بلبل مصر وكنز الغناء المصري والينبوع الذي فاض علينا بأجمل الألحان مطرب ومؤلف وملحن كان جاري في حي شبرا مع الزملاء.الدكتور عاطف نصار والموسيقار ميشيل المصري وتعرفت عليه من خلال أحد أقربائه في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي وكنا نتقابل صباح كل يوم ونذهب معا إلي المدرسة هو في مدرسة شبرا الثانوية آخر شارع طوسون وأنا في مدرسة الأمير فاروق الثانوية بروض الفرج. وفي أحد الأيام أخبرني أنه تقدم لمسابقة إحدي المجلات الفنية( الإثنين) ونجح في المسابقة كمطرب وحصل علي جائزة( راديو باي) وعند حصولنا علي شهادة الثقافة( رابعة ثانوي) تقدمنا للإلتحاق بالمعاهد الفنية, هو للمعهد العالي للموسيقا المسرحية وأنا لمعهد التمثيل لآني كنت أريد أن أصبح مخرجا وكانت هذه المعاهد دراستها ليلية تبدأ من الساعة الرابعة أي بعد اليوم الدراسي المدرسي .. واختصارا للموضوع لأنه طويل وأنا هنا أريد أن ألقي الضوء علي مشوار البلبل الذي بدأ عشقه للغناء وكان هذا من خلال العطلة الصيفية التي كنا نتقابل فيها في نادي مدرسة التوفيقية وكانت وزارة المعارف تشرف عليه وكان من ضمن المشرفين الكاتب الراحل يوسف عوف وكان هو أحد المشجعين لنا بالتقدم لمسابقة الهواة بالإذاعة وهو البرنامج الذي توليت قيادته الموسيقية والذي لمع فيه المطرب بليغ حمدي والمطرب محمد العزبي والطفلة سعاد حسني ثم محرم فؤاد وماهر العطار وحلمي بكر وكمال حسني وكان وجودي مع بليغ عند مكتب الأستاذ ديمتري لوقا المشرف علي برنامج الهواة وكان مكتبه بجوار مكتب عميد الإذاعيين وشيخهم العم فهمي عمر المشرف علي أشهر برنامج( ساعة لقلبك) ووجود يوسف عوف مع العم فهمي كان السبب في اختيار بليغ لغناء مقدمة لبرنامج( ساعة لقلبك بتقول فرفش وإضحك علي طول) وكانت هذه بداية البلبل بالغناء كمحترف ويتقاضي أجرا من الإذاعة ثم غني من الحان الدكتور يوسف شوقي في أوبريت( قرية الجن) وأخيرا أغنية( طاوعني طاوعني بعادك لاوعني) من الربع ساعة المخصص للملحن محمد عمر ومن هنا يبدأ مشوار بليغ في التلحين لأن الأستاذ الشجاعي أوقف صرف المستحقات لأنه يريد أن يعرف من هو صاحب اللحن فاستدعاني وقال لي من قام بتحفيظكم اللحن فقلت له بليغ حمدي فقال لي أشكرك واستدعي بليغ وقال له أنت أصلح لك أن تكون ملحنا لأن بعد سنة أو سنتين سيكون ظهور التليفزيون وأنت قصير القامة ومستقبلك التلحين أنا أكتب عن الفترة الأولي من مشوار بليغ حمدي( من سنة1952 إلي سنة1958) وهو بين مطرب وملحن فوجد نفسه في التلحين وبداية غنت له فايدة كامل( ليه فاتني ليه) وسافر معها إلي دمشق كعازف عود ولما قام محمد فوزي بإفتتاح شركة مصرفون كلف بليغ بالتلحين لبعض المطربين والمطربات ولإعجابه به قدمه لسيدة الغناء العربي أم كلثوم وغنت له( حب إيه اللي إنت جي تقول عليه) ومن هنا صعد السلم وأصبح اسما كبيرا في عالم التلحين وتأكيدا لهذه الموهبة وفي نفس عام1958 غني له العندليب عبدالحليم حافظ أغنية( تخنوه) هذه مقدمة لبلبل مصر في الفترة الأولي من حياته الفنية وموهبة بليغ ظهرت في فترة كان فيها عظماء النغم عبدالوهاب والقصبجي والسنباطي وكمال الطويل ومحمد الموجي وأصبح من العظماء وبعد سنة1958 لها مقال آخر لأنها جزء مهم من تاريخ مصر الموسيقي والغنائي وفقدنا البلبل المصري في شهر سبتمبر عام1993 وكرمته الدولة وطبعت وزارة المالية عملة ذهبية وفضية تذكارية باسمه. رحم الله بلبل مصربليغ حمدي.