البابا تواضروس يهنئ وزير الأوقاف بعيد الأضحى    بدون زيادة.. «التعليم» تحدد المصروفات الدراسية بالمدارس الحكومية للعام الدراسي الجديد    البورصة المصرية تربح 7.2 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    إسرائيل تتبنى اغتيال قيادي في حزب الله    على خطى الأجداد.. طفلة فلسطينية تتمسك بمفتاح منزل عائلتها المدمر في جنين    نقيب الصحفيين الفلسطينيين: الشعب والإعلام المصري ساندوا القضية الفلسطينية منذ اليوم الأول للعدوان على غزة    أيمن الشريعي: نعمل على حفظ حقوق إنبي وتنظيم اللوائح الرياضية    محافظ أسيوط يتفقد مقار لجان امتحانات الثانوية العامة بحي شرق    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل شاب بالغربية    السيطرة على حريق مصنع كيماويات في العاشر من رمضان    قبل رفعها من دور العرض.. الإيرادات الإجمالية لأفلام موسم عيد الفطر السينمائي    ل برج الأسد والحمل والقوس.. ماذا يخبئ شهر يونيو 2024 لمواليد الأبراج الترابية؟    الداخلية تكشف حقيقة وفاة طفل مصري خلال أداء مناسك الحج    رئيس الأركان يشهد مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي بالمنطقة الشمالية    وكيل «صحة الشيوخ»: الرئيس السيسي وجه تحذير للعالم من مغبة ما يحدث في غزة    الرئيس السيسي يهنئ الملك تشارلز الثالث بذكرى العيد القومي    مواعيد تشغيل القطار الكهربائي الخفيف ART خلال إجازة عيد الأضحى 2024    فينورد الهولندي يعلن خليفة آرني سلوت بعد رحيله لليفربول    الكشف عن حكم مباراة ألمانيا ضد أسكتلندا في افتتاح يورو 2024    أبرزهم راقصي السامبا.. مواعيد مباريات اليوم الأربعاء    بعد طرحه أغنية «القاضية» في «ولاد رزق 3».. إسلام شيندي يستعد لعقد قرانه    دعاء رد العين نقلا عن النبي.. يحمي من الحسد والشر    «الصحة» تنظم ورشة عمل لتعزيز قدرات الإتصال المعنية باللوائح الصحية الدولية    المصري الديمقراطي: تنسيقية شباب الأحزاب استطاعت تأهيل عدد كبير من الشباب للعمل السياسي    البورصة: مؤشر الشريعة الإسلامية يضم 33 شركة بقطاعات مختلفة    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    وزير الدفاع الألماني يعتزم الكشف عن مقترح للخدمة العسكرية الإلزامية    بسبب جمل.. إصابة 34 شخصًا في حادث على الطريق الدولي بجنوب سيناء    احتفالًا بعيد الأضحى.. السيسي يقرر العفو عن باقي العقوبة لهؤلاء -تفاصيل القرار    مدبولي يتابع جهود توطين صناعة الرقائق الإلكترونية وأشباه الموصلات    محافظ جنوب سيناء ورئيس القابضة للمياه يناقشان آليات تحسين منظومة المرافق    عاشور يشارك في اجتماع وزراء التعليم لدول البريكس بروسيا    تدريب وبناء قدرات.. تفاصيل بروتوكول تعاون بين مركز التدريب الإقليمي للري والمعهد العالي للهندسة بالعبور    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    في ذكرى ميلاد شرارة الكوميديا.. محطات في حياة محمد عوض الفنية والأسرية    عصام السيد يروي ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    رئيس إنبي: سنحصل على حقنا في صفقة حمدي فتحي "بالدولار"    بيان الأولوية بين شعيرة الأضحية والعقيقة    "لا أفوت أي مباراة".. تريزيجية يكشف حقيقة مفاوضات الأهلي    5 نصائح من «الصحة» لتقوية مناعة الطلاب خلال فترة امتحانات الثانوية العامة    «متحدث الصحة» يكشف تفاصيل نجاح العمليات الجراحية الأخيرة ضمن «قوائم الانتظار»    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    كومباني يحدد أول صفقاته في بايرن    بدء العمل بأحكام اللائحة المالية والإدارية بقطاع صندوق التنمية الثقافية    وزيرة الهجرة تستقبل سفير الاتحاد الأوروبي لدى مصر لبحث التعاون في ملف التدريب من أجل التوظيف    حماية العيون من أضرار أشعة الشمس: الضرورة والوقاية    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    الأرصاد تكشف عن طقس أول أيام عيد الأضحي المبارك    اليونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة يواجهون خطر الموت أمام أعين عائلاتهم    المجتمعات العمرانية تحذر من إعلانات عن كمبوند بيوت في المنصورة الجديدة: لم يصدر له قرار تخصيص    بعد رد حماس على مقترح الهدنة.. تفاصيل مشروع بايدن لوقف إطلاق النار بغزة    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر القانوني والاجت
ماعي للسيد يسين‏(3‏ 3)‏ السياسة الجنائية المعاصرة‏:‏ تأسيس الأصول

شكلت نظرية وسياسة الدفاع الاجتماعي‏,‏ في أصولها المرجعية‏,‏ والتي تدور في مدارات السعي نحو فلسفة جديدة للنظر في الجريمة والعقاب‏,‏ ولكنها جاءت بعد مرحلة نقد
وتقويم للمدرسة الوضعية الإيطالية‏,‏ وفي هذا الصدد يمكن القول‏:‏ إن المدارس النظريةوالفلسفية في المجالات القانونية والسوسيولوجية تتعرض للانتقادات‏,‏ والإضافات‏,‏ ثم التجاوزات‏,‏ وفي هذا الصدد‏,‏ وشأن أي مدرسة أو نظرية تعرضت الوضعية الإيطالية إلي الانتقادات‏,‏ ولاسيما نزعتها نحو التجريد والكلاسيكية‏,‏ وذهبت أيضا نحو التجريد الفلسفي والقانوني‏,‏ ومن ثم برزت مدرسة توفيقية حاولت الجمع بين المرونة والواقعية كي تواجه ضرورات الدفاع الاجتماعي تشكل اتجاها آخر من روافد متعددة علي رأسها‏:‏ المدرسة الإيطالية الثالثة حول اليمينيا وكارنفالي‏,‏ والاتحاد الدولي للقانون الجنائي الذي أنشأه عام‏1880‏ م فون ليست الألماني‏,‏ وهامل الهولندي‏,‏ وبرنز البلجيكي أخذت هذه المدرسة بالتدابير الاحترازية‏,‏ إلي جانب العقوبات ودراسة شخصية المجرم وفق المنهج العلمي‏,‏ إلا أن هذه المدرسة افتقرت وفق السيد يسين وبحق إلي الاصالة‏,‏ ومن ثم انتهت إلي الفشل‏,‏ ومن ثم البحث عن مسار جديد تمثل في سياسة الدفاع الاجتماعي‏,‏ وذلك عقب الحرب العالمية الثانية‏,‏ وذلك كنتاج لجهود الفقيه الايطالي فيلبوجراماتيكا‏,‏ ونظرا لتطرف آرائه برز اتجاه جديد أكثر اعتدالا علي يدي المستشار الفرنسي مارك أنسل نائب رئيس محكمة النقض الفرنسية آنذاك ولاسيما في كتابه الذائع الصيت‏:‏ الدفاع الاجتماعي الجديد‏.‏
‏6‏ مؤلف السيد يسين السياسة الجنائية المعاصرة واحد من أهم الكتب والبحوث النظرية وبه بعض الماعات تطبيقية التي كتبت في موضوعها‏,‏ ولاتزال أهميتها وراهنيتها ذات ألق‏,‏ وتأثير بالنظر إلي أن مشكلات وظواهر السلوك الإجرامي تزداد تعقيدا وصعوبة في مواجهتها‏,‏ ولاسيما في ظل بروز أنماط جديدة من العنف الجنائي‏,‏ والسلوك الإجرامي تحتاج إلي سياسات جنائية وأمنية وعقابية فاعلة وقادرة علي مواجهة مصادر إنتاج الفعل الإجرامي‏,‏ وطرائق التعامل معه من خلال أنظمة عقابية قادرة علي التصدي لجذور الجريمة‏,‏ من خلال عقوبات فاعلة وإنسانية وتقويمية‏,‏ وخاصة في ظل عالم يجتاحه الإرهاب باسم الدين والعرق والقومية والطائفية والخوف والجرائم والإرهاب الإلكتروني‏,‏ نشر هذا المؤلف منجما وتم جمع دراساته بعدئذ ونشرت تحت عنوان السياسة الجنائية المعاصرة ويحتوي علي ستة أبواب‏,‏ وعديد الفصول التي تنتظمها أبوابه علي تنوعها درس في الباب الأول‏:‏ حركة الدفاع الاجتماعي والمجتمع العربي‏,‏ وتناول في فصوله‏:‏ السياسة الجنائية في ضوء النظرية الاشتراكية‏,‏ وتحليل نقدي لنظريات الدفاع الاجتماعي‏,‏ ثم مدرسة الدفاع الاجتماعي لمارك أنسل‏,‏ ثم حركة الدفاع الاجتماعي في البلاد العربية‏,‏ تناول الباب الثاني‏:‏ الأفكار الأساسية في حركة الدفاع الاجتماعي الجديدة‏,‏ حيث درس الأسس النظرية‏,‏ والاتجاه الجديد إزاء الجانح والاعتداد بالشخصية‏,‏ ورد الفعل الاجتماعي إزاء صد الجريمة وعلم الاجرام‏,‏ ثم تناول الدفاع الاجتماعي الجديد في التطبيق‏,‏ والجوانب المختلفة للسياسة الجنائية كالإصلاح العقابي والمراجعة العلمية لنظام الجزاءات الجنائية‏,‏ وضرورة حماية الإنسان بواسطة النظام القانوني‏,‏ ثم الدفاع الاجتماعي الجديد وقانون العقوبات ثم درس الباب الثالث‏:‏ السياسة الجنائية والسياسة الاجتماعية في حركة الدفاع الاجتماعي‏,‏ والباب الرابع‏:‏ الدفاع الاجتماعي وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية‏,‏ والباب الخامس‏:‏ تناول تخصص قاضي الأحداث في ضوء مباديء السياسة الجنائية الحديثة‏,‏ الباب السادس‏:‏ تناول حاضر حركة الدفاع الاجتماعي ومستقبلها في البلاد العربية‏.‏
إن نظرة علي هيكل الكتاب وأبوابه وفصوله تكشف وبوضوح عن عديد الأمور التي أشير إلي بعضها فيما يلي‏:‏
‏1‏ السلاسة والوضوح اللغوي والاصطلاحي وعدم الحشو والاطناب الذي تحفل به بعض الكتب والدراسات المدرسية‏,‏ التي تنزع نحو السرد والشروح علي المتون والحواشي‏,‏ ويبدو أن ذلك يعود إلي غلبة النزعة البحثية علي أعمال السيد يسين‏,‏ لا التوجه التدريسي الشفاهي الذي يؤثر في بعض الممارسات علي النص المكتوب‏,‏ وأنه استفاد من هذا التوجه البحثي المكتوب في طرائق السرد التاريخي المقارن للنظريات والمفاهيم‏,‏ ونقدها‏.‏
‏2‏ المزج بين التحليل النقدي والتاريخي والفلسفي والاجتماعي والاقتصادي في عرض الأفكار الواردة في أبواب وفصول الكتاب‏.‏
‏3‏ إدخال البعد الاشتراكي في التحليل القانوني علي ندرته آنذاك‏,‏ وذلك رغما عن هيمنة ايديولوجيا الاشتراكية العربية والماركسية علي غالب الخطابات السياسية والقانونية والفلسفية والتربوية‏,‏ دون ممارسة سوسيو فلسفية لهذا التحليل في العمق‏,‏ من ناحية ثانية يحمد للأستاذ السيد يسين أنه لم يستغرق في عرض للأفكار العامة للنظرية الماركسية الستالينية في القانون والدولة‏,‏ وذلك علي ما شاع آنذاك لدي بعض الباحثين دونما ممارسة بحثية خلاقة علي واقع اجتماعي وقانوني واقتصادي وثقافي مصري وعربي مفارق للأطر الفلسفية والنظرية الماركسية‏,‏ أو بعض النظريات الغربية‏.‏
‏4‏ النزوع الاصلاحي في مقاربته للأنظمة الجنائية والعقابية والمراجعة العلمية لنظام الجزاءات العقابية‏.‏
‏5‏ الربط بين السياسة الجنائية حول الدفاع الاجتماعي ونظام الخطة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية‏,‏ ومن ثم تأثر الفكر العقابي الاجتماعي إذا جاز التعبير بأطروحات ونظريات التخطيط الاجتماعي والاقتصادي التي سادت الفكر التنموي اليساروي عالميا‏,‏ وعلي المستويين العالمثالثي والمصري آنذاك‏.‏
‏6‏ تطوير النظام القضائي في إطار السياسة الجنائية من خلال قاضي الأحداث‏.‏
‏7‏ يمكننا إيراد ملاحظة عامة علي هذا العمل البحثي النظري المهم في إطار المرحلة القانونية‏,‏ وتتمثل في غياب معالجة سوسيو سياسية‏,‏ وسوسيو جنائية للجرائم السياسية‏,‏ والاعتقال‏,‏ ونظام القانون الاستثنائي سواء في قانون الطواريء أو غيره من القوانين المقيدة للحريات التي تمددت في المرحلة الناصرية وما بعدها‏,‏ وحتي اللحظة الراهنة مارس‏2010‏ والتي شكلت سمت السياسة التشريعية في تطوراتها وتحولاتها التاريخية والإيديولوجية وطبيعة أهدافها ومصالحها الاجتماعية المعلنة أو المضمرة‏,‏ فيما وراء أكلاشيهات الصياغة السياسية‏/‏ القانونية‏.‏
‏8‏ ثمة غياب للبعد الامبيريقي الميداني أو الحقلي أيا كانت الصياغة أو الوصف في مقاربة السياسة الجنائية في الواقع المصري‏,‏ وذلك في إطارها القطاعي‏,‏ أو الدائرة الأوسع للسياسة التشريعية في نطاق السياسة الاجتماعية‏.‏
أن الملاحظتين السابقتين علي هامش الإنتاج البحثي للأستاذ السيد يسين في مجال سوسيولوجيا القانون‏,‏ والسياسة الجنائية‏,‏ تطرح سؤالا‏:‏ لماذا الصمت عن بعض القضايا البحثية أو تقصي بعض جوانبها علي المستوي الميداني؟
يبدو لي أن هذا التوجه مرجعه عديد الاعتبارات‏,‏ ومنها ما يلي
أ طبيعة الضغوط والإكراهات السياسية والأمنية المفروضة علي حرية البحث الأكاديمي في مجال العلوم الاجتماعية‏,‏ وذلك كنتاج لأنظمة الرقابة علي تداول الأفكار والآراء في الحياة العامة‏,‏ بالنظر إلي هيمنة منطق وآليات التعبئة‏,‏ والأحري الدولة التسلطية والتعبوية‏.‏
ب الطابع الاحتكاري للدولة في مجال المعلومات‏,‏ في ظل الدولة والثقافة السياسية التسلطية السائدة في ظل نظام يوليو‏,‏ ولاسيما في عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين‏.‏
ج الموضة الفكرية التي سادت في التقليد الأكاديمي والثقافي المصري في المرحلتين شبه الليبرالية‏,‏ والناصرية‏,‏ والتي تمثلت في التغليق‏,‏ والنزوع التنظيري التي تعطي للفكر والانتاج المعرفي بعضا من وجاهته وألفته وحضوره في إطار الجماعتين الثقافية والاكاديمية في مصر‏,‏ والدول العربية الأخري‏.‏
د التقليد الخطابي الفرنسي المستعار الذي يدور حول أولوية التنظير‏,‏ والولع التنظيري‏,‏ ويبدو لي وأرجو ألا أكون مخطئا أن هذا الخفوت للممارسة الأمبيريقية هو الذي دفعه بعدئذ إلي مبادراته بإنتاج التقارير العلمية والمراصد البحثية‏,‏ ولاسيما الاجتماعية‏.‏
‏9‏ الخطاب السياسي النقدي حول السياسة لدي السيد يسين تجاوز النقولات المترجمة والمبتسرة في بعض المعالجات التي شاعت آنذاك‏,‏ ونزعة بعضهم التجريدية في نقل الأفكار الغربية دون ربط لها بأصولها التاريخية والفلسفية والاجتماعية والصراعية وتطوراتها‏.‏ من ناحية أخري عدم مواكبة التطورات النظرية والتطبيقات علي الواقع من بعضهم‏,‏ وذهب مفكرنا إلي ضرورة ربط السياسة الجنائية‏,‏ والعقابية مع الهياكل الاقتصادية والاجتماعية‏,‏ ومن ثم رأي أن تطبيق هذا المنهج بصورة شاملة ضروري لكي يثبت بما لا يدع مجالا للشك أن السياسة الجنائية والمعاملة العقابية ترتبط ارتباطا عضويا وثيقا بالبناء الاقتصادي والثقافي في المجتمع‏,‏ بحيث إن تغير هذا البناء‏,‏ فلابد لها أن تتغير بدورها أن حصاد الانتاج البحثي والتحليلي والنقدي للسيد يسين‏,‏ أثمر عديد المؤلفات‏,‏ وعلي رأسها كتابه السياسة الجنائية المعاصرة‏,‏ وقبله دراسات في السلوك الإجرامي ومعاملة المذنبين‏,‏ ودراسات حول علم الاجتماع القانوني‏,‏ وعلم اجتماع الأدب‏,‏ الأعمال سالفة الذكر تمثل جميعها انتاجا متكاملا‏,‏ وتعد وبحق دراسات رائدة‏,‏ ومهمة في مجالاتها في ضوء ندرة الدراسات التأصيلية آنذاك ولايزال بعضها من منظور تاريخي واجتماعي ونقدي في مجال القانون والجريمة والعقاب وسوسيولوجيا الأدب‏.‏
‏10‏ نستطيع أن نلمح جذور المقاربة الثقافية في المرحلة القانونية‏,‏ وتطبيق النظريات الغربية المستعارة علي الواقع المصري والعربي‏,‏ لاسيما في درس حركة الدفاع الاجتماعي في المجتمع العربي المعاصر بالإضافة إلي دراسة ثقافة الرشوة ومجتمع المرتشين في الأطر الوظيفية لجهاز الدولة والقطاع العام في مصر من خلال التحليل النقدي لرواية العيب ليوسف إدريس‏,‏ في كتابه دراسات في السلوك الإجرامي ومعاملة المذنبين‏,‏ ثم أعاد نشرها في كتابه سوسيولوجيا الأدب‏.‏
‏11‏ أن المرحلة القانونية في الانتاج المعرفي والبحثي للسيد يسين مفصلية بامتياز‏,‏ وتشكل البنية الأساسية للمعرفة والمران والممارسة والاتقان الاحترافي للعمل البحثي واستراتيجياته‏,‏ والانطلاق نحو التجديد المنهجي والأسلوبي‏,‏ واللغوي‏,‏ لمفكر بارز شكلت كتاباته وبحوثه مصدرا رئيسيا من مصادر الفكر المصري المعاصر منذ ستينيات القرن الماضي‏,‏ وحتي اللحظة الراهنة‏,‏ لاتزال نصوص السيد يسين اللامعة تحفل بالخصوبة الفكرية والنظرية ومترعة بالثمار الناضجة والخير الوفير‏,‏ خاصة أنها أسهمت في نقد وتفكيك وتجاوز الخطابات السائدة في عصرها‏.‏
إدخال البعد الاشتراكي في التحليل القانوني علي ندرته آنذاك‏,‏ وذلك رغما عن هيمنة ايديولوجيا الاشتراكية العربية والماركسية علي غالب الخطابات السياسية والقانونية والفلسفية والتربوية‏,‏ دون ممارسة سوسيولخطاب السياسي النقدي حول السياسة لدي السيد يسين تجاوز النقولات المترجمة والمبتسرة في بعض المعالجات التي شاعت آنذاك‏,‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.