نتيجة تقليل الاغتراب 2025.. مكتب التنسيق يواصل فرز رغبات الطلاب    99.1% هندسة بترول السويس و97.5% هندسة أسيوط بتنسيق الثانوي الصناعي 5 سنوات    وزير التعليم: إلغاء الفترة المسائية بالابتدائي سبتمبر 2027    البيئة: إنشاء وحدات مختصة بتغير المناخ داخل الوزارات المختلفة    "الإسكان": تسليم مدرسة تعليم أساسي بالمنيا الجديدة    روسيا تستهدف زابوريجيا في موجة جديدة من الهجمات الليلية    ذعر في الأهلي بعد وعكة إمام عاشور.. فحوصات عاجلة لكل اللاعبين قبل موقعة سيراميكا    ماك أليستر جاهز لمواجهة أتليتكو مدريد    كرة طائرة - خسارة منتخب مصر من الفلبين في بطولة العالم    الأرصاد: انخفاض طفيف فى درجات الحرارة.. وبدء الخريف رسميا الإثنين المقبل    الرئيس التنفيذي لمدينة الجونة: نحتفل في مهرجان الجونة بمرور 35 عاما على تأسيس المدينة    بعد اعتذار إدارة سينما "زاوية" عن واقعة التعدي عليه.. أول تعليق من مخرج "اختيار مريم"    أمين الإفتاء: الكلاب طاهرة وغسل الإناء الذي ولغ فيه أمر تعبدي    أستاذ فقه: الشكر عبادة عظيمة تغيب عن كثير من الناس بسبب الانشغال بالمفقود    الرئيس الألماني يرفض مطالب بولندا بتعويضات عن الحرب العالمية الثانية    قصور الثقافة بالغربية تحتفل باليوم المصري للموسيقى بأغاني سيد درويش    لأول مرة.. ميناء دمياط يستقبل سفينة بحمولة غير مسبوقة 121 ألف طن    رئيس الوزراء يشهد تدشين الأكاديمية الدولية للعمارة والعمران    "موتوسيكل دخل في جرار".. إصابة 3 شباب في حادث تصادم بالمنوفية    وكيل تعليم أسيوط يوجه بتكثيف المتابعة الميدانية استعدادًا للعام الدراسي الجديد    محاكمة 111 متهمًا بقضية "خلية حسم الإرهابية".. اليوم    الإفتاء تحذر من صور متعددة للكذب يغفل عنها كثير من الناس    مصر تشارك في المنتدى السنوي لمنظمة التجارة العالمية 2025    قرار جمهوري بتعيين علاء الشريف أمينا عاما لمجلس الوزراء لمدة عام    عاجل.. هبوط مفاجئ في سعر الدولار اليوم    هيئة البث العبرية تنفي دخول دبابات إسرائيلية مدينة غزة    رئيس الرقابة المالية: تلقينا 17 طلبا لتأسيس صناديق عقارية ومنصات رقمية    ضبط عصابات تخصصت في سرقة الهواتف والسيارات وافتعال المشاجرات بالقاهرة    قافلة المساعدات الإنسانية ال 38 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    القومي لذوي الإعاقة وتنظيم الاتصالات يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الخدمات الرقمية    ضبط 110.6 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    حجز محاكمة عامل قتل شخص ب كتر في الخليفة: الضحية رفض تعاطيه المخدرات    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تحذر من شخص ينتحل صفة كاهن    استقرار أسعار النفط مع ترقب انقطاع محتمل في الإمدادات من روسيا    المصري يختتم استعداداته لمواجهة غزل المحلة بدوري نايل    سفير إيطاليا بالقاهرة: نتشارك مع مصر في تعاون ممتد في مجال العمارة والعمران    تودور: إنتر أقوى من نابولي في سباق لقب الدوري الإيطالي    خبراء أردنيون: قمة الدوحة جسدت موقفا عربيا موحدا تجاه ما يسمى مشروع "إسرائيل الكبرى"    ترامب يعلن مقتل 3 أشخاص باستهداف سفينة مخدرات من فنزويلا    نائب وزير الصحة: وضعنا استراتيجية وطنية لدمج القابلات تدريجيا في منظومة الولادة الطبيعية    الصحة: حل جميع الشكاوي الواردة للخط الساخن 105 استطاع خلال أغسطس الماضي    مي فريد: المرحلة الثانية من منظومة التأمين الصحي الشامل تشمل 5 محافظات    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر والقنوات الناقلة    وزير الصحة يبحث مع شركة أليكسيون التعاون في مجال الأمراض النادرة والوراثية    دراسة: وجبة غنية بالدهون قد تؤثر سلبا على الذاكرة خلال أيام قليلة    8 شهداء وعشرات الجرحى والمفقودين في قصف منزل شمالي غزة    هند صبري عن والدتها الراحلة: علاقتنا كانت استثنائية ومبحبش أعيط قدام بناتي    رسمياً موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2025 للمعلمين.. هل يتم الصرف قبل بدء الدراسة؟ (تفاصيل)    قبل أيام من بدء العام الدراسي.. تفاصيل قرارات وزارة التعليم (نظام الإعدادية الجديد وموقف التربية الدينية)    مسلسلات المتحدة تتصدر نتائج تقييم موسم 2025 باستفتاء نقابة المهن السينمائية.. تصدر "لام شمسية" و"أولاد الشمس" و"قهوة المحطة" و"قلبى ومفتاحه" و"ظلم المصطبة".. كريم الشناوى أفضل مخرج وسعدى جوهر أفضل شركة إنتاج    عاجل- ترامب يفجر مفاجأة: نتنياهو لم ينسق معي قبل قصف قطر    هشام حنفي: لا مقارنة بين بيزيرا وزيزو.. وصفقة محمد إسماعيل ضربة معلم للزمالك    ليت الزمان يعود يومًا.. النجوم يعودون للطفولة والشباب ب الذكاء الاصطناعي    فيديو أهداف مباراة إسبانيول و مايوركا في الدوري الإسباني الممتاز ( فيديو)    بسبب المال.. أنهى حياة زوجته في العبور وهرب    الوقت ليس مناسب للتنازلات.. حظ برج الدلو اليوم 16 سبتمبر    شيخ الأزهر: مستعدون للتعاون في إعداد برامج إعلامية لربط النشء والشباب بكتاب الله تعالى    أمين الفتوى: الاقتراض لتجهيز البنات لا يجوز إلا للضرورة القصوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



140عاما من التنوير
دار الكتب.. ذاكرة مصر
نشر في أخبار الأدب يوم 18 - 12 - 2010

احتفلت دار الكتب المصرية - منذ أيام - بمرور مائة وأربعين عاما علي انشائها. رقم كبير يستحق الاحتفال. لكن مع مكان بحجم وقيمة دار الكتب فالمسألة تتجاوز فكرة الرقم.
فمن مصر يبدأ تاريخ المكتبات منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، حيث تشير العديد من النصوص التي ترجع إلي العصر الفرعوني إلي وجود مكتبات في مصر منذ عصر الدولة القديمة: وان اتخذت مسميات مختلفة من بينها: دار الكتب، دار اللفافات البردية، دار لفافات الكتب، بيت البرديات، مقر المخطوطات، مكان علاج الأرواح أو (النفوس).
ومن أشهر المكتبات التي كانت موجودة في العصر الفرعوني مكتبات القصور مثل: مكتبة قصر الملك نفر إير كارع (ثالث ملوك الأسرة الخامسة)، ومكتبة قصر أسيسي، ومكتبة قصر بيبي الأول، ومكتبة قصر أمنحتب الثالث، ومكتبة قصر سيتي الثاني، ومكتبة تل العمارنة، ومكتبة معبد الأقصر.
وكان أهم حدث في تاريخ المكتبات في مصر انشاء مكتبة الاسكندرية التي تنسب إلي بطليموس الأول، والتي كانت نواتها مجموعة كتب المدرسة الأرسطية ومجموعة كتب المعابد المصرية القديمة.
وعلي مدي حوالي ثلاثة قرون ونصف - الحكم البيزنطي - كانت المكتبات المصرية عبارة عن مجموعات من الكتب في الأديرة والكنائس التي كثر انتشارها في تلك الفترة.
ومع منتصف القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) شهدت مصر نهضة مكتبية رائعة تحت حكم الفاطميين، حيث أنتشرت المكتبات في القصور والمساجد ولدي الأفراد، كما ظهرت المكتبات العامة، وكانت أول مكتبة فاطمية شهدتها مصر تلك التي أقامها المعز لدين الله الفاطمي، وألحقها بالقصر الذي بناه له قائد جيوشه جوهر الصقلي.
وفضلا عن المكتبات الملحقة بالقصور والمكتبات الخاصة، عرف الفاطميون المكتبات الملحقة بالمساجد، فقد كان لكل مسجد مكتبة تشتمل علي الكثير من الكتب في سائر الفنون والعلوم، ومن أشهرها مكتبة الجامع الأزهر - التي لم تكن تضارعها مكتبة في عصرها، ومكتبة جامع المقس، وجامع الحاكم، وجامع بن طولون، غير أن أهم حدث في تاريخ المكتبات الفاطمية هو انشاء »دار العلم« التي تنسب إلي الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وتميزت هذه المكتبة باتاحة الفرصة للجميع للاستفادة من مراجعها وأساتذتها.
وفي العصر العثماني تعرضت المكتبات للسرقة والنهب والضياع، بعضها تسرب إلي المغرب والشام والسودان، والبعض الآخر فقد بسبب الغزو الفرنسي (8971 - 1081)، وفي هذا القرن أيضا (91) أخذت مصر في إحياء الآداب العربية، وعملت علي نشر الكتب في المطبعة الأميرية، فتكاثرت الكتب المطبوعة، فأنشأ محمد علي مستودعا في بيت المال القديم.. بجوار المحكمة الشرعية خلف المسجد الحسيني لتباع فيه مطبوعات المطبعة الأميرية ببولاق، كما أنشأ محمد علي »كتبخانة« خصص لها مكانا في القلعة بالجامع الشريف، حفظت فيها كتبه الخاصة، وضمت إليها فيما بعد الكتب النفيسة الموجودة »بخزينة الأمتعة« من كتب عربية وتركية وفارسية وأوروبية.
وهكذا يتضح أن علاقة مصر بالمكتبات أصيلة وممتدة في عمق التاريخ وقد استمرت هذه الظاهرة خلال حكم الخديوي اسماعيل ممثلة في بناء الكتبخانة التي بلورت وجسدت ثقافة العصر بأكمله.
وبمناسبة مرور 041 عاما علي انشاء دار الكتب أصدرت الدار كتابا وثائقيا سبر تاريخ الدار من اعداد الباحثة مشيرة اليوسفي (من دار الكتب) استعرضت فيه تاريخ الدار منذ نشأتها حتي الآن، ركزت فيه علي الجديد الذي لم تتناوله الدراسات السابقة عن الدار من حيث المصادر والوثائق الأصلية الخاصة بتاريخ الدار والمحفوظة بدار الوثائق القومية، وتاريخ الشخصيات الأجنبية والمصرية بالدار.
فكرة الانشاء
اختلف مؤرخو دار الكتب حول صاحب فكرة انشاء الدار فيما ذهب البعض إلي أن فكرة انشاء الكتبخانة الخديوية ترجع إلي عام 9681م، حينما سيطرت علي الخديو اسماعيل رغبة في إنشاء كتبخانة عمومية لجمع شتات الكتب من المساجد وخزائن الأوقاف وغيرها لحفظها وصيانتها من التلف، وقد ذهب البعض الآخر إلي أن علي باشا مبارك قد وجد أن كثيرا من الكتب النفيسة التي أوقفها سلاطين مصر وأمراؤها وأهل العلم حبسوها وتصدقوا بها علي المدارس والجوامع، أخذ يتسرب إلي البلاد الأوروبية والأمريكية بفضل جهل خدمة هذه المعاهد، فاقترح علي الخديو اسماعيل انشاء دار الكتب علي نمط دور الكتب الوطنية في أوروبا، حيث أعجب بالمكتبة الوطنية في باريس حينما أرسل ضمن البعثة التي أوفدت لدراسة العلوم العسكرية سنة 4481، وبناء علي ذلك أصدر الخديو اسماعيل الأمر العالي بتأسيس الكتبخانة في 32 مارس 0781م في سراي مصطفي فاضل باشا بدرب الجماميز لتكون مقرا للكتبخانة.
كانت النواة الأولي لمقتنيات الكتبخانة نحو ثلاثين ألف مجلد جمعت من أماكن متفرقة شملت كتبا ومخطوطات الكتبخانة القديمة التي تكدست بها الكتب منذ عصر محمد علي، واستمرت علي هذا الحال حتي أيام حكم الخديو اسماعيل، حيث أضيف إلي هذا المستودع نحو ألفي مجلد من الكتب المخطوطة بالعربية والتركية والفارسية، كانت الحكومة قد ابتاعتها من تركة حسن باشا المانسترلي عليها ختم »كتبخانة مصرية« عام 5681م.
وقد تألقت مقتنيات الكتبخانة بسراي درب الجماميز من المخطوطات النفيسة التي لم تصل إليها يد التبديد مما حبسه السلاطين والأمراء والعلماء والمؤلفون علي المساجد والأضرحة ومعاهد العلم، وكذلك الكتب التي جمعت من النكايا والمدارس ومكتبتي نظارتي الأشغال والمدارس.
التبعية
انتقلت مسئولية الاشراف علي دار الكتب إلي أكثر من جهة، فبدأت في أول عهدها في سنة 0781 تحت اشراف »ديوان المدارس«، وهو الديوان الذي تغير اسمه فيما بعد إلي »نظارة المعارف العمومية عام 5781م. وفي سنة 5191 تغير اسم »نظارة المعارف إلي »وزارة المعارف«، ولما اتسعت اختصاصاتها ظهر مسمي »وزارة التربية والتعليم عام 5591، وخلال هذه الفترة كان وزير المعارف رئيسا للمجلس الأعلي لدار الكتب وفي عام 8591، انتقلت تبعية دار الكتب المصرية من وزارة التربية والتعليم إلي وزارة الثقافة والارشاد القومي، وأصبح وزير الثقافة هو رئيس المجلس الأعلي للدار التي ظلت تحت اشراف الوزارة حتي صدور القرار الجمهوري بانشاء الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1791، وأصبح لها رئيس مجلس ادارة، حتي صدور قرار جمهوري آخر عام 3991 بانشاء الهيئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية، فانفصلت بذلك عن الهيئة العامة للكتاب، واستعادت استقلاليتها.
المسمي
اتخذت دار الكتب عدة مسميات رسمية: فكان اسمها عند نشأتها عام 0781 »الكتبخانة الخديوية«، كما نجد هذا الاسم واضحا في الأختام التي دمغت بها أوائل المطبوعات وبعض المخطوطات التي انضمت إلي رصيد الدار في فترة مبكرة، وبقي هذا الاسم ملازما لها حتي عهد الخديو عباس حلمي الثاني 2981م، حيث سري تعريب الكثير من المصطلحات التركية، فترجمت »الانتيخانة« إلي دار الآثار، و»الدفترخانة« إلي »دار المحفوظات« وكذلك الكتبخانة الخديوية إلي دار الكتب الخديوية.
وفي عام 2291 أصدر السلطان فؤاد الأول أمرا ملكيا باستقلال البلاد، وأعلن نفسه ملكا علي مصر التي صارت المملكة المصرية، وأطلق علي دار الكتب اسم »دار الكتب الملكية«، وفي عام 7291 أطلق عليها »دار الكتب المصرية«، واستمرت تحمل هذا الاسم مع قيام ثورة يوليو 2591، وحتي صدور قانون 381 عام 6591 باعادة تنظيم دار الكتب المصرية.
الانتقال إلي باب الخلق
في عام 0881، ضاقت الكتبخانة بمقتنياتها وتكدست بها، ويؤكد ذلك التقرير الذي رفعه »دور بك« مفتش عموم المدارس آنذاك - إلي نظارة المعارف، يذكر فيه أن المحل الموجود به الكتبخانة في سراي درب الجماميز عام 0881، غير كاف لها، مما يعوقها عن أداء مهمتها.
ولم تأخذ النظارة بهذه النصيحة إلا عام 9891م، عندما أخذت المجموعات الموجودة بالطابق الأسفل (البدروم) من سراي مصطفي فاضل باشا تنمو نموا مطردا عاما بعد عام، وهنا نقلت الكتبخانة إلي الطابق الأول (السلاملك) وهو المكان الذي كانت تشغله نظارة المعارف، التي انتقلت بدورها إلي مكان آخر.
وابتداء من تسعينات القرن ال 91، لم تعد سراي مصطفي فاضل باشا تستوعب الكتب والمخطوطات المشتراه أو المهداة، خاصة بعد أن أخذت الكتبخانة تطبق نظام ايداع عدد من نسخ الكتب التي تطبع في مصر عام 6881، وما تطبعه مطبعة بولاق، وما يأتي عن طريق التبادل مع الجمعيات والمكتبات الأوروبية، لما أضيفت إلي رصيد الكتبخانة عام 5981م المخطوطات التي كانت موجودة في كتبخانة بولاق، مما دفع الحكومة المصرية إلي التفكير في انشاء مبني مستقل يكون معدا منذ البداية لكي يكون مكتبة بالمعني الفني والعلمي.
وفي عام 6981، تقدمت نظارة الأشغال العمومية بمذكرة مرفقا بها مشروع أمر عال وخريطة عن الأملاك المفترض نزع ملكيتها لبناء الكتبخانة والانتيخانة العربية، ووافق الخديو عباس حلمي الثاني بتنفيذ عمليات البناء وفق القواعد المعمول بها في أرقي المكتبات العالمية علي مساحة 99.0581 متر (ألف وثمانية وخمسين مترا وتسعة وتسعين سنتيمترا).
ولكن المشروع لم يتحقق، وفي عام 7981 طالب ناظر الكتبخانة الدكتور (مورتس) في تقريره إلي نظارة المعارف العمومية، من حالة الكتبخانة، بضرورة الاسراع في بناء مبني جديد للكتبخانة.
وفي عام 9981، وضع الخديو عباس حلمي الثاني حجر الاساس لمبني يجمع بين الكتبخانة الخديوية ودار الآثار العربية (متحف الفن الاسلامي حاليا) في ميدان باب الخلق، وخصص الطابق الأرضي من المبني لدار الآثار العربية، وطابقه الأول بمدخل مستقل لدار الكتب الخديوية.
وفي ديسمبر 3091، أعلنت نظارة المعارف العمومية عن غلق قاعات المطالعة بالكتبخانة الخديوية بمقرها في سراي مصطفي فاضل باشا بدرب الجماميز مدة شهر يناير 4091م، لنقل مقتنياتها إلي مبناها الجديد بباب الخلق، وفي 22 فبراير عام 4091 أعلن عن فتح أبواب الكتبخانة بباب الخلق للجمهور في 5 مارس 4091.
التنظيم المالي
كانت الكتبخانة الخديوية منذ تأسيسها عام 9681م، قد ربطت لها ميزانية علي نفقة - ديوان الأوقاف فقد أنعم الخديو اسماعيل علي ديوان الأوقاف بعشرة آلاف فدان، ينفق من ريعها علي الكتبخانة. وكانت ميزانية الكتبخانة المأخوذة من خزينة ديوان الأوقاف حتي عام 6881م قد بلغت 0831 جنيها عن ماهيات المستخدمين فقط، ولم يخصص لها أية مبالغ لتجليد الكتب أو اقتناء اللازم منها، وقدمت نظارة المعارف لديوان الأوقاف ميزانية عام 7881م تقدر بمبلغ 9592 جنيها، شاملة ماهيات المستخدمين وشراء الكتب وتجليدها.
البداية إدارة أجنبية
علي الرغم من أن صاحب فكرة الاتجاه لادارة ألمانية للكتبخانة وهو علي باشا مبارك - فرنسي الاتجاه - إلا أن ظروفا دولية خاصة حتمت أن تكون بداية ادارة الكتبخانة من الألمان، وكان ذلك بمرسوم من الباب العالي في الأستانة، نظرا لاعتماد السلطان العثماني آنذاك - علي مساندة ألمانيا ضد الأطماع الانجليزية والفرنسية والروسية.
وقد مرت الكتبخانة الخديوية منذ بداية نشأتها بمراحل مختلفة من الادارة بداية بالأجنبية ثم المصرية من خارج الدار، ثم المصرية من الداخل، إلي جانب مراحل الدمج مع دار الوثائق أو هيئة الكتاب ثم الانفصال عنها.
فنتيجة لنشاط حركة الاستشراق في المانيا، ولما حوته الكتبخانة الخديوية من مخطوطات عربية وتركية وفارسية نادرة، شخص الألمان بأبصارهم إلي منصب »ناظر الكتبخانة«، وقد تعاقب علي نظارتها منذ نشأتها مجموعة من العلماء المستشرقين الألمان، كما تخلل هؤلاء الالمان مصريون وطنيون تولوا نظارة الكتبخانة، ومنهم:
(1) لودفيك شترن (2781 - 4781)
د. لودفيك شتيرن، درس في جامعة جوتنجن، وتخصص في اللغات الشرقية، فتعلم العبرية، العربية، الحبشية، كما تعلم بنفسه الايطالية والاسبانية واللغات السلافية وخصوصا الروسية، درس المصريات، وفي عام 9681 واصل بحوثه ودراساته في القسم المصري بمتحف برلين.
تولي نظارة الكتبخانة الخديوية في مصر عام 2781م، وخلال تلك الفترة بدأت الكتبخانة في التعريف بمقتنياتها المكتوبة بحروف عربية (المطبوعة أو المخطوطة)، وذلك باعداد فهارس لها بموجب الأمر الحالي عام 0781م. استمرت فترة نظارته للكتبخانة حتي عام 4781م، ومن مؤلفاته في مجال المصريات كتابه عن (قواعد اللغة القبطية)، (القاموس الهيروغليفي اللاتيني).
(2) وليم شبيتابك (5781 - 2881)
تخرج د. وليم شبيتا في قسم اللغات الشرقية بجامعة ليبزيج، ونال درجة الدكتوراه عام 5781 عن رسالة »تاريخ أبي الحسن الأشعري ومذهبه)، وفي صيف ذات العام عين ناظرا للكتبخانة الخديوية.
من أعماله أعد فهرسا للمخطوطات العربية الموجودة بالمكتبة في نحو 04 صفحة ومن أعماله (قواعد اللهجة العربية العامية بمصر، وهو أول دراسة للهجات العربية في مصر) عام 0881، وكتاب المعرب من الكلام الأعجمي للجواليقي ولما قامت ثورة عرابي أبعد عن مصر عام 2881.
(3) علي الببلاوي (2881)
الشيخ علي الببلاوي، أتت به ثورة عرابي، التي اتجهت إلي تولي المصريين المناصب الكبيرة فكان أول رئيس مصري للدار تخرج في الأزهر، وساعده صديقه محمود سامي باشا البارودي علي اقامته ناظرا علي الكتبخانة عام 2881م، وعندما هدأت الأمور، وأطفئت الفتنة، اكتفي الخديو توفيق بفصله من الكتبخانة بعد بضعة أشهر من تعيينه، ونظرا لقصر فترة توليه نظارة الكتبخانة، لم تتضح بصماته بها خلال تلك الفترة.
(4) مراد أفندي مختار (2881 - 6881)
كان يعمل مدرسا للغة التركية بمدرسة الاسكندرية، تولي نظارة الكتبخانة من 2881 حتي أوائل 6881، في تلك الفترة قام باعداد فهارس مرتبة لمقتنيات الدار، ضمت موضوعات العلوم، وداخل الموضوعات علي عناوين الكتب، ويقع هذا الفهرس في سبعة أجزاء، وعرف فيما بعده بالفهرست القديم«.
(5) كارل فولرس (9881 - 6981)
أحد العلماء الذين اشتهروا بالأدبيات العربية، تولي نظارة الكتبخانة في الفترة من (9881 - 6981)، وخلال فترة رئاسته أصدر أول فهرس يعرف بالمقتنيات التركية في الكتبخانة الخديوية بعد مرور 02 عاما علي انشائها، كما أصدر فهرسا للقسم الأوروبي، وفي عهده نقلت الدار من مقرها في البدروم من سراي مصطفي فاضل باشا إلي الطابق الأول السلاملك.
(6) برنارد مورتس (6981 - 1191)
كان مدير مكتبة المعهد الشرقي ببرلين، ثم تولي نظارة الكتبخانة الخديوية (6981 - 1191)، وأخلي طرفه في 21 يونيو 2191، وقد نجح الألمان خلال تلك الفترة في الوصول علي اعتراف الجانب البريطاني باحتكارهم لهذا المنصب، ويرجع الفضل إلي د. مورتس في اقتناء الكتبخانة لمجموعة من أوراق البردي، وترك الدار بعد أن قدم استقالته.
(8) محمد علي الببلاوي (1191 - 3991)
الببلاوي الابن، عاد برئاسة استثنائية وسط الرئاسات الأجنبية للكتبخانة، وهو أزهري الثقافة والدراسة اهتم - في الدار بترتيب الفنون وتنسيق فهارسها وكان رئيسا بصفة مؤقتة حتي جاء تعيين ناظر الماني جديد بعد استقالة ناظرها د. مورتس.
(9) شادة (3191 - 4191)
حصل علي الدكتوراه من جامعة ليبزيج عن رسالة نشر فيها شرحي السهيلي وأبي ذر)، مكث بالدار تسعة أشهر، لأنه اضطر لمغادرة مصر عندما نشبت الحرب العالمية الأولي وترك الدار، وبعده تولي محمد الببلاوي نظارة الدار مؤقتا خلال الفترة من 4191، 5191 لحين تعيين مدير مصري دائم لها.
الادارة المصرية من خارج الدار (5191 - 6591)
وافق مجلس النظار علي قرار وزارة المعارف في تعيين مصري لادارة الكتبخانة وفي هذه المرحلة شغل منصب مدير دار الكتب عدة شخصيات مصرية عن ذوي الوجاهة والمكانة الاجتماعية أو الأدبية وهم من خارج الدار بعد أن تولي محمد الببلاوي المرحلة الانتقالة من 4191 - 5191)، بدأت هذه الفترة بأحمد لطفي السيد (5191 - 8191) حيث عين في بداية حياته العملية عضوا بالنيابة العمومية (حاصل علي ليسانس الحقوق) أنشأ ما يسمي »مجمع دار الكتب« لاهتمامه بتطوير اللغة والنهوض بها، وأفرد لاعضائه قاعة من قاعات الدار، علي غرار الأكاديمية الفرنسية، ومن المشاركين، عاطف بركات، حفني ناصف، يعقوب صروف، أمين واصف، وتولي رئاسته الشيخ سليم البشري، اصطدم المجمع بصخرة التعريب، وطغت عليه أحداث ثورة 9191 وتوقف من عقد جلساته قدم أحمد لطفي السيد استقالته من رئاسة الدار ليشارك في الوفد المصري المطالب لمصر بالاستقلال، ومن بعده جاء أحمد صادق بك (0291 - 2291) وكان مديرا للمطبعة الأميرية (7191) وشقيقتها الفرنسية، وخلال فترة رئاسته للدار قرر نقل مشروع احياء الآداب العربية ومطبعته من المطبعة الاميرية إلي دار الكتب، ومن بعده عاد مجددا أحمد لطفي السيد (2291 - 5291) وخلال هذه الفترة سافرت بعثات من دار الكتب إلي أوروبا لدراسة علوم المكتبات، كما اهتم بترجمة أعمال أرسطو، ومن بعده جاء عبدالحميد أبوهيف بك (5291 - 6291) وهو من كبار رجال القانون، وكان أول مصري عين مديرا لمدرسة الحقوق الملكية علي اثر استقالة ناظرها الأجنبي، وهو أول من أنشأ مكتبة التلميذ بدار الكتب، قاصدا بها تلاميذ المدارس.
ثم محمد أسعد برادة بك (6291 - 6391) وكان مراقبا للتعليم الثانوي، في عهده زادت أعداد المخطوطات نحو ثلاث مرات كما الدار طبع الفهارس الأجنبية، فهرس المؤلفين، فهرس الموسيقي.
أما منصور فهمي بك (6391 - 4491) فقد درس الفلسفة بجامعة السوربون، ووضع دستورا جديدا لتصنيف العلوم بدار الكتب، وأصدر عددا من النشرات الشهرية تغطي مقتنيات الدار، وفي عام 4291 صدر مرسوم بتعيينه مديرا عام الجامعة فاروق الأول (جامعة الاسكندرية). ومن بعده جاء أحمد عاصم بك (4491- 8491) وخلال فترة رئاسته، أنشأ ما يعرف بالمكتبات الفرعية في ضواحي القاهرة، ثم أمين مرسي قنديل (8491 - 1591) الذي أصدر نشرة تعرف بالكتب العربية والشرقية، والأوروبية التي حصلت عليها الدار، أنشأ جمعية لأنصار وأصدقاء الدار.
توفيق الحكيم (1591 - 6591)
كان أول مثقف معروف يرأس ادارة الدار، عمل بالنيابة، وخلال رئاسته أنشأ ما يسمي مراقبة خاصة للمطبوعات«، وحدد الوظائف أو الخدمات التي يمكن أن تقوم بها الدار، ثم نقل إلي باريس مندوبا دائما للجمهورية العربية المتحدة في اليونسكو.
جاءت مرحلة ثالثة تولي فيها ادارة الدار عاملون من داخل الدار وهم: محمد أحمد حسين، عبدالمنعم عمر (2691)، صلاح الحفني، أحمد معوض عابدين، حسن رشاد، علي كحيل، السيد الشنيطي، علي كحيل، محمد فريد عبدالخالق، اسماعيل النحراوي، صالح ابراهيم، عبدالمنعم موسي.
ثم عاد المثقفون والأدباء لرئاسة الدار بداية من صلاح عبدالصبور (9791 - 1891)، د. عزالدين اسماعيل 2891 - 5891)، سمير سرحان (5891 - 3991)، د. محمود فهمي حجازي (4991 - 7991)، د. جابر عصفور (7991 - 8991)، د. ناصر الأنصاري 8991، سمير غريب (9991- 2002)، د. صلاح فضل (2002 - 3002)، د. أحمد مرسي 3002، 4002)، د. محمد صابر عرب (5002 حتي الآن)..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.