في عصر الثورة التكنولوجية والعلمية.. أسئلة أتمني أن يطرح كل منا مثلها علي السياسيين وعلي من سينضم للجنة وضع الدستور وعلي من سيضع القوانين, فالسؤال الدائم هو نصف الإجابة.في أحد المؤتمرات العلمية. وقف عالم الحاسبات بيتر ساندرس يشرح كيف توصل هو وزميله يوها كاركينين إلي حل أحد المسائل الرياضية التي استعصي حلها حوالي عشر سنوات علي العلماء, فقال: بينما كان زميلي يوها يشرح أحد المسائل القريبة ذات العلاقة خطر لي أن أسال سؤالا بدا لي ساذجا ولكنني قررت أن أسأله فلا حياء من فتح المناقشة, وعندما سألت السؤال احترم زميلي يوها السؤال وأخذنا نفكر في الإجابة, ثم نظر بعضنا إلي بعض وعندها اكتشفنا أننا قد حللنا المعضلة التي استعصت طويلا علي المجتمع العلمي. وفي هذه المقالة قررت أن أطرح بعض الأسئلة.. أسئلة قد تكون فعلا ساذجة أو قد تبدو ساذجة.. ولكن فتح باب المناقشة يحرك الأفكار وقد يأتي فعلا بحلول لمشاكل هامة.. هذا وخاصة أننا علي أبواب عهد جديد بعد الثورة.. عهد يبدأ بصياغة دستور جديد في قرن جديد.. في عصر الثورة التكنولوجية والعلمية.. أسئلة أتمني أن يطرح كل منا مثلها علي السياسيين وعلي من سينضم للجنة وضع الدستور وعلي من سيضع القوانين, فالسؤال الدائم هو نصف الإجابة. السؤال الأول: لماذا لا يكون هناك معيار محدد أو اختبار في العلوم السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمن أراد أن يرشح نفسه لأحد المقاعد البرلمانية أو المناصب السياسية؟ فمن أراد أن يقود سيارة يجب أن يجتاز امتحانا؟ ومن أراد أن يقوم بالتدريس فإن عليه أن يجتاز الامتحان ويتدرب عدة سنوات قبل أن يقف أمام الطلبة؟ لكن الغريب أننا نتغاضي عن تلك الشروط والخبرة لمن أراد أن يمثل الشعب أو أن يتصدر المناصب القيادية.. كما لو أن السياسة ليست مهنة لها أدواتها ومهاراتها كغيرها من المهن.. فإلي متي يتولي أمرنا من يتعلم فينا بالممارسة. السياسي الناجح ليس بالضرورة هو الأكاديمي الناجح أو الثوري المناضل أو رجل الأعمال الناجح أو الداعية المحبوب أو الفنان ولاعب الكرة المشهور.. فالسياسة وممارستها والإدارة وفنونها أمور تحتاج إلي معرفة وخبرات ومهارات إضافية, وإذا افترضنا أن هذه الشروط يصعب تحقيقها الآن. فما الخطة التي بها نخلق جيلا من السياسيين المحترفين في خلال عدد محدود من السنوات؟ السؤال الثاني: إذا كان مجلس الشعب بحكم دوره الرقابي والتشريعي يقسم إلي لجان حسب التخصصات المختلفة فلماذا لا يمكنني كناخب اختيار من يمثلني في كل تخصص علي حدة؟؟.. وهل الاختيار المبني علي التعدد الجغرافي ونسبة العمال والفلاحيين( النسبة الغريبة التي زال سببها) فقط يؤدي للتشكيل الأمثل للمجلس خاصة مع تعقد مشكلاتنا الحديثة وحاجتها إلي حلول علمية مدروسة جيدا؟ وهل هذا الفراغ المعرفي في المجلس لن يؤثر علي استقلاليته بمعني أن بعض الأعضاء سوف يتم تحريكهم إما من خلال آخرين أكثر معرفة بالمواضيع المطروحة أو من خلال وسائل الإعلام؟ ولا نرجو بالطبع أيضا أن تبني أراءه بعض النواب علي الإحساس والراحة النفسية!! السؤال الثالث: متي يصبح المواطن في مصر له حق الانتخاب؟ هل السن هو المعيار الوحيد؟ وإذا كان الكثير يدلي بصوته ليس بناء علي رأيه بل بناء علي رشوة انتخابية أو بناء علي رأي غيره أو بناء علي رأي صاحب العمل أو بناء علي رأي شيخ أو قس فلماذا هذا العناء والتكلفة ولم لا نجمع هؤلاء المحركين للآخرين ليتفقوا علي النتائج المسبقة؟ بالطبع هذا السؤال في غاية الأهمية وكان هذا السؤال هو أحد المحاور الأساسية التي حاولت الدساتير معالجتها دون الانتقاص من حرية الأفراد والمساواة بينهم.. ففي الدستور الأمريكي مثلا تم وضع آليات لحماية الدولة مما سماه بعض الكتاب شطح الديمقراطية المبنية فقط علي مبدأ الأكثرية العددية المطلق, ومن ضمن هذه الآليات النظام الرئاسي والمحكمة الدستورية ووجود مجلسين أحدهما للشيوخ الأكثر حنكة وآخر للنواب الممثلين للجماهير بشكل أكبر.. وبالتالي لا يرتبط مصير الأمة وقراراتها بأي تلاعب بعقول وعواطف الجماهير.. أنا لا أنادي بتقليد النظام الأمريكي ولكن علينا أن نفكر بجدية في ما يناسبنا خاصة وأن نسبة الأمية لدينا مرتفعة( في حدود الأربعين بالمائة) والكثير من الجماهير في مصر تحت خط الفقر.. فكيفية معالجة هذا الموضوع مع نهضة ثقافية شاملة أسئلة في غاية الأهمية.. الإجابة عليها سوف تؤدي إلي البناء السياسي السليم الذي نرجوه وسوف تضمن أن من يحكمنا هو الأجدر والأكفأ, فصالح الأمة في النهاية هو مراد الجميع.