لقد تابعت إسرائيل بترقب وخوف وحذر الانتخابات الرئاسية المصرية وما ستسفر عنه الجولة الأولي, وحاولت رصد التوقعات بشأن المستقبل الذي سيلقي بظلاله ليس علي مصر فحسب وإنما علي منطقة الشرق الأوسط بأكملها. ولعل هذا التخوف الإسرائيلي الحقيقي من نتائج الجولة الأولي, لا يمكن فصله عن الموقف الإسرائيلي من ثورة25 يناير2011 والذي جسد مخاوفها من طبيعة النظام الذي سيتولي مقاليد الحكم في مصر, والخشية من إن يكون إعادة إنتاج لنمط الثورة الإسلامية في إيران, ومن ثم ما يترتب علي هذا من تهديد لإتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية والعلاقات بينهما علي كافة الأصعدة وما يعزز التخوف الإسرائيلي ويعضده تأجج ثورات الربيع العربي, وعدم احترام إسرائيل للمقررات والمرجعيات الدولية, علاوة علي توتر العلاقات بينها وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية. ولاشك أنه مع جولة الإعادة والتي أصبح التيار الإسلامي أحد طرفيها قد زاد من التخوف والهلع الإسرائيلي من سيطرة الإخوان علي الحكم في مصر وبالتالي زيادة المخاطر علي معاهدة السلام والتي تمثل الركن الرئيسي في الإستقرار الإقليمي وحجر زاوية للدبلوماسية في الشرق الأوسط, مع تأمين تفوق إسرائيل, علاوة علي أن الصعود الإسلامي سيمثل تهديدا للعلاقات الأمنية والاقتصادية بين مصر وإسرائيل وسيلقي بظلاله علي عملية التسوية السلمية للصراع العربي الفلسطيني- الإسرائيلي, ولعل هذا ما عبر عنه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق,( بنيامين بن إليعازر), في أن هناك تخوفا إسرائيليا من أن يتحول الفجر المصري الجديد إلي ظلام حالك في إسرائيل. ووفقا لما أشارت إليه صحيفة( جيروز إليان بوست) فإن الساسة الإسرائيليين يتعاملون بحذر شديد مع هذا الموضوع ويتجنبون مهاجمة أي من الأطراف المتنافسة خوفا علي إتفاقية السلام التي تقف علي المحك, ومع ذلك يبدون خشية كبري من صعود الإخوان المسلمين لسدة الحكم, وهي القريبة من حماس و إنقلاب المعادلات الإقليمية الدولية, والقضاء علي فرص السلام وضياع حكم التطبيع وقطع العلاقات وقال مسئول إسرائيلي رفيع المستوي في الصدد ذاته: نأمل من أية حكومة مصرية قادمة وحتي الحكومة التي تضم الحركة الإسلامية, المحافظة علي معاهدة السلام مع إسرائيل مضيفا أنه من الضروري إيجاد وسيلة للحفاظ علي السلام و إبقاء العلاقة مستقرة مع مصر ولقد تطرق وزير الدفاع الإسرائيلي(إيهود باراك) إلي الإنتخابات المصرية خلال لقاء مع الإذاعة العامة الإسرائيلية قائلا(بأن جميع الإتفاقات الدولية مع مصر بما فيها إتفاق السلام مع إسرائيل ستبقي كما هي... وربما تحمل الأيام القادمة أمورا إيجابية وتطورات جيدة, ولكن الأمر الفعلي والحقيقي هو متابعة ومراقبة ما يحدث في سيناء). ونقلت صحيفة( جيروز إليان بوست) الإسرائيلية تخوف المراقبين الإسرائيليين من النتائج الرئاسية التي ستحدد من سيتولي قيادة الدولة العربية و من بينهم المحلل( يورام ميتال) رئيس مركز حاييم هرتسوج لدراسات الشرق الأوسط في جامعة بن جوريون- والذي يري أن التفكير السائد في إسرائيل الآن يتلخص في عبارة واحدة هي( أي رئيس لمصر غير الإسلاميين) وفي السياق ذاته هاجم زفي مازل, سفير إسرائيل الأسبق لدي مصر, جماعة الإخوان المسلمين, ووصفها بأنها ضد السامية, وأنها ستنتهك معاهدة السلام مع إسرائيل مع سعيها في نهاية المطاف إلي تطبيق الشريعة الإسلامية ومحاولة إيذاء تل أبيب وتقديم الإمدادات لحماس وغض الطرف عن تهريب الأسلحة إلي غزة. وعلي ضوء ما سبق نري أن كلا من إسرائيل ومعها الولاياتالمتحدةالأمريكية تبديان تخوفهما مما ستؤدي إليه الانتخابات الرئاسية في مصر خاصة مع احتمال فوز المرشح الإسلامي وعداء الإخوان الواضح تجاه إسرائيل وعلاقتهم بحركة حماس, وتحفظاتهم علي اتفاقية السلام مع نيتهم عقد علاقات أقوي مع اللاعبين الإقليميين اللذين ظلا لوقت طويل مستبعدين, وهما إيران وحركة حماس في قطاع غزة, ورغم هذا فإن إسرائيل- بحسب ساستها- ملتزمة بتقييم الموقف وفقا للسياسات والممارسات الفعلية لجماعة الإخوان تجاه إسرائيل لا سيما فيما يتعلق بعلاقتها مع حركة حماس وإيران وموقفها الفعلي من اتفاقيات السلام. في الوقت الذي تري فيه بعض الأوساط السياسية والدبلوماسية والإعلامية في إسرائيل أن فوز شفيق هو السيناريو الافضل لاحترامه معاهدة السلام وتحقيق التوازن بين السلطات وهناك من يرون بان فوز أحمد شفيق بالرئاسة يعني لمصر مزيدا من عدم الاستقرار, وعلي الرغم من التخوف الإسرائيلي من وصول المرشح الإسلامي للرئاسة, فإن وصول مرسي للرئاسة من الممكن أن يساعد مصر علي تحقيق الاستقرار السياسي المنشود علي عكس أحمد شفيق و الذي سيكون انتخابه مقدمة لدخول البلاد في حالة عدم الإستقرار السياسي ناتج عن التوتر في العلاقة بين مؤسسات الحكم حيث سيجد شفيق نفسه غير قادر علي إدارة شئون البلاد في ظل وجود برلمان متعنت ومسيطر علي الميزانية وسن القوانين, مما يعوق تنفيذه لبرنامجه السياسي ويشل تروس سياسته الخارجية, ومن هنا تبرز أهمية صياغة الدستور الجديد كأهم خطوة في ظل حالة التوجس من شخصية الرئيس القادم, وعدم وضوح العلاقة بين مؤسسات الدولة