* الذين يشاهدون إعلانات أفلام عيد الأضحي.. المقررة علينا في كل قنوات التليفزيون طيلة النهار والليل.. أكثر مما يشاهدون تلك الأفلام في دور السينما.. وهؤلاء وأولئك لعشرات الملايين والتكرار كما هو معروف في المثل العامي أمر من السحر وكما هو معروف في علم النفس ينتقل من العقل الواعي إلي اللاشعور ليستقر فيه ولأن الأطفال والنشء شغوفون بالإعلانات التي تؤثر فيهم ويتأثرون بها.. لذلك كان من المفترض أن يراعي ذلك بحسم فيما تبثه القنوات. والذين يشاهدون إعلانات أفلام العيد في التليفزيون يظنون أن المجتمع المصري تحول كله إلي رقاصين وبلطجية فما من فيلم منها يخلو من الدم والسيوف والضرب بالأقلام والمطاوي فالكل يرقص بلا استثناء الرجال والنساء( رقصا أهبل الهدف منه الاضحاك وهو في الحقيقة يثير التقزز والقرف), فهذا ليس فنا, وهذه ليست كوميديا( ودعوني استثني من ذلك الكم فيلما يبدو من اسم مؤلفه ومخرجه أنه فيلم يقول شيئا بحكم سابق أعمالهما). هل هي مؤامرة علي السينما المصرية أم هو هبوط في الإبداع أم أنه نوع من الاتجار وغسيل الأموال دون مراعاة لأي شيء آخر؟ قد يقول منتجو هذه الأفلام وهم ليسوا الفنانين أنهم يسيرون حسب قاعدة الجمهور عايز كده وهذا كلام مردود عليه فهم يدرسون الذوق العام للجمهور إلا إذا كانوا يقصدون بالجمهور جمهور البلطجية والرعاع وأولاد الشوارع الذين يحتاجون من يأخذ بيدهم لا من يكرس لهم أسوأ الأخلاق. وعلي أساس أن هذه النوعية من الأفلام نوع آخر من المخدرات يضاف لما يتعاطاه هؤلاء التائهون المغيبون. أعود فأكرر إن الإعلانات المسمومة عن هذه النوعية من الأفلام تعمل ضد الفن وتكرس لقتله في حين إن الفن الحقيقي يرفع من الذوق العام للناس ولا يحط بذوقهم. ويرفع من قيم الحق والخير والجمال.. لا يهدمها عن عمد أو عن جهل.. لقد جمعوا في هذه الأفلام من الممثلين أعدادا وفيرة لم ينج واحد منهم من الرقص أو الصفع أو معارك السيوف.. ماذا يحدث بالضبط للفن وللفنانين صحيح أنهم ليسوا نجوما وأن منتجي هذه الأفلام عملوا بطريقة( السليم يشيل المفعص) والبيعة علي بعضها.. إلا أن الناتج النهائي هو أن الجميع أصبحوا مدانين!