مفتي الجمهورية: الفكر الديني حينما يهتم بقضايا التنمية فإنما ينطلق من مبدأ سام    شمال سيناء تدعم مبادرة «صحح مفاهيمك» كمشروع وطني شامل لتعزيز قيم الانتماء    التعليم تصدر توجيهات جديدة للاستعداد بمرحلة رياض الاطفال    تراجع أسعار الذهب اليوم الخميس 18 سبتمبر بالتعاملات المسائية    كتائب القسام توجه رسالة للاحتلال: لا نخشاكم.. وغزة ستكون مقبرة لجنودكم    «إثارة في الاتحاد».. بدء مباراة السيتي ونابولي بدوري أبطال أوروبا    انطلاق مباراة نيوكاسل أمام برشلونة في دوري أبطال أوروبا    رسميا.. المقاولون العرب يرفض استقالة محمد مكي    حبس 4 موظفين بتهمة التنقيب عن الآثار داخل مستوصف طبي في قنا    التعليم ترد على شائعات توجيه طلاب الثانوية للالتحاق بنظام البكالوريا    أشرف عبد الباقي: «ظلم ليا تشبيهي بالزعيم عادل إمام»    هشام مبارك يكتب: «آرِنكا».. الحكاية والرواية!    تعرف على مواقيت الصلاة وموعد صلاة الجمعة في محافظة قنا    من أسرة واحدة.. إصابة 4 أشخاص في انقلاب سيارة ملاكي بالإسماعيلية    أحلام الكلب وربيع اليمامة    الرئيس الكازاخي لوفد أزهري: تجمعني علاقات ود وصداقة بالرئيس السيسي    الهولندي أرت لانجيلير مديرًا فنيًّا لقطاع الناشئين في الأهلي    بعد سرقتها وصهرها وبيعها للصاغة.. 5 معلومات عن إسورة الملك أمنمؤوبي    إعلام غزة الحكومى: 44% من الشهداء فى مناطق يدعى الاحتلال أنها "إنسانية آمنة"    ما حكم تبديل سلعة بسلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    القنوات الناقلة مباشر مباراة مانشستر سيتي ونابولي في دوري أبطال أوروبا 2025- 2026    ليس صلاح.. كيليان مبابي يتوقع الفائز بجائزة الكرة الذهبية    نائب محافظ الجيزة يلتقى مستثمرى المنطقة الصناعية لبحث المشاكل والتحديات    جامعة أسيوط تجدد تعاونها مع الجامعة المصرية للتعلم الإلكتروني الأهلية في المجالات الأكاديمية والبحثية    قبل انتخابات النواب.. الهيئة الوطنية تتيح خدمة مجانية للاستعلام عن الناخبين    ضبط 280 كيلو لحوم فاسدة بأختام مزوّرة في حملة للطب البيطري بسوهاج    تأجيل نظر تجديد حبس "علياء قمرون" بتهمة خدش الحياء العام ل 20 سبتمبر    سحب 961 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    رغم الحرب والحصار.. فلسطين تطلق رؤيتها نحو المستقبل 2050    دخول 103 شاحنات مساعدات عبر معبر رفح البري لإغاثة أهالي قطاع غزة    مذكرة تفاهم مصرية يابانية لتصنيع محطات إنتاج المياه من الهواء    البورصة المصرية تربح 15.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الخميس    ماستر كلاس للناقد السينمائي رامي عبد الرازق ضمن فعاليات مهرجان ميدفست مصر    بخسارة وزن ملحوظة.. شيماء سيف تخطف الأنظار برفقة إليسا    «هربانة منهم».. نساء هذه الأبراج الأكثر جنونًا    إقامة 21 معرض «أهلا مدارس» في المنوفية.. وحملات رقابية لضبط المخالفات (تفاصيل)    الكابينة الفردي ب850 جنيهًا.. مواعيد وأسعار قطارات النوم اليوم الخميس    الإمام الأكبر يكرِّم الطلاب الأوائل في حفظ «الخريدة البهية»    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 18-9-2025 في بني سويف    هل تواجد امرأة في بلكونة المسجد وقت العذر الشرعي يُعتبر جلوسا داخله؟.. أمين الفتوى يوضح    محافظ البحيرة: افتتاح 5 مشروعات طبية جديدة بتكلفة 84 مليون جنيه تزامنا مع العيد القومي للمحافظة    فيديو.. وزير الصحة: جامعة الجلالة أنشئت في وقت قياسي وبتكليف رئاسي مباشر    سرقتها أخصائية ترميم.. الداخلية تتمكن من ضبط مرتكبى واقعة سرقة أسورة ذهبية من المتحف المصرى    الكلاسيكو 147.. التاريخ يميل نحو الزمالك قبل مواجهة الإسماعيلي الليلة    300 مليون جنيه لاستكمال مشروع إحلال وتجديد مساكن المغتربين في نصر النوبة بأسوان    ديستيني كوسيسو خليفة ميسي ويامال يتألق فى أكاديمية لا ماسيا    ملك إسبانيا في الأقصر.. ننشر جدول الزيارة الكامل    سرداب دشنا.. صور جديدة من مكان التنقيب عن الآثار داخل مكتب صحة بقنا    التأمين الصحي الشامل: 495 جهة حاصلة على الاعتماد متعاقدة مع المنظومة حتى أغسطس 2025    جبران: تحرير 3676 محضرًا خاصًا بتراخيص عمل الأجانب خلال 5 أيام فقط    «أنتي بليوشن» تعتزم إنشاء مشروع لمعالجة المخلفات البحرية بإستثمارات 150 مليون دولار    مورينيو يرحب بالعودة لتدريب بنفيكا بعد رحيل لاجي    مصر وروسيا تبحثان سبل التعاون بمجالات التعليم الطبي والسياحة العلاجية    مفوضية اللاجئين ترحب بخارطة طريق لحل أزمة السويداء وتؤكد دعم النازحين    الاحتلال الاسرائيلى يقتحم عدة مناطق فى محافظة بيت لحم    الهلال الأحمر يدفع بأكثر من 80 ألف سلة غذائية للأشقاء الفلسطينيين عبر قافلة «زاد العزة» ال 40    ملك إسبانيا: المتحف الكبير أيقونة مصر السياحية والثقافية الجديدة    نائب وزير الصحة تتفقد وحدة طب الأسرة ومركز تنمية الأسرة بقرية بخانس بقنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‏قصة «الأمن السياسى» فى مصر من «الخدمة السرية» إلى «أمن الدولة» (2-2)

لم يكن البوليس السياسى يعمل فى الداخل فقط بل كان نشاطه يمتد خارج مصر، وقد أرسى قواعد هذا التقليد حسن نشأت باشا سنة 1924، عندما كان رئيساً للديوان الملكى وكان عرش الملك فؤاد مهدداً بمؤامرات الخديو «المخلوع» عباس، الذى كان يحاول العودة إلى مصر.
وكان حسن نشأت يملك شبكة واسعة ونشطة من العملاء فى أوروبا وتركيا، يتلقى منهم تقارير بصفة دورية عن نشاط الخديو السابق وتحركاته واتصالاته، وكان من مهام العملاء أيضا تقصى أخبار الطلبة اليساريين والوفديين.
‏بدأت‏ سلسلة‏ العمليات‏ ضد‏ أفراد‏ الجيش‏ البريطانى‏ 1941، وواكبت‏ هذه‏ الحوادث‏ ظروف‏ الحرب‏ العالمية‏ الثانية‏، التى‏ ألقت‏ على‏ عاتق‏ البوليس‏ عبء‏ مراقبة‏ رعايا‏ دول‏ المحور‏ فى مصر‏ وتحرى‏ نشاطهم‏. وتطور‏ جهاز‏ الأمن‏ السياسى‏‏ خلال‏ تلك‏ الفترة،‏ فعلى‏ المستوى‏ المركزى‏ ظل‏ «‏القسم‏ المخصوص» يقوم‏ بدوره‏ فى‏ تحريك‏ أجهزة‏ الأمن‏ السياسى‏ الفرعية‏ والإشراف‏ على‏ نشاطها‏، وعلى‏ المستوى‏ المحلى تولى‏ «‏قلم‏ الضبط‏ فرع‏ ب‏» القيام‏ بعمليات‏ اعتقال‏ الألمان‏.
‏ويبدو‏ أن‏ ضغط‏ العمل‏ على (‏قلم الضبط‏ فرع‏ ب‏) كان‏ متزايدا‏، فأُنشئ‏ «‏القسم‏ المخصوص‏» فى بوليس‏ القاهرة‏ لإجراء‏ التحريات‏ الخاصة‏ عن‏ الإيطاليين‏ والألمان.‏ وبعد حادث 4 فبراير 1942 أُطلقت يد البوليس السياسى فى أبناء البلد، وكانت التهمة المستعملة والمتداولة الشيوعية، وأن «له ميول نحو المحور»، أى ميول ألمانية، أو معاد للحلفاء، وكان اكتشاف الأشخاص الذين يمكن أن يطلق عليهم هذا الوصف، أو ذاك، ليس مهمة البوليس السياسى فقط، بل مهمة المخابرات البريطانية.
وعلى ضوء‏ اختصاص‏ (‏القسم‏ المخصوص‏) المحلى‏، ‏اختص‏ (‏قلم الضبط‏ فرع‏ ب‏) بالمسائل‏ السياسية‏ المحلية‏ ومكافحة‏ الشيوعية‏ والنشاط‏ العمالى‏، وخلال‏ وزارة‏ النحاس‏ السادسة‏ 1942، أُنشئ مكتب‏ للبوليس‏ السياسى‏ برئاسة‏ مجلس‏ الوزراء،‏ و‏ظل‏ قائما‏ حتى‏ جاءت‏ حكومة‏ أحمد‏ ماهر‏ باشا عام‏ 1944، ودمرت‏ المكتب‏ ونكّلت‏ برجاله‏ فى‏ إجراء‏ معتاد‏ للحكومات‏ التى‏ سقطت‏.‏
و‏تشابكت‏ اهتمامات‏ جهاز‏ الأمن‏ السياسى‏ وتعقدت‏ بسبب‏ تعدد‏ الأنشطة‏ والتيارات‏ السياسية‏ فى الشارع‏ المصرى،‏ خاصة‏ فى الفترة‏ من‏ 1946 – 1952، حيث‏ انتشرت‏ أفكار‏ جماعة‏ الإخوان‏ المسلمين‏ انتشارا‏ ضخما‏، والتى اعتبرتها أجهزة الأمن آنذاك «‏خطرا‏ على‏ الأمن‏ السياسى‏، بوجودها‏ العنيف،‏ وأفكارها‏ الغامضة»، وتزامن ذلك مع‏ ظهور‏ التنظيمات‏ الشيوعية‏ والصهيونية‏، وامتدت‏ الإضرابات‏ والاعتصامات‏.
وتفاقم الوضع حين أضرب رجال البوليس‏ اأنفسهم‏ عن العمل‏ بسبب السخط‏ لأسباب‏ اقتصادية‏ فئوية‏، فى أكتوبر‏ 1947 ومارس‏ 1948، وحاصرتهم‏ قوات‏ الجيش،‏ ليهدم‏ هذا‏ الإضراب‏ القلعة‏ الحصينة‏ التى كان‏ يتحصن‏ بها‏ النظام،‏ ولم‏ يبق‏ من‏ الهيكل‏ كله‏ إلا‏ جهاز‏ الأمن‏ السياسى،‏ الذى بقى على ولائه‏ لحماية‏ النظام‏ السياسى المنهار‏.‏
كانت‏ هذه‏ أخطر‏ مراحل‏ العنف‏ السياسى فى مصر،‏ فقد‏ أنشئ‏ مكتب‏ جديد‏ فى بوليس‏ القاهرة‏ ضمن‏ تخصصات‏ (‏القسم‏ المخصوص‏) فى 1947، أطلق‏ عليه‏ اسم‏ «مكتب‏ الشؤون‏ العربية»،‏ كان‏ من‏ ‏أهدافه‏ الحفاظ‏ على أرواح‏ الزعماء‏ واللاجئين‏ العرب، كما أقيم‏ «‏مكتب‏ مكافحة‏ الشيوعية‏» تابع‏ للقسم‏، و‏أنشئت‏ فروع‏ للقسم‏ المخصوص‏ فى المحافظات، و‏انبثق‏ عنه‏ فرع‏ لمراقبة‏ النشاط‏ الصهيونى وصلته‏ باليهود‏ المقيمين‏ فى مصر.
واستيقظ البوليس السياسى أخيراً فى هذا العام على رصد تحركات اليهود الصهيونيين، ولم يكن ذلك بدافع المحافظة على الأمن العام، وإنما كان استجابة كاذبة لضغط الرأى العام، وتحول هذا الاهتمام من البوليس السياسى إلى عملية متاجرة مربحة، فقد كان يقبض على الصهيونيين ثم يفرج عنهم مقابل دفع الثمن، مما جعل الكثيرين ينظرون إلى البوليس السياسى باعتباره لم يكن يخدم المصلحة العامة أو الأمن العام، وإنما كان يخدم أشخاصا ومراكز قوى، ويشترك فى عمليات قذرة، لا ضد الوطنيين فقط، ولكن أيضاً ضد الوطن. و‏كانت‏ هذه‏ المرحلة‏ هى تاريخ‏ الميلاد‏ الحقيقى لجهاز‏ الأمن‏ السياسى البوليسى،‏ بكل‏ ما‏ تحمله‏ هذه‏ الكلمات‏ من‏ معنى‏. و‏فى النصف‏ الثانى من‏ الأربعينيات‏ تبدأ‏ العلاقة‏ الخاصة‏ بين‏ نظام‏ الحكم‏ وجهاز‏ الأمن‏ السياسى... «جهاز‏ أمن‏ الدولة‏».‏
تتضمن قائمة‏ الأسماء‏ اللامعة‏ فى سماء الأمن‏ السياسى:‏ القائم قام‏ محمد‏ إبراهيم‏ إمام‏، الصاغ‏ محمد‏ توفيق‏ السعيد، الصاغ‏ محمد‏ الجزار، البكباشى سعد‏ الدين‏ السنباطى، اللواء‏ أحمد‏ طلعت‏. ويرجع‏ تألقهم‏ إلى‏ أدوارهم‏ فى الإيقاع‏ بالمتهمين‏ فى القضايا‏ السياسية‏، واستخدام‏ أساليب‏ التعذيب‏.
‏وتشير الوثائق التاريخية إلى أن‏ يد‏ البوليس‏ السياسى كانت تطلق على أبناء‏ البلد،‏ وكانت‏ التهم‏ الملفقة‏ جاهزة‏، فلم‏ يكن‏ العمل‏ وفقا‏ لقانون‏ معين‏ أو‏ لائحة‏ محددة، حتى انتهى الأمر‏ إلى انحراف‏ جهاز‏ الأمن‏ عن‏ مهمته‏ بارتكاب‏ جرائم‏ القتل‏ السياسى‏، عندما‏ قتل‏ حسن‏ البنا‏، المرشد‏ العام‏ لجماعة‏ الإخوان‏ المسلمين،‏ على يد‏ مجموعة‏ من‏ رجال‏ البوليس‏ عام 1949، وتوالت بعد ذلك سلسلة من‏ الجرائم‏ المشابهة.
‏وتذخر‏ وثائق‏ محاكمات‏ رجال‏ عهد‏ ما‏ قبل‏ ثورة‏ يوليو‏ 1952 بحوادث‏ التعذيب،‏ التى ميزت‏ عهد‏ (‏إبراهيم‏ عبد‏الهادى‏)، و‏جرت‏ على يد‏ جهاز‏ الأمن‏ السياسى‏، حتى‏ ترتب‏ على ذلك‏ أن‏ اقترن‏ فى آذان‏ الشعب‏ المصرى لفترات‏ طويلة‏ مصطلحا‏ «البوليس‏ السياسى» و‏«‏التعذيب».
‏ولكن‏ مع‏ نهاية‏ 1949 شهد جهاز‏ الأمن‏ السياسى تطهيرا‏ جزئيا‏ ‏بهدف‏ امتصاص‏ بعض‏ السخط‏ الذى أحدثته‏ أعمال‏ الجهاز‏ خلال‏ الفترة‏ السابقة‏، ورغم‏ هذا‏ ‏السلوك‏ غير‏ السوى لجهاز‏ الأمن‏ السياسى‏، لم‏ تقل‏ أهميته على الإطلاق‏‏، ولم يؤثر ذلك على منح الجهاز‏ أفضليته‏ على الأمن‏ الجنائى‏، حتى احترقت‏ القاهرة‏ وأصيب‏ جهاز‏ البوليس‏ بالشلل‏ نتيجة‏ لدور‏ جهاز‏ الأمن‏ السياسى‏.‏
ومع‏ اندلاع ثورة‏ 23 يوليو‏ صدر‏ قرار‏ رئيس‏ الوزراء‏ بإلغاء‏ القسم‏ المخصوص‏ وكل‏ أجهزة‏ البوليس‏ وفروعه‏. وفى أغسطس‏ 1952 كلف‏ زكريا‏ محيى الدين‏ بتشكيل‏ الإدارة‏ العامة‏ للمباحث‏ العامة‏، ولكن تكررت الكارثة حين استعانت السلطة‏ بإخصائيى الإرهاب‏ الأسود‏ والتعذيب‏ والتلفيق،‏ الذين‏ شوهوا‏ ثورة‏ 23 يوليو،‏ و‏كانوا‏ من‏ بقايا‏ البوليس‏ السياسى،‏ ومنهم المدرسة‏ التى دبرت‏ اغتيال‏ عدد‏ كبير‏ من‏ الأبرياء،‏ واستخدم السجن‏ الحربى لأول‏ مرة‏ فى مصر‏ للمدنيين،‏ وأممت‏ الحياة‏ السياسية‏، حتى جاءت ثورة‏ التصحيح عام‏ 1971 على يد الرئيس الراحل انور السادات، فتم تغيير‏ الاسم‏ من‏ «المباحث‏ العامة»‏ إلى «‏مباحث‏ أمن‏ الدولة»،‏ ثم‏ «‏جهاز‏ أمن‏ الدولة‏».‏
ومع‏ اندلاع‏ الحرب‏ بين‏ مصر‏ وإسرائيل،‏ بدأت‏ تظهر‏ أهمية‏ الجهاز‏ عندما‏ بدأ‏ يعمل‏ فى ضبط‏ الجواسيس،‏ بالتعاون‏ مع‏ أجهزة‏ المخابرات،‏ وبدا واضحا‏ أن‏ المهام‏ تتشعب‏ وتتفرع‏ وتتزايد‏ مع‏ سلطة‏ الدولة‏ البوليسية،‏ حتى أصبح‏ تعيين‏ الموظفين‏ والسفراء‏ والترشيح‏ للمناصب‏ المهمة‏ وما‏ إلى ذلك‏ من‏ اختصاص‏ الجهاز‏.‏
ويعقب المؤرخ الدكتور عبدالوهاب بكر على ذلك قائلا إن للجهاز ممارسات صارخة فى قضايا كثيرة، منها قضية المشير عبدالحكيم عامر، بسبب تضليل الناس بصورة تجعلهم يحتارون فى هوية الجانى، وقضية مقتل السادت التى تقاعس الجهاز فيها، لأنه كان المسؤول عن تقصى الحقائق فى القضية كدور مساعد للمخابرات العسكرية، التى تولت التحقيق والتحرى، بالإضافة إلى فشله فى كشف الجماعات الإسلامية، مما أدى إلى التغلغل داخل العمل السياسى، وتفوق هذه الجماعات على الجهاز، حتى انتهى المشهد بقتل السادات، فضلا عن علامات الاستفهام القائمة لدى البعض بشأن دور الجهاز فى قضية مقتل الفنانة سعاد حسنى، وأشرف مروان فى العاصمة البريطانية لندن، واختفاء الكاتب السياسى رضا هلال، وحادث كنيسة القديسين.
ويلفت «بكر» إلى ما أصبح تقليداً معتمداً فى الدولة يقضى بأن قيادات أمن الدولة عندما تنهى عملها بجهاز أمن الدولة تنتقل إلى تولى مناصب سياسية مهمة، كوزراء ومحافظين ورؤساء هيئات ومصالح حكومية.
‏وظل الأمر على هذا المنوال لعقود طويلة، حتى جاءت ثورة 25 يناير لتصر على إلغاء هذا الجهاز، أو إعادة هيكلته ودمجه مع المخابرات العامة، فى وزارة واحدة للأمن القومى. ولن ينسى التاريخ يوم 4 مارس 2011، حين تم اقتحام مقار أمن الدولة بالإسكندرية والقاهرة والمحافظات الأخرى، والعثور على وثائق ومستندات مفرومة ومحروقة، مع ترك البعض منها سليما، أو شبه سليم، لتوجيه الناس والرأى العام إلى أفكار أخرى، عبر وثائق يميل البعض إلى اعتبارها مزورة.
وفى 15 مارس 2011 أصدر اللواء منصور عيسوى، وزير الداخلية، قرارا بإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة بكل إداراته وفروعه ومكاتبه فى جميع المحافظات، نزولا عند رغبة الشعب، وظهر «قطاع الأمن الوطنى» بديلاً عنه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.