لا تبشر مناقشات أو أعمال تصويت اللجنة التأسيسية علي مسودة الدستور بخير بل قد يكون الصدام سواء في المناقشات المفتوحة أو علي المقترحات المكتوبة حول بعض المواد الخلافية في تلك المسودة طريقا لصدام لا يعرف مداه ولا يمكن توقع نتائجه ما لم تصل القوي المتصارعة علي الدستور إلي اتفاق بعيدا عن' استقطاب' المصالح الشخصية و' مناورات' المتاجرين بالدين في روايات السطو علي أحلام الوطن. وإذا كانت القوي الثورية والليبرالية وغالبية تشكيلات المجتمع ترفض مسودة الدستور فإنني أري أن الأمر لا ينبغي أن يتوقف عند حدود ال'شو' الثوري علي الوضع الحالي- المرفوض من جانبهم والذي يقبله آخرون- وأن يقدموا بديلا لصياغات المسودة وألا يتعاملوا مع الموقف من منظور المعارضة من أجل المعارضة. وأري في موقف ثلث أعضاء التأسيسية والذي يقوده عمرو موسي المرشح الرئاسي السابق الذين سجلوا تحفظاتهم علي المسودة المطروحة وقدموا بديلا بالتعديلات المطلوبة بل ورفضوا التشكيل المقترح للجنة إعادة الصياغة بحجة أنه يكشف عن وجود توجه بغطاء ديني لإعداد الدستور بشكل معين ومواقف محددة من مواد أعلنوا عنها خلال اجتماعات الجمعية. ورغم قناعتي بأنه من الوارد أن يكون الدستور محل اختلاف بشرط أن الحسم فيه لاجتهاد المشرع إلا أن أصابع خفية يبدو أن لها دورا غامضا في قيادة التأسيسية إلي عدم التوافق والاتجاه إلي المناقشة ثم التصويت الذي سيتم حسمه بالتأكيد لصالح الأغلبية التي تنظر إلي الدستور علي أنه واحدة من الغزوات التي لا مكان ولا غنائم فيها إلا لفصيل يعمل بأجندة السمع والطاعة. المؤسف والمخزي أن من يطلقون علي أنفسهم النخب السياسية يديرون في الخفاء معارك ينتظرون من ورائها انتصارات وهمية علي حساب نصوص الدستور وجسد الوطن وسط حالة من التربص التي يريد لها البعض أن تشتعل ويحاول الآخرون السطو علي ما تيسر من غنائم علي طريقة سارقي ضحايا حوادث الطرق وانهيارات المنازل فوق رءوس ساكنيها حيث يحلو لهم التمتع بالحياة وسط الدماء وتحت الأنقاض. والمؤسف أن البعض يتعمد أن يسرع الخطي في إقرار مسودة الدستور' تأسيسيا' واستغلال الغطاء السياسي في الموافقة عليها' شعبيا' دون انتظار رأي المحكمة الدستورية, وكأن الدستور المخصوص أو الحكومة أو الحاكم أو الأغلبية محصنة ضد ثورة وغليان الشعب وهذا وهم كبير لا يؤمن به إلا أصحاب المصالح الشخصية التافهة وهم أغلبية وكثيرون!!