هل يمكننا الحديث عن مصالحة وطنية شاملة وسط هذه الأجواء المشحونة والمتوترة نتيجة أسباب ونتائج ممارسات المرحلة الماضية؟ بداية لابد من الإقرار بحقيقة ثابتة لا بديل عنها وهي أنه ليس أمام المصريين جميعا علي اتجاهاتهم وانتماءاتهم وألوانهم السياسية إلا طريق المصالحة لأن مصر وطن لا مجال فيه ولا مكان للعنف والفوضي وهذا ما أكدته تطورات الساعات الأخيرة سواء ما جاء في بيان المجلس الأعلي للقوات المسلحة من تشديد علي ضرورة الحفاظ علي الممتلكات العامة والخاصة وسلامة المنشآت باعتبار ذلك مسئولية وطنية يتحملها الجميع وإن كانت المسئولية الأولي فيها تقع علي عاتق أجهزة الأمن ورجال القوات المسلحة, وكذلك ما جاء علي لسان نخبة من التيارات السياسية التي أصدرت بيانا عرضت فيه وجهة نظرها بخصوص التطورات الأخيرة ورفض الإعلان الدستوري المكمل وحل مجلس الشعب والمطالبة بالإسراع بإعلان نتائج الانتخابات الرئاسية, كل هذا مع التأكيد الكامل علي سلمية الخطوات المتبعة سواء من ناحية التحرك السياسي لهذه القوي من ناحية أو حركة الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير وبقية الميادين في المدن المصرية من ناحية أخري. ذلك كله يقودنا إلي طريق المصالحة المنشودة التي توفر الكثير من الطاقات والجهود من أجل البدء في الانتقال لمرحلة البناء والاستقرار بعيدا عن ذلك الصخب القائم والغبار العالق الذي يخفي الكثير من الحقائق. إنها لحظات تاريخية فارقة في تاريخ الوطن وتحتاج كما نكرر دائما إلي الارتفاع فوق المصالح الضيفة مهما تكن, لأن التاريخ شاهد علينا ولن تسامحنا الأجيال القادمة إذا استمرت حالة السيولة القائمة والتأخير في عملية البناء الشامل خاصة في الناحية الاقتصادية التي باتت في أشد الحاجة إلي خطوات إنقاذ عاجلة وسريعة. والثقة كلها في أن المسئولية الوطنية سوف تتغلب في النهاية مهما تكن مرارة تجارب الفترة الماضية ولأن مصر تستحق منا أن نكون يدا واحدة لمنع المخاطر عنها وتتبوأ مكانتها اللائقة بين الأمم المتقدمة.