أوبراه الشهيرة عايدة فألفها فيردي بناء علي طلب من الخديوي إسماعيل لافتتاح قناة السويس وقد لاقت الأوبرا استحسانا جماهيريا منقطع النظير منذ العرض الأول لها كما حققت شهرة عالمية حيث تمثل قصتها حقيقة واقعية في مصر الفرعونية. في السابع والعشرين من الشهر الجاري ذكري واحد من أهم رواد تأليف الموسيقي العالمية الملقب ب ملك الأوبرا إنه المؤلف الموسيقي الشهير جوزيبي فيردي.. ورغم غيابه عن دنيانا إلا أن أعماله الموسيقية الفنية الزاخرة حاضرة في أرجاء محافل الموسيقي العالمية, حيث يعتبر فيردي من أهم وأقوي العبقريات الموسيقية التي أنجبتها إيطاليا. وقد ولد فيردي في عائلة متوسطة لوالدين فقيرين, فلم يستطع والده أن يرعي موهبته التي ظهرت منذ سن مبكرة إلا أن أحد أغنياء القرية تبناه وعني بموهبته حيث اشتغل كمساعد عازف أورغن في الكنيسة وهو في السابعة من العمر ثم أصبح عازفا رئيسيا بالكنيسة في الثالثة عشر من عمره وبعد تعليمه في المدرسة الموسيقية بالكنيسة ألحقه بمعهد الموسيقي بميلانو وهو في سن العشرين, وقد تولاه أحد أساتذة المعهد بالرعاية بعد أن رفض مدير المعهد التحاقه به لرؤيته بعدم صلاحيته, ولكن بعد فترة وجيزة أصبح فيردي رئيسا لفرقة الموسيقي في مسرح الفيلهارموني في مدينة بوزيتو.. وقد أصبحت موسيقي فيردي للعامة بعد أن اقتصرت الأعمال الأوبرالية علي صفوة المجتمع حيث استطاع بمؤلفاته الرائعة أن يدمج جميع طوائف الشعب حول موسيقاه لتصبح أعمالا إبداعية فنية يتذوقها البسطاء من عامة الشعب ويرددون ألحانها.. ويرجع ذلك لتميز فيردي ببساطة ألحانه وعظمة أوبراته ولبراعته في التأثير المسرحي في المزج بين الكوميديا والتراجيديا في آن واحد وأيضا ألحانه المفعمة بالحيوية واهتمامه بقوة التعبير الدرامي مع استخدامه للغة بديعة شديدة الثراء في الكتابة للأوركسترا, هذا بالإضافة إلي بحثه الدائم في ماهية الخير والشر وفلسفته في حقيقة الوجود وهو ما أدي لانتشار أعماله وتقبلها في مختلف ثقافات وبقاع الأرض. ولذا فقد كان فيردي من أكثر الشخصيات الإيطالية التصاقا بالجمهور واكتسب شهرة وحبا من الجميع, كما كان هذا العبقري ليس مجرد مؤلف موسيقي فقط بل كان ناشطا سياسيا مدافعا عن حق بلاده ووطنه في الاستقلال عن النمسا فكان ثائرا وطنيا وغيورا علي بلاده ويمثل رمزا لكفاح وطنه( إيطاليا) من أجل الاستقلال وذلك في منتصف القرن التاسع عشر من خلال بعض أعماله التي تشعل الحس الوطني وتعمل علي زيادة الرغبة في الاستقلال والتحرر كما في أوبرا نابوشو وأوبرا اللومباردي, مما أدي لوجود صراع دائم بينه وبين السلطات النمساوية, ولذا يعد فيردي رمزا للوحدة الوطنية داخل الشعب الإيطالي إلي الحد الذي جعل القاعدة العريضة من الشعب في فترة مرضه واحتضاره تهتف بحياته يعيش فيردي وكأن هذا الهتاف يمثل حياة وحب الوطن. كما أزخر فيردي الحياة الموسيقية بالعديد من الأعمال الموسيقية البارعة وخاصة في مجال الأوبرا حيث كتب مجموعة كبيرة من الأوبرات من أشهرها لاترافياتا والتروبادور والحفل التنكري ودون كارلوس, وقد تأثر فيردي بالشعر والدراما المسرحية للكتاب العالميين أمثال شكسبير وهوجو وشيللر وتجلي ذلك في بعض أوبراته مثل ريجوليتو, فالستاف وعطيل, أما أوبراه الشهيرة عايدة فألفها فيردي بناء علي طلب من الخديوي إسماعيل لافتتاح قناة السويس وقد لاقت الأوبرا استحسانا جماهيريا منقطع النظير منذ العرض الأول لها كما حققت شهرة عالمية حيث تمثل قصتها حقيقة واقعية في مصر الفرعونية. وتوفي فيردي عن عمر يناهز السابعة والثمانين وشيع بحضور ما يقرب من ثمانية وعشرين ألف شخص من الشعب الإيطالي المحبين والعاشقين لفنه في جنازة مهيبة استودعوا فيها جثمانه.. تاركا خلفه ثروة موسيقية هائلة لنا وللأجيال القادمة ولكل محبي فن الأوبرا والفن الموسيقي عامة في العالم أجمع.