لست مع أية محاولة لتقييد حرية الإعلام, أو تحييده عن أغراضه الرئيسية, وهي الإخبار وكشف الحقائق والتوعية والتثقيف, ولست مع أن تصبح وسائله مجرد منابر تتصارع عليها الأحزاب والأيديولوجيات وكأن مهمة وسائل الإعلام والاتصال بعد الثورة هي الدعاية لهذه الأحزاب والإيديولوجيات بعد أن كانت الدعاية للنظام السياسي السابق. وسواء كان هذا الاستخدام السلبي لوسائل الإعلام والاتصال منظما أو عفويا فالنتيجة تبقي واحدة وهي سوء فهم للحرية التي أهديت للشعب في غفله من عقليته التي لم تجهز بعد لممارستها علي الوجه السليم. من ذلك أن استخدام المصريين ل الفيس بوك بعد الثورة أفقد هذه الشبكة كفضاء عمومي للاتصال مقومات الديمقراطية والعقلانية التي يجب ان يتميز بها. وقد غاب منطق التحاور الرصين والنقاش البناء في تواصل المصريين عبر فضاء الفيس بوك ليحل محله الجدل العقيم والنقاشات الجوفاء وحملات التشويه المسمومة. وهكذا بدلا من أن يساهم الفيس بوك كما هو مفروض, في بناء القواعد المشتركة للمجتمع المصري أصبح فضاء لهدم هذه القواعد وتفتيت عراه إلي إيديولوجيات متناحرة إسلامية, ليبرالية واشتراكية وإلي نزعات مخجلة. وفي المجمل أصبحت وسائل الإعلام والإتصال التقليدية منها والحديثة, في كثير من الأحيان مصدرا لترويج الشائعات وبث المغالطات بدلا من أن تنشر المعلومات الصحيحة والتوضيحات المناسبة كما يتطلب دورها الحقيقي. وصارت بذلك مسارح لتبادل الاتهامات والتشكيك في كل ما تقوم الحكومة به المؤقتة من تعيينات أو إقالات وذلك تأليب الشعب علي قرارات هذه الحكومة دون وعي بما يمكن أن يحدثه ذلك من ضرر بالثورة وتعطيل لمسارها. هذا بالإضافة إلي الدعوات المستمرة للاعتصامات بسبب أو من دون سبب والمطالبة بإقالة هذا أو ذاك دون وعي بما قد يسبب ذلك من أضرار باقتصاد البلاد. ناهيك عن سيل الشتائم والسباب التي أصبحت تملأ صفحات الإنترنت والجرائد وشاشات التليفزيون بحق مسئول ما أو هيئة وحزب ما أو شخصية سياسية أو إعلامية بشكل يتنافي مع القوانين والأخلاقيات الصحفية والأخلاق المجتمعية, وكأننا إزاء نوع جديد من الصحافة الصفراء. ع. ف رابط دائم :