لكنكم تحرقون أغصان الزيتون.. قالها الناصر صلاح الدين الأيوبي أثناء تحرير القدس من الصليبيين المحتلين , ويرددها الآن أهالي فلسطينالمحتلة, حيث يوجه العدو الصهيوني صواريخه لحرق الأخضر, واليابس. فلسطين قلب العرب, وغزة كانت ومازالت رمزا للصمود, وشاهدا علي غطرسة عدو, ومقاومة شعب يدافع عن كبريائه ولا يرضي بديلا عن تحرير أرضه. تقف مندهشا حين تري وجوه الاطفال وهي تقبل جبين آبائها وتلقي عليهم نظرة الوداع, وفي عيونهم قوة الإصرار, والصمود امام قصف عنيف يهدم بيوتهم, ويفقدهم الغالي, والنفيس.. أصوات القصف تصيب قلوبنا برعب لكن أطفال غزة لا يلقون لها بالا, وكأنها أصوات مدافع الإفطار, فبعد سقوط منزل يقف الأطفال لإزالة الأنقاض, والبحث عن لعبهم وسط الركام,. مشاهد وحكايات رصدناها من قلب غزة, تحت أصوات القصف, وشظايا الصواريخ التي لا تفرق بين الأطفال, والنساء, والشيوخ. تنعدم مظاهر الحياة في قطاع غزة ليلا حيث تغلق كل المحال التجارية أبوابها, حيث تستهدف إسرائيل أي شئ يتحرك حتي الأشجار بحجة ان المجاهدين يختبئون تحتها. لا يسمع في غزة سوي دوي الصواريخ الذي يبدأ بصوت طائرة الاستطلاع الذي يشبه الزن ويستمر لمدة10 دقائق, وبعدها بدقائق تسمع صوت الصواريخ لتدرك أن مبني إنهار علي رءوس سكانه, فتتحرك عربات الإسعاف بشكل منظم جدا حيث تعلم جيدا ماذا تفعل. من داخل مستشفي الشفاء يكون الأطباء والمسعفون في حالة تأهب واستعداد, و عربات الإسعاف تقف بشكل منظم لنقل الجرحي والشهداء, كما تخرج عربات الكهرباء كل نصف ساعة إلي شوارع القطاع لتفصل الكهرباء عن المنازل حتي لا تقصف, وحين يسمع صوت طائرة الاستطلاع فورا يبدأ رجال الأمن في النظر لهواتفهم النقالة وإذا بها بدقائق ويسمع صوت صاروخ أو أكثر, لنجدهم يعطون التعليمات للأطباء القصف في الزيتون فتتحرك السيارات سيارة تلو الأخري,وقبل وصول الإسعاف يطلب رجال الأمن من الموجودين في باحة المستشفي الوقوف علي الرصيف حتي لا يكونوا عائقا أمام السيارات.. وعند وصول السيارة تجد الجميع يتحرك بشكل منظم حتي المصورين حيث يعرفون أين يقفون, فيما يسيطر علي أهالي المصابين الهدوء بانتظار دخولهم الأستقبال. الغريب أنه أثناء القصف لا تجد مواطنا فلسطينيا يجري أو يبحث عن مأوي, رغم أن صوت الصواريخ مرعب فلا تسمع من الأطفال والنساء والرجال سوي الله أكبر, ولا إله إلا الله. حكايات من غزة الشهيد أحمد النحال كان يقف مع ابنته تسنيم التي لم تكمل سنواتها ال6 في محاولة منه للتخفيف عنها وإعطائها دقائق من المرح التي يحرمهم منها العدو الصهيوني لتسقط علي رأسيهما قذيفة مباشرة, تجعل جسديهما أشلاء, لتكون النزهة الأخيرة. الشهيد حامد حمدون أحد الصحفيين الفلسطينيين كان يحمل كاميرا في يده ويسير في شوارع القطاع ليصور أثار العدوان, والمباني التي تم قصفها ليكشف الوجه الحقيقي للجيش المحتل أمام العالم فتسقط قذيفة بجواره, لتقطع شرايين قدمه, و تؤدي إلي تسميمها, كما أخترقت الشظايا صدره,وبعد نقله للمستشفي تم بتر قدمه, وحاول الأطباء إنقاذه لكن الشظايا لم تعطه الفرصة للنجاة. الشهيد يونس طافش الذي لم يتجاوز الخمسين من عمره كان يسير في شوارع القطاع راكبا عجلته ذاهبا إلي محل تجاري لشراء بعض إحتياجات المنزل لتسقط عليه قذيفة,ويلفظ أنفاسه الأخيرة, في المشرحة في مستشفي الشفاء حيث وقف أبناؤه الثلاثة يصرخون ويبكون ويتوعدون بالانتقام, وحاول الأطباء تهدئتهم لكنهم كانوا يقاومون المسعفين للحصول علي نظرة أخيرة وقبلة وداع. في صباح اليوم الخامس من القصف وقف وزير الصحة الفلسطيني د. يوسف المخلالتي في غرفة الطب الشرعي صامتا وعينيه تملؤهما الدموع حين أتت سيارة الاسعاف بعائلة الدلو احد قياديي المقاومة الفلسطينية بعد سقوط صاروخ علي منزلهم الذي يتكون من ثلاثة طوابق, وراح ضحية الحادث أربعة أطفال يوسف, ونبيل, وسارة الذين لم يجاوزوا الأربعة أعوام, ومحمد10 سنوات, وامرأتين, ورجلين, وأصيب8 من أفراد العائلة, لم يستطع الأطباء إسعاف الأطفال, ووقفوا جميعا يقرأون الفاتحة علي أرواحهم البريئة. وهكذا كان حال عائلة الشهيد أبو عمره الذي سقطت علي منزله قذيفة وأنتشل المسعفون أشلاء العائلة من تحت الأنقاض, لتخرج الجثث متهتكة. أما الشهيد محمد ياسين فأصابته قذيفة مباشرة عليه وهو يسير في الشارع فأنقسم جسده إلي نصفين الأعلي يحمل بعض شظايا, والأسفل متهتك تماما حيث استشهد في الحال. كما تم قصف مبني أبو خضرة للأحوال المدنية, وقسم الشرطة الذي يقع في حي أبو العباس, في سلسلة لضرب البنية التحتية للقطاع, رغم أن هذه المباني كانت خالية تماما. وقرب الفجر كان الأطفال أحمد, وجومانه, وعليا, وزياد نائمين استعدادا ليوم جديد من القصف وإذا بالقاعدة البحرية الإسرائيلية تستهدف منزلهم في الزيتونة لتسقط طوابقه الأربعة, ويصبح في سواء الأرض, سقط في هذا القصف6 شهداء جميعهم من الأطفال, وأصيب45 طفلا آخر بشظايا الصاروخين إصابات بعضها طفيفة, ولكن أغلبها خطيرة, وحين جاءت عربات الإسعاف بالأطفال إلي المسشفي وقف الجميع في حالة صدمة, فهذة الضربة كانت الأعنف منذ بداية القصف. تقف بجوار سليمة والدتها علياء الأيادي التي لم يفارق يدها القرآن الكريم, مرددة بابتسامة الحمد لله, إصابة سليمة خطيرة, بعد صلاة الظهر بدقائق كانت ابنتي تقف تحت المنزل فإذا بقذيفة تسقط علي المنزل المجاور لنا, لتصيبها شظايا في ظهرها وهي تجري مفزوعة,لكن حالتها الآن مستقرة. ولم يتمالك عماد حمدون نفسه حين أبلغه الأطباء باستشهاد شقيقه, وبدأ يقول وهو غير مصدق حسبي الله ونعم الوكيل, وحاول أصدقاؤه السيطرة عليه لكنه سقط مغشيا عليه, وحمله المسعفون إلي الاستقبال للكشف عليه. بينما وقفت الأم تصرخ, وتبكي فقد استشهد زوجها, وثلاثة من أبنائها في2008, مرددة ليس غاليا عليك يارب, ولا غال علي فلسطين لكني كنت أريد أن أفرح به وأراه عريس, والآن هو عريسا. والطفلة ليلي جهاد التي لم تتجاوز العام الثالث رغم إصابتها بأحدي الشظايا في الوجه لكنها كانت تجلس هادئة والأطباء يقطبون لها الجراح, وقال والدها إنها كانت تقف في البلكونه أثناء سقوط الصاروخ علي المنزل المجاور لهم مضيفا أن الأطفال في غزة إعتادوا علي اللعب أثناء القصف, ولا يخشون صوته. وقال الشيخ عامر أبو محمد وهو يجلس علي كرسي متحرك وتخطي عامه الستين, بالأمس فقدت كل عائلتي حين قصف العدو الصهيوني دارنا في شارع صلاح الدين, كنت أصلي الفجر وحين عدت وجدت المنزل حطاما, وحتي الآن عثرنا علي جثث5 من أبنائي وأولادهم أما أبنتي ياسمين, وزوجة أبني عبد الرحمن فلم يعثر علي جثمانيهما حتي الأن, وأضاف كتبت علينا المقاومة فكل فلسطيني مجاهد وكتب عليه القتال, ونحن وهبنا أبناءنا لتحرير هذا الوطن. أما عن المقاومة الفلسطينية فقال الناشط عبد الله منعم إن الفصائل الفلسطينية, وكتائب القسام نجحت أن تهز غطرسة العدو الصهيوني, وتضرب بصواريخها تل أبيب, والقدس, وتذيقهم كأس الدماء الذي يستحقونه, مؤكدا أن تكلفة الصاروخ الذي تطلقة المقاومة1000 دولار, بينما يتكلف الصاروخ الذي يطلقة العدو100 ألف دولار, وأضاف أن العدو تكبد في الأيام الماضية خسائر كثيرة, ويكفي أن الإسرائيليين لم يغفل لهم جفن بسبب صواريخ المقاومة التي طالت منازلهم المحصنة, سببت لهم الفزع, والخوف ودفعتهم للأختباء في مواسير الصرف, وأكد أن العدو يستهدف المباني المدنية بحجة ان المجاهدين يستخدمون الأطفال ساترا لهم, لكنهم في الحقيقة يدمرون البنية التحتية, ويحاولون إبادة الشعب الفلسطيني, وتخريب قطاع غزة, لكن المجاهدين يلقبونهم درسا عنيفا, ونساء, ورجالا, واطفال فلسطين مقاومون, ويضحون بأبنائهم في سبيل تحرير الأرض. رابط دائم :