لم تأبه بأرقي مدن العالم سويسرا وأغلي مستوي معيشة بها فتركتها وتخلت أيضا عن لغتها الأصلية وبدلا من أن تعيش في قصور وشقق وسويسرا الفارهة أدارت ظهرها لذلك كله, لتقيم في الفيوم داخل منزل ريفي بسيط يحيط به سور من الحجر والطوب اللبن يطل علي بحيرة قارون منذ44 عاما حيث تعيش إيفيلين بوريه السويسرية الأصل بقرية تونس بمركز يوسف الصديق المطلة علي بحيرة قارون فهي عاشقة لمصر تركت وطنها الأصلي سويسرا وجاءت الي أقصي الريف لتعيش فيه حتي تحولت الي فلاحة سويسرية علي أرض الفيوم ترتدي ملابسهم وتسير حافية القدمين وتشرب من الطلمبة وتنير منزلها بلمبة الجاز, وتشبع هواياتها في صناعة الفخار والخزف ولذلك أقامت ورشة في جزء من منزلها لتعليم الأطفال صناعة الفخار. وإيفيلين هي خريجة فنون تطبيقية جاءت الي مصر في أوائل الستينات مع والدها حيث كان يعمل, عشقت الحياة بها فقررت قضاء بقية عمرها بإحدي قراها بالفيوم منذ عام.1965 عندما حضرت الي قرية تونسبالفيوم بصحبة زوجها في ذلك الوقت الشاعر الغنائي سيد حجاب أعجبها المكان الذي تؤكد أنه قد سحرها وقررت الاقامة فيه طيلة حياتها بل أنها كما تذكر تتمني أن تدفن في حديقة منزلها بقرية تونس بعد وفاتها ولاتفكر نهائيا في العودة لبلدها الأصلي سويسرا. وعاشت إيفيلين كماتقول بين فلاحات القرية كواحدة منهن ولمدة10 سنوات حتي عام1975 بدون كهرباء أو مياه وإستخدمت لمبة الجاز في إضاءة منزلها وشربت من الطلمبة وعاشت سنوات طويلة بدون تلفاز ولم تشتريه إلا بعد الحاح ولديها أنجلو ومارية من زوجها الحالي الفرنسي الجنسية ميشيل باستورلي. وإنغمست إيفيلين في حياة الفلاحة بالفيوم وتقمصت شخصيتها تماما وأصبحت تتحدث العربية باللكنة الفيومية وبطلاقة غير معقولة. ونس ويتوسط حديثها الأفيشات والضحكات ثم تلقي بمشاكلها ولاتتركك قبل أن تطلعك علي أعمالها من الفخار والخزف لمشاهدة معرضها البديع داخل المنزل الريفي الجميل وورشة الفخار وتصر علي أن تلتقي بأطفال القرية الذين يعملون بالورشة لتأصل فيهم روح العمل وأهميته, ومن ثم تدعوك لزيارة معرضها للفخار بالقاهرة أو معرض زوجها الخاص بالملابس, ومثل كل الفلاحين تستيقظ مبكرا بل إن ولدها الاكبر أنجلو لم يدخل المدرسة وإنتظم بعد ذلك في فصول محو الأمية يتعلم اللغة العربية وتكره من يتحدث أمامها بالانجليزية أو الفرنسية, كما تحب أن يناديها الناس بلقب أم أنجلو وتشير الي أنها مثل معظم الفلاحين أصيبت هي وأولادها بالبلهارسيا وتم علاجهم منها وتقضي أغلب ليلها في القراءة وتعشق الاستماع لاغاني سيدة الغناء العربي فيروز وتنتقد إيفيلين بعض الأوضاع والعادات في الريف فتقول عندما جئت الي قرية تونس كانت هادئة والمنازل قليلة جدا والجمال والسحر يسيطران عليها.