الضحية في هذه الجريمة طالب ثانوي, لم يرتكب جرما يعاقب عليه بالذبح علي يد أعز أصدقائه, حيث لم يتخيل يوسف ولو لمجرد لحظة واحدة, أن يده التي امتدت إلي صديقهعبد المنعم بالعطف والإحسان, وأغدق عليه بالمال يمكن أن تنقلب عليه, لتواريه الثري دون أي ذنب. لقد اعتاد عبد المنعم الاقتراض من يوسف بصفة مستمرة بعدما تدخل وأنقذه من بطش عدد من زملائه أمام المدرسة, بعدما نشب خلاف حاد بين يوسف وطالبين بسبب الهزار الثقيل, حيث تهكم أحدهما عليه بكلمات استهزاء لطيبة قلبه وحسن أخلاقه. وأدي ذلك إلي غضب يوسف, وعندما حاول عتاب زميليه وإيقافهماعن الاستهزاء به, تعديا عليه بالضرب تدخل علي أثرها صديقه عبد المنعم وأنقذه من بين أيديهما ولقنهما علقة ساخنة. كاد يوسف يطير فرحا مما فعله عبد المنعم, وتقرب منه أكثر رغم فارق الثقافة, فعبدالمنعم لم ينل حظه من التعليم وعمل في مهنة السباكة وتعرف علي أصدقاء السوء وأهمل عمله الذي يكسب منه مبلغا ملائما يكفل له حياة كريمة يوميا, وتعود علي تناول الأقراص المخدرة, والاقتراض من صديقه يوسف الذي لم يبخل عليه, في أي وقت. وفي يوم الجريمة, اتصل يوسف بعبد المنعم, وطلب منه الذهاب معه إلي المدرسة لدفع باقي المصروفات خوفا من بطش زميليه اللذين تشاجرا معهما, وبعد دفع المصروفات استقل الصديقان دراجة نارية, وانطلقا بها وجلسا علي حافة ترعة وسط الزراعات, يستمعان الأغاني علي هاتف يوسف ويدخنان سجائر. وبعد مرور حوالي ساعة, طلب عبد المنعم من يوسف50 جنيها فأخبره بأنه دفع جميع ما معه من أموال للمدرسة, فنهره عبد المنعم علي سبيل الهزار, وجذبه من رأسه يداعبه وقال له: إن لم تعطني المبلغ سأخنقك.. وأطبق يديه حول رقبته. ومن دون أن يشعر, ضغط بشدة علي رقبة صديقه فسقط علي الأرض مغشيا عليه.. أدرك عبد المنعم أن يوسف لفظ أنفاسه, ولكي يتأكد من أنه فارق الحياة أخرج مطواة من طيات ملابسه, وذبحه من رقبته واستولي علي هاتفه المحمول ومتعلقاته ولاذ بالفرار. وكان اللواء أحمد الناغي مساعد أول الوزير لأمن الجيزة, قد تلقي إخطارا من اللواء طارق الجزارنائب مدير الإدارة العامة للمباحث, بورود بلاغ من مزارعين, بالعثور علي جثة شاب في العقد الثاني من العمر مذبوحا من رقبته وسط بركة من الدماء. انتقل اللواء كمال الدالي مدير الإدارة العامة للمباحث والعميد عرفة حمزة رئيس مباحث قطاع الشمال, وتبين من الفحص أن المجني عليه يدعي يوسف18 سنة طالب بالصف الثاني الثانوي بمدرسة أوسيم التجارية. تم تشكيل فريق بحث بقيادة اللواء محمود فاروق مدير مباحث الجيزة لكشف غموض الجريمة, وتبين من تحريات العقيد درويش حسين مفتش المباحث والمقدم عطية نجم الدين رئيس مباحث أوسيم, أن وراء ارتكاب الجريمة عبد المنعم18 سنة سباك صديق المجني عليه ومقيم بأوسيم. تم عمل عدة أكمنة بقيادة الرائد أحمد نصر رئيس مباحث البراجيل, نجح خلالها الرائد محمد إدريس رئيس مباحث بشتيل والنقيبان محمد حسني ورامي سرور معاونا مباحث أوسيم في القبض علي المتهم, وبمواجهته اعترف بارتكابه الجريمة دون قصد, وقال إنه لم يخطط لقتل المجني عليه وأن الجريمة وقعت مصادفة.