المنتزه أحد أكبر أحياء الإسكندرية وأعلاها كثافة سكانية, يتميز بتنوعه السكاني الذي يجمع بين الحضر والريف مثل مناطق فيكتوريا التي تقع بها أشهر المدارس المصرية القديمة وبين المناطق الزراعية في أبيس وخورشيد والزوايدة وغيرها. كما تجمع بين المناطق الصناعية والسياحية ففيها عدد كبير من مصانع المواد الغذائية والورق والأسمدة الكيماوية والأدوية وتقع في نطاقها حدائق قصر المنتزه الملكية وشاطئ المعمورة السياحي وبحور برديس والميت وغيرها في أبي قير, ومع ذلك وبسبب البيروقراطية والاهمال الطويل تحولت كثير من المناطق الريفية الي مناطق عشوائية لاتوجد بها خدمات أو بنية تحتية أو مدارس أو مستشفيات فضلا علي الغياب التام للمواصلات الحكومية ونقاط الشرطة ومراكز الشباب ومكاتب البريد, تنتشر بها بؤر إجرمية خطيرة تتنوع بين البلطجة وتجارةالمخدرات والدعارة وفرض السيطرة والبناء المخالف والاستيلاء علي أراضي الدولة التقت الأهرام المسائي النائب والفقيه الدستوري صبحي صالح فقال: نشأت ظاهرة العشوائيات نتيجة سوء الادارة من أيام حكم العسكر فجاءوا بمحافظ ضابط جيش ووزير ضابط جيش ورئيس حي أيضا ضابط جيش وهذا ليس تخصصه. وأضاف ان العشوائيات تحدث نتيجة ان يسبق سلوك البشر سلوك الادارة بمعني ان الناس عايزة تسكن والدولة غير جاهزة فالناس تسكن بمزاجها, ونظرا لعدم وجود المخطط ظهر العشوائي, والعشوائيات حدثت نتيجة سوء ادارة وغياب تخطيط, وأهم مظاهر المشكلة هو غياب الشوارع الرئيسية غياب البنية التحتية وبالتالي غياب المرافق الأساسية وظهور مبان بدون ترخيص وارتفاعات غير مطابقة للمواصفات الهندسية, نشأ عن هذه الظواهر الخمس عدم توافر بيئة صحية وغياب لأهم مقومات الحياة مثل مركز شباب ومساحات خضراء ونقطة شرطة ومكتب بريد ومحطة أتوبيس ومدرسة. ويستطرد صالح قائلا: لأن العشوائيات غير مخططة فبديهي ان ينتج عنها مجموع هذه المعطيات يساوي انخفاضا في مستوي المعيشة وانحلالا اخلاقيا وارتفاعا في معدل التسرب من التعليم وهذا بالضرورة يطابقه ارتفاع معدل الأمية وهذه بيئة خصبة جدا لانتشار كل أنواع الجرائم ابتداء من اطفال الشوارع وانتهاء بالتحرش الجنسي مرورا بالمخدرات والسرقة وما شابه. أما عن رصد الظاهرة فيقول صالح: توجد في الإسكندرية أكثر من300 عزبة فأصبحت شرق الإسكندرية خطين متوازيين متناقضين شمالا حدائق المنتزة وجنوبا عزبة المكنة والمهاجرين والحرمين, الخط الشمالي كل شئ فيه جميل والخط الموازي لايعرف شيء عن الجمال, ونخلص الي ان العشوائيات في شرق الاسكندرية عبارة عن قنابل موقوتة تنعدم فيها كل مقومات الحياة الكريمة. ويختم صالح كلامه بعرض حلين لمشكلة العشوائيات أولهما ازالة العشوائيات واقامة عمارات سكنية علي اطراف العشوائيات أو حولها, والحل الثاني هو النهوض بالعشوائيات وتطويرها لتصبح آدمية من خلال استكمال النقص واصلاح شبكة الصرف والانارة ورصف الشوارع وعمل خطوط موصلات وتوفير الخدمات الأساسية لهذه المناطق بقدر احتياجها, متهما الحكومات المتعاقبة بأنها مرت علي العشوائيات دون ان تتعامل معها بآدمية. من جانبه يقول عبد الفتاح علي عبد الفتاح عضو حزب التجمع بشرق الاسكندرية: للأسف العشوائيات تزداد سوءا وتدنيا في الخدمات وازديادا في البلطجة, كما شكا عبد الفتاح من الطفح المتكرر في الزوايدة والمهاجرين وخورشيد وكذلك الطرق متدنية للغاية ولاتوجد مواصلات داخلية عدا التوك توك وأضاف عبد الفتاح: إن حي المنتزه وشرق الاسكندرية كله عشوائي باستثناء بعض المناطق تعد علي أصابع اليد الواحدة, فالمنتزه كان أرضا زراعية وتم البناء عليها وخصوصا بعد الثورة فتم بناؤها بشكل عشوائي وبدون ترخيص في غيبة من أجهزة الدولة, عدد السكان زاد بشكل كبير وهذا أثر علي الخدمات العامة, وفجر عبد الفتاح مشكلة شارع الملك حفني والذي يمتد من فكتوريا الي المندرة ويمثل صورة صارخة للاهمال والاشغالات حتي انهم اطلقوا عليه الصين الشعبية, وأشار عبد الفتاح الي ان شرطة المرافق قامت بتطهير ميدان الساعة وشارع المعهد الديني ولكن الفرحة ماتمت عادت ريمة واحتل الباعة الأرصفة والشوارع وكثرت المشاجرات وتحول شرق الاسكندرية من مدينة جميلة الي بؤر وأوكار. بالقطع لايمكن ان تمثل الآراء السابقة كل المشكلات فبعض أماكن المنتزة خاصة وشرق الإسكندرية عامة يبدو الداخل اليها مفقودا والخارج مولودا, ويقول عفت شاكر محاسب كنت أسكن في منطقة زعربانة مضطرا وكان يمكن ان تمد يدك لتسلم علي جارك في العمارة المقابلة حيث الشوارع شديدة الضيق تمتلئ بالقطط والكلاب الضارة التي تعايشت من الفقر والإهمال مع الفئران والحشرات فنادرا ما كنا نري قطا يجري وراء فأر أو كلبا يطارد قطة, ورغم اني تمكنت من الخروج من المنطقة الا انني مازلت احتفظ بالشقة فربما تنفع في يوم ما واحدا من ابنائي. مينا نبيل من سكان عزبة أبوخروف بالمندرة يقول: لاتستطيع هنا ان تناقش أو تتحاور مع أحد فالكل ضيق الصدر من كثرة مانعانيه في الذهاب للعمل أو العودة منه وخاصة في الشتاء عندما تمتلئ الشوارع بمياه المطر دون وجود صرف صحي فيطلب سائق التوك توك ثلاثة أضعاف الأجرة وكأننا نركب عربية آخر موديل ويمكنك أن تتحدث عن ضجيج التوك توك وراكبي الموتوسيكلات الذين يضعون سماعات كبيرة يستمعون فيها الي اغان صاخبة في عز الليل لدرجة أن صوتها يوقظ الموتي وليس النائم فقط فأصبح كل أملنا ان نجد مكانا أفضل يستحق ان نطلق عليه مكانا آدميا لأن هذا المكان لايصلح حتي ليعيش فيه حيوان قادم من أي دولة متحضرة.