بعد التخرج في الجامعة يبدأ كل شاب في البحث عن فرصة عمل في المجال الذي يتناسب مع مؤهلاته حتي يمارس العمل لأول مرة, ويتصفح إعلانات الوظائف في الصحف أو يذهب بنفسه. ليبحث عن الوظيفة ليفاجأ بأن معظم أصحاب الأعمال يشترطون ما يسمي ب''سنوات الخبرة''التي تمتد أحيانا لسنوات طويلة, اذا كان الشاب يريد ان يبدأ مستقبله الوظيفي في شيء تعلمه ودرسة لسنوات في الجامعه, فما بالنا بالعمل السياسي! اتاحت الثورة خروج مئات الاشخاص من ربوع مصر وترشيحهم لمناصب شتي, وحصل عدد كبير منهم علي مقاعد في المجالس التشريعيه وأصبحوا رؤساء لجان و''قادة'', هكذا'' في غمضة عين'' دون إعداد أو تأهيل, ضاربين بعرض الحائط حقيقة أن العمل السياسي يحتاج الي خبرات حياتية وعملية, وغير عابئين بأنه يحتاج إلي قدرات ومواهب ومعرفه أكثر من معرفه الدين وممارسات التدين الظاهري. السياسي شخص يفهم الأحداث ومدلولاتها, ولديه معرفة تمكنه من اتخاذ المواقف وترجمتها إلي افعال, والسياسة فن تحقيق الممكن في إطار الإمكانات المتاحة والواقع الموضوعي وترتبط بها مجموعة من القيم مثل الذرائع الغاية تبرر الوسيلة المصلحة والحكم الراشد وغيرها هذه الامور ليس من السهل ان نكتسبها في ليلة وضحاها, فهي تحتاج إلي مراحل من التطور والتجربة والخطأ, فكيف بأعضاء في جماعة كانت محظورة غالبيتهم لم يمارسوا أي عمل قيادي سياسي أن يسيطروا علي جميع المفاصل في المجلسين ويحتكروا لجنة اعداد الدستور مبررين ذلك بأن الشعب انتخبهم, نعم الشعب اختارهم كنواب وليسوا واضعي دستور دولة عريقة مثل مصر, خاصة مع تواضع كفاءة الكثيرين منهم. لقد عاشت اجيال من الشعب المصري تسمع مصطلحا يتردد في وسائل الإعلام اسمه'' قيادي في الاخوان''ووقتها كان الحديث عنهم دون معرفه مسبقه, لا أحد ينكر أن الاخوان المسلمين هم أقدم فصيل مستمر في المشهد السياسي المصري منذ اكثر من ثمانين عاما وتحديدا منذ أن أسس الشيخ حسن البنا جماعة الإخوان المسلمين عام1928 كجمعية دينية تهدف إلي التمسك بالدين وأخلاقياته, بهدفين أساسيين: تحرير الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي, وإقامة الدولة الإسلامية التي تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه! تاريخ الجماعة مليء بالتناقضات, رشح مرشدها حسن البنا نفسه لمجلس النواب عام1942 في وقت عرف عنه رفضه الحزبية وأعلانه عداءه للأحزاب السياسية معتبرها مستوردة ولاتتلاءم مع البيئة المصرية. مر علي الجماعه اربعه عهود هي عهد الملك فاروق وعبد الناصر والسادات ومبارك, عملت خلالها تارة في الظلام وتارة في النور وتحالفت مع الجميع1984 مع السماح لها بالمشاركة في إنتخابات مجلس الشعب, بعد تحالفها مع حزب الوفد وحصدوا مجتمعين57 مقعدا, وفي عام1987 تحالفت مع حزبي العمل والأحرار بشعارها الشهير''الإسلام هو الحل'' وحقق التحالف60 مقعدا فاز الأخوان منها ب37 مقعدا, بينما قاطعت مع المعارضة إنتخابات عام1990, ثم اختفت سياسيا حتي عادت في الانتخابات عام2005 وفازت ب88 مقعدا, حقيقة هذا الفوز ترجع لعدة اسباب او لها كراهية المواطن للحزب الوطني او الرغبة في التغيير او لشعبيه هؤلاء المرشحين, لكننا لم نعرف بين كل هؤلاء من كان اداؤه البرلماني والسياسي قد ترك أثرا أو بصمة, أكثر من وصف بعضهم بأنهم'' ناس محترمين''. خلال تاريخ الجماعة, لم نشهد انها أخرجت قياديين يطلق عليهم'' قادة''بالمعني السياسي. لم نكن نعرف سوي شخص قيادي أوحد, هو مرشدها, ومتحدثين باسمها, وكانوا جميعا قياديين في الجماعه وليسوا سياسين'' أو'' رجال دولة''. الآن وبعد الثورة, أصبحت كل المناصب حكرا علي'' قياديي'' الأخوان, واثبتت الحوادث الاخيرة أن فكر هؤلاء مازال حكرا علي''الأخوان'' ولم نر لمسات القيادة في آدائهم الحالي ولم يتحول أحد منهم حتي الآن إلي'' قيادي لجميع آطياف المصريين''! الوقت يمضي وإما أن يواجهوا الواقع ويعترفوا بضعف خبرتهم سياسين ويسمحوا بوجود جميع اطياف الشعب في الصورة معهم ويتوقف الاحتكار, تلك الآفة, خطا أحمد عز الاكبر الذي قضي علي الحزب الوطني, أو لندعو الشعب لإعادة النظر في جدوي مساندتهم من أساسه, وليتدخل المجلس العسكري ليفصل في الأمر.