بعد ان استطاع موقع "الفيس بوك" ان يبسط سيطرته بين المواقع الاجتماعية الاخري، ليكون هو الساحة التي يدار من عليها العديد من الاحداث السياسية والقومية الآن، خاصة بعد تنامي دوره في الثورات التي نجحت في اسقاط النظامين الحاكمين في مصر وتونس ، ليصبح بذلك احد اهم المنابر الاعلامية الحرة والتي لا تعبر الا عن توجهات واراء المشتركين بهذا الموقع، دون اي حجر علي الافكار او فرض اجندات ذات توجه خاص.. ومن هنا تحول «الفيس بوك» و«التويتر واليوتيوب» إلي" إعلام " أبطاله أو نجومه مواطنون عاديون بدلا من المراسلين الذين مارست عليهم اجهزة الاعلام بدولهم قيودا ووضعت لهم سقفا محددا لا يمكن تجاوزه.. إعلام «الفيس بوك» «مالئ الدنيا وشاغل الناس الجديد» كما يستطيع ان يتخطي حواجز الإعلام الحكومي المتخشب ونشر أي معلومة وإيصالها إلي شريحة واسعة من المتلقين يكون مرتعاً خصباً للشائعات المضللة ومن ثم بث الوعي الموهوم، فالإعلام العربي، يستطيع ان ينشر لسياسته بطرق شتي وأي معلومة تمنع من الحكومات التي يطرد إعلامها من الباب، لها أن تعود من شباك الفيس بوك. فيس بوك يتصدر المواقع التي يفضلها الإعلاميون اكتسح الفيس بوك استطلاعا للرأي أجراه المركز الدولي لموقعه الالكتروني حول الصحفيين علي وسائل التواصل الاعلامي،متخطياً مواقع شهيرة أخري مثل "يوتيوب" الذي جاء في المركز الثاني، وتويتر، وماي سيبس التي يستخدمها الصحفيون، وتلاه في الترتيب موقع "يوتيوب" بنسبة 18% وحصل "فيس بوك" علي أعلي نسبة 68% من أصوات المشاركين في الاستطلاع، فيما جاء موقع تويتر في المركز الاخير دون ان يحصل علي اي اصوات. المواطن الإعلامي تحول الفيس بوك الي مصدر اساسي للمعلومات عبر أشرطة الفيديو وشهادات الناس، فلجأ "المواطن الاعلامي" الي تصوير الاحداث علي جواله او كاميراته ثم يحملها علي الفيس بوك حتي اصبح مؤسسة اعلامية كبري مثل "سي ان ان"و "بي بي سي..نيوز".، واصبحت المواد التي يضعها المواطنون العاديون مرجعا لكثير من المواقع الاخبارية وبعض الصحف التي تستطيع ان تحصل علي ما تريد دون ان توثق له.. ولأن الفيس بوك ادواته بسيطة واساليب التعامل معه ليست معقدة كباقي المواقع الاجتماعية الاخري استطاع ان يحتكر اكبر عدد من المستخدمين مما اتاح سرعة انتشار المعلومة وايصالها إلي أكبر قدر من المستخدمين، واصبح المواطن بذلك هو صاحب الكلمة وهو الذي ينشرها ويروج لها حاله كحال الصحفي في جريدته والاعلامي عبر التليفزيون. هناك العديد من الامور التي ساهمت في حرية تداول المعلومات علي موقع «فيس بوك» اهمها سياسة المسئولين عن الموقع في عدم الانحياز الي طرف دون الاخر خشية فرض بعض الدول مثل سوريا التي وجد بها موطئ قدم منذ وقت قريب فقط، قيود علي استخدامه او مراقبة مستخدميه عن كثب جعلت الامر اكثر مرونة وحرية لدي المستخدمين، هذا فضلا علي ان موقع الفيس بوك لا يريد تغيير سياسته التي تتطلب من المستخدمين تسجيل أسمائهم الحقيقية لما في ذلك حماية لهم من التعرض لخطر الاحتيال إلا أنه بعض النشطاء في حقوق الانسان قالوا ان هذا من شأنه تعريض البعض الي الخطر بسبب تعقب الحكومات للمعارضين، كما اصبح البعض يستخدم الموقع كمنبر اعلامي للدعوة الي حراك سياسي وهو ما يؤكد اهمية ضمان حمايتهم.. وبموجب هذه القواعد قام موقع الفيس بوك بإغلاق اكثر الصفحات المصرية شعبية علي الموقع في نوفمبر الماضي، بسبب استخدام وائل غنيم المسئول التنفيذي ل"جوجل" اسما مستعارا لعمل حساب بصفته احد الاداريين المسئولين عن الصفحة وهو ما يعد انتهاكا لشروط خدمة الموقع.. الإعلام البديل وكخلاصة فإن الفيس بوك بكل ماله وما عليه يبقي مؤهلا ليكون بديلاً عن وسائل الاعلام التقليدية بكل ماله وما عليه ايضا، قد يلغي بعض مساوئه مثل سيطرة الدول والحكومات عليه ولكنه قد يعوضها بأخري مثل غياب المسئولية وقلة موثوقية الخبر، يذهب الي ذلك الدكتور شريف درويش استاذ الصحافة الالكترونية بكلية الاعلام جامعة القاهرة ، ويقول إن التصاعد السريع في استخدام الانترنت يبشر بعصر الاعلام البديل عن عصر الاعلام التقليدي السائد والذي يخلق مجالا عاما ومضادا للأفكار التي يسوقها الاعلام السائد ، متطرقا في الآن ذاته إلي ما يثيره موضوع الاستخدام السياسي للفيس بوك من جدل واسع يدعمه في ذلك ورأي الباحث يوسف الورداني الذي ينبه الي ان في حركات الاحتجاج علي الانترنت تكفي 18 ثانية ليتحول الغاضب بعد ذلك إلي مشارك مجاني لا يتحمل تكلفة المشاركة والنزول الي الشارع.. وكنتيجة لكل ذلك يطرح الفيس بوك علي الحكومات العربية تحديا كبيرا وغير مسبوق، وهو تحدي تطوير اعلامها وتخليصه من اللغة المتخشبة واكسابه المزيد من المصداقية ، واخلائه من الدعاية الفجة لها، لأنها بوجود بدائل مثل الفيس بوك لن تجد نفسها معزولة اعلاميا فحسب، ولكنها قد تجد نفسها هدفا لهجمات قد يصدر بعضها عن حسن نية وبدوافع وطنية ، وبعضها الآخر عن سوء نية وعداوة لها رغبة في زعزعة استقرارها وبث الفرقة في مجتماعاتها التي تبدي ممانعة ضعيفة للشائعة ولا تملك حصانة ثقافية وحضارية قوية تتيح لها التمييز بين الصادق والمغرض..