عضو مجلس المحامين بجنوب الجيزة يثبت الإضراب أمام محكمة أكتوبر (صور)    جامعة عين شمس ورئيس "الهيئة القومية" يشهدان إطلاق مبادرة "بداية" لضمان جودة التعليم    منح 36 مؤسسة تعليمية ب قنا شهادة الاعتماد    رئيس جامعة العريش يكرم الطلاب المشاركين في الكشافة البحرية    محافظ مطروح يتفقد تصميمات الرامبات لتيسير التعامل مع طلبات ذوي الهمم    دمياط تحيي ذكرى انتصارها التاريخي بوضع الزهور على نصب الجندي المجهول    تحصين 191 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية والوادي المتصدع بالدقهلية    وزير الإسكان يتفقد أعمال تطوير الطرق ضمن مشروع "التجلى الأعظم فوق أرض السلام"    مطار مرسى مطروح الدولي يستقبل أولى رحلات الشارتر من التشيك    رئيس الوزراء يتفقد مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة بالغربية    معهد بحوث البترول وجامعة قاصدى مرباح الجزائرية يوقعان اتفاقية تعاون مشترك    البورصة: تراجع رصيد شهادات الإيداع لمدينة مصر للإسكان إلى 541 مليون شهادة    الموالح المصرية الأولى عالميًا بفضل الجهود الحكومية    الملك سلمان يصدر أوامر بإعفاء أمراء من مناصبهم وتعيين شخصيات جديدة    أكسيوس: أمريكا وإسرائيل تحاولان إقناع الأمم المتحدة بالتعاون مع مؤسسة غزة الخيرية الجديدة    تصاعد دخان أسود من الفاتيكان في اليوم الثاني لمجمع الكرادلة المغلق |فيديو    الهلال السعودي يرصد 160 مليون يورو لضم ثنائي ليفربول    الكرملين: الحوار بين روسيا والولايات المتحدة مستمر    عضو بالنواب: مصر تتحرك بثبات ومسؤولية لرفع المعاناة عن الفلسطينيين    أشرف صبحي يفتتح حمام سباحة نصف أولمبي وملعبا خماسيا بمركز شباب مدينة ناصر    كرة يد - الاتحاد يكرم باستور علي هامش مواجهة مصر الودية ضد البرازيل    وزير الشباب والرياضة ومحافظ بني سويف يتفقدان مركز التنمية الشبابية    كيف يفكر الزمالك في تدعيم الدفاع.. مصدر يوضح    فوز ناشئى اليد على التشيك وديا للمرة الثانية    ضبط شخص يروع العاملين بمستشفى بأسوان    إتاحة 6 مراكز للمراجعات المجانية لطلاب الشهادة الإعدادية بإدارة أطسا التعليمية    مش هَنسَلّم    القبض على المتهم بخطف ابنه بعد ظهوره فى فيديو كاميرات المراقبة بالوراق    انخفاض عمليات البحث على "جوجل" عبر متصفح سفارى لأول مرة لهذا السبب    بغرض السرقة.. الإعدام شنقًا للمتهمين بقتل شاب في قنا    الحقيقة الغائبة في طلاق بوسي شلبي من محمود عبد العزيز.. فنانون يؤكدون استمرار الزواج حتى وفاته.. وورثة الساحر: لدينا مستندات ونحترم القضاء    محافظ الفيوم يتابع أنشطة فرع الثقافة في أبريل    خالد يوسف: خالد صالح أكتر فنان ارتحت في الشغل معاه    وزير الثقافة يترأس اجتماع لجنة دراسة التأثيرات الاجتماعية للدراما المصرية والإعلام    3 أبراج تحب بكل قلبها.. لكنها تجد أقل مما تستحق    ترى حفرة محاطة بالأشجار أم عين؟.. لغز يكشف مخاوفك من الحياة    حالة الطقس غدا الجمعة 9-5-2025 في محافظة الفيوم    نائب وزير الصحة يتفقد وحدتي الأعقاب الديسة ومنشأة الخزان الصحية بأسوان    مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية: تخصيص مليار جنيه للجينيوم المصرى    أطعمة فائقة التصنيع مرتبطة بزيادة الإصابة بباركنسون    تكثيف جهود البحث عن فتاة متغيبة منذ يومين في القليوبية    الصفا الثانوية بنات يتفوق على كل أفلام علي ربيع في السينما (بالأرقام)    خالد بيبو: كولر ظلم لاعبين في الأهلي وكان يحلم بالمونديال    أسقف المنيا للخارجية الأمريكية: الرئيس السيسي يرعى حرية العبادة (صور)    وزير الصحة يستقبل نقيب التمريض لبحث تطوير التدريب المهني وتعميم الأدلة الاسترشادية    "دور الذكاء الاصطناعي في تطوير عمليات الأرشفة والمكتبات".. ورشة عمل بالأرشيف والمكتبة الوطنية    الإسماعيلي ضد إنبي.. الدراويش على حافة الهاوية بعد السقوط في مراكز الهبوط    ميدو يفجّرها: شخص داخل الزمالك يحارب لجنة الخطيط.. وإمام عاشور الأهم وصفقة زيزو للأهلي لم تكن مفاجأة    أمين الفتوى يكشف عن 3 حالات لا يجوز فيها الزواج: ظلم وحرام شرعًا    جامعة عين شمس تضع 10 إجراءات لضمان سير امتحانات الفصل الدراسي الثاني بنجاح    موعد إجازة المولد النبوي الشريف لعام 2025 في مصر    الحماية المدنية تسيطر على حريق نشب بهيش داخل أرض فضاء بالصف.. صور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 8-5-2025 في محافظة قنا    الجيش الباكستاني يعلن إسقاط 12 طائرة تجسس هندية    الكرملين: محادثات بوتين وشي جين بينج في موسكو ستكون مطولة ومتعددة الصيغ    انخفاض سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4810 جنيهاً    بروشتة نبوية.. كيف نتخلص من العصبية؟.. أمين الفتوى يوضح    سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السيد يسين في حواره مع الأهرام المسائي‏:‏
ليست مهمة الكاتب الاقتراب من رأس النظام حتي لو كان فاسدا
نشر في الأهرام المسائي يوم 24 - 09 - 2011

طابور طويل من المثقفين بليت أعمارهم علي عتبات السلطان‏,‏ والنتيجة أن الكلمة كانت تخرج من أفواههم مهزومة‏,‏ عهود طويلة ومصر بيت من قش‏,‏ لأن الكلمة لم تكن هناك دعامة تسند السقف‏.
ورغم ثورتي‏1952‏ و‏2011‏ مازالت الكلمات تهيم في المكان الخطأ‏,‏ ذلك لأن المثقفين أنفسهم ليسوا في المكان الذي يجب أن يكونوا فيه‏,‏ فتش عن المثقف وأنت تعرف السلطان‏.‏في‏30‏ سبتمبر الماضي كان مثقفو مصر يلتفون حول الرئيس السابق‏,‏ صورتهم معه ومقالاتهم عنه بعد اللقاء تفيض امتنانا ومحبة لشخص وحكمة وصحة الرئيس‏,‏ ثم بعد أن خلع الرجل بدقائق فاضت مقالاتهم وأحاديثهم بفساد وعناد وعجز الرئيس‏!‏ مع أن آثار أقدامهم كانت لاتزال هناك علي رخام القصر‏,‏ وآثار أقلامهم طرية في الصحف‏!‏هؤلاء كانوا ومازالوا يقولون لنا كيف ندبر أمرنا‏,‏ وإلي جوارهم يقف الآن آخرون‏,‏ كلهم يزعقون في الشاشات ليل نهار ليحددوا لنا أي طريق نختار‏,‏ مع أن كلا منهم يتجنب السير في طريق الآخر‏,‏ أو الالتقاء به‏,‏ لاعتقاده بأنه يحتكر الحقيقة‏.‏من الصعب أن تزنق المثقفين لأنهم قادرون علي التبرير‏,‏ لكن من السهل في زمن الثورات أن تعرف من منهم الخائن‏.‏ وهنا حوار مع السيد يسين حول المثقفين بجوار السلطان‏,‏ متماهين فيه أو معارضين له‏,‏ وقد قبل الرجل بشجاعة المفكر‏,‏ الترجل من الإطار التذكاري‏,‏ تاركا صحبة الرئيس‏,‏ ليحدق معي في الصورة
‏*‏ أنت‏..‏ أين تضع نفسك بين المثقفين‏,‏ يري البعض أنك كنت تستر عورة النظام بالسكوت عن الرأس وتوجيه النقد للأذناب؟
‏**‏ ليست مهمة المثقف النقدية مهاجمة رأس النظام بالضرورة‏,‏ مهمته النقد الموضوعي لسياسات النظام‏.‏
‏*‏ مقاطعا‏:‏ حتي لو كان الرأس فاسدا؟
‏**‏ لا علاقة لي بذلك ليست هذه قضيتي‏,‏ النقد الاجتماعي في كل بلد لا ينصب علي رأس النظام‏,‏ بل علي سياسات النظام‏,‏ ولحسن الحظ هناك شيء اسمه الأرشيف‏,‏ أرجع لمقالاتي‏,‏ نشرت كتابا بعد الثورة بعنوان‏(‏ ما قبل الثورة‏..‏ مصر بين الأزمة والنهضة‏)‏ هذا الكتاب في الأصل مقالات نشرتها في جريدة الأهرام المسائي من‏2009‏ إلي‏2011,‏ هناك نقد عنيف لسياسات النظام‏,‏ ستجد ضمن ما تجد فيه مقال‏(‏ الفساد علي نفقة الدولة‏)‏ وآخر عن الانحراف التشريعي‏,‏ ومقالا عن محاولة وقف التحول الديمقراطي‏,‏ كل هذا منشور‏,‏ أنا قضيتي كمثقف هي نققد سياسات النظام‏,‏ هذا ما يحدث في العالم كله‏,‏ من أول جان بول سارتر لغاية آخر مثقف نقدي‏.‏
‏*‏ لو أردنا تقييم مبارك بما له وما عليه‏..‏ ماذا تقول؟
‏**‏ مبارك بدأ بداية جيدة‏,‏ أول قرار اتخذه الافراج عن المعتقلين‏,‏ ورث عن السادات علاقات عدائية بالعرب‏,‏ وأصلح هذه العلاقات‏,‏ في البداية كان يستمع لمناقشاتنا في معرض الكتاب‏,‏ ويتقبل النقد‏,‏ لكنه بعد فترة تجمد‏.‏
‏*‏ متي بدأ هذا الجمود؟
‏**‏ يمكن الاشارة إلي أول‏10‏ سنين‏.‏
‏*‏ أي بانتهاء الفترة الثانية تقريبا؟
‏**‏ هنا بدأ الانحدار‏,‏ لم يعد يطيق سماع النقد علي نفسه‏,‏ أصبحت رؤيته للواقع رؤية مزيفة بحكم تزييف الشهادات التي تنقل له‏.‏
‏*‏ في خطابات مبارك أثناء الثورة هل وضح لك هذا الانفصال عن الواقع؟
‏**‏ هذا الانفصال كان واضحا من قبل الثورة ب‏5‏ أو‏6‏ سنين‏,‏ هناك مسخرة حدثت ولم ينتبه لها أحد‏,‏ كانت هناك مظاهرة خلعت فيها الناس هدومها‏,‏ وهناك مظاهرة أخري نام فيها الناس في عرض الطريق‏,‏ فنقلتهم قوات الأمن من الشارع إلي الرصيف‏,‏ فذهبوا تحت شباك أحمد نظيف‏,‏ أحد المخربين في السياسة المصرية‏,‏ ظل الناس يخبطون الحلل‏,‏ لكنه لم يخرج لأنه موجود في القرية الذكية‏,‏ الشاهد أن النظام تدهور في السنوات الأخيرة‏,‏ كان يسمع نفسه سيطروا علي الثروة والسلطة ونهبوا البلاد بخطة منهجية‏.‏
‏*‏ تستطيع تحديد اسماء؟
‏**‏ لا تعنيني الاسماء‏.‏ أنا عالم اجتماع تعنيه الظواهر‏,‏ لكن هناك أحمد نظيف وأحمد عز والوزراء من رجال الأعمال‏.‏
‏*‏ لهذا رفضت التعقيب علي خطاب مبارك الثاني في التليفزيون المصري‏,‏ خرجت من ا لاستوديو معلقا‏..‏ بأنه رجل مخرف؟
‏**‏ فعلا رفضت التعقيب‏,‏ كنت أتوقع أن يتنحي لأن المسألة كانت واضحة‏,‏ فهذه الثورة هي ذروة الاحتجاج السابق عليها‏,‏ لم تأت من الفراغ‏,‏ وكان كل شيء في حكم المنتهي‏,‏ لكنه فقد الصلة بالواقع‏.‏
‏*‏ ولم قبلت من حيث المبدأ التعقيب علي الخطاب؟
‏**‏ أنا مثقف نقدي‏,‏ ذهبت لأعقب علي طريقتي وليس مجاملة لأحد‏.‏
‏*‏ وربما انسحبت لتلحق بآخر عربة في قطار الثورة؟ نتيجةثقتك بأن الكفة قد مالت إلي الجهة الأخري؟
‏**(‏ بهدوء واختصار‏)‏ ياعزيزي قلت لك إن أرشيفي موجود‏,‏ ثورة ايه وأطر إيه‏.‏
‏*‏ ألم تطلب من المتظاهرين الاستجابة لخطاب الرئيس والتفكير فيه؟
‏**‏ إطلاقا‏.‏
‏*‏ هذا كلام مكتوب ومسجل في الأرشيف؟
‏**‏ ارجع له‏.‏
‏*‏ أفاض كل من قابلوا الرئيس بعد اللقاء معه في وصف مناقبه‏,‏ وما إن أدار ظهره للكرسي‏,‏ حتي صببتم علي رأسه اللعنات حارة وحارقة؟
‏**(‏ مقاطعا‏)‏ أنا لم أعط أي تصريح‏.‏
‏*‏ كتبت في الأهرام؟
‏**‏ كتبت لكني لم أعط أي تصريح‏.‏
‏*‏ ماذا كتبت؟
‏**‏ لا أذكر‏.‏
‏*‏ كتبت إنكم اطمأننتم علي صحة الرئيس؟
‏**‏ أنا لم أقل هذا الكلام‏,‏ أنت تختلق أشياء لم أكتبها‏,‏ هات النص وناقشني فيه‏.‏
‏*‏ ووصفت ما حدث بأنه لقاء ثقافي فريد‏,‏ وفيما أمد يدي للشنطة أخرج منها صورة من مقاله عاجلني يسين‏,‏ قافزا علي الحرج‏,‏ سيب ده دلوقتي وبص لي‏,‏ لكني أكملت‏,‏ ولماذا دفنتموه حيا ولم تتقبلوا فيه العزاء؟
‏**(‏ بصوت عال‏)‏ وجهت نقدا اجتماعيا مباشرا للرئيس‏,‏ واجهته بالفساد في البلاد‏,‏ قلت له وبعنف شديد مصر تفتقر للرؤية الاستراتيجية ياسيادة الرئيس‏,‏ قمت بدوري كاملا كمثقف نقدي‏,‏ لا طبلت ولا زمرت هذا دوري‏,‏ كلمة حق عند سلطان جائر‏,‏ هذا هو العنوان
‏*‏ في عصر مبارك‏,‏ ألم يحاول النظام استقطابك للجنة السياسات أو الحزب الوطني‏..‏إلخ
‏**‏ لم يحدث
‏*‏ لكنك شاركت في جلسة أمانة السياسات برئاسة جمال مبارك؟
‏**‏ لا
‏*‏ حضرت اجتماعا مع جابر عصفور وعماد أبوغازي وآخرين؟
‏**‏ كانت هناك ورقة ثقافية ويبدو أن كاتبها إسماعيل سراج فطلبوا مجموعة من المثقفين المستقلين لمناقشة الورقة فذهبت أنا وجابر عصفور وفوزي فهمي وعماد أبوغازي وعبد المنعم سعيد وعلي الدين هلال ومحمد كمال‏,‏ دول من عندهم‏..‏
‏*‏ لكن هؤلاء ليسوا مستقلين‏..‏ كلهم تبع النظام؟
‏**(‏ باستنكار‏)‏ يعني إيه تبع النظام؟
‏*‏ لم يؤثر عن واحد منهم أنه قال‏..‏ لا؟ ما من أحد فيهم اشتهر بمعارضته للنظام؟
‏**‏ أنا لم أكن مع النظام‏,‏ ثم ماذا تعني اشتهر دي‏!‏ أرجع للأرشيف يا أخي‏,‏ هل الحكاية حكاية شهرة‏,‏ راجع ماذا كتبنا‏.‏
‏*‏ يا أستاذ سيد أغلب هؤلاء كانوا موظفين؟
‏**‏ لاعلاقة لي بذلك‏,‏ ثم كلمة موظف هذه قد تكون ظالمة لبعضهم‏,‏ هل كان جابر عصفور موظفا‏.‏
‏*‏ كان أمين عام المجلس الأعلي للثقافة؟
‏**‏ وهل هذا يعني أنه كان موظفا‏..‏ اسمه جابر عصفور أستاذ النقد‏,‏ هل فوزي فهمي موظف‏!‏ لا يجوز هذا‏.‏
‏*‏ المهم‏..‏ هل شعرت بأن جمال مبارك كانت لديه رؤية ثقافية؟
‏**‏ لم تكن لديه رؤية لأي شيء‏,‏ وقد وجهنا نقدا عنيفا جدا لهذه الورقة‏,‏ وكنت أول المتكلمين بالمناسبة‏,‏ وشرحنا الورقة
‏*‏ وكيف كان رد فعل جمال مبارك؟
‏**‏ لم يقل شيئا‏,‏ لأنه لم يكن يفهم في الموضوع أصلا‏,‏ بينما كان إسماعيل سراج الدين يكتب‏NOTES.‏
‏*‏ تعال يا أستاذ سيد نلقي نظرة علي المثقف والسلطة‏,‏ موضوع الحوار‏,‏ منذ ثورة يوليو‏1952‏ الي ثورة يناير‏2011‏ تعالي نجعل المثقف في خلفية ماجري وما يجري كان الشعار الذي رفعته ثورة يوليو‏,‏ حرية‏,‏ اشتراكية‏,‏ وحدة شيئان بقيا من هذا الشعار لثورة يناير هما الحرية والاشتراكية أو العدالة الاجتماعية‏,‏ ألم تكن‏60‏ عاما تفصل بين الثورتين كافية لتحقيق الشعار؟ لماذا لاتتقدم مصر رغم قيام الثورات؟
‏**‏ ومن قال لك ان مصر لاتتقدم؟
‏*‏ هل تشعر أنت بعكس ذلك لو أننا نتقدم لكنا الآن مثل النمور الآسيوية علي الأقل؟
‏**‏ حدث تقدم حقيقي في اكتساب الخبرة التاريخية‏,‏ المعادلة الناصرية قامت علي تحقيق العدالة الاجتماعية وتأجيل الحريات السياسية‏,‏ وقد سقطت هذه المعادلة في‏1976,‏ ثبت أنه لايمكن ان يحدث تقدم بدون جناحين‏..‏ الحرية والعدالة الاجتماعية‏,‏ هذا بحد ذاته تقدم‏..‏ أن تكتسب الوعي النقدي‏,‏ من واقع الممارسة لا الشعارات‏..‏
‏*‏ لكن الوعي حدث للنخبة‏,‏ أنا أتكلم عن مجتمع يمشي ويمشي‏,‏ ثم نكتشف أنه محلك سر؟
‏**‏ هذا الوعي السياسي هو الذي حرك ثورة‏25‏ يناير‏..‏ أن القضية ليست قضية حريات سياسية فارغة من المعني‏,‏ لكنها الشعور بأنك لايمكن ان تتقدم بالمجتمع بغير هذين الجناحين‏,‏ كما أقول لك‏,‏ وتعال نناقش الموضوع حسب المرحلة التاريخية‏..‏ في عهد عبد الناصر كان خطر فادحا أن تعلو العدالة الاجتماعية علي الحرية‏,‏ هزيمة‏67‏ كانت درسا قاسيا‏,‏ استدرجنا بتعبير هيكل‏,‏ لكن الخبرة التاريخية فعلت فعلها مع السادات وقرار العبور العظيم في حرب أكتوبر‏1973‏ ما إنجاز السادات وكيف اكتسب الخبرة التاريخية‏,‏ أنه لم تكن هناك عشوائية في اتخاذ القرار‏,‏ ثم انه وضع خطة عبقرية مكنت من عبور المستحيل‏,‏ هذا تقدم في مجال اتخاذ القرار والقدرة علي التحدي بإرادة الشعب كله‏.‏
‏*‏ هذه لحظة‏,‏ تكاد تنفصل عن المسار؟
‏**‏ هذه نقلة تاريخية
‏*‏ وماذا حدث بعد هذه النقلة؟
أنك وصلت الي نوع من التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل‏,‏ هذا نوع من التقدم السياسي وأعتقد ان من أبواب التقدم التي صنعها السادات إلغاء الاتحاد الاشتراكي الذي كان علامة من علامات السلطوية السياسية والانفراد بالقرار‏,‏ وفتح السادات المجال للمنابر والأحزاب السياسية‏..‏ هذا تقدم‏..‏ أليس كذلك؟ صحيح أنها كانت تعددية حزبية مقيدة‏,‏ أعرف‏,‏ لكنها كانت مقدمات‏,‏ لأن التاريخ لايتغير في لحظة‏.‏
‏*‏ وما كسبه في الحرب خسره فيالسياسة؟
‏**‏ هناك كانت معركته خاسرة‏,‏ وهذا هو درس التاريخ‏..‏ أنه حلقات من التراجع والتقدم‏.‏
‏*‏ وإلي أن وصلت العجلة في عصر مبارك؟
‏**‏ مشكلة مبارك أنه أفتقد الرؤية السياسية‏,‏ كان متخبطا ولم يستطيع الاستفادة من العقول المصرية الخصبة‏,‏ لدينا كفاءات علي مستوي عالمي في كل المجالات‏,‏ لكن مبارك عجز عن بناء رؤية استراتيجية ماكنش فاهم الموضوع أصلا‏,‏ وراح يشكل الوزارات بشكل عشوائي‏,‏ رؤساء الوزارات بعضهم ودانا في داهية‏,‏ في مشروعات غير مدروسة‏,‏ خذ مشروع توشكي مثلا‏,‏ كان مشروعا فاشلا وقد كتبت ضده في الأهرام‏.‏
‏*‏ كمال الجنزوري يلعب الآن دور البطل القومي؟
‏**‏ كتبت ضد الجنزوري وضد توشكي‏,‏ قلت له ورينا دراسة الجدوي فين يادكتور؟ أين الدراسة التي تجعلنا نضع‏4‏ مليارات هناك‏,‏ فرد أنه اعتمد علي تحقيق صحفي في مجلة آخر ساعة في الستينيات‏!!‏ الدكتور عاطف عبيد هو مصيبة المصائب لأنه كان بداية بيع القطاع العام وتصفيته والدخول في عام البيزنس‏..‏ إلخ ثم ان مبارك وقع في قبضة الفساد الحقيقي لما استوزر رجال الأعمال‏.‏
‏*‏ توقفت خبرة التاريخ عند مبارك‏,‏ بعد السنوات العشر الأولي لحكمه؟
‏**‏ توقفت حتي هذه السنوات فقط
‏*‏ لا أريد لهذا الحوار أن يكون مرمي للأهداف‏,‏ أنا‏,‏ ولا أبرئ نفسي‏,‏ أسائل الماضي بصحبتك‏,‏ ولدي يقين بأن المثقفين هم أصل البلاء‏.‏
‏**‏مثقفوا السلطة أجرموا في حق انفسهم وفي حق الوطن‏.‏ هؤلاء من ينبغي أن نسائلهم‏.‏
‏*‏ هل تبرئ نفسك من هذه الدائرة؟
طبعا‏.‏ والأرشيف موجود يا أخي‏,‏ كل من يبرر للسلطة وظيفته النقدية‏,‏ أي يفقد صفته كمثقف‏,‏ والمثقفون المصريون النقديون قاموا بواجبهم في كل العصور‏.‏
من في جيلك أدي مهمته علي افضل وجه‏,‏ أعطني أمثلة من فضلك؟
حسن حنفي‏.‏
‏*‏ في ظنك ما الذي يميز بين أسلوب عبد الناصر والسادات ومبارك في التعامل مع المثقفين؟
‏**‏سؤالك يحتاج الي تحليل مختلف‏,‏ لأن عبد الناصر كانت لديه رؤية استراتيجية للمجتمع المصري‏,‏ أخطأ عبدالناصر أو أصاب في تطبيق هذه الرؤية‏,‏ ده شيء وارد لكن السادات لم تكن له رؤية استراتيجية‏,‏ هو جاء ليرمم وضعا قائما وبدا ببعض الأفكار التي لا تلتئم في شكل رؤية‏,‏ لكن القدر لم يمهله ليظهر ما إذا كانت لديه رؤية متكاملة للمجتمع المصري‏,‏ مبارك أقلهم في هذا المجال‏..‏ لم يكن لديه مشروع ولا رؤية‏,‏ مبارك موظف بدرجة رئيس جمهورية‏.‏
‏*‏ لمن ستعطي صوتك من المرشحين المحتملين للرئاسة؟
‏-‏ سؤالك لطيف‏:‏ كل المرشحين للرئاسة لا يمثلون إلا أنفسهم‏,‏ وهذا ضد القواعد الديمقراطية المستقرة‏.‏
‏*‏ بمعني؟
‏**‏ في النظم الديمقراطية المستقرة يأتي المرشحون للرئاسة من الحزب لا من تلقاء أنفسهم‏,‏ لا ديمقراطية بدون أحزاب سياسية فاعلة‏,‏ المستقلون موجودون في كل مجتمع ولكن بلا قيمة‏,‏ هل رأيت مستقلا فاز في الانتخابات الأمريكية‏!‏ ثم هل قرأت برنامجا انتخابيا لأحد منهم‏!‏ ماذا ينتظرون أنا أدعي أن كل هؤلاء المرشحين لم يفهموا منطق ثورة‏25‏ يناير‏.‏
‏*‏ كلهم؟
‏**‏كلهم
‏*‏ ولا يمثلونها؟
‏**‏ ولا يمثلونها‏,‏ هل نعرف السبب‏..‏ سألوا بعضهم‏:‏ ما أول قرار ستتخذه عندما تكون رئيس جمهورية؟ واحد يقول لك‏..‏ أول قرار هو إلغاء كامب ديفيد‏,‏ والتاني يقول لك‏..‏ هارفع المرتبات متين في المية‏,‏ والتالت يقول لك ها اعمل أول مؤتمر صحفي في منطقة عشوائية‏!‏ من أنت حتي تتخذ القرار‏..‏ انتهي عهد القرارات الفردية‏,‏ لم تفهم أنت منطق الثورة‏,‏ أحد مطالب الثورة الاصرار علي المشاركة الشعبية في اتخاذ القرار‏,‏ لم يعد أحد قادر علي احتكار القرار حتي لو أصبحت رئيس جمهورية لا يمكنك اتخاذ قرار منفرد‏.‏
‏*‏ بم تشعر حين تري مبارك في القفص؟
‏**‏ مبارك أهان نفسه‏,‏ وما كنت أتصور أن يسمح لنفسه بهذا الموقف المهين‏.‏ كان عليه أن يدافع عن نفسه كما ينبغي أن يدافع‏,‏ رجل بتاريخه الطويل يقبع في القفص علي سرير هذه إهانة لنفسه لا لشخص آخر‏.‏
‏*‏ هل أنت راض عن أداء المجلس الأعلي للقوات المسلحة‏.‏؟
‏**‏ أقدر موقفه العظيم من الثورة‏,‏ هذا المجلس واجه ويواجه موقفا بالغ التعقيد من الناحية السياسية‏,‏ لتعدد اللاعبين في الساحة‏.‏ انظر إلي المشهد الآن‏:‏ هناك شباب الثورة وقد انقسموا إلي‏150‏ ائتلافا‏,‏ وهناك الأحزاب التقليدية‏,‏ والأحزاب الجديدة‏,‏ والسلفيون‏.‏ والاخوان المسلمون‏,‏ فهل تتوقع أن يدير المجلس الأمور بسلاسة في مثل هذا الموقف المعقد؟ كيف؟‏!‏ هناك صعوبة لأن المشهد معقد ومتضارب‏,‏ ولكل فريق أجندة‏.‏
‏*‏ عصام شرف‏,‏ هل كان مؤهلا للمهمة التي يقوم بها الآن؟
‏**‏ عصام شرف أو غيره ممن يكلفون بمهمة كهذه في ظرف كهذا‏,‏ الموقف نفسه الذي يقف فيه المجلس الأعلي للقوات المسلحة لن يرضي أحد عن أي قرار يتخذه‏.‏
‏*‏ هل كانت وراء ثورة يناير أجندات خارجية؟
‏**‏ هذا كلام بائس‏.‏
‏*‏ هل فرحت بها؟
‏**(‏ بنغمة ترن فرحا وبصوت عال خرج راكضا من أعماقه‏)..‏ جدا
‏*‏ هل ذهبت إلي ميدان التحرير؟
‏**‏ لم أذهب
‏*‏ لماذا؟
‏**‏ ربما لظروف صحية‏,‏ لكني سعدت بها لأن الشباب أنجز ما لم تستطع الأجيال الأخري إنجازه‏.‏
‏*‏ البعض يستنكف أنك تكتب عن الثورة‏,‏ لأنك لم تشارك فيها؟
‏**‏ لا أحد يمكنه احتكار الكتابة عن الثورة أو التحدث باسمها‏,‏ لأنها ثورة الشعب المصري كله‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.