في إطار هذه الرؤية, أتطلع إلي الأحداث الجارية في بلادي, فخورا بأن فساد عصر مبارك قدم حسنة واحدة علي الأقل, حين أهدي لمصر وشعبها ثورة يناير العظيمة بشهادة العالم كله.. ونحن نعرف مصر جيدا.. فهي الأرض, والتاريخ, والهوية والأمل.. ليس مهما من أجل ذلك, أن نعرف, أولا نعرف, أصحاب هذه الفضائيات والصحف.. فالشيء الأهم بالنسبة للمصريين جميعا هو حماية مصر, واحترام مصالح شعبها.. إنه وطننا منذ الأزل, وليس في بلادنا أكثر من الحضارات العظيمة المدفونة تحت الأرض.. ولأن مصر هي صاحبة هذا التاريخ القادر علي تحقيق هذا المزج العبقري بين كل هذه الحضارات, فإن المصريين جميعا يسكنهم الايمان بخلودهم.. وخلود الوطن العبقري, الذي أنجب كل هذا التاريخ لكل صناع الحياة.. لذلك اؤمن بقدرة المصريين علي الانتصار وبقدرتهم أيضا علي كسب معاركهم وإن طال الزمان وأنهم يدركون أن مفاهيم الزمان قد تغيرت وأن قانون السرعة هو القانون الذي يحكم العلاقات الدولية والبشرية الآن.. (2) في إطار هذه الرؤية, أتطلع إلي الأحداث الجارية في بلادي, فخورا بأن فساد عصر مبارك قدم حسنة واحدة علي الأقل, حين أهدي لمصر وشعبها ثورة يناير العظيمة بشهادة العالم كله.. وفي إطارها أيضا, لا أبدو قلقا أبدا, من الأحداث الدامية والمحزنة التي تقع هنا, أو هناك,.. هذا طبيعي للغاية في تقديري علي الأقل لأنه هو نفسه الذي كشف عن مدي وحدة الشعب المصري عند اللزوم كما رأينا في تأييد المصريين لقيادة قواتنا المسلحة لمرحلة ما بعد الثورة, وكما رأينا في تأييد المصريين الكاسح للإعلان الدستوري الذي صنع خارطة الطريق بعد ذلك.. ولما رأيناه في الانتخابات البرلمانية ربما للمرة الأولي في تاريخ مصر بالرعاية الديمقراطية ولما سنظل نراه دائما من وحدة هذا الشعب وقدرته علي التحدي والصمود. (3) أغلب الظن لذلك ان أصدقاءنا في الغرب, وجارتنا اسرائيل ومعهم كل من يؤيد ويساند ويشايع سيادة مقومات الهوية الغربية في مصر.. لا يمكن القول بأنهم سعداء باسترداد مصر لهويتها أو دينها أو كرامتها وسيادتها واستقلالها.. من هنا نستطيع أن نفهم ما تشهده الساحة السياسية المصرية من خلافات, تصل أحيانا إلي حد مقدمات الصراعات.. (4) يبدو أن هؤلاء الأصدقاء لايريدون للثورة المصرية أن يقودها الجيش المصري تحديا لتاريخ العسكرية المصرية المشرف والعظيم ربما لأن المسارات التي نمضي فيها بالفعل منذ قيام الثورة وبقيادة المجلس الأعلي لقواتنا المسلحة تستهدف بناء الدولة المصرية الديمقراطية العادلة والمؤمنة بأن خيرة شبابها هم صناع ثورة يناير العظيمة. (5) الأصدقاء لايريدون إعطاءنا هذه الفرصة..ويضغطون بكل رجالهم وأعوانهم وإمكاناتهم وصحفهم ووفضائياتهم..علي أمل أن يسفر فتح باب الترشيح لانتخابات رئاسة الجمهورية عن تقدم المرشح الذي يعد بتحقيق أو حتي الحفاظ علي مصالح أمريكا واسرائيل.. إن شعارات الديمقراطية وجماعات الديمقراطية تنشط بكل قوتها في سماء مصر وميادين القاهرة وبعض المحافظات من أجل ذلك.. (6) لايخفي علي من يتابع الاعلام الغربي هنا وهناك وجود الكثير من جوانب الاتفاق في توجهات وأهداف كل منهما..وكأنهم لايريدون لمسارات الثورة المصرية أن تمضي باتجاه رفع المظالم وتحقيق العدالة بين أبناء الوطن المصري الواحد..إلا إذا كانت هذه المسارات تمر بتعديلات واشنطن وحلفائها أولا.. وكأني أقرأ الشعار الصامت الذي يرفعه هؤلاء الأصدقاء وأعوانهم والذي يقول مصالح أمريكا وإسرائيل أولاو, ثم ليذهب أي شيء آخر الي الحجيم بعد ذلك. فالأمة العربية كلها وليس مصر فقط أصبحت مجرد جغرافيا مفتوحة, وثروات مستباحة منذ كامب ديفيد وحتي الآن.. (7) وفي تقدير صحفي متابع للأحداث مثلي أنهم لم يضيعوا سنوات السلام سدي..إنما ترتبط بهم الآن منظومات بكاملها..عبر الشراكات والتوكيلات وجماعات الضغط في المنظمات التي ترفع شعارات مثل شعارات الديمقراطية وحرية الاعلام وحقوق الانسان..بل في ظل ماسمح به نظام مبارك الكنز الاستراتيجي لاسرائيل من حرية الحصول علي الأموال الأجنبية في العديد من هذه المجالات.. (8) وليست مصادفة أن يكون المجتمع المصري في سنوات الكنز الاستراتيجي قد شهد مايعيشه الأن من تغيرات يدفع ثمن التصدي لها وتحديها الكثير من المصابين والجرحي وشهداء هذا الوطن.. فالتغيرات التي حدثت لا تقتصر علي القيم المادية التي حلت محل القيم الدينية والاخلاقية والانسانية وإنما تشمل شيئا آخر من الغناء إلي الثقافة إلي الاعلام إلي التعليم إلي الصناعة وبيع المصانع إلي الزراعة وتدمير المزارع إلي اللافتات الأجنبية التي حلت محل اللافتات المصرية والعربية, إلي الازياء إلي ابسط انماط الحياة في العلاقات وفي المأكل والمشرب وحتي كيف ينام الانسان؟ (9) كل ذلك يحدث في حماية صحافة قومية مخترقة بالعديد من السفارات والمنظمات والمسئولين السابقين الفاسدين ورجال الأعمال الطارئين.. كما يحدث في حماية فضائيات تنقل كل شيء في داخل هذا البيت المصري إلي كل أرجاء العالم.. بحجة حرية الاعلام.. ودون أدني مراعاة إلي حقيقة ان حرية الاعلام في الغرب ادت إلي قيام أوروبا الموحدة.. وأدت إلي التكتلات الاقتصادية الأمريكية علي مستوي العالم كله.. بينما حرية الاعلام في بلادنا لا تؤدي إلي غير التفرقة, والتقسيم, والتشرذم, والتفرق.. وعلي نحو يجعل الانسان المصري يعتقد أنه قد أصبح صاحب حق في ان يكون امريكيا ولم يعد من حقه أن يكون مواطنا مصريا.. فالتغيير للأسف والألم كان تغييرا شاملا, وكان للأمانة يشمل كل شيء! (10) في ظل هذه المشاهد والأحداث يتطلع الانسان المصري إلي آلة الاعلام, باعتبارها إحدي أهم ادوات سيادة الدولة, في العالم كله, وليس في مصر فقط فيري إعلامنا وصحافتنا علي هذا النحو الذي لا يرضي عند أي مصري. (11) لذلك أقول وبأعلي الصوت إن الاعلام المصري كله, آن له أن يكشف عن جنسيته الحقيقية وآن له أن يكشف عن حقيقة الوطن الذي يعيش فيه.. (11) لا أتصور آن يظل العمل جاريا تحت شعار الولاء لمن يدفع فالمسألة لم تعد مسألة أخبار تنشرها الصحف.. ولعلها اصبحت مسألة عزة وطن.. وكرامة شعب ومواقف يتخذها المفكرون واصحاب الاقلام.