فبعد أن تحدثنا عن ولادة الكون والإنسان والتحام السموات والأرض ثم إنفصالهما ليملأ الفراغ بينهما بالماء والهواء وكذا الإنسان مما ساهم في وجود الحياة واستمرارها بشكل متقن ومعتبر، تبعها خلق المراحل الثلاث التي مر بها خلق الكون والإنسان بشكل متوازن ومنضبط في وجود تغيرات هائلة لا يستطيع العقل تخيلها أو استيعابها بالرغم من حديث الفلك والاطباء المستطرد عن خلق الكون وخلق الإنسان مما يؤكد وحدة الخلق ووحدانية الخالق سبحانه وتعالي وتكامل الخلق في أسمي وأجل صورة. وكما يقول علماء الفلك إن انخفاض درجة الحرارة منذ خلق الكون وارتفاعها بعشرات المليارات أدي إلي تكوين نواة الذرات ثم تكونت الفوتونات والبروتونات والنيترونات بعدها أصبحت البروتونات سبعة أضعاف النيترونات في الثانية الأولي من عمر الكون بعدها تكون عنصرا الهيدروجين والهليوم في الدقائق الأولي ومنهما خلقت الكواكب والنجوم والمجرات. وبعد أن كانت السموات والأرض رتقا أصبحت فتقا وعلي أثر ذلك تم حبك الكون ونسجت خيوطه بنسيج محكم يتكون من المجرات والتي رصت عليها الكواكب بشكل فني متقن وهو أول إشارة علمية تتحدث عن نسيج الكون بهذا الشكل المبدع حيث تشير رسومات السوبر كومبيوتر الذي استخدام لأول مرة في القرن الحادي والعشرين أن النسيج الكوني المحكم يضم مئات المليارات من المجرات، وكل مجرة تضم مئات المليارات من النجوم، وتمثل النقاط المضيئة تجمعات المجرات الضخمة مما يدل علي قدرة وعظمة ووحدانية الخالق سبحانه وتعالي مصداقا لقوله تعالي: (والسماء ذات الحبك) الذاريات: 7. إن نظرة متفحصة إلي السماء نجد أن إنتشار النجوم والكواكب في الكون المدرك لا يتكون بشكل عشوائي وإنما يكون نسيجا واحدا من المجرات التي تلتقي في عناقيد وعقد تقوي من شدة هذا النسيج المحكم حيث يشير علماء الفيزياء في ذلك إلي نظرية الخيوط العظمي والتي تفترض أن اللبنات الأساسية للمادة تتكون من خيوط طولية دقيقة تلتف حول ذواتها فتبدو كما لو كانت نقاطا متناهية في الصغر وأن هناك مادة خفية تتعامل مع المادة العادية وتمسك به مما يجعلها تحافظ علي تماسك الكون وتجانسه ومنعه من السقوط والزوال مصداقا لقوله تعالي: (إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا) فاطر 41. إن براعة تكوين الخيوط الكونية علي قدر عظمتها وإحكامها وتمددها في آفاق الكون الرحب الذي ندركه والذي يمثل نموذجا ضخما وهائلا علي صنع الله الذي أتقن كل شيء، وبراعة تكوين خيوط الحرير من دودة القز من مادة موجودة في غددها علي قدر صغر حجمها وضآلتها والتي تمثل نموذجا صغيرا لعملية تكوين وإنتاج هذه الخيوط التي تتشابك معا ويتم غزلها لتكون نسيجا محبوكا مشدودا علي بعضه البعض فتصبح مادة منسوجة لثوب كالحرير يعني أن المادة واحدة وأن الخالق واحد بالرغم من عظم خلقها أو ضآلة حجمها.