ما أن تصل صباحا إلي المنطقة المحيطة بكوبري إمبابة الذي يقع علي نهر النيل تجد الهدوء يسود المنطقة وكأنها مهجورة خالية من البشر! وذلك رغم إنه مزود بممران سطحيان لعبور المشاة الذاهبين والقادمين من حي بولاق أبو العلا وروض الفرج, حتي تمشي قليلا أسفل الكوبري فتجد حركة السيارات والميكروباصات وقلما تجد مارة بالمكان وإذا وجدت أحد فهو في الغالب يكون ذاهبا إلي العمل وأثناء الجولة كان فوزي منصور صاحب عربة فول هو أول ماتجده بمنطقة أسفل كوبري يلتفت حول عربته الناس ومعظمهم سائقو ميكروباص وبمجرد السؤال عن المنطقة والصعود أعلي الكوبري تتغير ملامح البعض ليجيب في ذعر أن الصعود إلي الكوبري منذ الثورة إلي الآن بلا رجعة! حيث استولي علي الكوبري البلطجية والخارجون عن القانون واتخذوه مأوي لهم ولممارسة أعمالهم الاجرامية, وهذا مايفسر عدم وجود مارة بالمنطقة, فبرغم أن قسم امبابة لايبعد إلا خطوات قليلة من الكوبري إلا أن غياب الأمن ملحوظ. وأوضح فوزي منصور صاحب عربة الفول أن الكوبري غير آمن يسيطر عليه البلطجية منذ اندلاع ثورة يناير العام الماضي وأضاف انه تم الاعتداء عليه من قبل هؤلاء البلطجية منذ فترة بأخذ جميع الأموال التي قد جمعها من إطعام الزبائن وقاموا ببعض التكسير بعربة الفول, ثم قاطعه أحد زبائنه ويدعي ابراهيم عدلي يعمل سائق ميكروباص بالمنطقة موضحا أن اعتداءات بلطجية كوبري إمبابة لاتتم فوق الكوبري فقط وإنما بأسفله ومن حوله أيضا والمناطق المحيطة حيث يقومون بتثبيت سائقي الميكروباص وأخذ الاجرة التي جمعوها من الركاب بل وأحيانا يقومون بسرقة الركاب أيضا وهو كسائق قد تعرض لمثل تلك الحادثة مرات عديدة وعندما توجه بتقديم بلاغات إلي قسم إمبابة لم يحدث أي تغيير للوضع أو السيطرة علي البلطجية, وأضاف إنه يطالب بتكثيف جهود الداخلية في العمل علي عودة الأمن إلي المنطقة وبالأخص الكوبري وحمايتهم من تلك الاعتداءات اليومية عليهم. أما محمد مخلوف يعمل بائع خردة وهو أحد سكان المنطقة المجاورة ل كوبري إمبابة وعند سؤاله عن أحوال الكوبري أجاب أن هذا الكوبري يشهد حوادث كثيرة مختلفة يوميا من اعتداءات سرقة للمارة علي الكوبري وأسفل الكوبري أيضا حتي إنه يشكو بمرارة قاسية إنه رغم عجزه الذي يبدو واضحا في ملامحه وإنه ليس سوي مجرد بائع خردة معروف بالمنطقة ولايملك إلا القليل من المال إلا أن هؤلاء البلطجية يقومون بالاعتداء عليه أحيانا بالسلاح لإجباره علي أخذ امواله أو كيس الخردة الذي ظل ساعيا طوال النهار ليجمعها حتي يسترزق من بيعها آخر النهار كي يبقي حيا, وأضاف أن البنات يتم اختطافهن والاعتداء عليهن ولكن لا أحد يلتفت لحمايتهن. وأسفل الكوبري إلي الامام قليلا يوجد حجرة تبدو عتيقة يكسوها الغبار تبدو ل الوهلة الأولي إنها مأوي لأحد المتسولين, إلا أننا عندما ندخلها نجد بعضا من الرجال ومكتبا صغيرا عليه دفتر وعند سؤالهم عن هذا المكان وعملهم أوضحوا أن هذا مكتب عمال هيئة السكة الحديد المسئولة عن الكوبري وأنهم ليسوا إلا عمال بمكتب الهيئة ولديهم نابطشية, وعند سؤال عن مشاكل الكوبري ودورهم قال الريس عطية رئيس العمال أن الكوبري هو وكر ومأوي للبلطجية وإنه كان يشهد حوادث سرقة المواطنين فهو أيضا يشهد حوادث اختطاف واغتصاب فتيات, وأن الكوبري الآن أصبح بمثابة منطقة محظورة والجميع يخاف أن يصعده إلا للضرورة القصوي ثم أضاف إنهم قد طالبوا مرات عديدة قسم إمبابة بتوفير حراسة علي الكوبري والمنطقة بأسفله ولكن لم يستجب أحد. ثم أضاف محمد حسن عامل أن وضع الكوبري قبل الثورة كان آمنا تماما ولكن منذ اندلعت الثورة وغاب الأمن انتشر البلطجية وقاموا بالسيطرة علي الكوبري, حتي أن بعض أفراد الشرطة الذين كانوا يقومون بتأمين الكوبري من فوق قد تم كسر الكمين الشرطي وبالتالي لم يعد لهم تواجد من يومها بالأعلي ولا حتي بالأسفل ويتساءل في تعجب إذا كانت الشرطة التي دورها حماية المواطنين من البلطجية تخاف مواجهتهم وتخلت عن دورها فماذا علي المواطن أن يفعل؟! وعند الصعود علي الكوبري تجد أن كل ما وصفه المواطنون والعاملون حقيقة لاشك فيها, وأن الكوبري نفسه يشتكي من حاله كما يشتكي المواطنون فالاسلاك معظمها منزوعة من أماكنها وأعمدة الانارة قد تمت سرقتها حتي أماكن كمين الشرطة قد تم الاعتداء عليها وهدها وبعضها تحول إلي مقالب للقمامة وفي أثناء التجول علي الكوبري قابلت محمد ذكي عامل بهيئة السكة الحديد نهارا وسائق تاكسي ليلا وعند سؤاله عما يواجهه علي الكوبري كأحد المارة قال أن مايشهده كوبري امبابة منذ بداية الثورة إلي الآن ليس بهين ويتعجب من عدم تعاون رئيس حي امبابة مع قسم شرطة امبابة لعمل حملة أمنية للقبض علي هؤلاء البلطجية وبعض ممن يتجاوزون بالممنوعات الذين يتخذون الكوبري كمحطة رئيسية للقيام بأعمالهم المخالفة والتي يعلم بها جميع من يسكن بمنطقة امبابة حتي إنهم قد اتخذوا من الحديقة التي أسفل الكوبري مقرا لهم لترويج الممنوعات, وأوضح إنهم يقومون بين الحين والآخر منذ اندلاع الثورة بسرقة كابلات الكهرباء وأعمدة الإنارة من علي الكوبري وحتي تلك الاسلاك أو الشبكة الموجودة بسور الكوبري لحماية المارة من عدم السقوط في مياه النيل بالاسفل يتم سرقتها هي أيضا وبيعها, وإنه منذ تم تجديد الكوبري في عام2008 برعاية شركة النيل ولم يتم تجديده ثانية حتي الآن. وأضاف أن الأجر الذي يتقاضاه هو960 جنيها بالشهر وعندما اشتكي مما يحدث علي الكوبري وأسفله وتقديم بلاغات تمت مجازاته بخصم300 جنيه من مرتبة. وما أن ننزل إلي أسفل الكوبري من ناحية إمبابة نجد معسكر شرطة ولكنه لايقوم بأي دور حسب قول المواطنين, وعند مقابلة أحد أمناء الشرطة بالمعسكر ويدعي أمين وسؤاله عن دورهم كأفراد شرطة في حماية المواطنين علي الكوبري والمنطقة المحيطة قال أن هناك تعليمات من القيادات بعدم الحديث عن أي شئ يتعلق بتلك المسألة, ولكنه دون قصد قال أن بالفعل مسئوليتهم تأمين الكوبري ولكن قد تم منعهم بالقيام بالخدمات أثناء الثورة وأحداث العنف وانتشار البلطجة وأن الضباط الذين كانوا متواجدين بالفعل فوق الكوبري لحمايته وحماية المواطنين تم الاعتداء عليهم وهدم اكشاكهم, وأضاف أن إدارة هيئة السكة الحديد والحي هم المسئولون عن ذلك بالتعاون مع شرطة الاقسام لحماية الكوبري من الجهات الثلاث المؤدية إليه, وأوضح إنه رغم ذلك فهم يقومون بواجبهم وقت النداء حيث إنهم قاموا منذ عشرين يوما بالقبض علي أربعة بلطجية وتسليمهم.