عند تجديدي لرخصة سيارتي تزامن وجود أحد المستشارين ليجدد سيارته, وحين سألته الموظفة عن شهادة المخالفات رد عليها أنهم معفون منها, ونزل الخبر علي كالصاعقة من يطبق القانون علي الجميع لا يطبقه علي نفسه قفز هذا في ذهني حينما استمعت مؤخرا لتشنج أحد الأفاضل لرفضه عزل النائب العام ودار في خلدي كيف يمكن عزل رئيس الجمهورية بمواد قانونية ولا يمكن عزل النائب العام بالقانون! وتساءلت: إما ان ما تفضل به في الإعلام غير صحيح وبالتالي يلزم محاكمته, وإما ان المنظومة كانت تستشرف يوما كهذا فرسخت آليات استمرار الفساد! وكلا الفرضين يحتاج إلي وقفة ولنتذكر رأي رجال قانون آخر حيث سبق مطالبة لجنة الشئون السياسية بنقابة المحامين بضرورة عزل النائب العام وقادني الأمر إلي مناظرة أحد أصدقائي المستشارين فأكد لي أن قانون السلطة القضائية ينص علي عدم إمكانية عزل النائب العام وغيره والأمر يحتاج إلي تعديل القانون!! في العجلة الندامة! فمع كم المراسيم الصادرة علي عجالة( والتي تحتاج إلي تعديل) قبل أن يتولي ممثلو الشعب سلطة إصدار القوانين عدت بالذاكرة إلي ماض نظنه قد ولي شاهدنا فيه الإسهال( وأحيانا الإمساك) التشريعي في عديد من التشريعات ثم تذكرت قانون الحدين الأدني والأقصي وكيف انه يرسخ التفرقة المجتمعية وكأنه يضرب بعرض الحائط هتافات الجماهير في ميادين مصر. عدالة اجتماعية.. ولم أتوقف كثيرا امام نصف المظروف الذي سمح به رئيس الوزراء لوزرائه, وكيف ان نصف المظروف يتم بالقانون لكنني تساءلت عما إذا كان النصف الأخر غير قانوني؟! حينما ينعدم الهدف من القانون وهو العدل فلا معني لوضع القوانين لأننا بهذا نضع اداة إفساد ويتعدي الأمر معالجة الفساد المجتمعي ليرسخ منظومة الإفساد وهو عكس الهدف من وضع القوانين علي مدار التاريخ! ثم تذكرت كيف تعامل الرئيس السادات مع معارضيه بالقانون كما قال! لا ينكر احد وجود شرفاء في سلك النيابة والقضاء ولكن الأمر يتعدي الأمر الشخصي فليزم ان تصبح المنظومة قدوة تذكرت هذا حيث يدور جدال حول قانون تنظيم الجامعات وكيف تم إلغاء مادة الانتخاب كمعيار وحيد لتعيين عمداء الكليات بدون ان يوضع أي معيار آخر غيره.. والأمثلة عديدة علي أمور ظاهرها العدل وباطنها...! ولا يقف المرء عند إنشاء مراكز قانونية تسمح بإفساد أنفسها وغيرها( بالقانون) بل يتعداه إلي إنشاء مراكز مالية يمكنها ان تعوض أي خسارة مالية بعد ان تم ترسيخ المراكز المالية للمفسدين والفاسدين وبالقانون حين نسمح بالتصالح في جرائم الاستثمار بسعر يعود لعدة سنوات وحين تناقشت مع صديق في الأمر اتفقنا علي ان ندعو الجميع لعدم الاعتراض علي الأمر إذا تساوينا في( نهب) مال اليتامي والأرامل بشرط واحد ان يتاح هذا للجميع بمن فيهم اليتامي والأرامل! في كل هذا لم أسمع انا شخصيا عن احد يصرح ان أولي رايات العدل أن نطبق هذا علي من وضعه ومن يطبقه علي غيره هلا تذكرنا قول أبي الأسود الدؤلي واضع علم النحو منذ حوالي أربعة عشر قرنا: ابدأ بنفسك فانهها عن غيها فإذا انتهت عنه فأنت حكيم لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم