يتوهج الوجدان المصري في لحظات الحزن النبيل مثلما حدث في وداع البابا شنودة, والمعني ان الشعب بكامله يتجاوز كل الفواصل ويصنع من الأحداث الصادقة والنادرة مناسبة للعودة الي اصل ارتباط الانسان بهذه الارض الطيبة بصرف النظر عن العقيدة واللون والجنس.. وأي اختلافات اخري. والملايين تابعوا وشاهدوا وتساقطت دموعهم علي الفقيد الذي غاب في فترة حرجة من تاريخ الوطن, وانما كانت الدموع لغسل جراح لاتزال نازفة ومخاوف تطارد الجميع وقبل هذا وبعده وطن يقف في مفترق الطرق, ولا احد يملك الإجابة الآن.. الحزن النبيل جاء في وقته ليجمع بين النسيج الواحد وليزداد قوة ومتانة فالقضية اليوم ليست تآمرا عارضا تعودنا عليه لعقود من الزمان من هنا او هناك, ولكنها قضية البقاء لهذا الوطن ولهذا الشعب, اعرق الاوطان التي يسجلها التاريخ واولي الحضارات البشرية التي عرفها الإنسان. الحزن النبيل والدموع الصادقة الصافية لاتعد أبدا من عناصر الضعف بل العكس تماما, والألم يزيد من نشاط الحواس ويضعها في ذروة الاستشعار وهو ما نحتاجه اليوم حتي ندرك المخاطر ونحدد علامات الطريق نحو المستقبل. العالم وهو يتابع مصر الوطن والشعب امس كان يزداد احتراما وتقديرا للأرض الطاهرة وللملايين الذين تفيض نفوسهم بهذا النقاء والمحبة والسلام مع الآخرين. شعب مصر كما نقول دائما لاخوف عليه لان الله سبحانه وتعالي يرعاه وتتجلي مشيئته وسط كل الأحداث والمنعطفات الحادة التي تمر بها, وكان نصيبنا من الخسائر لايذكر اذا تمت المقارنة مع الاخرين. ستظل كلمات وامنيات البابا شنودة معنا وهي امانة تتحملها الأجيال ولكن الحزن النبيل الذي جمع بين المصريين جميعا سيقودنا الي طريق النجاة بالوطن والإنسان ولتحقيق الحلم المشروع في النهضة والتقدم والرخاء.