مدبولي: نعمل مع الوزارات المعنية على تسهيل إجراءات التسجيل العقاري للوحدات السكنية    تعاونيات البناء والإسكان تطرح وحدات سكنية ومحلات وجراجات للبيع بالمزاد العلني    برنامج الأغذية العالمي: الوضع الإنساني بقطاع غزة كارثي.. ومخزوننا الغذائي بالقطاع نفد    بيروت ترحب بقرار الإمارات بالسماح لمواطنيها بزيارة لبنان اعتبارا من 7 مايو    رئيس حزب فرنسي: "زيلينسكي مجنون"!    فاركو يسقط بيراميدز ويشعل صراع المنافسة في الدوري المصري    سيل خفيف يضرب منطقة شق الثعبان بمدينة طابا    انضمام محمد نجيب للجهاز الفني في الأهلي    أوديجارد: يجب استغلال مشاعر الإحباط والغضب للفوز على باريس    زيزو يخوض أول تدريباته مع الزمالك منذ شهر    إسرائيل تدرس إقامة مستشفى ميداني في سوريا    التموين: ارتفاع حصيلة توريد القمح المحلي إلى 21164 طن بالقليوبية    الزمالك: نرفض المساومة على ملف خصم نقاط الأهلي    الشرطة الإسرائيلية تغلق طريقا جنوب تل أبيب بعد العثور على جسم مريب في أحد الشوارع    حرس الحدود بمنطقة جازان يحبط تهريب 53.3 كيلوجرامًا من مادة الحشيش المخدر    استشاري طب شرعي: التحرش بالأطفال ظاهرة تستدعي تحركاً وطنياً شاملاً    المخرج طارق العريان يبدأ تصوير الجزء الثاني من فيلم السلم والثعبان    البلشي يشكر عبد المحسن سلامة: منحنا منافسة تليق بنقابة الصحفيين والجمعية العمومية    ترامب يطالب رئيس الفيدرالي بخفض الفائدة ويحدد موعد رحيله    الهند وباكستان.. من يحسم المواجهة إذا اندلعت الحرب؟    حادث تصادم دراجه ناريه وسيارة ومصرع مواطن بالمنوفية    التصريح بدفن جثة طالبة سقطت من الدور الرابع بجامعة الزقازيق    ضبط المتهمين بسرقة محتويات فيلا بأكتوبر    تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال    مفتي الجمهورية: نسعى للتعاون مع المجمع الفقهي الإسلامي لمواجهة تيارات التشدد والانغلاق    23 شهيدًا حصيلة الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم    مديرية العمل تعلن عن توفير 945 فرصة عمل بالقليوبية.. صور    رسميًا.. إلغاء معسكر منتخب مصر خلال شهر يونيو    مورينيو: صلاح كان طفلًا ضائعًا في لندن.. ولم أقرر رحيله عن تشيلسي    فيبي فوزي: تحديث التشريعات ضرورة لتعزيز الأمن السيبراني ومواجهة التهديدات الرقمية    كلية الآثار بجامعة الفيوم تنظم ندوة بعنوان"مودة - للحفاظ على كيان الأسرة المصرية".. صور    نائب وزير الصحة يُجري جولة مفاجئة على المنشآت الصحية بمدينة الشروق    مصر تستهدف إنهاء إجراءات وصول السائحين إلى المطارات إلكترونيا    الداخلية تعلن انتهاء تدريب الدفعة التاسعة لطلبة وطالبات معاهد معاونى الأمن (فيديو)    رابط الاستعلام على أرقام جلوس الثانوية العامة 2025 ونظام الأسئلة    رغم توقيع السيسى عليه ..قانون العمل الجديد :انحياز صارخ لأصحاب الأعمال وتهميش لحقوق العمال    في السوق المحلى .. استقرار سعر الفضة اليوم الأحد والجرام عيار 925 ب 55 جنيها    صادرات الملابس الجاهزة تقفز 24% في الربع الأول من 2025 ل 812 مليون دولار    كندة علوش: دخلت الفن بالصدفة وزوجي داعم جدا ويعطيني ثقة    21 مايو في دور العرض المصرية .. عصام السقا يروج لفيلم المشروع X وينشر البوستر الرسمي    إعلام الوزراء: 3.1 مليون فدان قمح وأصناف جديدة عالية الإنتاجية ودعم غير مسبوق للمزارعين في موسم توريد 2025    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : انت صاحب رسالة?!    تقرير المعمل الجنائي في حريق شقة بالمطرية    بالفيديو.. كندة علوش: عمرو يوسف داعم كبير لي ويمنحني الثقة دائمًا    بلعيد يعود لحسابات الأهلي مجددا    بدء الجلسة العامة لمجلس الشيوخ لمناقشة تجديد الخطاب الدينى    الأوقاف تحذر من وهم أمان السجائر الإلكترونية: سُمّ مغلف بنكهة مانجا    غدا.. الثقافة تطلق برنامج "مصر جميلة" للموهوبين بالبحيرة    وزير الصحة يبحث مع نظيره السعودي مستجدات التعاون بين البلدين    في ذكرى ميلاد زينات صدقي.. المسرح جسد معانتها في «الأرتيست»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم 4-5-2025 في محافظة قنا    الرئيس السيسي يوافق على استخدام بنك التنمية الأفريقي «السوفر» كسعر فائدة مرجعي    دعوى عاجلة جديدة تطالب بوقف تنفيذ قرار جمهوري بشأن اتفاقية جزيرتي تيران وصنافير    الأزهر للفتوى يوضح في 15 نقطة.. أحكام زكاة المال في الشريعة الإسلامية    هل يجوز للزوجة التصدق من مال زوجها دون علمه؟ الأزهر للفتوى يجيب    خبير تغذية روسي يكشف القاعدة الأساسية للأكل الصحي: التوازن والتنوع والاعتدال    الإكوادور: وفاة ثمانية أطفال وإصابة 46 شخصا بسبب داء البريميات البكتيري    تصاعد جديد ضد قانون المسئولية الطبية ..صيدليات الجيزة تطالب بعدم مساءلة الصيدلي في حالة صرف دواء بديل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى قانون إفساد الحياة السياسية: العزل السياسى لن يفيد الإخوان والسلفيين
نشر في صباح الخير يوم 29 - 11 - 2011

فى عام 1952 صدر القانون رقم 344 لسنة 1952 تحت اسم قانون الغدر والذى يعنى خيانة الأمانة سواء كانت سياسية أو مالية أو جنائية؛ فحكومة ثورة يوليو أرادت بهذا القانون أن تصفى خصومها السياسيين، وكان أشهر من أرادت الثورة تصفيتهم فؤاد باشا سراج الدين سكرتير عام حزب الوفد حينها.
هذا القانون يقضى بأن يعاقب أى شخص أفسد فى الحياة السياسية أو الاقتصادية بعزله سياسيا، وحرمانه من مباشرة الحياة السياسية، أو الترشح فى الانتخابات، أو تولى مناصب عامة، أو انضمامه لحزب أو تكوين حزب وإسقاط عضويته من المجالس التشريعية وعزله من وظيفته، وهذه الاحكام كانت تصدر من محكمة الغدر التى شكلتها حكومة الثورة؛ لكن بعد ثورة 25 يناير تعالت الأصوات مطالبة بضرورة تفعيل قانون الغدر خاصة أن كثيرا من رموز النظام السابق تنطبق عليهم جميع هذه التهم، وأن يكون القاضى الطبيعى هوالمختص بالمحاكمة؛ومع تزايد حالات عدم الاستقرار التى تعيشها البلاد أصدر المجلس العسكرى قانون إفساد الحياة السياسية؛ الذى يعتبره البعض بمثابة خديعة للقوى السياسية لأنه لا يحتوى على نص صريح يحدد أعضاء الحزب الوطنى المنحل؛ والبعض الآخر يعتبره وسيلة لهروب المفسدين؛ خاصة أنه جاء بعد تراخٍ طويل؛ هذا إلى جانب أن القانون سيؤدى إلى إسقاط عضوية عدد من نواب البرلمان المحسوبين على النظام السابق مما سيترتب عليه إجراء انتخابات تكميلية لاستكمال النصاب العددى للمجلس البرلمانى.
وكان إصدار قانون إفساد الحياة السياسية قد أثار الجدل والخلاف حول توقيت إصداره؛ وكيفية تطبيقه فى ظل الظروف الراهنة التى تمربها البلاد؛ وهل جاء تطبيق هذا القانون لمصلحة تيار بعينه؛ وهل فترة الخمس سنوات كافية أم لا؛ وما هو مصير المرشحين من فلول الوطنى المنحل؛ وهل سيتم إعادة الانتخابات مرة أخرى فى الدوائر التى سيصدر ضد نوابها أحكام أم لا ؟؛ ورغم الاختلاف فى وجهات النظر بين محتوى القانون أو جدواه من عدمه فى هذه المرحلة الراهنة؛ إلا أن الجميع أقر بأنه خطوة فارقة فى تاريخ مصر.
* تأخير
وفى تعليقه على قانون إفساد الحياة السياسية يقول الدكتور حسام عيسى أستاذ القانون بجامعة عين شمس: إن القانون الصادر حاليا لن يطبق على الانتخابات القادمة لصدوره متأخرا، كما أنه لم يحدد بنص صريح الفئات التى يجب عزلها؛ولكن هذا يحتاج الى رفع دعاوى قضائية ضد كل شخص يراد عزله، وهذه قضية تحتاج الى وقت طويل، كما أن المرسوم بقانون الصادر من المجلس العسكرى لم يحدد الجهة المختصة بهذه النوعية من الجرائم، مضيفا حتى وإن كانت محكمة الجنايات مختصة بذلك، إلا أن هذا الأمر يحتاج الى وقت طويل، كما أنه من المفترض أن أى فئة فى الحزب الوطنى قد شاركت فى إفساد الحياة السياسية، وهذا يتطلب رفع دعوى على كل عضو باسمه .
وعن آلية تطبيق المرسوم بقانون قال عيسى يتم رفع دعوى الى النائب العام؛ويتم نظرها أمام محكمة الجنايات، وبناء على الأدلة المقدمة يتم الحكم على الشخص المدعى عليه باعتباره قد أفسد فى الحياة السياسية أم لا، وأضاف عيسى كنت أتوقع أن يصدر القانون بعزل كل من كان عضوا فى الحزب الوطنى؛ أو كل من شارك فى تعديل المادة 76 وكل من قام بالتصويت عليها؛ لأنها مهدت للتوريث ولكن هذا لم يحدث.
وردا على التعليقات التى صدرت من أن القانون تم تطبيقه فى هذه المرحلة تحديدا لخدمة تيارات بعينها قال عيسى أن تطبيق القانون فى هذا الوقت لن يصب فى مصلحة أحد من التيارات أو الأحزاب، كما أنه لن يفيد الإخوان المسلمين، أو السلفيين أو الأحزاب الأخرى معللا ذلك بأنه سيأخذ وقتا فى تطبيق الأحكام الى ما بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية.
وهذا يعنى أن المرشحين الذين سيطبق عليهم القانون ستخلو دوائرهم، ومن ثم يتم إجراء الانتخابات فى دوائرهم مرة اخرى ولا فرق فى ذلك بين الأفراد أو الأشخاص الاعتباريين كالأحزاب التى قام بعض الأعضاء السابقين فى الحزب الوطنى بتأسيسها ك (أحزاب الاتحاد، والمواطن المصرى، و الحرية)؛ فالقانون سيطبق على الجميع طالما أفسدوا الحياة السياسية.
وأضاف عيسى أن عقوبة الفساد السياسى ليست عقوبة جنائية يعاقب عليها بالحبس أو الغرامة وإنما عقوبتها العزل من الوظيفة والحرمان من المشاركة فى المجالس النيابية أو المحلية لمدة معينة بمعنى أنها عقوبات ليست مقيدة للحرية، وأوضح فى حالة إصدار تشريع جديد يعاقب على الجرائم السياسية والفساد السياسى، لابد أن يسرى بأثر رجعى بمعنى الحساب على الإفساد السياسى قبل ثلاثين عاما لأنه فى قانون العقوبات لابد أن يكون التشريع صادرا قبل ارتكاب الفعل، أما الفساد السياسى فإن تطبيقه بأثر رجعى بالعزل من الوظيفة العامة وعدم الترشح للمجالس النيابية بغرض تنقية الحياة السياسية.
وهل فترة السنوات الخمس كافية أم لا؟؛ قال عيسى صدور الأحكام ستأخذ وقتا طويلا حتى إن الخمس سنوات ستكون قد أوشكت على الانتهاء؛ مضيفا أنه قد تم تحديد الخمس سنوات لعزل من أفسدوا فى الحياة السياسية حتى لا يفسدوا فى هذه الحياة مرة أخرى لمدة خمس سنوات وبعدها ربما يبتعد هؤلاء المعزولون عن الحياة السياسية باختيارهم وقد لا يعودون إليها مرة أخرى.
* قبل الانتخابات
ويرى الفقيه الدستورى الدكتور عاطف البنا أن قانون إفساد الحياة السياسية قد تأخر صدوره كثيرا وكنا ننتظره فى وقت مبكر؛ كما كنا نفضل قانونا آخر يقرر العزل السياسى لفئات وقيادات وكوادر الحزب الوطنى، والعزل لمدة محددة لا تقل عن خمس سنوات، وأضاف البنا أننا لسنا فى حاجة إلى قانون يقرر محاكمات، فنحن فى ظل ثورة أطاحت بالنظام السابق وحزبه الذى تبين فساده المطلق، فكان المتصور أن يصدر قانون بالعزل المباشر وتحديد الفئات التى يجب عزلها منها قيادات الوطنى ولجانه وفى مقدمتها لجنة السياسات، وعلى المستوى الإقليمى لجان المحافظات والمراكز والمدن، كما كان سيشمل عشرات الآلاف من أعضاء الحزب، ويضاف إليهم كل من تولى الوزارة أو من دخل عضوا فى مجلسى الشعب والشورى، خاصة انتخابات شعب 2010 لأنها كانت تزويرا شابه انتخابات، ونظرا لأننا فى ثورة فنحن نتقبل مثل هذا القانون ولكن كان ينبغى أن يكون ذلك قبل الترشيح للانتخابات، وأن يتم تحديد الأسماء، ولكن ما حدث الآن أن القانون جاء مجرد تعديلات لقانون الغدر رقم 344 لسنة1952والمعدل بالقانون رقم 173 لسنة 1953، وجاء فيه ''أن تختص محكمة الجنايات دون غيرها بالنظر فى الجرائم المنصوص عليها، ويحدد رئيس محكمة الاستئناف بعد موافقة الجمعية العمومية للمحكمة دائرة أو أكثر للاختصاص بنظر تلك الجرائم، ويتم إعلان المتهم بالجلسة المحددة وباتباع إجراءات المحاكمة وفقا للقواعد المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية، وهذه التعديلات لا تمس العقوبات الأساسية» .
وأضاف البنا: إننا لو أصدرنا قانونا جديدا ومحاكمات وأحكاما جنائية فالقاعدة الدستورية «الشرعية» تقول أنه لا عقاب إلا على الأفعال التى تحدث بعد صدور القانون، لكن حاليا المعاقبة ستتم على أفعال لم ينص القانون على العقاب عليها، كما أن صدور القانون الآن يحتاج الى التقدم بشكاوى وبلاغات الى النيابة العامة والتحقيق فيها من سماع الشهود وعرض الأدلة وهذا يحتاج إلى وقت حتى تنتهى المحكمة من التحقيقات، ثم بعد ذلك الحالات التى ترى المحكمة فيها أى شبهة جنائية قوية تحال الى الجنايات، وهذا يعنى أن تلك المحاكمات ستأخذ وقتا حتى يتم صدور أحكام فيها.
وقال البنا: إن الشكاوى التى تصل إلى النيابة يتم التحقيق فيها الآن؛ وهذا لن يؤثر على المشاركة فى الانتخابات البرلمانية لأننا لن نستطيع منع أحد إلا بصدور أحكام، والأحكام غير موجودة، لكن بعد صدورها فهذا يعنى أنه ستتم الإعادة فى هذه الدوائر؛ وهذا ينطبق على الأحزاب والأفراد.
* عبث
أما المستشار أحمد مكى نائب رئيس محكمة النقض السابق فقد وصف القانون الصادر تحت مسمى إفساد الحياة السياسية بأنه واللهو سواء وأضاف أن هذا القانون لا يتلاءم مع المرحلة القادمة و ذلك لاستحالة تطبيق هذا القانون فى الوقت الحالى على قيادات ورموز العهد السابق والمتهمين بإفساد الحياة السياسية فى البلاد، مضيفا أن الإجراءات الخاصة بتطبيق القانون سوف تستنفد الكثير من الوقت لحين الانتهاء إلى ادانة شخص ما بإفساد الحياة السياسية وعزله وحرمانه من حقوقه السياسية، وتساءل مكى: كيف نستطيع عزل رموز النظام السابق من حرمانهم من الدخول فى الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
وتساءل مكى أيضا عن الآلية التى يمكن من خلالها تطبيق هذا القانون فى الوقت الحالى وقد بدأ بالفعل إجراء الانتخابات البرلمانية أمس الاثنين، وقال مكى إن القضاء لا يتحمل أى أعباء جديدة خاصة فى ظل الأزمة القائمة بين القضاة والمحامين بالإضافة إلى ما يتحمله القضاة من المحاكمات الخاصة بالفساد والبلطجة، مضيفا أن هذه المرحلة كان من الطبيعى أن تنتهى إداريا قبل الانتخابات البرلمانية.
ويرى مكى أن كلمة الفساد السياسى عبارة مطاطة بمعنى أنه لا يمكننا أن نقول من أفسد الحياة السياسية أو هدد الوحدة الوطنية، والعبارات المطاطة لا تصلح للتجريم، فالقوانين التى تحاسب على الفساد السياسى هى قوانين ترتبط بسلطة ثورية بغرض تصفية خصومات الفساد السياسى.
وقال مكى إن التربح من الاستيلاء على أراضى الدولة هو استيلاء وإهدار للمال العام وهذه وقائع يمكن المحاسبة عليها وهى جرائم فساد ولكن حدوث أفعال محددة أسندت إلى أشخاص محددين بقصد الإضرار بمصلحة البلاد السياسية أو الاقتصادية، هناك اتفاقية الغاز مثلا هذا فعل من شأنه الإضرار بمصلحة البلاد الاقتصادية؛ ويعد أيضا إفسادا سياسيا واقتصاديا يمكن المحاسبة عليه، فالتجريم فى هذه الحالات لفعل ظاهر ومنضبط، وهناك أيضا جرائم معاقب عليها ويمكن أن تندرج فى الإفساد السياسى مثل الاختلاس والاستيلاء على أراضى الدولة حتى قتل المتظاهرين يعد أيضا فسادا سياسيا.
* قاعدة شرعية
أما المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادى القضاة السابق يرى أن أى جريمة لابد أن يحكمها نص قانونى؛ وقانون العقوبات وضع نصوصا قانونية لكل جريمة يتوافر بها الركن المادى والركن المعنوى؛ ومن هنا فالجريمة السياسية ليس لها تعريف محدد فهى غير معروفة فى القانون؛ والفساد السياسى حالة وليس جريمة محددة.
ويضيف المستشار عبدالعزيز أن هناك أمثلة ينطبق عليها حالة الفساد السياسى؛فمن قام بتزويرالانتخابات البرلمانية بطريقة ممنهجة ارتكب جريمة؛ولكن التزوير هنا لا يتوافر فيه الركن المادى والمعنوى بمعنى من قام بالتزوير؟؛ومن حرض؟؛وما هى الأدلة؟؛ولكنها فى الأصل جريمة فساد سياسى؛أيضا من فرط فى أراضى الدولة بأسعار متدنية لبعض رجال الأعمال،ومن قام بتصدير الغاز لإسرائيل بأسعار لا تتناسب مع قيمته الحقيقية، ومن تسببوا فى تراجع صحة المصريين وإصابتهم بعدة أمراض؛ ومن أفسد التعليم بتطبيق سياسات متضاربة على مدار سنوات طويلة؛ وهناك أيضا من تسببوا فى تراجع دور مصر ومكانتها فى العالم العربى والإسلامى؛ وأيضا ترزية القوانين الذين مهدوا للتوريث كل هذا يمثل حالات لمن أفسدوا الحياة السياسية ولم ينص عليها القانون.
* سقوط
أما المستشار محمود الخضيرى نائب رئيس محكمة النقض السابق فقال هناك كثيرون ارتكبوا جرائم فساد سياسى دون أن يطالهم قانون العقوبات الذى يعاقب على جرائم محددة لها عقوبات محددة، ويرى الخضيرى أن إصدر تشريع خاص بحرمان من تسبب فى إفساد الحياة السياسية فى الفترة السابقة من رموز الحزب الوطنى وأعضاء لجنة السياسات من الترشيح فى الانتخاب لمدة خمس سنوات وهى فترة انعقاد مجلس الشعب وأيضا منع أعضاء مجلسى الشعب والشورى وأعضاء المجالس المحلية من العمل السياسى وعزلهم سياسيا لمدة خمس سنوات حتى يتطهر الجهاز الحكومى من الفاسدين وأضاف أن إصدار مثل هذا التشريع من المجلس العسكرى يكفى حاليا دون اللجوء لإحياء قانون ميت مثل قانون الغدر الذى يتطلب وجود محكمة للغدر؛ كما أنها عملية احياء ليس لها ضرورة فى الظروف التى تمر بها مصرحاليا.
* ثلاثة نصوص
ويقول الدكتورمحمود العطار نائب رئيس مجلس الدولة هناك العديد من المواد الموجودة بالقانون الحالى والتى تحتاج الى تفعيل فمثلا قانون العقوبات الحالى به ثلاث مواد عن الفساد السياسى؛ أولاها المادة 77 التى تتحدث عن الجرائم التى تضر بالبلاد سياسيا أو اقتصاديا، أو بقصد الإضرار بمصلحة قومية ويمكن أن تصل فيها العقوبة إلى السجن المشدد 15 سنة، والمادة 115 مكرر والتى تتحدث عن المسئول الذى يتعدى على الأراضى الزراعية أو أراضى البناء لحساب نفسه أو إذا سهل هذا التعدى لغيره فهذا يعاقب بالسجن ويعزل من وظيفته، كما توجب المادة 115 أيضا على الموظف العام الذى يحصل لنفسه أو لغيره بدون حق على ربح أو منفعة من عمل من أعمال وظيفته يعاقب بالسجن المشدد لمدة خمس عشرة سنة، كذلك المادة 111 والتى تختص بأعضاء المجالس النيابية العامة أو المحلية الذين يستفيدون من أعمال وظيفتهم وهؤلاء من الممكن أن تصل عقوبتهم إلى السجن المؤبد، و المادة 106 مكرر والتى تتحدث عمن يستغل نفوذه للحصول على أى ميزة من أى نوع سواء إصدار تراخيص أو اتفاق توريد أو أعمال مقاولات أو أى مزايا أخرى من أى نوع فهذا يعد فى حكم المرتشى ويعاقب بعقوبة من الممكن أن تصل للسجن المؤبد أيضا، فكل هذه المواد لابد من تفعيلها وتطبيقها.
* نقص
وانتقد المستشار هشام رؤوف الرئيس بمحكمة الاستئناف تأخر المجلس العسكرى فى إصدار القانون الى هذا الوقت؛ وقال إنه كان يتعين على المجلس إصدار هذا القانون قبل فتح باب الترشيح للانتخابات البرلمانية بفترة كافية، حيث إنه لا معنى لمثل هذا القانون الآن؛ كما أن هذا يعد استهلاكا للوقت والجهد دون طائل .
وأضاف رؤوف: إن القانون بالشكل الصادر به يشوبه النقص لأنه لم يحدد تعريفا واضحا لمعنى إفساد الحياة السياسية فهذا تعبير فضفاض، وقد يؤدى هذا إلى تطبيق القانون على أى مواطن عادى، لذا كان ينبغى أن يكون التعريف أكثر وضوحا وتحديدا لما يعنيه بإفساد الحياة السياسية، كما أن القانون بالشكل الصادر به تشوبه شبهة عدم الدستورية لكونه سيعاقب على وقائع تمت قبل صدوره لأن القانون بمسماه الجديد وباحالة الفصل فى التهم لمحكمة الجنايات اختلف عن القانون الصادرعام 1952.
واستطرد رؤوف فى حديثه قائلا أنه كان من الأفضل للمجلس العسكرى أن يصدر قانون بالعزل السياسى ومنع حق الترشح فى الانتخابات البرلمانية لجميع رموز النظام السابق بشكل واضح ومحدد وقبل فتح باب الترشيح بوقت كافِ واستبعاد الفلول بقرار وقانون محدد وواضح.
* بلاغات كيدية
قال المستشار زكريا شلش رئيس محكمة الاستئناف أن القانون الجديد لن يسرى بأى حال من الأحوال على مرشحى الانتخابات المقبلة، وأرجع ذلك إلى طول الفترة الزمنية التى سيستهلكها القانون للنطق بحكم سواء كان بالإدانة أو غيرها؛ خاصة أن النيابة العامة التى ستتولى التحقيق سوف تستند على أدلة عينية وورقية فقط مما يؤدى إلى صعوبة إثبات تلك التهم.
وأوضح شلش أنه إذا قامت النيابة بالاستناد إلى أدلة يقينية سوف يفتح الباب أمام جميع الطوائف للتقدم ببلاغات كيدية واستخدام القانون للانتقام من بعضهم البعض، وأضاف أن هذا القانون لن يطبق إلا على قلة ضئيلة جدا وبعد زمن طويل وهذا ما لا يحتاجه الشعب المصرى الآن.
وأضاف: إن القانون سوف يزيد الأعباء على النيابة العامة وبالتالى على المحاكم التى سوف تنظر هذه القضايا فى وقت لا تنتظم فيه الجلسات بسبب الاعتداءات المتكررة على المحاكم.
* عيوب
وقال المستشار رفعت السيد رئيس نادى قضاة أسيوط السابق ورئيس محكمة جنايات الجيزة أن قانون إفساد الحياة السياسية الذى أصدره المجلس العسكرى به بعض العيوب أهمها أنه يحتوى على عبارات عامة ومطاطة وهذه مخالفة للتشريعات العقابية التى يتعين أن تكون محددة وواضحة؛كما أن القانون لم يحدد ماهية إفساد الحكم وشروطه وأركانه؛ وكذلك إفساد الحياة السياسية والمقصود منها وأركانها؛ومن ثم ترك الأمر للقضاة.
وقال السيد إن قانون إفساد الحياة السياسية الصادرعن المجلس العسكرى جاء تعديلا لبعض أحكام قانون الغدر الذى صدر عن ثورة 23 يوليو 1952 بأن أجرى بعض التعديلات والعقوبات على القانون السابق وهو جاء محققا للعدالة والإنصاف ذلك لأنه اشترط توجيه الإتهام بإفساد الحكم أو الحياة السياسية من النيابة العامة التى يتعين عليها أن تحقق فى البلاغات والشكاوى وحتى توضح هذه التحقيقات التى تجريها النيابة أن شخصا بذاته محدد الاسم والصفة ارتكب جريمة إفساد الحكم أو الحياة السياسية.
وقال هذا القانون جاء تلبية لمطلب بعض القوى السياسية التى كانت تطمح فى إقصاء منافسيها وبخاصة الفلول من أعضاء الحزب الوطنى المنحل؛ لكنه لم يحقق كل مطلبهم إذ إنه جاء عاما يشمل جميع المفسدين سواءا كانوا من الحزب الوطنى أو من غيره؛ كما أن تنفيذه لن يتم إلا بصدور حكم قضائى يقضى بثبوت ارتكاب المسند إليه الاتهام بجريمة الإفساد، وهذا أمر قد يستغرق سنوات لذا فإنى أطالب النيابة العامة بأن تخصص نيابة متخصصة تختص بفحص البلاغات الخاصة بإفساد الحياة السياسية؛ كما طالب السيد بضرورة تخصيص المحاكم الجنائية دوائر متخصصة ومتفرغة للفصل فى هذه الدعاوى حتى لا يطول أمد التقاضى وقد يفلت المفسدون من العقاب بسبب وفاتهم أو غيره من الأسباب التى تؤدى إلى انقضاء الدعوى الجنائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.