فهل تدبرنا كل هذه المعاني ووقفنا عند مغزاها الحقيقي وما تشير اليه من وراء حجاب والذي لانعرف منه إلا قليل القليل, لأدركنا وحدة الخلق في الدنيامع استمرار الحديث عن وحدة مادة الخلق في إنتاج وتكوين خيوط الكون بكل مافيه من مخلوقات من ذرة واحدة ووحدانية الخالق سبحانه وتعالي نجد ذلك أكثر وضوحا في متانة الخيوط التي ينسج منها العنكبوت بيته والمثيرة للدهشة والإعجاب فإن العلماء يعتبرونها أقوي من الفولاذ المعدني بعشرين مرة ولذلك أطلقوا عليه الفولاذ الحيوي ويبلغ سمك الخيط الواحد منها جزءا من أربعة آلاف جزء من سمك لشعرة رأس الإنسان, ويتمدد إلي خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع ولا تفوقه قوة سوي الكوارتز المصهور ومع ذلك ذكرنا الله سبحانه وتعالي بوهن بيته لفقدانه الحب والمودة والرحمة بين جدرانه بالرغم من قوة وصلابة خيوطه قال تعالي( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) العنكبوت41وإذا كان مخ الإنسان يستوعب مائة مليار خلية عصبية تشكل نسيجا ضخما مثل عدد النجوم والكواكب في مجرة مثل مجرة درب التبانة, يتوسطه العديد من العقد العصبية والتي تمتد مع الأوعية الدموية بطول مائة الف ميل في وجود وصلات عصبية تشكل نسيجا شبكيا قويا ومحكما يحافظ علي توازن المخ وتدفق الأفكار والمعلومات فيه بشكل هائل. فهل تدبرنا كل هذه المعاني ووقفنا عند مغزاها الحقيقي وما تشير اليه من وراء حجاب والذي لانعرف منه إلا قليل القليل, لأدركنا وحدة الخلق في الدنيا في خيوط الكون وخيوط الحرير وخيوط العنكبوت وخيوط مخ الإنسان وغيره من الكائنات في الحيوانات والنباتات والجمادات والتي تتكون من ذرات تنتهي بها إلي خيوط منسوجة بدقة متناهية تتناغم مع وحدة الخالق سبحانه وتعالي لتمكننا من استيعاب معني وحدة الخلق مع وحدانية الخالق ولأعلنا الشهادة لله وحده دون ند أو مثيل, فمادة الخيوط والنسيج من مشكاة واحدة والخالق واحد سبحانه وتعالي. وإذا كان الأصل في كل هذه الخيوط المنسوجة بدقه وإحكام إبتداء من الذرة التي بدء بها خلق الحياة بمدلولها الواسع والعميق فتكونت كل هذه العناصر المختلفة فكانت الخلايا والإنسجة والأعضاء والأجهزة بمسمياتها المتنوعة وإسقاطاتها المختلفة والتي خلق الله سبحانه وتعالي منها سر الأكوان والكون والإنسان والحيوان والنبات والجماد وفي نهاية المطاف في هذه الحياة ستعود المسارات المختلفة التي بنيت عليها فتهدم وتعود إلي نقطة الصفر فتتجمع في نقطة واحدة تنتهي بالذرة وتختفي الحياة بكل أشكالها المختلفة. ومن الذرة يعاد بناء الحياة من جديد ولكنها حياة مختلفة عن حياتنا الدنيا التي نعيش فيها بأسبابنا ونسعي فيها إلي إستبقاء حياتنا بعملنا وجدنا وإجتهادنا ومدي قدرتنا علي الأخذ والرد في كل أعمالنا وتلون كل واحد منا حتي يكون له لون وطعم ورائحة ونكهة خاصة به تمكنه من الاستحواذ علي هذه الحياة بحلها وحرمتها وبالأعمال الصالحة منها والطالحة وفي كثير من الأحيان يتخللها الكذب والغش والتزوير والاحتيال من الإنسان تجاه أخيه الإنسان معجونة بالحقد والكراهية والتكبر والاستعلاء وممهورة في قليل منها بالحب والمودة والرحمة وصلة الأرحام.وهناك بعد إعادة البناء نبدأ حياة أخري لكل المخلوقات فتدار عجلة الثواب والعقاب وينتهي بنا المال إلي الجنة أو النار.