بدأت نيابة غرب القاهرة برئاسة محمود حمدي وإشراف المستشار أحمد البحراوي المحامي العام, التحقيق في الأحداث الدامية التي تشهدها منطقة العباسية من اشتباكات بين أنصار أبو إسماعيل ومعتصمي الميدان, وبعض أهالي المنطقة كشفت التحقيقات الأولية أن سبب مقتل أربعة من الضحايا, إصابة متكررة برصاصة في الرأس يرجح أن وراءها قناصة كانوا يستخدمون أسلحة موجهة بالليزر, بينما لقي خامس مصرعه برصاصة في الصدر, واتضح أن أغلب الإصابات نتيجة للرصاص الحي والطلقات الخرطوش. وقد قام العشرات من أهالي العباسية بقطع شارع رمسيس, ومنعوا مرور السيارات باتجاه الميدان, احتجاجا علي أن معظم الضحايا من أبنائهم, يأتي هذا في وقت احتشدت فيه جموع كبيرة من عائلات الضحايا أمام مستشفي دار الشفاء, معربين عن مخاوفهم من وقوع حرب شوارع محتملة بينهم وبين معتصمي وزارة الدفاع لمسئوليتهم علي حد قولهم عن مقتل فلذات أكبادهم. تبين من التحقيقات مقتل6 أشخاص( ثلاثة منهم من العباسية) وآخر من محافظة الأقصر, وإصابة عشرات آخرين وتبين أن القتلي هم: أبو الحسن إبراهيم محمد ومصطفي إسماعيل محمد وعمرو إبراهيم ورأفت محمد وأحمد إبراهيم بدر وطارق محمود وأحمد رفاعي. واستمعت النيابة إلي أقوال المصابين بمستشفيات دار الشفاء والدمرداش والتأمين الصحي الذين قالوا إن الاشتباكات بدأت بميدان العباسية عقب مشادات واحتكاكات متبادلة بين عدد من الشبان تبادلوا خلالها إلقاء الطوب والأحجار وزجاجات المولوتوف وإطلاق الخرطوش. وفي لقاءات ل الأهرام المسائي بمكان المذبحة, قالت سيدة متشحة بالسواد من وراء دموعها: ربنا يحرق قلب اللي حرق قلبي عليك يا ابني, رددتها هذه الأم الثكلي وهي تكاد تفقد النطق من البكاء والنحيب علي فلذة كبدها الذي رحل عنها قبل حفل زفافه بأيام. ويقول صلاح حاتم موظف وأحد أهالي العباسية المصابين وخال أحد الضحايا وهو رأفت رضا20 سنة والذي كان منتظرا أمام المستشفي مثل العشرات من الأهالي إن ما حدث لم يكن متوقعا وكان هو الكابوس المفزع الذي أقض مضجع أهالي العباسية, حينما فوجئوا بعشرات الشباب من الغرباء عن الحي يقتحمون حواري وأزقة المنطقة حاملين الأسلحة البيضاء وزجاجات المولوتوف المصنعة يدويا والأسلحة النارية والتي تنوعت ما بين الخرطوش والحي. ويقول الدكتور محمد راشد إخصائي التحاليل الطبية إن الجناة, بدأوا في ترديد شعارات معادية لأهالي المنطقة, وراحوا يتعدون بشكل عشوائي علي كل من يقابلهم من أبناء المنطقة. وحول كيفية إصابته قال إنه في نحو الساعة الواحدة بعد منتصف ليلة أمس الأول كان موجودا في شقته, وفور سماعه استغاثات جيرانه في الطوابق السفلي خاصة الأرضي والذي كان أحد أصحاب المقاهي يطلق توسلات متكررة للمعتدين بعدم ضربه لأنه ليس من أبناء المنطقة ولكن لم يلقوا لتوسلاته بالا, وقاموا بتكسير المقهي الخاص به, واعتدوا بالضرب عليه هو والعاملين لديه في المقهي وهشموا جميع محتوياته, وحينما حاول بعض الأهالي نصرته, أمطروهم بوابل من الزجاجات الفارغة وطلقات الخرطوش. أصبت برش في بطني ورقبتي وذراعي هكذا كانت إصابة صلاح الذي قال إن المعتدين القادمين من ناحية ميدان العباسية وجامعة عين شمس, لم يفرقوا بين كبير وصغير في الاعتداء عليه وكان الفيصل في الأمر هو هل أنت من أهالي العباسية أم لا؟! وحول استشهاد رأفت ابن شقيقته أكد أنه كان بصحبة أصدقائه الذين كانوا يستطلعون الحالة الأمنية كأفراد لجان شعبية تحمي ممتلكات وأرواح أهالي المنطقة, خاصة بعد حالة الانفلات وعدم وجود أي من أفراد الأمن بالمنطقة. وفي أثناء سيره مع بعض أصدقائه, مر بهم عدد من المعتصمين وكانوا يمشون في مسيرة غاضبة تهدد بالانتقام من أهالي العباسية وضرورة معاقبتهم علي ما اعتبروه تجاوزا ضد المعتصمين وأطلقوا وابلا من الأعيرة النارية والخرطوش تجاه مجموعة شباب العباسية فاستقرت إحدي الرصاصات في رأسه ليسقط بلا حراك ويلفظ أنفاسه بين أيدي أصدقائه, والمؤسف في الأمر أن القتلة لم يحترموا حرمة المتوفي وبدأوا في سحل جسده في طرقات الشوارع, مهددين كل من يقترب منهم بالقتل. لا أعرف كيف نجوت من هذه الكارثة وأحمد الله علي كل ما حدث بهذه الكلمات استهل حديثه معنا علاء الدين عادل طالب وأحد المصابين بجروح وكدمات بالوجه والرأس وكسر بالقدم والذي تم الاعتداء عليه من قبل بعض المصلين في مسجد النور, وقال إنه في أثناء توجهه إلي المسجد لأداء صلاة الفجر, فوجئ بعدد من الشباب يحاصرون المسجد ويتفحصون في كل من يمر أمام المسجد وحينما اقترب من الباب قطعوا طريقه بسواعدهم وسألوه عن هويته, وحينما كشف لهم عن أنه من أبناء المنطقة وما إن أنهي كلماته, حتي انهالوا عليه ضربا وركلا بالأيدي والأرجل, حتي فقد الوعي, ولم يشعر بنفسه إلا بين أيدي بعض الأهالي الذين كان من بينهم من يعرفه ووجد نفسه في مستشفي سيد جلال بعد أن رفضت أغلب المستشفيات القريبة استقباله. وألقي علاء الدين باللائمة علي بعض أنصار المرشح المستبعد من سباق الرئاسة صلاح أبو إسماعيل وبعض شباب الألتراس الأهلاوي الموتورين خاصة أن بعض أنصارهم من المنطقة, كانوا يعملون معهم كدليل في المنطقة, وكان منهم شخص ملتح يدعي خيشه وعلي أحد الأرصفة المواجهة للمستشفي, جلس مصطفي إسماعيل أحد المصابين عاري الجسد من أعلي, عارضا آثار طلقات رش الخرطوش أمام المارة الذين التفوا حوله, في محاولة منهم لمواساته والتخفيف من آلامه. وما إن اقتربنا منه حتي أجهش بالبكاء, وفي صوت مبحوح والكلمات تخرج من بين شفتيه كالبكاء قال: إحنا بنقتل بعض.... ومن يقتلنا ملتحون وسنية وحاولنا تهدئته ثم أكد لنا أنه أصيب بطلقات خرطوش متفرقة بجسده, وأنه حاول إنقاذ عدد من الأهالي في أثناء اعتداء بعض المتظاهرين عليهم, وأضاف أن أهالي العباسية ليسوا بلطجية كما يدعي البعض ولو أنهم بلطجية ومعتادو إجرام, لما سقط منهم أكبر عدد من القتلي والمصابين لأنهم عزل, ولا يملكون أي نوع من الأسلحة للدفاع عن النفس علي عكس المعتصمين الذين تسلحوا بالأسلحة البيضاء والنارية حتي وصل بهم الأمر إلي حمل أسلحة آلية ورشاشات متطورة قتلوا بها أبناء العباسية. اضاف والحزن يطغي علي ملامحه إن أكثر ما أوجعه في قلبه هو عدم تقدير المجرمين لكبر سنة وشيخوخته, ولم يكترثوا لتوسلات رجل في مقام والدهم لا يملك حولا ولا قوة. ولفت الي ان الأحداث اصابت الاهالي بالغضب بعد ان توقفت الحياة تماما في المنطقة, بعد غلق المحال التجارية والمطاعم وتعطل المرور وتحولت المنطقة الي مدينة أشباح خاصة مع حلول الليل من كل يوم.