سعر الفراخ مساء اليوم السبت 19 يوليو 2025    بسبب القروض.. حبس 5 متهمين بخطف شخص وتعذيبه في البساتين    الزناتي: قريبا إعلان منظومة صحية بالكشف المجاني لأصحاب المعاشات    الأعلى للشئون الإسلامية يواصل رسالته التربوية للأطفال من خلال برنامج "إجازة سعيدة"    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    رئيسا جامعتي الأزهر وكفر الشيخ يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون العلمي وخدمة الطلاب    محافظ الغربية: أعمال رصف طريق «الشين» - قطور أشرفت على الانتهاء    وزير الإسكان يوجه بالمتابعة الدورية لصيانة المسطحات الخضراء في «الشيخ زايد»    إزالة 38 حالة تعدٍّ على الأراضي أملاك الدولة بالجيزة    عائلات الأسرى الإسرائيليين: على نتنياهو الكف عن التسبب في انهيار المفاوضات    تيسير مطر: مصر والسعودية حجرا الزاوية لتحقيق السلام في المنطقة    قوات العشائر تسيطر على بلدة شهبا بريف السويداء    "يتعلق بأحمد فتوح".. خالد الغندور يثير الجدل بهذا المنشور    عمر مرموش يواجه تحديا قاريا جديدا مع مان سيتي الموسم المقبل    أحمد رمضان يجمع بين تدريب منتخب مصر للكرة النسائية ووادى دجلة    التفاصيل المالية لصفقة انتقال راشفورد إلى برشلونة    "الوطنية للانتخابات" تتيح خدمة التعرف على السير الذاتية للمرشحين بانتخابات الشيوخ    "التعليم" تكشف حقيقة تسريب نتيجة الثانوية العامة 2025 من الكنترول    غلق 47 منشأة طبية مخالفة بالبحيرة وإنذار 24 أخرى    "رفضت طريق المخدرات" تفاصيل إنهاء حياة سيدة حامل علي يد زوجها بالمعادي    آحلام توجه رسالة ل آمال ماهر قبل إطلاق ألبومها الجديد    جنات تطرح ألبومها الجديد "ألوم على مين" خلال أيام    فستان جريء ومكشوف.. 5 صور ل نادين نجيم من حفل زفاف ابن ايلي صعب    "بالمايوه".. منة فضالي تنشر جلسة تصوير على البحر    تامر حسني يكتسح تريند يوتيوب بألبوم "لينا ميعاد".. ويزيح عمرو دياب من قائمة الTop 5    ورشة عمل لأطباء الروماتيزم وإنقاذ مرضى الجلطات بمستشفى الزقازيق العام    يومًا من البحث والألم.. لغز اختفاء جثمان غريق الدقهلية يحيّر الجميع    ضبط 20 سائقًا يتعاطون المخدرات في حملة مفاجئة بأسوان (صور)    دون إبداء أسباب.. روسيا تعلن إرجاء منتدى الجيش 2025 إلى موعد لاحق    الأهلي يعلن استقالة أمير توفيق من منصبه في شركة الكرة    وفد الناتو يشيد بجهود مصر في دعم السلم والأمن الأفريقي    الحكومة تسعى لجذب 101 مليار جنيه استثمارات خاصة بقطاع تجارة الجملة والتجزئة    روسيا: مجموعة بريكس تتجه نحو التعامل بالعملات الوطنية بدلاً من الدولار    صدقي صخر صاحب شركة إعلانات في مسلسل كتالوج    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    القسام تعلن استهداف جرافة عسكرية إسرائيلية ودبابتين ميركافا في مدينة جباليا    "نقلة طبية في سوهاج".. افتتاح وحدة رنين مغناطيسي بتقنيات حديثة (صور)    وزير الصحة يوجه بتعزيز الخدمات الطبية بمستشفى جوستاف روسي    محافظ كفرالشيخ ورئيس جامعة الأزهر يتفقدان القافلة الطبية التنموية الشاملة بقرية سنهور المدينة بدسوق    ليلى علوي نجم الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    داعية إسلامي يوضح أسرار الصلاة المشيشية    وزير الكهرباء والطاقة المتجددة يتابع مستجدات الموقف التنفيذي لأعمال توفير التغذية الكهربائية لمشروعات الدلتا الجديدة    "بائعة طيور تستغيث والداخلية تستجيب".. ماذا حدث في المعادي؟    الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات يُقر تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ليفربول يعزز هجومه بهداف أينتراخت    اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك للبرامج    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    خبر في الجول - جلسة بين جون إدوارد ومسؤولي زد لحسم انتقال محمد إسماعيل للزمالك    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    وظائف خالية اليوم السبت.. مطلوب صيادلة وأفراد أمن وخدمات معاونة    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    سوريا وإسرائيل تتفقان على إنهاء الصراع برعاية أمريكية    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مرجعية الصراع: تغيير الإنسان أم الواقع
نشر في الأهرام المسائي يوم 22 - 12 - 2012

إذا تناولنا نظريات التغيير الإنسانية الرئيسية عبر التاريخ، لوجدنا أن أهم نقاط الخلاف بينها –من وجهة نظر الكثيرين- هى نقطة مركز التغيير، هناك نظريات تحاول أن تضع الإنسان فى المركز، ونظريات تضع المجتمع فى المركز.
النظريات التى تضع الإنسان فى المركز، تؤكد على قدرة الفرد فى الصمود أمام مغريات وفساد المجتمع وانحراف منظومة قيمه، والنظريات التى تضع المجتمع فى المركز تؤكد على قدرة منظومة القيم الجماعية فى توجيه السلوك الفردي للإنسان نحو الفساد والانحراف، أو نحو العدل والصلاح.
يدور الجدل بين ما هو مفترض ونموذجي ومثالي، وبين ما هو واقعي ومادي وسائد! هل يخضع الإنسان لظروف الواقع وهى التى تحدد سلوكه؟ أم على الإنسان أن يتمسك بمثل ونماذج قيمية ولا يتأثر بما هو موجود فى الواقع.. هل الذات والنفس البشرية الفردية تستطيع أن تنتصر على أنماط وقيم الجماعة! أم الجماعة –أيا كانت قيمها- هى التى تشكل الذات الفردية وسلوكها.
ترى النظريات التى تنطلق من الواقع أن التغيير المادي والملموس فى الواقع والحياة اليومية؛ يؤدى بالضرورة لتغيير منطقي فى الأفراد ومنظومة قيمهم، وهذه النظريات عموما تربط سلوك الإنسان ومنظومة قيمه بظروف الحياة التى يعيشها، أما مشكلتها فتكمن فى إهمالها الفروق الفردية بين البشر، وعدم وضعها وزنا كافيا لقدرة أصحاب المواهب على صنع تغيير جماعى، يتفوق وينتصر على ظروف الواقع، وعلى جهة أخرى تهمل وضع نمط جماعى لفكرة القيم والسلوكيات الفردية.. وإلى هذا الفريق تنتمي العديد من النظريات الإنسانية الأوربية الحديثة، ونماذجها التى سادت فى العالم المعاصر.
أما النظريات التى تنطلق من الإنسان فتركز على زيادة قدرة الفرد على الصمود فى مواجهة مغريات أو متطلبات الواقع، هى – من وجهة ما- تحاول أن تصنع حاجزا بين الإنسان ومتطلباته وحاجاته المادية، بدلا من العمل على تلبيته، فتعتمد على المساحة الروحية والنفسية التى تقوم على الصبر والاستغناء والتعفف، ومشكلتها أنها تهمل بدورها الفروق الفردية، وعدم قدرة عموم الناس على الصبر فى مواجهة المغريات، فيتشدد أهل هذا الفريق ويتحول مفهومهم للتغيير والنظرية الإنسانية لفكرة: التقييد، ومحاولة السيطرة على حاجات الإنسان الفطرية وكبحها، بدلا من محاولة تغيير ظروف الواقع وتلبية حاجات الإنسان!
ويحسب على هذا الفريق عامة النمط أو التصور الديني، الذى يرتبط – تاريخيا- عند البعض بالتركيز على سلوك الإنسان الفردي والروحي، والذي يهمل دور منظومة القيم التى ترتبط بالواقع وظروفه، فيرتبط مفهومه للتغيير بتغيير سلوك الفرد دون تغيير ظروف الواقع.
والصواب هو الجمع بين النظريتين، لأنك إذا غيرت الواقع وجعلت ظروفه تدفع الإنسان نحو منظومة قيم إنسانية أعلى، سوف يكون من اليسير على الناس اتباع منظومة سلوك فردية قويمة. الخطورة أن هناك تجارب من أصحاب النظريتين الدينية أو المادية (و ربط الدين بالنظرية نقصد به التصور البشرى لتطبيق الدين، وليس الدين المنزل والمنزه من قبل الله سبحانه وتعالى على رسله عليهم السلام) تتبنى منهج الاستبداد مرحليا على أمل أن المستقبل قد يحمل النصر!
فى روسيا سقطت أوهام الاشتراكية والشيوعية عندما تم قهر الإنسان؛ بدافع السعي لانتصار النظرية. وفى السودان وقع نموذج التطبيق الديني فى الفخ؛ عندما لم ينجح فى وضع تصور أو نظرية اجتماعية ، تتغلب على مشكلات الواقع؛ مما أدى لنجاح مؤامرة الغرب وانفصال الجنوب، كما تراكمت المشكلات المادية على الأفراد؛ أثر التركيز على نظرية الفرد دون الواقع وظروفه.
مصر كانت تملك الفرصة الذهبية لتقديم نموذج اجتماعي عالمي جديد؛ قائم على تغيير الإنسان والواقع معا، من خلال ثورة 25 يناير، عندما عبرت نخبتها من نظرية الفرد صاحب القيم الإنسانية الأعلى (التضحية –الفداء- البسالة) التى تتغلب على ظروف مجتمعه، وفى نفس الوقت حملت هذه النخبة شعارات تغيير الواقع (عيش – حرية – كرامة إنسانية). تجمعت النخبة الثورية فى ميادين مصر من أجل منظومة قيم أفضل للجماعة، ولم تكن ثورة جماعية من أجل ظرف واقعي بعينه.
نخبة هذه الثورة تربت داخل الحركة الطلابية غير المسيسة طوال العشر سنوات الأولى من القرن 21 لكن هذه النخبة الثورية تم إزاحتها –لضعف خبرتها السياسية- لصالح النخب السياسية المصرية التاريخية، التى تنتمي لنظريات تغيير الإنسان ممثلة فى كل من التيارات التى تنتمي للتصور الديني بتطبيقاته المتعددة، والتيارات التى تنتمي لتغيير الواقع ممثلة فى الأحزاب السياسية بمختلف تصوراتها القومية والاشتراكية والرأسمالية.
كل الأمل الآن فى تطعيم المشهد السياسي ببعض النخب الثورية لتجاوز حدة الصراع ومرجعيته التاريخية، كل الأمل فى ألا يحاول تيار اعتماد الاستبداد كوسيلة متصورة لنجاح أيديولوجيته السياسية، ما لا يضعه البعض فى الحسبان أن الشعب – فى ممارسة سياسية ثورية - قد يسقط البديل السياسي للسلطة سريعا‘ إذا شعر بإعادة إنتاج المعادلات والقيم التى ثارت عليها ثورة 25يناير! كل الأمل فى بعض التوافق والتجرد من الذات، حتى لا يصاب الثوار باليأس ويقلبون المنضدة على رؤوس الجميع. الأمل فى أن التوافق قد يدفع البلاد فى الطريق الصحيح، طريق الجمع بين الاتجاهين المختلفين عبر تاريخ البشرية: تغيير الإنسان وتغيير الواقع.
رابط دائم :


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.