جامعة الأزهر تدشن مبادرة «حروف من نور» للطلاب من أصحاب البصيرة (صور)    "الصناعة" تعلن عن مستجدات تطبيق دعم المستثمرين الصناعيين الخاص بالوزارة    مدبولي يستعرض جهود تحقيق التحول الرقمي والخدمات الحكومية خلال تفقده ل "Cairo ICT"    الإكوادور تجري استفتاء شعبيا يسمح بوجود قوات أجنبية على أراضيها لهذا السبب    خالد عبد العزيز وممدوح عيد يحضران عزاء محمد صبري    محمد صلاح ينافس حكيمي وأوسيمين على أفضل لاعب في أفريقيا    مصرع سيدة وإصابة شخصين إثر انقلاب سيارة على الطريق الدولي الساحلي بكفر الشيخ    يسرا تخطف الأنظار بحضورها البارز في مهرجان القاهرة السينمائي    عرض فيلم "خريطة رأس السنة " بالسينمات في هذا الموعد    السادات وأحمد رامى    هل التبسّم في الصلاة يبطلها؟.. أمين الفتوى يجيب    وزير الاستثمار: مصر تتطلع للتعاون مع تشاد في تنفيذ اتفاقية منطقة التجارة الحرة    وزارة الرياضة تشيد بالثورة الإنشائية بمركز التنمية الشبابية بزايد    تشكيل لجنة عاجلة للتحقيق في واقعة اعتداء مدير مدرسة بالإسكندرية على طالب بالركل    بسبب وجبة الإفطار.. خلاف أسري يتحول إلى جريمة مروعة تهز حي أبو يوسف بالإسكندرية    القاهرة الإخبارية: إصابة 3 فلسطينيين برصاص الاحتلال في مخيم الفارعة جنوبي طوباس بالضفة الغربية    السودان.. نيران الحرب ومخاطر التقسيم!    ألبانيا ضد إنجلترا.. شوط سلبى بتصفيات كأس العالم    مصر تتجاوز مليار دولار في الأمن السيبراني وتستعد لقيادة الحماية الرقمية    اعرفى عدد الوجبات التى يحب أن يتناولها الأبناء يوميا    هاني تمام: برنامج دولة التلاوة أعاد الريادة لمصر وجمع المصريين حول القرآن    "علوم" القاهرة الأهلية تنظم ندوة توعوية بعنوان "أنت أقوى من المخدرات" غدا الإثنين.    ما حكم الامتناع عن الإنفاق على الزوجة والأولاد؟.. أمينة الفتوى تجيب    هاني تمام: برنامج «دولة التلاوة» جمع المصريين حول كتاب الله    منتخب مصر بالقميص الأحمر والأسود أمام كاب فيردي غداً    لجنة التحقيق السورية في أحداث السويداء: أوقفنا عناصر من الدفاع والداخلية وأحيلوا للقضاء    حصر وجمع طيور البجع بطريق السخنة    طريقة عمل الدجاج المشوي المسحب بتتبيلة لا تقاوم    وزير الثقافة: المبنى الجديد لأكاديمية الفنون فرصة لتطوير مهارات الموهوبين    محافظ الجيزة: الشعار الجديد للمحافظة يجسد إرثها الحضاري والعلمي    تعليم دمياط يواصل لقاءات مبادرة صوتك مسموع    وزارة التعليم الفلسطينية تشكر مصر على استيعاب عدد كبير من الطلبة الفلسطينيين    نجل محمد صبري: والدي لم يكن يعاني من أي أمراض.. وطريقة لعبه تشبهه في كل شئ    الأهلي يستعد لتجديد عقد أحمد عابدين حال عدم تلقي عرض من فاماليكاو البرتغالي    محافظ أسوان يستقبل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة    بعد 3 أسابيع.. مبيعات فيلم السادة الأفاضل تصل إلى 350 ألف تذكرة    انطلاق حملة التطعيم ضد الحصبة للأطفال حتى 12 سنة بأسوان.. صور    بتوجيهات شيخ الأزهر .. دخول قافلة «بيت الزكاة والصدقات» الإغاثية الثانية عشر إلى غزة    حلا شيحة : دينا الشربينى جدعة ونيتها طيبة ومش خرابة بيوت ولكل من خاض فى عرضها اتقوا الله    زراعة بنى سويف تعاين مزرعتى ماشية و4 للدواجن وتصدر 6 تراخيص لمحال أعلاف    الطقس: استمرار تأثير المنخفض الجوي وزخات متفرقة من الأمطار في فلسطين    وزير الصحة يكشف مفاجأة عن متوسط أعمار المصريين    تشمل إمدادات الغاز.. زيلينسكي يعلن عن اتفاقيات جديدة مع شركاء أوكرانيا    10 محظورات خلال الدعاية الانتخابية لمرشحي مجلس النواب 2025.. تعرف عليها    مواعيد وضوابط امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    وزارة «التضامن» تقر قيد 5 جمعيات في 4 محافظات    جهاز مستقبل مصر يقود سوق القمح نحو الاكتفاء الذاتى عبر زيادة المساحات الزراعية    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يمنع عبور شاحنات المساعدات المحملة بالخيام والبطاطين إلى غزة    "الداخلية" تصدر 3 قرارات بإبعاد أجانب خارج البلاد لدواعٍ تتعلق بالصالح العام    انطلاق أسبوع الصحة النفسية لصقل خبرات الطلاب في التعامل مع ضغوط الحياة    الإفتاء تواصل مجالسها الإفتائية الأسبوعية وتجيب عن أسئلة الجمهور الشرعية    الفسطاط من تلال القمامة إلى قمم الجمال    إخماد حريق نشب داخل شقة سكنية دون إصابات في الهرم    منافسات التارجت سبرنت تشعل اليوم الحادي عشر ببطولة العالم للرماية    تقرير: أرسنال قلق بسبب إصابتي جابريال وكالافيوري قبل مواجهة توتنام    الأوقاف تعلن عن المقابلات الشفوية للراغبين في الحصول على تصريح خطابة بنظام المكافأة    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية للمشروع التكتيكي بالذخيرة الحية في المنطقة الغربية    30 دقيقة تأخرًا في حركة قطارات «القاهرة - الإسكندرية».. الأحد 16 نوفمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإخوان‏...‏ والصعود نحو الهاوية‏19‏

بحلول أوائل الثمانينيات سيطر الإسلاميون علي اتحادات طلاب الكليات الكبري وأندية اعضاء هيئة التدريس بها‏,‏ محققين هزيمة لكل من اليساريين والموالين للحكومة علي حد سواء‏
ومن أجل زيادة نشاط الحركة الإسلامية في الحياة السياسية قررت قيادات الإخوان المسلمين في اواسط الثمانينيات أن يقوموا بحملات انتخابية في أبرز النقابات في مصر ليكسبوا التأييد الذي زرعوه في نفوس طلبة الجامعات‏,‏ ففي عام‏1984‏ دخل التيار الإسلامي الموالي للإخوان المسلمين انتخابات نقابة الأطباء كجبهة منظمة لأول مرة وفي خلال خمس سنوات تمكن التيار الإسلامي او الصوت الإسلامي كما هو معروف في بعض النقابات‏,‏ من تحقيق انتصارات انتخابية متوالية وفرض سيطرته علي المجالس التنفيذية في نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة مع تحقيق وجود قوي في غيرها من النقابات‏.‏
ونتوقف هنا امام تفسير روجت له جماعة الإخوان‏,‏ وبعض الدوائر الإعلامية والسياسية المتفقة مع الجماعة في الرؤي والتوجهات ينطلق من ان انتصار وأحيانا اكتساح الإخوان لانتخابات النقابات المهنية خير دليل علي أن الخيار الإسلامي السياسي خيار مجتمعي تساندة اغلبية الشعب‏..‏ وهذا التفسير قد يبدو لأول وهلة صحيحا‏..‏ لكن تفحص هذه الانتخابات وعدد المشاركين فيها يعطي دلالات تخالف هذا التفسير‏.‏
الأقلية المنظمة
قد نتصور أن غالبية الأعضاء يؤيدون الحركة الإسلامية‏,‏ ولكن هذه ليست الحقيقة بالضرورة‏,‏ فليس من السهل معرفة اتجاهات المهنيين الفكرية من نتائج الانتخابات لسبب بسيط وهو أن غالبية الاعضاء لا يدلون بأصواتهم‏,‏ فعلي سبيل المثال عند انتصار التيار الإسلامي في نقابة المحامين عام‏1992‏ لم يشارك في الانتخابات سوي‏10%‏ فقط من الأعضاء البالغ عددهم‏140000‏ ولم يكن هناك سوي‏44000‏ عضو أو ما يعادل أقل من ثلث الاعضاء قد سددوا اشتراكاتهم السنوية ولهم الحق في التصويت‏,‏ ومن بين هؤلاء لم يشارك في الانتخابات سوي‏14000‏ اي مايعادل أقل من ثلث الذين لهم حق التصويت‏,‏ وتختلف معدلات المشاركة في الانتخابات النقابية من مهنة إلي أخري فهي تتراوح بين‏30%‏ من اجمالي الأعضاء‏(‏ مايعادل‏65%‏ ممن لهم حق التصويت‏)‏ في نقابة الأطباء في آخر انتخابات عقدت بها‏,‏ وتصل إلي‏5%‏ من إجمالي الأعضاء في نقابة التجاريين‏,‏ وإذا كانت نتائج الانتخابات النقابية لها أي معني‏,‏ فإنها تعني الشعور العام بالعزلة والانسلاخ واللامبالاة أكثر من التمسك بفكر سياسي او قضية سياسية معينة‏,‏ وأفضل تصور للتيار الإسلامي هو انه اختيار أغلبية الأقلية للمهنيين الذين يدلون بأصواتهم في انتخابات النقابات‏.‏
وتتساءل اماني قنديل‏:‏ ماذا يميز أقلية المهنيين الذين يصوتون؟ وما الذي جعل غالبيتهم يصوتون لصالح التيار الإسلامي؟ والإجابة عن هذين السؤالين‏,‏ تبدأ منذ التغييرات المهمة التي طرأت علي هيكل اعضاء النقابات في العقد الذي يسبق دخول الإسلاميين في معترك الحركة النقابية‏,(‏ عبدالرحيم علي‏:‏ الإخوان المسلمون‏,‏ أزمة تيار التجديد‏,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏786).‏
التيارالإسلامي في انتخابات النقابات المهنية
دخل التيار الإسلامي في انتخابات النقابات المهنية لأول مرة عام‏1984‏ عندما قيد قائمة من المرشحين لمقاعد المجلس التنفيذي لنقابة الأطباء‏,‏ وفي عام‏1985‏ دخل التيار الإسلامي تحت لافتة الصوت الإسلامي في انتخابات نقابة المهندسين‏,‏ ثم استمر في الترشيح إلي انتخابات نقابات أطباء الأسنان والعلميين والزراعيين والصيادلة وكذلك في انتخابات الصحفيين والتجاريين والمحامين‏.‏
وقد أدت المكاسب الأولية للتيار الإسلامي إلي تكوين جبهات سياسية مضادة تضم المرشحين العلمانيين واليساريين والليبراليين وفي بعض الحالات انضم اليهم مرشحو الحكومة‏,‏ وفي نفس الوقت كانت هناك قوائم انتخابية تقليدية قائمة علي قطاع او مكان العمل‏(‏ مثل قائمة مهندسي الجيش في نقابة المهندسين او قائمة قصر العيني في نقابة الأطباء‏)‏ ويرأس هذه القوائم وزير ذو نفوذ او مرشح حكومي‏,‏ وكانت تعتبر من العوامل المؤثرة علي انتخابات النقابات آنذاك وكذلك الأمر بالنسبة للمرشحين المستقلين‏.‏
وعند رصد البيانات الانتخابية التي تشير إلي نجاح التيار الإسلامي في كثير من نقابات مصر المهنية منذ أواسط الثمانينيات علينا ان نقدم تحذيرا واضحا‏.‏
فالكثير من الدراسات الحالية تستمد معلومات عن نتائج الانتخابات من التقارير الصحافية لكنها في أغلب الأحيان تتضارب‏,‏ فتغطية الانتخابات في النقابات خاصة عندما تسجل تفوقا كبيرا للمعارضة تعتبر ضعيفة جدا في الصحافة الحكومية لذا يضطر المرء ان يعتمد فقط علي صحافة المعارضة التي قد تتأثر بموافقها السياسية‏.‏
والنقابات نفسها أفضل مصدر للمعلومات‏,‏ إلا ان موظفيها عادة ما يكونون غير راغبين او غير قادرين علي تقديم معلومات دقيقة عن نتائج الانتخابات خلال فترة معينة من الزمن وفوق هذا فان سجلاتهم تورد المرشحين الناجحين بأسمائهم فقط ولا توضح انتماءاتهم‏.‏ ومما يزيد من صعوبة تفسير نتائج انتخابات النقابات ان الانتماء السياسي للمرشح لا يكون واضحا‏,‏
فالمرشحون الإسلاميون قد يدخلون كمستقلين والقوائم قد تضم يساريين او اصحاب التيار الإسلامي مع مرشحي الحكومة دون أن يصل للجمهور اي إعلان عن هذا التحالف‏,‏ وكما أوضح المهندس أبوالعلا ماضي‏(‏ في محضر نقاش أجريناه معه‏)‏ فإنه في حالة المعرفة بانتماء مرشح للمعارضة‏,‏ فإن هذا يعرضه للمشاكل ويؤثر علي حياته العملية‏,‏لذا نجد أن انتماءات المرشحين السياسية لا تكون معروفة‏,‏ مثلما يحدث في انتخابات مجلس الشعب‏,‏ ولهذا فمن المهم التعامل مع دلالة نتائج هذه الانتخابات بدرجة عالية من الحذر وعدم الانزلاق للتعميم‏(‏ محضر نقاش سابق مع أبوالعلا ماضي‏)‏
وتوضح ويكهام أن المعلومات المتوافرة حول الانتخابات توضح تماما صعود نجم التيار الإسلامي في بعض النقابات‏.‏
فقد دخل التيار الإسلامي انتخابات الأطباء لأول مرة ككتلة منظمة في عام‏1984,‏ ولكن طبقا لقول عبد المنعم أبو الفتوح الأمين العام لاتحاد الأطباء العرب‏,‏ وأحد رموز التيار الإسلامي (‏ في محضر النقاش السابق الإشارة اليه‏)‏ فإن الانتخابات كانت تضم مرشحين من المتعاطفين مع المبادئ الإسلامية منذ فترة طويلة‏,‏ وأن أفكار الإخوان المسلمين كان لها أتباع كثيرون بين الأطباء‏.‏
إلا أن مايميز انتخابات‏1984‏ هو أنه لأول مرة تم تكوين قوائم علي أساس فكري وليس علي أساس مكان العمل أو خطوط قطاعية‏(‏ أبو العلا ماضي المرجع السابق‏).‏
وفي انتخابات‏1984‏ فاز التيار الإسلامي بسبعة من مقاعد المجلس التنفيذي لنقابة الأطباء البالغ عددها‏25‏ مقعدا‏,‏ وبحلول عام‏1990‏ فاز بجميع المقاعد‏.‏
وفي عام‏1986‏ فاز التيار الإسلامي بستة آلاف من إجمالي الأصوات البالغة‏11800‏ وفاز أيضا ب‏12000‏ صوت من‏19000‏ في عام‏1988.‏
أما في سنة‏1990‏ فقد زاد عدد الناخبين حتي وصل إلي‏21500‏ حصل التيار الإسلامي من بينها علي‏15000‏ وكما قلنا من قبل تختلف تقديرات أعداد الأعضاء العاملين في النقابات‏,‏ ولكن إذا تقبلنا الافتراض الشائع بأن حوالي‏45000‏ كان لهم الحق في التصويت عام‏1988‏ يبدو أن معدل الإدلاء بالأصوات ارتفع من حوالي‏7%‏ في‏1980‏ إلي أكثر من‏35%‏ في‏1988,‏ وطبقا لما جاء في مجلة الأهرام الاقتصادي وصل معدل التصويت إلي‏45%‏ في‏1990.‏
وكما لاحظت د‏.‏أماني قنديل فإن عدد الأطباء المسجلين قد تضاعف في‏1980‏ من‏40000‏ إلي‏88000‏ بينما ازداد عدد الناخبين ست مرات من‏3000‏ في‏1970‏ إلي‏19000‏ في‏1980.‏
وباختصار فإن التيار الإسلامي نجح في السيطرة علي المجلس التنفيذي لنقابة الأطباء بفوزه في أربع انتخابات متتالية وبنسب متزايدة‏.‏
فبينما لم يستطع الفوز إلا ب‏50%‏ فقط من الأصوات في‏1986,‏ ارتفع نصيب التيار الإسلامي إلي‏63%‏ في‏1988‏ ووصل إلي‏70%‏ في‏1990.‏ وهذه النتائج لافتة للنظر نظرا لشدة المنافسة بين ثلاث جبهات انتخابية وهي القائمة الإسلامية والقائمة اليسارية الليبرالية وقائمة الحكومة التي تشرف عليها وزارة الصحة بنفسها‏,‏ هذا إلي جانب أن ثلث أعضاء النقابة من الأقباط‏.‏ إن وجود جبهات متعددة منظمة متنافسة قد يساعد علي تفسير سبب تمتع نقابة الأطباء بأكبر نسبة حضور للانتخابات بين جميع النقابات‏.‏
ومع ارتفاع نسبة الاشتراك في الانتخابات‏,‏ فإن التيار الإسلامي قد حظي بنصيب الأسد في الأصوات الجديدة‏,‏ مما يدل علي أنه استطاع اجتذاب تأييد الخريجين الجدد الذين التحقوا بالنقابات في الثمانينيات‏,‏ وقد أيد هذا الرأي كل المرشحين والمراقبين علي الساحة السياسية ككل‏.‏
وعلي صعيد آخر حقق التيار الإسلامي أو الصوت الإسلامي نصرا متزايدا في نقابة المهندسين التي تعتبر من حيث الحجم أكبر من نقابة الأطباء بمقدار الضعف‏,‏ وهي مقسمة إلي سبع شعب‏,‏ وكانت انتخاباتها تتميز بالمنافسة بين عدة فئات أو مصالح يتم تنظيمها تبعا للقطاعات أو المهن‏.‏
وقل دخول التيار الإسلامي في نقابة المهندسين تنقلت السلطة فيها بين تحالفات تمثل تجمعات مثل مهندسي الري والمدنيين‏(‏ خاصة في عهد عبد الناصر‏)‏ ومهندسي شركة المقاولين العرب‏(‏ الذين برزوا في فترة الانفتاح‏)‏ ومهندسي الجيش‏(‏ الذين ظلوا جبهة انتخابية قوية طوال الثمانينيات‏).‏
ومن عام‏1979‏ حتي‏1991‏ كان عثمان أحمد عثمان رئيس مجلس إدارة المقاولين العرب ورجل الصناعة الأول في مصر‏,‏ يستغل منصبه علي رأس النقابة ليحولها إلي إمبراطورية صناعية ومالية تمتلك أغلب الأسهم في ست عشرة مؤسسة صناعية وبنكية في مجال التأمين والإسكان والغذاء‏.‏
وقد تكون الصلات الحميمة التي ربطت عثمان أحمد عثمان مع الإخوان المسلمين منذ عهد بعيد هي السبب في تفسير استعداده للسماح للتيار الإسلامي بدخول النقابة في عام‏1985.‏
وتعرقل التعاون الضمني بين عثمان والتيار الإسلامي عندما حاصرت الضغوط عثمان وحلفاءه في المجلس وسط ادعاءات بالمخالفات المالية وإساءة استخدام أموال النقابة‏.‏وفي عام‏1990‏ كان التيار الإسلامي القوي قد نأي بنفسه عن عثمان‏,‏ وفي الجمعية العمومية لشهر مارس قادوا المطالبة بتكوين لجنة تقصي الحقائق للتحقيق في الخسائر التي حققتها الشركات التي تمتلك النقابة فيها جزءا كبيرا‏.‏
ومن الغريب أنه مع أن التيار الإسلامي قد ثبت أقدامه في النقابة بتأييد من عثمان إلا أنهم استفادوا تماما من كبوته بأن وضعوا أنفسهم بنظافة أيديهم إلي جانب المخالفات التي اقترنت بعهده وبمعني آخر فإن التيار الإسلامي مع موقفه الثابت ضد الحكومة نجده في واقع الأمر يتحالف مع جبهات حكومية عند توافر المصلحة في هذا ثم يتحدي هذه الجبهات عند تغير الظروف‏.‏
‏(‏عبد الرحيم علي‏,‏ مرجع سابق‏,‏ ص‏88‏ 89).‏
وقد حقق التيار الإسلامي انتصارا متواضعا في انتخابات النقابة في‏1985,‏ ولكن علي حد قول مهندس أبو العلا ماضي الأمين العام المساعد وأحد قادة التيار الإسلامي‏,‏ فإن المعركة الحقيقية كانت في عام‏1987‏ عندما اتحدت الجبهات المختلفة في قائمة واحدة ضد التيار الإسلامي‏,‏ ومع هذا فقد انتصر التيار الإسلامي‏,‏ ويضيف المهندس أبو العلا قائلا‏:‏ لقد كانوا أقوي منا من حيث التنظيم والتمويل‏,‏ فلهم السلطة أن يأمروا المهندسين كي يذهبوا الي الانتخابات لكن الحال انقلب فلم يكونوا متأكدين أن هؤلاء الناس سيعطون أصواتهم للجانب الذي يريدونه ب‏54‏ مقعدا من‏61‏ مقعدا موضع التنافس‏.‏
ووفقا لقول المهندس أبو العلا فإن عدد الناخبين ارتفع من‏2000‏ في‏1981‏ إلي‏18000‏ في‏1987‏ ثم انخفض الي‏14000‏ في‏1989‏ وارتفع ثانية إلي‏25000‏ في‏1991‏ وبالنظر إلي هذه التقديرات تبين ان خمس الناخبين هم الذين اشتركوا في انتخابات النقابة علي المستوي القومي في‏1991,‏ كما أنه يلاحظ أن نسبة الاشتراك في الانتخابات ترتفع في الأقاليم عن المدن الكبري ففي القاهرة الكبري كان هناك‏45500‏ عضو عامل‏(‏ حوالي‏60‏ 70%‏ من الأعضاء المسجلين وفقا لتقديراته‏)‏ منهم‏6000‏ أدلوا بأصواتهم بنسبة‏13%‏ فقط‏.‏
وفي انتخابات‏1991‏ فاز التيار الإسلامي بجميع المقاعد في مجالس الشعب السبع‏(‏ المدنية‏,‏ والميكانيكية‏...‏الخ‏)‏ بمعدلات تصل الي‏5‏ إلي‏1‏ لأقرب منافسيهم‏(‏ عبد الرحيم علي المصدر السابق‏-‏ ص‏88).‏
وطبقا لمايقول المهندس أبو العلا ماضي فإن نسبة كبيرة من الناخبين كانوا من الشباب‏,‏ وهم يحتاجون أكثر لخدمات النقابة ولمن يساعدهم في البحث عن عمل وسكن وتكوين مدخرات تكفي لتغطية مصروفات الزواج هذا الي جانب أنهم علي حد قوله في القاهرة الكبري في‏1989‏ نجد‏3000‏ منهم كانوا تحت‏35‏ سنة‏,‏ ومن بينهم قام‏2800‏ بالتصويت لصالح التيار الإسلامي‏(‏ أبو العلا ماضي محضر نقاش سابق‏.‏
أسباب النجاح
وتحصر ويكهام الأسباب التي أدت لنجاح تجربة الإخوان في النقابات المهنية في أربعة أسباب رئيسية هي‏:‏
‏1‏ التقارب الاجتماعي والثقافي بين الزعماء الإسلاميين والجماهير مع تعمدهم إقامة صلة وطيدة بينهم وبين الجماهير‏.‏
‏2‏ جهود التيار الإسلامي لتنمية نمط الخدمات الاجتماعية التي قدمها العهد الناصري عن طريق تقديم خدمات جديدة لأعضاء النقابات‏.‏
‏3‏ السياسات الإسلامية الجريئة لاجتذاب التأييد لتحقيق أكبر قدر ممكن من الانتصار السياسي‏.‏
‏4‏ مايتمتع به فكر التيار الإسلامي من قبول نظرا لتعمده إغفال تفاصيل البرامج الانتخابية مع التركيز علي الدعوة للعودة للأخلاق والمحاسبة للقائمين علي الحياة السياسية المصرية‏.‏
‏(‏عبد الرحيم علي‏,‏ مرجع سابق ص‏90)‏
ونواصل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.