تتشخص ملامح الاعاقة الخلفية عندما ينسي الانسان دوره الحقيقي كإنسان فلا يكف عن اشاعة الفوضي والاضطراب فيما حوله, ويعمل علي نشر الانقسام وسوء التفاهم في الوسط الذي يعيش فيه حيث يتعمد التدخل المتعسف في شئون غيره والصيد في الماء العكر, فلا يستقر علي حال!! وعندما تتكون ملامح الاعاقة الأخلاقية فنحن نحتاج إلي أن نتعامل مع أصحابها في ضوء ما ليس بانسان حتي نتجاوز هذه الاعاقة, ونمحو بقدر المستطاع ما قد يترتب عليها من شر واستحالة ولا معقولية!! والاعاقة الأخلاقية تظهر من خلال مجموعة من الملامح علينا ان نتنبه لها ونحاول أن نتجاوزها منعا لشرورها وخطرها علي مستوي الفرد والجماعة وتظهر هذه الملامح فيما يلي: * عندما تكون لغة الحوار سببا في ظهور الاعاقة الأخلاقية: الانسان بوصفه الموجود البشري اعطيت له حرية الاختيار والقدرة العليا علي التنظيم والتنفيذ, ومن هنا أعطيت له( اللغة) والتي تعتبر من اشد المقتنيات خطرا, فهو يستطيع من خلالها أن يحقق الوصال وأن يبني أو يهدم, وان يظهر وأن يختفي ومن خلال نسيج اللغة تتكون علاقاته فينسج ايضا علي منوال المودة حبا عظيما, أو قد يحول النظر إلي المنوال الآخر فنراه يغزل بدافع الكره كل ما يؤدي إلي الفرقة وينشر الأحقاد المحطمة للنسيج البشري. واذا كانت اللغة في مسارها القيمي الخلقي تجعل الانسان منكشفا فهو يعبر من خلال الفاظه عن مكامن نفسه ودواخلها ففي كلمات اللغة ومن خلالها يمكن التعبير عن الغامض أو الشائع ومن هنا الحوار مع الأخرين والذي يوظف الكلام كوسيط فيجمعنا علي الخير اذا كان لائقا ومتمشيا مع القيم والأصول الأخلاقية واذا حدث عكس ذلك فان لغة الحوار تتحول إلي مبارزة لفظية الغلبة فيها لمن يخرج علي قواعد الأدب وما تتطلبه الأخلاق الحميدة من ذوق وحرص وانتقاء للألفاظ, فيهدم بهذاالخروج الجامح في زحمة الفاظه الغائرة الفظة كل ما يمكن ان يخدم المعني والفكرة ويعبر عن الخلق القويم. واللغة في مسارها الجواري تحتاج إلي أن يكون لدينا الصبر والقدرة علي تحمل الاستماع بموضوعية وأن نجرد أنفسنا ونحن نستمع إلي الآخر من الاحساس الذاتي الذي يجعلنا نوظف كل الألفاظ لمصلحتنا والقدرة علي الاستماع بوصفها دعما للحوار تحتاج الي أن نتبادل الحديث بمحبة ومودة وعقلانية,فاذا كنت أطالب الآخر بأن يسمعني بموضوعية فان من الواجب علي أيضا أن أعطيه نفس الفرصة بحيث نتحاور معا, ونتفاهم معا, ونتحد علي كلمة سواء ملؤها عبارات تعبر عن الحق من خلال حوار تستند وحداته علي الوصال السليم وترتكز أبعاده علي التفاهم المثمر الواعي بين الانسان وزميله في شبكة العلاقات الانسانية واذا كانت اللغة لها هذه القيمة الاجتماعية فان هذه القيمة لايكتسبها الفرد إلا إذا كان واعيا ومقدرا للقيم الأخلاقية التي تشكل وجدان الجماعة وتعمل علي تماسكها واعتمادا علي كل ذلك فان علي الانسان أن يتكلم ويتحاور وأن يعبر عن رأيه وأن يحترم وهو يتحاور آراء الآخرين فلايخدش أحدا, ولايجرح بحوافر الألفاظ الغليظة والبذيئة احساسات الآخرين. * عندما يكون الكلام أكثر من الأفعال: وتظهر الاعاقة الاخلاقية عندما يكون الكلام اكثر من الأفعال فكثيرا مانجد هناك من الأفراد المغرمين بكثرة الكلام والوعود والثرثرة والافاضة في الحديث,بحيث يضيعون معظم أوقاتهم في لغو الكلام وباطله, إلي جانب ماقد نراه عند البعض من هتك أعراض الآخرين من خلال( النميمة) تلك الآفة التي بدأت تنتشر بحيث أصبح من المستباح عند بعض أصحاب القلوب الجامدة أن يأكلوا لحوم اخوانهم ميتة وينهشوا من خلال( النميمة) كل معاني الخير التي فطر الله عباده الصالحين عليها. *عندما نعرف الحقيقة ونسكت عن ذكرها خوفا وخنوعا: ظهرت هذه الآفة العجيبة والغريبة علي طبيعة الانسان المؤمن الخير..فجعلت بعض ذوي النفوس الضعيفة يغيرون من طريقتهم وأسلوبهم في الحديث,وأضافوا إلي طريقتهم في الكلام مجموعة من ا لتعبيرات التي تساير الوضع وتتماشي مع مقتضيات الأمور وأصبح السلوك اللفظي لايعترف بالحقيقة عندهم, ولكنه ينظر الي المصلحة الذاتية أو مصلحة الآخر الذي سوف تتم معه الصفقة وتتحقق من خلاله المصلحة المرجوة فيضطر هذا وذاك إلي أن يقول رأيا مزيفا ومنزلفا ومهادنا, أو إذا أراد علي( حد فهمه) أن يتجنب المشكلات فاننا نراه صامتا ممتنعا عن القول الحق. والواقع أن السكوت بهذه الطريقة يعد صورة مشوهة للانسان وهي صورة تعبر عن الخيانة والمراوغة والتهرب بحجة أنه لاجدوي من الحديث وابداء الرأي وواضح أن هذا السلوك يعبر عن مسلك غير أخلاقي لأن شهادة الحق الناطقة بفعل ارادة فعالة وثابة هي بمثابة الضريبة الخلقية التي يدفعها كل صاحب ضمير حي وفكر متوقد وارادة صالحة. * عندما يتعلم الإنسان الصبر علي عدم القدرة: وتتجلي ملامح الاعاقة الاخلاقية عندما يتعلم الانسان كيف يصبر علي عدم قدرته فلا يحاول ولا يجتهد, والواقع ان الانسان الفرد لا يجوز له أن يتعلم الصبر علي عدم القدرة, لأن الصبر الجميل المطلوب هو ذلك الذي يجعلنا نقدر المواقف ونتفاعل معها اما أن يكون الصبر لعجز أو عدم قدرة فهو ضرب من ضروب الصبر المرفوضة التي تجعل الانسان خائفا أو منسحبا غير متفاعل والانسان صاحب الارادة الفعالة هو صاحب السعي الموجه إلي هدف, وهو الذي تتحقق منه تلك الرابطة الحقيقية بين ذاته من جهة( والقيمة) التي يعمل من أجلها من جهة أخري. والصبر علي عدم القدرة فيه سبق اصرار وترصد علي عدم الفعالية, وفيه سلوك يجافي طبيعة الانسان الراقية لأن الشخصية لا تكاد تكف طوال حياتها في صورتها السوية عن السعي نحو اكتشاف ذاتها, لأن الانسان الراقي بما هو انسان يحب ويتعلم.. ويتفوق... ويكدح ويتعاون ويتعاطف ويتفاعل....الخ وهكذا علينا أن ننتبه إلي أن الذي يتعلم الصبر علي عدم القدرة هو ذلك الذي قد حكم علي نفسه بالموت قبل الأوان وهو الذي يعد لجنازته( جوقة) من صيحات المثبطين ودعاة اليأس والوهن والاستسلام وهي التي تعلن في جنازته عن خيبة الأمل.... وقلة الحيلة!! * الأدمان والإعاقة الاخلاقية عندما تتحدث عن الإدمان فنحن نتحدث عن إعاقة اخلاقية يعاني منها بعض الأفراد وهو مفتاح لكل الشرور, يحرق أعصاب صاحبه وينتزعه من حضن أسرته ومجتمعه ويدفع صاحبه إلي الاستدانة والاختلاس والتزوير والعدوان علي الآخرين.