كان لا يركز إلا في كيفية إسعاد نفسه قبل أي شيء وفي أحد الأيام وأثناء وجوده في عيادته الخاصة لتوقيع الكشف الطبي علي المرضي حيث يعمل طبيبا للأنف والأذن جاء الدور علي إحدي السيدات وعندما دخلت السيدة حجرة الكشف شعر الطبيب بخفقان في القلب مثلما كان يحدث له عندما كان يلتقي بأي فتاة وهو طالب في المرحلة الإعدادية أو الثانوية فهو أمين في عمله ويحترم القسم وقد تعود ألاينظر في وجه مريضة أثناء الكشف الطبي عليها ورغم ذلك فقد شعر بشيء غريب تجاه هذه السيدة فبدأ يتحدث معها أثناء الكشف وكأنه يعرفها منذ سنوات حتي عرف من خلال حديثه معها أنها سيدة أرملة في الأربعين من عمرها وقد توفي عنها زوجها وهي في الخامسة والعشرين ورفضت الزواج رغم العروض الكثيرة التي انهالت عليها إلا أنها تمسكت بالعزوف عن الزواج لرعاية ابنتيها من زوجها الراحل وأن إحداهما تمت خطبتها أخيرا بعد حصولها علي بكالوريوس هندسة والأخري طالبة في الثانوية العامة وتتمني من الله أن يوفقها في زواج البنتين لتعويضها عن حياتها كانت هذه هي البداية بعدها حاول الطبيب الاتصال بها إلا أنه لم يتمكن حتي حضرت هي إليه بعد فترة ودعته لحضور حفل زفاف ابنتها الكبري كما أوعدته في اللقاء الأول أثناء مرضها. وأثناء الحفل الذي حضره د. مصطفي بدون أسرته جلس مع والدة العروس لعدة دقائق وحدهما وفجأة وجد نفسه يفاتحها في الزواج خاصة أنها السيدة التي يري من وجهة نطره أنها تجمع بين الخصال الطيبة في طليقته وزوجته الحالية وأنها السيدة التي يبحث عنها في كل مكان فطلبت منه مهلة للتفكير في الأمر تفاءل الرجل بالاجابة وشعر بارتياح شديد وأمل في امكانية موافقة السيدة علي الزواج, وبعد مرور عدة أيام فوجئ بالسيدة تتصل به وتخبره بالموافقة علي الزواج منه شريطة أن يكون زواجا عرفيا وسريا لا يعرفه الا اسرتها فقط. فسعد الرجل بهذا الشرط خاصة انه جاء من جانب السيدة, حيث انه كان يريد ان يطلب نفس الطلب منها لخوفه من معرفة زوجته الثانية بالأمر فتطلب الانفصال وهو لا يريد ذلك وسريعا تم عقد القران والزفاف سرا, واتفق الطبيب مع زوجته الجديدة علي انه لن يبيت عندها امعانا في السرية بعد أن تم الزواج في منزلها وحتي لا تلاحظ زوجته الثانية كل هذا ودعاء لا تعرف شيئا ولكنها كامرأة تشعر بأن شيئا ما يدور من خلفها بسبب حالة التوهان الواضحة علي زوجها منذ فترة حتي انه اصبح لا يتحدث معها في أي شيء مثلما كان يتحدث من قبل ورغم ذلك لم تتخيل ابدا ان يكون قد ارتبط بأخري. وبعد مرور ما يقرب من شهرين من الزفاف بدأ الدكتور مصطفي يشعر بتأنيب الضمير وأخذت نفسه تحدثه بأن ما فعله بمثابة خيانة ورغم صحة زواجه الا انه ما كان يجب أن يفعل ذلك دون علم دعاء مهما كان رد فعلها, ووصل الأمر بعد أيام إلي شعوره بالندم لزواجه دون داع خاصة أن زوجته الجديدة لا تختلف كثيرا عن سابقتيها ففيها مميزات وعيوب مثل كل بني البشر وبعد أن استغرق وقتا طويلا في التفكير قرر الرجل مصارحة دعاء بكل شيء حتي انها إذا أرادت ان يترك زوجته الأخيرة فسيتركها حتي يشعر بالراحة النفسية من وجهة نظره بدلا من الشعور بالذنب وحالة تأنيب الضمير التي يعيشها. اختار الرجل الوقت المناسب من وجهة نظره وقام بمصارحة دعاء بما حدث فنزل الخبر كالصاعقة فوق رأسها وسقطت علي الأرض مغشيا عليها, وتم نقلها إلي الطبيب وبعد أن عادت إلي طبيعتها لم تتحدث مع زوجها ببنت كلمة رغم محاولاته المستمرة لمصالحتها, وعرض عليها الانفصال عن الزوجة الجديدة ورغم كل ذلك كانت دعاء قد اتخذت قرارها بالانفصال عنه, حيث قامت بالذهاب إلي منزل اسرتها وقامت برفع دعوي خلع امام محكمة الأسرة بكفر الشيخ ورغم اعلان الزوج تمسكه بها أمام هيئة المحكمة الا انها قضت لها بالخلع لرفضها العودة إليه. كفر الشيخ عمرو سعدة كانت دعاء دائما تفكر في كل كلمة تقولها لزوجها قبل أن تنطق بها فقد كانت تحمل له حبا شديدا وتخشي أن يحدث منها ما يغضبه وهو ما قد يؤدي لانفصالهما خاصة أن له تجربة زواج سابقة مع طليقته التي كانت تربطه بها علاقة حب شديدة ولكنه لم يتحمل بعض الخلافات وقام بتطليقها وعندما تزوج من دعاء أخبرها بكل تفاصيل حياته السابقة وطالبها بأن تساعده علي بدء حياة جديدة بعيدا عن المشكلات التافهة التي تتسبب في وجود أزمات في الحياة الزوجية.