يمثل الواقعية الإيطالية في أعماله الاوبرالية مثل «توسكا» و«مدام بترفلاي» و«فتاة الغرب» و«توراندوت» وجميعهم يعتبرو من الأعمال التي تتسم بجمال وعمق الأسلوب. صاحب تراث أوبرالي كبير في مجال الموسيقي والأوبرا ورغم إنتاجه البسيط والذي يصل إلي اثني عشر أوبرا فقط إلا أنهم جميعاً من أهم الأعمال الأوبرالية في ربرتوار أي أوبرا في العالم *في عام 1875 حضر عرض أوبرا "عايدة" للمؤلف الموسيقي فيردي ،حيث اضطر هو وأخوه ميشيل قطع مسافة قدرها 30 كيلومتراً سيراً علي الأقدام من لوكا لتوسكاني بوسط إيطاليا، وذلك ليتمكن من مشاهدة عرض أوبرا عايدة والتي كانت الحافز له علي كتابة الأوبرا مما دعاه إلي رفض أي منصب موسيقي في الكنائس فيما بعد ليكون مؤلفاً موسيقياً في مجال الأوبرا فحسب د.رانيا يحيي مقولة المؤلف الموسيقي الفنان الايطالي جياكومو بوتشيني صاحب التراث الاوبرالي الكبير في مجال الموسيقي والأوبرا ،ورغم إنتاجه البسيط والذي يصل إلي اثني عشر أوبرا فقط إلا أنهم جميعاً من أهم الأعمال الاوبرالية في ربرتوار أي أوبرا في العالم ،ولا تخلو أي أوبرا من تقديم أعماله الفنية الإبداعية والتي تعبر عن ميله الشديد إلي القصص والموضوعات التي تفسح المجال لإبراز المشاعر والأحاسيس الإنسانية كي يضعها في قالب موسيقي تنهال منه الألحان الجميلة التي تعبر عن الأحداث الدرامية للقصة، حيث يمثل بوتشيني الواقعية الإيطالية في أعماله الاوبرالية مثل «توسكا» و«مدام بترفلاي» و«فتاة الغرب» و«توراندوت» وجميعهم يعتبروا من الأعمال التي تتسم بجمال وعمق الأسلوب. و«توسكا» هي ميلودراما غنائية شهيرة مأخوذة عن رواية الكاتب الفرنسي فكتوريان ساردو (1831 - 1908) والتي صدرت عام 1887 ،وقد وضع بوتشيني موسيقي لهذه الرواية في شكل أوبرا والتي حملت نفس الاسم "توسكا" عام 1900 حيث قدمت لأول مرة في روما من نفس العام ،ولم تلق قبولاً من النقاد والجمهور في بادئ الأمر عند عرضها، رغم أنها تتميز بكثير من المقاطع اللحنية التعبيرية والدرامية والتي سرعان ما انطلقت بها لتحوز علي الشهرة والجماهيرية. حب وانتقام ويقوم موضوع القصة المأساوية علي الحب والانتقام، حيث تدور الأحداث في روما عام 1800 إبان غزو نابليون لايطاليا ،حيث تظهر مغنية معروفة في ذلك الحين تدعي فلوريا توسكا، والتي اشتهرت بعذوبة صوتها وجمالها ،والتي كانت مغرمة بالرسام ماريو كافارادوسي، صاحب الأفكار الليبرالية المعارضة للسلطات، وفي ذات الوقت كان رئيس الشرطة البابوية البارون سكاربيا معجباً ومغرماً بتوسكا، حيث يرسم كافارداوسي صورة للسيدة التي أعجب بجمالها حين رآها تصلي في الكنيسة ،كما يلتقي هناك صديقه القديم انجيلوتي السجين السياسي الهارب من السجن ليأخذ بعض الملابس النسائية التي قد تركتها له أخته ليتخفي فيها ،ويحاول جاهداً أن يساعده علي الهرب في بئر بفيلته ، وعندما تشاهد الفنانة توسكا حبيبها كافارادوسي وهو يستكمل لوحة السيدة الجميلة تشتعل نار غيرتها ، فيحاول تهدئتها ويرجوها أن تتركه لينتهي من لوحته وتتركه بعد أن طمأنها وبالرغم من أن كافارادوسي يعلم أن توسكا شديدة الغيرة، لذلك لم يخبرها عن عزمه إنقاذ صديقه، لأنها سوف تفسد كل شيء و كان يوهمها بأنهما سيهربان معاً ،وتعتبر هذه الخطة المزدوجة هي التي أضافت مزيدا من التشويق للاوبرا. بحيث يظهر للجمهور أنه يخاطر بحياته من أجل صديقه وفي الوقت نفسه يخطط للعيش مع صديقته ،ثم تنطلق طلقات المدافع معلنة هرب أنجيلوتي ، فيهرب كافارادوسي وانجيلوتي مسرعين ويدخل إلي الكنيسة سكاربيا رئيس الشرطة مع أعوانه للبحث عن الهارب ، فيعثر علي مروحة مكتوب عليها اسم أخته التي هي صاحبة الصورة ، ويعرف سكاربيكا اسم من قام برسم الصورة ، وعند دخول توسكا التي كان معجباً بها سكاربيا، أيضاً يثير غيرتها بأن يطلعها علي المروحة لتفاجئ حبيبها ، وفي حجرة سكاربيا حيث كان يتناول العشاء، يأمر بإحضار توسكا التي تعقبها اتباعه إلي فيللا كافارادوسي وفتشوها ولم يجدوا أنجيلوتي ، ويأمر بالقبض علي حبيبها ويأمر بتعذيبه في وجودها لتنهار وتعترف بمكان السجين الهارب ، وعند سماعها صراخه بالرغم من توسله لها ألا تعترف بشيء ، تنهار وتعترف بعد أن حصلت علي وعد من سكاربيا بإطلاق سراحه ، علي أن ينفذ الحكم بإعدامه رميا برصاص فارغ بعد أن يعترف كافارادوسي بأنه قد أعدم امتثالا للقانون ، علي شرط أن يطارحها الغرام ، وبعد أن يكتب أمر الإفراج تطعنه بسكين التقطتها من فوق المنضدة ، وتفر هاربة ، وتذهب للقاء حبيبها في الحصن قبل تنفيذ حكم الإعدام الصوري فيه ، حيث تقوم بتعليمه كيف يمثل دور المقتول ، ويدخل الجنود وينفذون حكم الإعدام ، وعندما يخرجون تفاجأ بمقتله ، ويدخل الجنود للقبض عليها لقتلها سكاربيا ، لكنها تلقي بنفسها من فوق الحصن. وتتكون هذه الأوبرا من ثلاثة فصول لا يسبقها مقدمة أوركسترالية ، إذ تبدأ مباشرة ببعض التآلفات النغمية التي تؤديها جميع آلات الأوركسترا ويليها الموتيفة الشهيرة التي تتميز بها الأوبرا، كما يتضح أسلوب بوتشيني في توظيفه الرائع لاستخدام الآلات الوترية وآلات النفخ الخشبية في ألحان تتميز بالسرعة والقصر بأداء قوي وأسلوب تأثيري بديع ،أيضاً تتضح الغنائية والحس الجمالي والعاطفي في موسيقاه من خلال أداء بعض الألحان المنفردة في آلات النفخ الخشبي كالفلوت والابوا والكلارينيت والفاجوت ،مع عمق التلوين الأوركسترالي ليتماشي والمواقف الدرامية لأحداث الأوبرا خاصة في استخدامه للوتريات بأنواعها في تنوع يناسب أداءها،وتناوله لآلة التشيللو ببعض الألحان المنفردة والتي تعبر عن عمق إحساسه المملوء بالشحنات العاطفية ، مع استخدام لآلات النفخ الخشبية والنحاسية وتوظيفها درامياً لخدمة العمل ، مع استخدامه للأجراس كرمز للكنيسة ، وقرع بعض الطبول والآلات الإيقاعية مثل الجونج والتي تعبر عن صوت المدافع ، والتي تعتبر عوضا رائعا عن استخدام المؤثرات الصوتية العادية ، إذن فالإيقاع الدرامي السريع والموسيقي التي عمقت أبعاد النص درامياً هي إحدي مميزات أسلوبه والتي تمس قلوب وعقول المشاهدين. جمال الصوت كما يبرز استغلال المؤلف لأصوات المغنيين علي اتساعها بأعلي درجة من الحرفية ،لتبين جمال صوت المغني وقوته التعبيرية في تفسير المعاني الجميلة للكلمات، مع استخدام الرسيتاتيف (الإلقاء المنغم) في كثير من آريات الأوبرا. وتتجلي موهبة جياكومو بوتشيني الذي ينحدر من الجيل الرابع لأسرة الموسيقيين المحترفين، فقد ولد عام 1858في لوكا بايطاليا، وصار يتيماً حين كان في السادسة من عمره بعد وفاة والده، وكانت أسرته تأمل أن يحل محل والده كعازف لآلة الأورغن، وبالفعل بعد أن درس الموسيقي علي يد بعض الأساتذة المتخصصين في بلدته، بدأ يغني في الكنيسة وهو في العاشرة من عمره ثم أصبح عازفاً للأورغن بها ، وفي أثناء دراسته ألّف ثلاث قطع موسيقية هي: برليود سيمفوني عام 1876، وموتيت عام 1878، وقداس عام 1880،حيث قدّم تلك الأعمال في امتحان القبول بكونسرفتوار مدينة ميلانو، بعد حصوله علي منحة دراسية من الملكة لدراسة التأليف الموسيقي، وقد تتلمذ علي بونتشيللي وبازيني، كما شارك بوتشيني في مسابقة بأولي أوبراته "المدينة" عام 1880، وهي من فصل واحد لكنها لم تلق نجاحاً. ومع ذلك فقد قدمت مرة أخري لجمهور ميلانو عام 1884 ولاقت استحساناُ مقبولاً، أما أوبراه الثانية إدجار عام 1889 فقد حققت نجاحاً أفضل قليلاً، ولكن اتسعت شهرته كمؤلف بعد النجاح الذي لقيته أوبراه مانون لسكوات عام 1893،حيث بدأ بوتشيني يحتل مكانته كخلفًاً منتظرًا لكبير الموسيقيين الايطاليين فيردي. وكانت روايات أوبراته لم تقتصر علي الفكر الأوربي فقط بل كانت تطوف بين الشرق والغرب. وقد نالت جميع أوبراته التالية شهرة عالمية لبراعتها في الأداء المسرحي وعذوبة ألحانها العاطفية، وما تميزت به من روعة في التوزيع الموسيقي مع العناية بأدق التفاصيل. وكان دائماً يقوم بالتعديل من خلال الحذف والإضافة لبعض المقتطفات ووضع بعض التفاصيل للآلات الموسيقية باحثاً عن الكمال والخلود لأعماله. وقد وافته المنية عام 1924بعد صراع مع المرض في بروكسل ببلجيكا أثناء كتابة أوبرا توراندوت- والتي استكملها الموسيقي الإيطالي فرانكو ألفانو-He was buried in Milan , in Toscanini's family tomb, but that was always intended as a temporary measure. حيث دفن في ميلانو في مقبرة العائلة ، ولكن ذلك كإجراء مؤقت In 1926 his son arranged for the transfer of his father's remains to a specially created chapel inside the Puccini villa at Torre del Lago.إلي أن نقل رفاته عام 1926 إلي مصلي أنشئت خصيصاً داخل فيلا بوتشيني في توري ديل لاغو. تلميذ فيردي في عام 1875 حضر عرض أوبرا "عايدة" للمؤلف الموسيقي فيردي ،حيث اضطر هو وأخوه ميشيل قطع مسافة قدرها 30 كيلومتراً سيراً علي الأقدام من لوكا لتوسكاني، بوسط إيطاليا، وذلك ليتمكن من مشاهدة عرض أوبرا عايدة، والتي كانت الحافز له علي كتابة الأوبرا، مما دعاه إلي رفض أي منصب موسيقي في الكنائس، فيما بعد، ليكون مؤلفاً موسيقياً في مجال الأوبرا فحسب. وقد تعلم من فيردي تسلسل الألحان العذبة دون تجزئتها إلي أغنيات منفصلة، كما في كل من أوبراه "فالستاف" و"عطيل" ، كما أخذ عنه أسلوب جمالية الأغنية لحناً وانسياباً وسيطرتها علي الأوركسترا ، كما اعتمد علي فكرة "اللحن الدال" والتي اتبعها الموسيقي الألماني فاجنر وذلك من خلال وضع بعض الألحان التي تعبر عن شخص محدد أو مكان محدد داخل العمل. وقد أصبحت ثلاثيته "بوهيميا مدام بترفلاي توراندوت" قالباً موسيقياً ومثالاً ساطعاً لكتابة الأوبرا لمن جاء بعده من المؤلفين الموسيقيين الجدد؛ فهو كاتب دراما جيد ومخرج متميز لأعماله الفنية ويحسن بناء التطور الدرامي للأعمال التي يخلقها علي المسرح من خلال تجسيد الواقعية الميلودرامية والمأساوية بأسلوبه الموسيقي الذي ميز إبداعاته. وقد تحققت رؤية بوتشيني من خلال مخرج الأوبرا الدكتور عبدالله سعد والذي يتميز بإيقاعه الخاص كمخرج بمهارة عالية ،حيث انسجمت عناصر العرض من موسيقي وإضاءة وديكور وملابس مع إجادة استخدام قدرات الفنانين المشاركين في العرض ،واستخدام الأعداد الكبيرة من الكورال بأداء تمثيلي متميز من خلال الدقة في توزيع الأدوار عليهم ، مع تألقهم الغنائي والحركي ،أيضاً استخدامه للمساحات الكبيرة في عمق المسرح ،فهو يعتمد دائماً علي المسحات الكبيرة والتي توحي بالطبيعية في إحساس الجمهور وتقبلهم للعمل، كما أمتعتنا السوبرانو البلغارية "إلينا باراموفا" في دور البطلة توسكا بآداء فني مميز يتسم بالبساطة والحرفية فهي مغنية ذات موهبة عالية تتضح في آدائها للآريات المنفردة ووصولها للمساحات الصوتية العالية بإتقان ومهارة ،وأيضاً تألقها الشديد في الثنائيات مع المغني الايطالي "فابيو انجيلوتي" في دور كافارادوسي ،ويشاركهما البطولة المغني المصري المتألق دائماً "رضا الوكيل" في دور انجيلوتي ،وبحضور مجموعة كبيرة من مغنيين فرقة الأوبرا ،بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة ولأول مرة بقيادة المايسترو الشاب "ناير ناجي" الذي أثبت تمكنه وإتقانه الشديد في توصيل البُعد الدرامي للجمهور بالمزج بين الاوركسترا والمغنيين.