شعرت بالراحة للتصريح الصادر عن الخارجية المصرية باستبعاد إغلاق السفارة المصرية في بغداد علي أثر التفجير الذي تعرضت له القنصلية المصرية هناك. أتمني من وزارة الخارجية التمسك بهذا الموقف وعدم التراجع عنه لأن في هذا مصلحة مصرية مؤكدة. في تجنب إغلاق سفارة مصر في العراق تعلم من دروس الماضي. في صيف عام2005 تم اغتيال إيهاب الشريف سفير مصر في العراق فتم إغلاق سفارة مصر في بغداد. استغرق الأمر أربع سنوات كاملة حتي استطاعت مصر إعادة فتح سفارتها في بغداد وتعيين سفير لها هناك. في السنوات الأربع التي غابتها مصر عن العراق جرت مياه كثيرة تحت جسور دجلة, وكسبت إيران مواقع تركتها مصر والعرب شاغرة. استفقنا جميعا علي هول الكارثة عندما اكتشفنا أن غياب العرب عن العراق جعله لقمة سائغة في الفم الإيراني ذي الأنياب, ولا أظن أن مصر في وارد تكرار هذا الخطأ مرة أخري, وإلا كنا كمن يلدغ من نفس الجحر عدة مرات. اغتيال سفير مصر في العراق قبل خمس سنوات كان علي الأرجح فعلا إيرانيا مدبرا لعزل العراق عن محيطه العربي وتمكين إيران من الانفراد به. ساهمنا في تحقيق الهدف الإيراني عندما تراجعنا عن تثبيت وجودنا هناك ولو علي المستوي الرمزي. لا يوجد ما يشير إلي طبيعة الجهة التي تقف وراء تفجيرات السفارات في بغداد أخيرا. الهجمات استهدفت مجموعة متنوعة من المقار الدبلوماسية التابعة لدول متنافرة وليس بينها رابط, من مصر لاسبانيا ومن إيران لسوريا. هجمات الأمس القريب علي ما يبدو- ليست موجهة للسفارات ذاتها ولا للدول التي تمثلها هذه السفارات, ولكنها جزء من عملية تصفية الحسابات وحسم نتيجة انتخابات لم تكن حاسمة بما فيه الكفاية. المتضرر الأكبر من الهجمات هو السيد نوري المالكي الذي تطعن الهجمات في الإنجاز الأمني الذي يفخر به. كل خصوم المالكي الداخليين والخارجيين يلوحون بهشاشة الإنجاز الأمني لحكومته لتدمير فرصه في العودة لرئاسة الحكومة العراقية مرة أخري. مصر ليست هي المستهدفة من وراء الهجمات علي السفارات, وعليها ألا تخشي مزيدا من الهجمات, وحتي لو كان الوجود المصري في العراق مستهدفا فعلي مؤسساتنا أن تتحمل المخاطرة لأن هذا هو قدر الكبار دائما.