تمت الموافقة علي قانون الشراكة الجديد بين القطاعين العام والخاص, وذلك بعد إقراره في مجلس الشوري.. فما هي الأسباب التي دفعت الدولة لإصدار هذا القانون؟ وكيف يسهم في دفع معدلات التنمية الخاصة بالمجتمع؟ وهل ستزيد أسعار الخدمات المقدمة للمواطنين؟ تجيب الدكتورة نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد السابقة عن هذه التساؤلات قائلة: إن مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص ضروري جدا وله أهمية ملحة, خاصة أن الدولة تحتاج مشروعات للبنية الأساسية في جميع أنحاء الجمهورية, وموارد الدولة لا تكفي لإقامة هذه المشروعات الضخمة حتي وإن قامت الدولة بإقامة مشروعات البنية الأساسية علي مدار سنوات طويلة, ولذلك كان لابد من مشاركة القطاع الخاص في إطار قانوني متوازن يحدد مسئوليات وواجبات كل طرف, مع ضمان تنفيذ هذه المشروعات علي مستوي عال من الجودة, مشيرة إلي أن هذه المشاركة يمكن أن تكون أيضا مع المواطنين والأفراد العاديين في مناطق المشروعات. وأضافت أن الإطار القانوني الموضوع ورقابة الحكومة علي المشروعات تكفل عدم المبالغة في أسعار الخدمات المقدمة من قبل القطاع الخاص, موضحا أن ارتفاع أسعار الخدمات شيء وارد, سواء كان ذلك في ظل الحكومة أو القطاع الخاص, ولكن بشرط أن يكون هذا الارتفاع مبررا ولا يحمل عبئا علي المواطنين, مشيرة إلي أن هناك قوانين تمنع الممارسات الاحتكارية, فلابد أن أسعار الخدمات موضوعة علي أسس علمية, ويمكن أن تتدخل الحكومة بقدر من التمويل أو الدعم لأسعار الخدمات إذا ارتفعت أسعارها لأن مشاركة القطاع الخاص هي الملاذ الوحيد للانتهاء من المشروعات الخاصة بالبنية الأساسية وتوفير خدمات علي مستوي عال من الجودة للمواطنين. ويوضح الدكتور مختار الشريف, خبيراقتصادي, أن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص قد تأخر كثيرا, فكان من المفروض تفعيله من فترة طويلة, لأن هناك احتياجات كثيرة خاصة بمشروعات البنية الأساسية ولا تستطيع الدولة توفيرها فهناك نحو100 مليار عجزا بموازنة الدولة, مما يعني أن الدولة ستأخذ سنوات طويلة لإقامة هذه المشروعات لأنها لا يمكن أن تقيمها بمفردها علي المدي القريب, ولذلك قررت الدولة الاستعانة بالقطاع الخاص لتوفير هذه المشروعات, مشيرا إلي أن الدول العربية التي سبقتنا في هذا التوجه كتونس والمغرب حققت نجاحات ملحوظة. وأشار إلي أن توفير مشروعات البنية الأساسية يؤثر علي معدلات التنمية بالمجتمع, لأنه لا يمكن إقامة مشروعات صناعية وإنتاجية في مناطق لا توجد بها بنية أساسية جيدة, وبالتالي يؤثر ذلك علي القيمة المضافة للاقتصاد, موضحا أن هناك عدة شروط وضوابط خاصة بأسعار المدخلات الخاصة بالخدمات وتوقعات أسعار الخدمات النهائية فإذا ارتفعت أسعار الخدمات ستقوم الدولة بدعم القطاع الخاص, لأن هدفه الأساسي هو الربح وعدم تحقيق الخسائر, بينما يكمن هدف الدولة في استمرار تقديم الخدمة بجودة مرتفعة وضمان استمراريتها. ويضيف الدكتور صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص هو توجه جديد للدولة نحو السوق الحرة الرأسمالية, والتي يتم فيها تدعيم دور القطاع الخاص وجعله شريكا في إحداث عملية التنمية والاستثمار, مشيرا إلي أن القطاع الخاص سيقوم بتقديم خدمات علي مستوي عال من الجودة, فالهدف الرئيسي للقطاع الخاص هو تحقيق الأرباح والذي يضمنه من خلال تقديم الخدمات بشكل جيد والاستمرارية في صيانة هذه الخدمات بصورة دورية. وتوقع ارتفاع أسعار الخدمات في ظل نظام الشراكة الجديد, لأن القطاع الخاص عند إقامة مشروعات تكون هناك مصاريف إدارية وعمومية يتحملها, ومنها أجور العاملين والكهرباء والتأمينات وغيرها من المصاريف التي تنفق علي العملية الإنتاجية, ولا يمكن أن يتحمل القطاع الخاص هذه المصروفات, لأن هدفه الرئيسي هو الربح, لذلك يثقلها علي أسعار الخدمات النهائية المقدمة, مشيرا إلي أن هذه الخدمات إذا كانت جيدة ويرضي عنها المواطنون, فلن تكون هناك مشكلة في أسعارها, لأن المواطن سيشعر بمستوي هذه الخدمة, ومن ثم لا تكون هناك مشكلة, بينما تكمن الإشكالية إذا كانت تكاليف الخدمة مرتفعة مع تدني مستوي هذه الخدمة المقدمة, موضحا أن القطاع الخاص سيعمل علي توفير خدمات عالية الجودة لضمان تحقيق هامش ربح من خلال إقبال المواطنين علي شرائها.