ها هي صحيفة( الأهرام المسائي) تدخل اليوم عامها الثالث والعشرين بثقة أكثر في المستقبل, متسلحة بخبرة السنوات الماضية كي تكون عند حسن ظن القارئ وقادرة علي قبول التحدي الذي تفرضه الفضائيات والصحف الخاصة التي تعاظم عندها سقف الحرية بطريقة تكاد تكون أسقطت كل التابوهات التي طالما كبلت الصحافة وجعلتها محط اتهام ظالم يجري اختزاله في عبارة كريهة( ده كلام جرائد). 22 عاما مرت علي خروج( المسائي) إلي النور ليفتح نافذة الآمال أمام جيل جديد في الصحافة المصرية دخل المهنة عبر بوابة الكفاءة والعطاء لا غير وكسب الرهان علي البقاء بعد انتهاء حرب تحرير الكويت وبدون ميلاد هذا الاصدار لما حصل( ابناء المسائي) علي فرصة العمل في بلاط صاحبة الجلالة والتدرج في سلمها حتي كبر( المسائي) وكبرنا معه وأخرج ثلاثة رؤساء تحرير هم علي الترتيب الزميل الأستاذ علاء ثابت أول من اعتلي كرسي رئيس التحرير من( ابناء المسائي) قبل أن يسلم الأمانة للزميل الأستاذ/ محمد خراجة بالتزامن مع إسناد رئاسة تحرير مجلة( الأهرام العربي) للزميل الأستاذ/ أشرف بدر. وما أكثر ما مر من زملاء علي مدرسة المسائي بعضهم سافر ولايزال للعمل في الخارج وبعضهم انتقل للعمل داخل الأهرام الأم أو الاصدارات وبعضهم غيبه الموت وهو في ريعان الشباب. وعلي مدار21 عاما قضيتها متجولا بين الأقسام بداية من الفنون ومرورا بالتحقيقات الصحفية وليس انتهاء بالخارجي والديسك المركزي تعلمنا أن العمل في كتيبة المسائي يحتاج إلي أقصي درجات الصبر والجلد والعطاء بلا حدود دون انتظار حتي كلمة شكر, كما تعلمنا أن الأخلاق قبل العمل فشخص بلا أخلاق لن يكون مفيدا للعمل أيضا تعلمنا إنكار الذات والتفاني في خدمة الحقيقة وتدقيق المعلومات. وأظن أننا جيل محظوظ بمثل ما كان مثقلا بالأعباء, ففي بداية مشوارنا لم يكن تم اختراع المحمول بعد ولم تكن الانترنت قد ولدت ولا حتي المواقع الفضائية والمواقع الالكترونية التي جعلت المنافسة أشرس وأعنف علي كسب قلب وعقل القارئ. وإذا كانت الصحافة الورقية باتت تواجه تهديدا وجوديا فإنني علي يقين انها لن تختفي لصالح الصحافة الالكترونية وستخرج أقوي تماما مثلما خرجت من معركة الراديو والتليفزيون والفيديو لكن سيبقي الرهان علي العنصر البشري وقيمة الصدق مع النفس والقارئ وهذا ما تفتقده بكل أسف الأجيال الجديدة وهو أخطر ما يهدد المهنة ويضربها في مقتل. رابط دائم :