تقليل الاغتراب 2025.. رابط تسجيل رغبات تنسيق المرحلتين الأولى والثانية المعتمد    رئيس «القومي للطفولة» تزور محافظة الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة والمبادرات    إزالة 35 حالة تعد على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة في أسوان    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس في أسواق مطروح    اتحاد الغرف التجارية يكشف خطة الحكومة لتخفيض الأسعار    ب«أطنان غذائية ومستلزمات طبية».. الهلال الأحمر يدفع ب220 شاحنة في قافلة «زاد العزة» ال15 إلى غزة    تصريح مفاجئ من أنريكى بعد الفوز بالسوبر الأوروبي    مدة غياب ياسر إبراهيم عن مباريات الأهلي    لتعويض غياب ميندي.. الأهلي السعودي يتحرك للتعاقد مع حارس جديد    بيان عاجل من «الداخلية» بشأن حادث ملاحقة 3 سيارات لفتاتين على طريق الواحات (تفاصيل)    رياح مثيرة للأتربة وأمطار رعدية متوقعة.. طقس مطروح والساحل الشمالى اليوم    ضبط 263 كيلو مخدرات و204 قطعة سلاح خلال 24 ساعة بالمحافظات    بطولة عمرو يوسف.. فيلم درويش يكتسح شباك تذاكر السينما في أول أيام عرضه (أرقام)    بعروض فنية.. انطلاق فعاليات المسرح المتنقل ل «قصور الثقافة» (صور)    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    وزير الصحة يستقبل رئيس هيئة الشراء الموحد لبحث تعزيز التعاون وتوطين صناعة مشتقات البلازما    تحذير علمي.. مروحة المنزل قد تتحول إلى خطر صامت في الحر الشديد    قانون الإيجار القديم 2025.. إخلاء الوحدات بالتراضى أصبح ممكنًا بشروط    موعد مباراة منتخب مصر وإثيوبيا فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 26    فراعنة اليد في مواجهة نارية أمام إسبانيا بربع نهائي مونديال للشباب    رئيس هيئة الدواء المصرية يبحث مع سفير ناميبيا لدى مصر تعزيز التعاون فى قطاع الدواء    قرار جمهوري بإنشاء حساب المشروعات ب10 ملايين يورو مع البنك الأوروبي.. تفاصيل    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    ضبط 105737 مخالفة مرورية متنوعة    خلافات أسرية بين زوجين وسلاح مرخّص.. "الداخلية" تكشف حقيقة فيديو الاعتداء على سيدة بالإسكندرية    انطلاق امتحانات الدور الثاني للثانوية العامة السبت المقبل    النيابة تحقق فى مطاردة 3 طلاب سيارة فتيات بطريق الواحات    زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح    اليونان تشهد تحسنا طفيفا في حرائق الغابات.. وحريق خيوس لا يزال الخطر الأكبر    فيديو.. أحمد سلامة ينتقد تصريحات بدرية طلبة الأخيرة: النقابة بتعرف تاخد أوي حق الممثل والعضو    غدا.. المركز القومي للسينما يعرض أربعة أفلام في احتفاله بوفاء النيل    غدًا .. انطلاق أولى فعاليات مهرجان القلعة فى دورته الجديدة    بعد تعرضها لحادث سير.. ليلى علوي تتصدر تريند "جوجل"    الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء نحو 4 آلاف وحدة استعمارية في سلفيت والقدس    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    "بالم هيلز" تستهدف إطلاق مشروعها الجديد في أبو ظبي بمبيعات متوقعة 300 مليار جنيه    إجراء 3 قرعات علنية للتسكين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة.. الإثنين المقبل    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    وزير العمل يعيد الإنتاج بالعامرية للغزل والنسيج بعد مفاوضات ناجحة    مواعيد مباريات الخميس 14 أغسطس 2025.. 4 مواجهات بالدوري ومنتخب السلة واليد    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    بالأسماء.. حركة محلية جديدة تتضمن 12 قيادة في 10 محافظات    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    الاختبار الأخير قبل مونديال الشباب.. موعد المواجهة الثانية بين مصر والمغرب    ياسين السقا يكشف تفاصيل مكالمة محمد صلاح: "كنت فاكر حد بيهزر"    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلمانية والدين.. صراع متجدد
بقلم: حاتم الجوهري

تحمل مشكلة الصراع بين فكرتي: العلمانية والدين عندنا في مصر والشرق, تاريخا مختلفا عن السياق التاريخي الذي أنتجها في أوروبا, في الغرب كانت نتاجا لتطور
وحاجة اجتماعية‏,‏ بعد مصادرة الكنيسة للعديد من الحقوق البشرية باسم الدين‏,‏ وتداخلها مع سلطة الاستبداد السياسي فيما عرف بعصور الظلام‏(‏ العصور الوسطي‏)..‏ لكن السياق التاريخي العربي والمصري لظهور الصراع بين ما سمي‏:‏ بالعلمانية والدين‏,‏ يأتي بعد ذلك بفترة طويلة ويعود لأواخر القرن التاسع عشر والقرن والعشرين‏,‏ حينما بدأ المشروع السياسي التاريخي المرتبط بالإسلام‏(‏ ممثلا في تركيا الخلافة العثمانية‏)‏ في الأفول بشكل نهائي‏,‏ وظهر في تركيا كمال أتاتورك الذي رأي في تخلص تركيا من تركتها السياسية المرتبطة بالإسلام ودوله حلا علي الطريقة الأوروبية للعلمانية‏,‏ فكان رد فعله عنيفا إزاء كل ما يربط تركيا بتركتها السياسية ومشروع الخلافة‏.‏
وفي مصر والدول العربية ظهرت بداية الخلاف المفتعل لحد بعيد بشكل مقارب‏,‏ رأي البعض أن الأطروحات السياسية التي ظهرت بوادرها بعد انهيار النظام السياسي للخلافة‏,‏ ممثلة في أطروحات‏:‏ الوطنية‏,‏ القومية‏,‏ الاشتراكية‏,‏ الرأسمالية‏..‏ الخ‏,‏ رأي فيها ردة وعداوة لفكرة النظام السياسي الذي يرفع شعار الإسلام‏,‏ ورأي فيها امتدادا لفكرة العلمانية الأوروبية‏,‏ وهزيمة للمشروع الإسلامي في عقر داره‏,‏ واتخذ موقفا معاديا من كل فكر وأطروحة بشرية للحكم السياسي لا تنطلق من قواعد الفقه‏,‏ ولا تقدم لنفسها تكييفا في اطار الانتصار للإسلام‏,‏ الذين ظنوا أنه هزم مع هزيمة تركيا‏,‏ وانهيار مشروعها السياسي المرتبط بشعار الدين‏!‏ فتحول هذا التيار لما عرف في الأدبيات العربية باسم الإسلام السياسي‏,‏ أو التيار الذي يري ضرورة رفع شعار الإسلام مرة أخري وربطه بنظام الحكم‏,‏ حتي يعود ما رأوا أنه المجد السياسي الضائع‏..‏ ومن هنا كان السياق التاريخي لظهور فكرة الصراع المفتعل بين العلمانية والدين في مصر والعالم العربي‏,‏ الذي تعود له جذور المشهد السياسي الراهن في العقد الثاني من القرن‏21!‏
وفي حقيقة الأمر‏,‏ تم توريط تيار الإسلام السياسي في فكرة‏:‏ امتلاك الحق الإلهي‏,‏ واحتكار الحديث باسم الدين‏,‏ لأن الدين دعوة وتبيان للحق والباطل‏,‏ مع ترك الحرية للناس في الاختيار بينهما‏,‏ حتي تأتي منطقية فكارة‏:‏ الحساب‏,‏ والثواب والجزاء‏,‏ ودرجات الجنة والنار‏.‏ فتم الخلط بين الدعوة وبين إجبار الناس علي اتباع مقتضيات الدعوة‏,‏ وترسخ عندهم الشعور بأنهم في حرب مقدسة من أجل الدين‏,‏ يواجهون عدوا يسعي لتدمير المقدس‏,‏ وتبرز المشكلة أكثر عند بسطاء المصريين‏,‏ الذين يندفعون للمعركة بحميتهم وارتباطهم التاريخي بالدين‏.‏
كما تم توريط تيارات الأحزاب السياسية في فكرة‏:‏ معاداة الدين والقطيعة معه‏,‏ في حين أن غالبية هذه التيارات تنتمي للمشروع الحضاري العربي والإسلامي‏,‏ وتحافظ علي كثير من قيم دينها بشكل متحفظ جدا‏,‏ لكنها اختارت ألا ترفع في التنافس والتناحر السياسي شعارات دينية مقدسة‏,‏ يدعي كل فصيل سياسي تمسكه بها وتعبيره عنها أكثر من الآخر‏,‏ حتي لا يتحول المقدس المطلق إلي بشري نسبي‏,‏ فارتبطت بأفكار وأطروحات سياسية لا ترفع شعار الدين تعففا وتقديسا له عن التدافع البشري‏,‏ وأصبح يملك رد فعل سلبيا تجاه ربط السياسة بشعارات دينية‏,‏ وشعر هؤلاء بأنهم في مواجهة دولة دينية بمفهوم تسلط أفراد تطلق أحكاما قطعية وحدية ومطلقة باسم الدين‏..‏ والحقيقة أن لا هؤلاء علمانيون بمفهوم القطيعة مع الدين‏,‏ ولا أولئك دينيون بمفهوم احتكار الحديث باسم المقدس ومحاكمة الناس في الأرض‏,‏ إلا من شذ أو جهل من هنا أو من هناك‏.‏ حرص النظام السياسي المستبد القديم علي تزكية الصراع بين التيارات السياسية وتيارات الإسلام السياسي وحرص علي وجودها تحت سيطرته حتي يمنع ذلك الصراع التاريخي المفتعل ظهور تيارات جديدة‏,‏ قد تخلخل سيطرة النظام المستبد علي البلاد والأفكار النمطية السائدة فيها‏,‏ كان ذلك الصراع جزءا من آليات السيطرة علي البلاد وتوجيه نشاطها الجماعي‏,‏ بعيدا عن القضايا المشتركة والحقيقية والواقعية‏.‏ جذر المشكلة أن المسار السياسي للثورة‏,‏ كان من المفترض أن ينتج نخبة جديدة تتجاوز مساحة الصراع التاريخي بين ما سمي‏:‏ بالعلمانية والدين في مصر‏,‏ لكن النظام القديم ممثلا في المجلس العسكري نجح قبل أن يرحل‏,‏ في تشويه وتخريب المشهد السياسي ليبقي علي قديمه تحت نطاق السيطرة‏,‏ استحضر ملف الفتنة الطائفية‏,‏ وصعد بعض علماء الفرق الدينية الذين تربوا في كنف الجهاز الأمني لدولة الاستبداد‏,‏ وشجع الوقفات الفئوية‏..‏ فضرب فكرة الثورة في مقتل‏,‏ ونجح حتي الآن في إجهاض لحظتها التاريخية‏,‏ التي كان من المفترض أن تكون لحظة مفصلية‏,‏ تنتج نخبة جديدة تتجاوز الصراع المفتعل بين العلمانية والدين‏,‏ وتنتج قيمها ومنتجاتها الفكرية والاجتماعية الجديدة‏,‏ المرتبطة بواقع الناس ومشاكل مصر التاريخية الحقيقية‏.‏
لن يكون هناك حل جذري وحقيقي للصراع المزعوم بين العلمانية والدين في مصر والعالم العربي‏,‏ إلا بلحظة مفصلية تاريخية تنتج نخبة تتجاوزه‏,‏ فهل ينجح الثوار في اكتساب المهارات السياسية وتحين الفرصة والعودة للمشهد من جديد‏,‏ بخطاب قادر علي الاستحواذ علي وجدان الشعب والتعبير عنه‏!‏ أم سنبقي لحين أمام الحل المتاح بضرورة الوصول لصياغات توافقية‏,‏ تراعي قيم وأخلاق مصر وهويتها الدينية التاريخية‏,‏ وفي نفس الوقت لا تعطي لأحد سلطة أن يكون مؤسسة دينية‏,‏ تملك وتحتكر تحديد الصواب والخطأ‏..‏ لحين‏:‏ يبقي الأمل في الذي هو غائب‏,‏ والحل في الذي هو متاح‏.‏
كاتب وباحث
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.