أكد المخرج داود عبدالسيد عدم تفاؤله نحو مستقبل صناعة السينما بصفة خاصة والفن بصفة عامة بعد تصاعد التيار الإسلامي.. وقال أن الصبغة التجارية التي اتسمت بها سينما2011 ستستمر لعدة سنوات مما يجعل الجو الفني غير مناسب لتقديم أفلامه.. وخلال حواره مع الأهرام المسائي أجاب وبصراحة عن كل الأسئلة المطروحة الآن في الوسط الفني: * في البداية.. ما رأيك في سينما2011 ؟ { بصراحة أنا لم أشاهد فيلما واحدا طوال العام الماضي فأنا بطبيعتي لا أذهب إلي مشاهدة فيلم إلا إذا كان يمثل ظاهرة جديدة أو يطرح أمامي تساؤلات أذهب للبحث عن اجاباتها.. أو أشاهد أفلام السينما المستقلة لأرصد حركة نموها. * تقصد أن2011 لم يكن به فيلم واحد يحمل جديدا؟ { فعلا.. أقصد بظاهرة شيئا جديدا ليس بالضرورة أن يكون في القصة أو البطل قد يكون في المخرج أو حتي في الاقبال الجماهيري غير المبرر مثلا.. هذه الظواهر قد تدعوني لمشاهدة الفيلم في محاولة لفهم أسبابها أو رصد التغييرات في ذوق الجمهور.. فعندما قدم محمد سعد فيلم اللمبي وحقق نجاحا كبيرا اعتبرت هذا ظاهرة دعتني لمشاهدة الفيلم * لماذا لم يقدم داود عبدالسيد فيلما بعد رسائل البحر؟ { بعد رسائل البحر كانت عندي عدة مشاريع سينمائية وكنت أنوي اختيار أفضلها للبدء به في2011 لكنها توقفت تلقائيا مع بداية العام. * هل توقفت بسبب عدم وجود منتج؟ { من السهل جدا أن أجد منتجا يقول لي عاوزين نعمل فيلم لكن من الصعب أن يكون هذا المنتج متوافقا مع نوعية ما أقدمه من أعمال وكما قلت فان عام2011 تميز بالصبغة التجارية التي لا تناسب طريقة شغلي * هل تتوقع أن تتحسن السينما في الأعوام القادمة؟ { غالبا ستكون أسوأ وأتمني أن أكون مخطئا في ذلك لكنني أري أن الانتخابات الأخيرة قد صعدت التيارات الدينية بشكل كبير وأنا ليس لدي عداء نحوهم لكنني قلق جدا ازاء توجهاتهم التي بدأوا في الإعلان عنها والتصريح بها.. فإذا ظلوا يتحدثون عن السينما النظيفة وغيرها من القضايا الفنية فان هذا سيؤدي إلي موت صناعة السينما في مصر. * لكنهم صرحوا أيضا بنيتهم في المشاركة في الإنتاج السينمائي؟ { أهلا بهم وسهلا.. لكن المسألة ليست مسألة إنتاج سينمائي بقدر ما هي مسألة إدارة.. بمعني أن إدارة السينما في أي مكان في العالم تكون مستقلة ولا تكون لها علاقة بحزب نجح في الانتخابات أو حزب لم يعد موجودا علي الساحة.. أما في مصر فنجد أن الفن يتأثر بتوجهات من هم في السلطة فإذا جاء الليبراليون بعد الإخوان مثلا فسيقومون بتغيير اتجاهات الفن وإذا جاء الشيوعيون بعد الليبراليين يقبلون التوجهات وهذا غير صحيح لأن المفروض أن يتمتع الفن والإبداع بحرية التعبير تحت كل الظروف. * ما حل هذه المشكلة في رأيك؟ { الحل الوحيد هو أن ترفع الدولة يدها عن الفن وعن الإعلام بصفة عامة وللأسف فانني لا اعتقد أن هذا سوف يحدث في القريب لانه كان من المفروض أن يحدث أثناء المرحلة الانتقالية التي نعيشها والتي أوشكت علي الانتهاء دون حدوث أي تطور إلي الأحسن بل حدث تأخر. * ماذا ينوي أن يفعل المخرج داود عبدالسيد في ظل تلك الرؤية للأوضاع الحالية؟ { أنا شخصيا ما أنوي تقديمه لا يمكن تقديمه إلا في مناخ كامل من الحرية فإذا توفر هذا المناخ سأقدم أفلامي أما إذا حدث العكس فلن أقدم شيئا!! لكن المشكلة ليست في شخص داود عبدالسيد.. المشكلة مشكلة فن وإبداع في دولة كاملة كانت هي الدولة العربية الوحيدة التي بها صناعة سينما.. فباقي الدول العربية قد يكون عندها فنانون وقد يكون عندها إنتاج لكن الأكيد أن ليس عندهم صناعة سينما.. فاما أن نحافظ علي هذه الصناعة والا ستموت إلي الأبد. * ألا تري أن انسحابك من الساحة يعتبر شيئا سلبيا؟ { قد أنسحب بأفلامي إذا لم يتوفر المناخ المناسب لكن يبقي دوري ودور جميع المفكرين والمثقفين والأدباء في مقاومة التراجع والدفاع عن الحريات والمطالبة بالمزيد منها.