ماأكثر الكلام هذه الأيام فالكل يتكلم ويتحدث في جميع الأشياء والكل يتوسم في نفسه أنه هو الذي يملك الحقيقة وهو العالم ببواطن الأمور فمن حق كل إنسان أن يتكلم وأن يعبر عن رأيه فذلك حق مكفول له. ولكن ليس حقا مطلقا ولكن له محاذيره وتحفظاته لأن الكلمات عندما تنطلق من الشفاة تصبح كالسهام التي لايمكن أن ترجعها مرة أخري الي القوس لذلك فالعاقل هو من يتحفظ للسانه ومن يدرك تلك الحقيقة وهي أن كثرة الكلام لاتخلو من معصية وأن العاقل هو من يضبط شفتيه كما قال سيدنا سليمان حكيم الأجيال وقد قال أحدهم ذات مرة عن اللسان بأنه ذلك العضو الصغير في الجسم ولكنه قد أضرم من جهنم ويضرم دائرة الكون ليس في ذلك أية دعوة للسكوت ولكن دعوة للعقلانية والرشادة دعوة للحكمة التي تبني في وقت نحن أحوج مانكون فيه للبناء والتنمية.. لقد صنع شبابنا ثورة عظيمة قد اعترف بها العالم أجمع وما أكثر ماكتب من كلمات وتعليقات حول ثورة المصريين التي استطاعت أن تسقط النظام السابق وتطيح برموزه وأن تسقط كل أعمدته التي ماكان يظن أحد أنها يمكن أن تسقط وثار الشعب وطفق وخرج عن صمته وصار كالطوفان الجارف الذي جرف النظام السابق بكل ماله من سلبيات وقد يكون هناك قدر من التجاوز سببه تلك الحالة من الكبت والحرمان الذي عاني منه الشعب في ظل سنوات حكم عجاف كان النظام يعمل فيها لخدمة طبقة رجال الأعمال وقد أطبق علي أنفاس الشعب بعد ذلك الزواج مابين السلطة والمال وقد تغير كل هذا وأصبحت هناك حاجة لإعادة رسم صورة للمستقبل ولكن كانت هناك بعض المعوقات التي قد تحول دون الوصول الي هذه الصورة ومازال هناك قدر كبير من الغبار حول هذه الرؤية ولكن من المؤكد أنه إن طالت المدة أم قصرت فلابد من الوصول إليها وقد يكون عدم الترتيب المسبق للثوة مابين القوي السياسية وعدم وصولها الي حد أدني من الاتفاق حول الأهداف المشتركة أو هدف قومي واحد أحد الاسباب وكذلك تلك الحالة من المراهقة السياسية لدي العديد من القوي السياسية والتي جعلتها تركز إنتباهها حول قواعد اللعبة السياسية وممارستها عن الأهداف العامة التي تبتغي من وراء هذه اللعبة السياسية وقد كانت المحصلة هي تلك التفريعات والاغراق في القضايا الفرعية والاجرائية علي حساب المضمون السياسي وقد غرقنا في بحر القضايا الدستورية للعديد من القرارات ومدي دستوريتها من عدمه وأقحم القضاء داخل اللعبة السياسية وكانت هناك حالة من التنازع حول السلطات وحول الحكم مابين القوي السياسية وماتبقي من المؤسسات السياسية ولكنها قد زالت الآن أو علي الأقل بدأت الأمور تتحدد ملامحها وبدأت معالم الصورة تتضح حتي وإن لم يرق الأمر لبعض أو للكثيرين ولكن الشيء المؤكد أن ماحدث أو ماصار عليه الوضع بغض النظر عن القوي السياسية التي وصلت الي سدة الحكم وقد كان ذلك متوقعا بحكم الظروف والمعطيات التي حدثت بعد الثورة إلا أنه قد أصبحت هناك حكومة وبرلمان قد تم انتخابه أيا كان أداؤه فهو مازال يشب علي الطوق وأصبح هناك رئيس منتخب بغض النظر عن انتمائه فهو رئيس لمصر ومن أبنائها وبقي علينا كشعب بكل طوائفه أن نقف معا في الثغر ونبني جدارا لنحمي مصر وأن نعطي فرصة للحكومة الجديدة وألا نستهين بحداثة سن من في الحكومة فهم شباب واعدون وهم أولا وأخيرا مصريون وطنيون.