عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏...‏ والصعود نحو الهاوية‏19‏

بحلول أوائل الثمانينيات سيطر الإسلاميون علي اتحادات طلاب الكليات الكبري وأندية اعضاء هيئة التدريس بها‏,‏ محققين هزيمة لكل من اليساريين والموالين للحكومة علي حد سواء‏
ومن أجل زيادة نشاط الحركة الإسلامية في الحياة السياسية قررت قيادات الإخوان المسلمين في اواسط الثمانينيات أن يقوموا بحملات انتخابية في أبرز النقابات في مصر ليكسبوا التأييد الذي زرعوه في نفوس طلبة الجامعات‏,‏ ففي عام‏1984‏ دخل التيار الإسلامي الموالي للإخوان المسلمين انتخابات نقابة الأطباء كجبهة منظمة لأول مرة وفي خلال خمس سنوات تمكن التيار الإسلامي او الصوت الإسلامي كما هو معروف في بعض النقابات‏,‏ من تحقيق انتصارات انتخابية متوالية وفرض سيطرته علي المجالس التنفيذية في نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة مع تحقيق وجود قوي في غيرها من النقابات‏.‏
ونتوقف هنا امام تفسير روجت له جماعة الإخوان‏,‏ وبعض الدوائر الإعلامية والسياسية المتفقة مع الجماعة في الرؤي والتوجهات ينطلق من ان انتصار وأحيانا اكتساح الإخوان لانتخابات النقابات المهنية خير دليل علي أن الخيار الإسلامي السياسي خيار مجتمعي تساندة اغلبية الشعب‏..‏ وهذا التفسير قد يبدو لأول وهلة صحيحا‏..‏ لكن تفحص هذه الانتخابات وعدد المشاركين فيها يعطي دلالات تخالف هذا التفسير‏.‏
الأقلية المنظمة
قد نتصور أن غالبية الأعضاء يؤيدون الحركة الإسلامية‏,‏ ولكن هذه ليست الحقيقة بالضرورة‏,‏ فليس من السهل معرفة اتجاهات المهنيين الفكرية من نتائج الانتخابات لسبب بسيط وهو أن غالبية الاعضاء لا يدلون بأصواتهم‏,‏ فعلي سبيل المثال عند انتصار التيار الإسلامي في نقابة المحامين عام‏1992‏ لم يشارك في الانتخابات سوي‏10%‏ فقط من الأعضاء البالغ عددهم‏140000‏ ولم يكن هناك سوي‏44000‏ عضو أو ما يعادل أقل من ثلث الاعضاء قد سددوا اشتراكاتهم السنوية ولهم الحق في التصويت‏,‏ ومن بين هؤلاء لم يشارك في الانتخابات سوي‏14000‏ اي مايعادل أقل من ثلث الذين لهم حق التصويت‏,‏ وتختلف معدلات المشاركة في الانتخابات النقابية من مهنة إلي أخري فهي تتراوح بين‏30%‏ من اجمالي الأعضاء‏(‏ مايعادل‏65%‏ ممن لهم حق التصويت‏)‏ في نقابة الأطباء في آخر انتخابات عقدت بها‏,‏ وتصل إلي‏5%‏ من إجمالي الأعضاء في نقابة التجاريين‏,‏ وإذا كانت نتائج الانتخابات النقابية لها أي معني‏,‏ فإنها تعني الشعور العام بالعزلة والانسلاخ واللامبالاة أكثر من التمسك بفكر سياسي او قضية سياسية معينة‏,‏ وأفضل تصور للتيار الإسلامي هو انه اختيار أغلبية الأقلية للمهنيين الذين يدلون بأصواتهم في انتخابات النقابات‏.‏
وتتساءل اماني قنديل‏:‏ ماذا يميز أقلية المهنيين الذين يصوتون؟ وما الذي جعل غالبيتهم يصوتون لصالح التيار الإسلامي؟ والإجابة عن هذين السؤالين‏,‏ تبدأ منذ التغييرات المهمة التي طرأت علي هيكل اعضاء النقابات في العقد الذي يسبق دخول الإسلاميين في معترك الحركة النقابية‏,(‏ عبدالرحيم علي‏:‏ الإخوان المسلمون‏,‏ أزمة تيار التجديد‏,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏786).‏
التيارالإسلامي في انتخابات النقابات المهنية
دخل التيار الإسلامي في انتخابات النقابات المهنية لأول مرة عام‏1984‏ عندما قيد قائمة من المرشحين لمقاعد المجلس التنفيذي لنقابة الأطباء‏,‏ وفي عام‏1985‏ دخل التيار الإسلامي تحت لافتة الصوت الإسلامي في انتخابات نقابة المهندسين‏,‏ ثم استمر في الترشيح إلي انتخابات نقابات أطباء الأسنان والعلميين والزراعيين والصيادلة وكذلك في انتخابات الصحفيين والتجاريين والمحامين‏.‏
وقد أدت المكاسب الأولية للتيار الإسلامي إلي تكوين جبهات سياسية مضادة تضم المرشحين العلمانيين واليساريين والليبراليين وفي بعض الحالات انضم اليهم مرشحو الحكومة‏,‏ وفي نفس الوقت كانت هناك قوائم انتخابية تقليدية قائمة علي قطاع او مكان العمل‏(‏ مثل قائمة مهندسي الجيش في نقابة المهندسين او قائمة قصر العيني في نقابة الأطباء‏)‏ ويرأس هذه القوائم وزير ذو نفوذ او مرشح حكومي‏,‏ وكانت تعتبر من العوامل المؤثرة علي انتخابات النقابات آنذاك وكذلك الأمر بالنسبة للمرشحين المستقلين‏.‏
وعند رصد البيانات الانتخابية التي تشير إلي نجاح التيار الإسلامي في كثير من نقابات مصر المهنية منذ أواسط الثمانينيات علينا ان نقدم تحذيرا واضحا‏.‏
فالكثير من الدراسات الحالية تستمد معلومات عن نتائج الانتخابات من التقارير الصحافية لكنها في أغلب الأحيان تتضارب‏,‏ فتغطية الانتخابات في النقابات خاصة عندما تسجل تفوقا كبيرا للمعارضة تعتبر ضعيفة جدا في الصحافة الحكومية لذا يضطر المرء ان يعتمد فقط علي صحافة المعارضة التي قد تتأثر بموافقها السياسية‏.‏
والنقابات نفسها أفضل مصدر للمعلومات‏,‏ إلا ان موظفيها عادة ما يكونون غير راغبين او غير قادرين علي تقديم معلومات دقيقة عن نتائج الانتخابات خلال فترة معينة من الزمن وفوق هذا فان سجلاتهم تورد المرشحين الناجحين بأسمائهم فقط ولا توضح انتماءاتهم‏.‏ ومما يزيد من صعوبة تفسير نتائج انتخابات النقابات ان الانتماء السياسي للمرشح لا يكون واضحا‏,‏
فالمرشحون الإسلاميون قد يدخلون كمستقلين والقوائم قد تضم يساريين او اصحاب التيار الإسلامي مع مرشحي الحكومة دون أن يصل للجمهور اي إعلان عن هذا التحالف‏,‏ وكما أوضح المهندس أبوالعلا ماضي‏(‏ في محضر نقاش أجريناه معه‏)‏ فإنه في حالة المعرفة بانتماء مرشح للمعارضة‏,‏ فإن هذا يعرضه للمشاكل ويؤثر علي حياته العملية‏,‏لذا نجد أن انتماءات المرشحين السياسية لا تكون معروفة‏,‏ مثلما يحدث في انتخابات مجلس الشعب‏,‏ ولهذا فمن المهم التعامل مع دلالة نتائج هذه الانتخابات بدرجة عالية من الحذر وعدم الانزلاق للتعميم‏(‏ محضر نقاش سابق مع أبوالعلا ماضي‏)‏
وتوضح ويكهام أن المعلومات المتوافرة حول الانتخابات توضح تماما صعود نجم التيار الإسلامي في بعض النقابات‏.‏
فقد دخل التيار الإسلامي انتخابات الأطباء لأول مرة ككتلة منظمة في عام‏1984,‏ ولكن طبقا لقول عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب‏,‏ وأحد رموز التيار الإسلامي (‏ في محضر النقاش السابق الإشارة اليه‏)‏ فإن الانتخابات كانت تضم مرشحين من المتعاطفين مع المبادئ الإسلامية منذ فترة طويلة‏,‏ وأن أفكار الإخوان المسلمين كان لها أتباع كثيرون بين الأطباء‏.‏
إلا أن مايميز انتخابات‏1984‏ هو أنه لأول مرة تم تكوين قوائم علي أساس فكري وليس علي أساس مكان العمل أو خطوط قطاعية‏(‏ أبو العلا ماضي المرجع السابق‏).‏
وفي انتخابات‏1984‏ فاز التيار الإسلامي بسبعة من مقاعد المجلس التنفيذي لنقابة الأطباء البالغ عددها‏25‏ مقعدا‏,‏ وبحلول عام‏1990‏ فاز بجميع المقاعد‏.‏
وفي عام‏1986‏ فاز التيار الإسلامي بستة آلاف من إجمالي الأصوات البالغة‏11800‏ وفاز أيضا ب‏12000‏ صوت من‏19000‏ في عام‏1988.‏
أما في سنة‏1990‏ فقد زاد عدد الناخبين حتي وصل إلي‏21500‏ حصل التيار الإسلامي من بينها علي‏15000‏ وكما قلنا من قبل تختلف تقديرات أعداد الأعضاء العاملين في النقابات‏,‏ ولكن إذا تقبلنا الافتراض الشائع بأن حوالي‏45000‏ كان لهم الحق في التصويت عام‏1988‏ يبدو أن معدل الإدلاء بالأصوات ارتفع من حوالي‏7%‏ في‏1980‏ إلي أكثر من‏35%‏ في‏1988,‏ وطبقا لما جاء في مجلة الأهرام الاقتصادي وصل معدل التصويت إلي‏45%‏ في‏1990.‏
وكما لاحظت د‏.‏أماني قنديل فإن عدد الأطباء المسجلين قد تضاعف في‏1980‏ من‏40000‏ إلي‏88000‏ بينما ازداد عدد الناخبين ست مرات من‏3000‏ في‏1970‏ إلي‏19000‏ في‏1980.‏
وباختصار فإن التيار الإسلامي نجح في السيطرة علي المجلس التنفيذي لنقابة الأطباء بفوزه في أربع انتخابات متتالية وبنسب متزايدة‏.‏
فبينما لم يستطع الفوز إلا ب‏50%‏ فقط من الأصوات في‏1986,‏ ارتفع نصيب التيار الإسلامي إلي‏63%‏ في‏1988‏ ووصل إلي‏70%‏ في‏1990.‏ وهذه النتائج لافتة للنظر نظرا لشدة المنافسة بين ثلاث جبهات انتخابية وهي القائمة الإسلامية والقائمة اليسارية الليبرالية وقائمة الحكومة التي تشرف عليها وزارة الصحة بنفسها‏,‏ هذا إلي جانب أن ثلث أعضاء النقابة من الأقباط‏.‏ إن وجود جبهات متعددة منظمة متنافسة قد يساعد علي تفسير سبب تمتع نقابة الأطباء بأكبر نسبة حضور للانتخابات بين جميع النقابات‏.‏
ومع ارتفاع نسبة الاشتراك في الانتخابات‏,‏ فإن التيار الإسلامي قد حظي بنصيب الأسد في الأصوات الجديدة‏,‏ مما يدل علي أنه استطاع اجتذاب تأييد الخريجين الجدد الذين التحقوا بالنقابات في الثمانينيات‏,‏ وقد أيد هذا الرأي كل المرشحين والمراقبين علي الساحة السياسية ككل‏.‏
وعلي صعيد آخر حقق التيار الإسلامي أو الصوت الإسلامي نصرا متزايدا في نقابة المهندسين التي تعتبر من حيث الحجم أكبر من نقابة الأطباء بمقدار الضعف‏,‏ وهي مقسمة إلي سبع شعب‏,‏ وكانت انتخاباتها تتميز بالمنافسة بين عدة فئات أو مصالح يتم تنظيمها تبعا للقطاعات أو المهن‏.‏
وقل دخول التيار الإسلامي في نقابة المهندسين تنقلت السلطة فيها بين تحالفات تمثل تجمعات مثل مهندسي الري والمدنيين‏(‏ خاصة في عهد عبد الناصر‏)‏ ومهندسي شركة المقاولين العرب‏(‏ الذين برزوا في فترة الانفتاح‏)‏ ومهندسي الجيش‏(‏ الذين ظلوا جبهة انتخابية قوية طوال الثمانينيات‏).‏
ومن عام‏1979‏ حتي‏1991‏ كان عثمان أحمد عثمان رئيس مجلس إدارة المقاولين العرب ورجل الصناعة الأول في مصر‏,‏ يستغل منصبه علي رأس النقابة ليحولها إلي إمبراطورية صناعية ومالية تمتلك أغلب الأسهم في ست عشرة مؤسسة صناعية وبنكية في مجال التأمين والإسكان والغذاء‏.‏
وقد تكون الصلات الحميمة التي ربطت عثمان أحمد عثمان مع الإخوان المسلمين منذ عهد بعيد هي السبب في تفسير استعداده للسماح للتيار الإسلامي بدخول النقابة في عام‏1985.‏
وتعرقل التعاون الضمني بين عثمان والتيار الإسلامي عندما حاصرت الضغوط عثمان وحلفاءه في المجلس وسط ادعاءات بالمخالفات المالية وإساءة استخدام أموال النقابة‏.‏وفي عام‏1990‏ كان التيار الإسلامي القوي قد نأي بنفسه عن عثمان‏,‏ وفي الجمعية العمومية لشهر مارس قادوا المطالبة بتكوين لجنة تقصي الحقائق للتحقيق في الخسائر التي حققتها الشركات التي تمتلك النقابة فيها جزءا كبيرا‏.‏
ومن الغريب أنه مع أن التيار الإسلامي قد ثبت أقدامه في النقابة بتأييد من عثمان إلا أنهم استفادوا تماما من كبوته بأن وضعوا أنفسهم بنظافة أيديهم إلي جانب المخالفات التي اقترنت بعهده وبمعني آخر فإن التيار الإسلامي مع موقفه الثابت ضد الحكومة نجده في واقع الأمر يتحالف مع جبهات حكومية عند توافر المصلحة في هذا ثم يتحدي هذه الجبهات عند تغير الظروف‏.‏
‏(‏عبد الرحيم علي‏,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏88‏ 89).‏
وقد حقق التيار الإسلامي انتصارا متواضعا في انتخابات النقابة في‏1985,‏ ولكن علي حد قول مهندس أبو العلا ماضي الأمين العام المساعد وأحد قادة التيار الإسلامي‏,‏ فإن المعركة الحقيقية كانت في عام‏1987‏ عندما اتحدت الجبهات المختلفة في قائمة واحدة ضد التيار الإسلامي‏,‏ ومع هذا فقد انتصر التيار الإسلامي‏,‏ ويضيف المهندس أبو العلا قائلا‏:‏ لقد كانوا أقوي منا من حيث التنظيم والتمويل‏,‏ فلهم السلطة أن يأمروا المهندسين كي يذهبوا الي الانتخابات لكن الحال انقلب فلم يكونوا متأكدين أن هؤلاء الناس سيعطون أصواتهم للجانب الذي يريدونه ب‏54‏ مقعدا من‏61‏ مقعدا موضع التنافس‏.‏
ووفقا لقول المهندس أبو العلا فإن عدد الناخبين ارتفع من‏2000‏ في‏1981‏ إلي‏18000‏ في‏1987‏ ثم انخفض الي‏14000‏ في‏1989‏ وارتفع ثانية إلي‏25000‏ في‏1991‏ وبالنظر إلي هذه التقديرات تبين ان خمس الناخبين هم الذين اشتركوا في انتخابات النقابة علي المستوي القومي في‏1991,‏ كما أنه يلاحظ أن نسبة الاشتراك في الانتخابات ترتفع في الأقاليم عن المدن الكبري ففي القاهرة الكبري كان هناك‏45500‏ عضو عامل‏(‏ حوالي‏60‏ 70%‏ من الأعضاء المسجلين وفقا لتقديراته‏)‏ منهم‏6000‏ أدلوا بأصواتهم بنسبة‏13%‏ فقط‏.‏
وفي انتخابات‏1991‏ فاز التيار الإسلامي بجميع المقاعد في مجالس الشعب السبع‏(‏ المدنية‏,‏ والميكانيكية‏...‏الخ‏)‏ بمعدلات تصل الي‏5‏ إلي‏1‏ لأقرب منافسيهم‏(‏ عبد الرحيم علي المصدر السابق‏-‏ ص‏88).‏
وطبقا لمايقول المهندس أبو العلا ماضي فإن نسبة كبيرة من الناخبين كانوا من الشباب‏,‏ وهم يحتاجون أكثر لخدمات النقابة ولمن يساعدهم في البحث عن عمل وسكن وتكوين مدخرات تكفي لتغطية مصروفات الزواج هذا الي جانب أنهم علي حد قوله في القاهرة الكبري في‏1989‏ نجد‏3000‏ منهم كانوا تحت‏35‏ سنة‏,‏ ومن بينهم قام‏2800‏ بالتصويت لصالح التيار الإسلامي‏(‏ أبو العلا ماضي محضر نقاش سابق‏.‏
أسباب النجاح
وتحصر ويكهام الأسباب التي أدت لنجاح تجربة الإخوان في النقابات المهنية في أربعة أسباب رئيسية هي‏:‏
‏1‏ التقارب الاجتماعي والثقافي بين الزعماء الإسلاميين والجماهير مع تعمدهم إقامة صلة وطيدة بينهم وبين الجماهير‏.‏
‏2‏ جهود التيار الإسلامي لتنمية نمط الخدمات الاجتماعية التي قدمها العهد الناصري عن طريق تقديم خدمات جديدة لأعضاء النقابات‏.‏
‏3‏ السياسات الإسلامية الجريئة لاجتذاب التأييد لتحقيق أكبر قدر ممكن من الانتصار السياسي‏.‏
‏4‏ مايتمتع به فكر التيار الإسلامي من قبول نظرا لتعمده إغفال تفاصيل البرامج الانتخابية مع التركيز علي الدعوة للعودة للأخلاق والمحاسبة للقائمين علي الحياة السياسية المصرية‏.‏
‏(‏عبد الرحيم علي‏,‏ مرجع سابق ص‏90)‏
ونواصل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.