نجح الأستاذ سليمان جودة في أن يجذبني إلي قراءة ما كتبه في المصري اليوم (أول فبراير).. عن أسباب السفريات المتكررة لوزير الاستثمار الدكتور محمود محيي الدين.. خارج البلاد خاصة منطقة جنوب شرق آسيا.. خاصة أن الزميل كان مرافقًا للوزير في رحلته الأخيرة إلي فيتنام والصين. وعندما كتبت منتقدًا تكرار سفريات الوزراء إلي الخارج.. وضربت مثالا علي ذلك بوزير الاستثمار.. فإنني لم أكن ضد سفر الوزراء.. بل كنت أرغب في معرفة عائد تلك السفريات علي اقتصادنا.. ورغم أن كل وزير يقدم تقريرًا عن الزيارة ونتائجها إلي رئيس الوزراء.. لكن الأخير غير مطالب بنشر هذه التقارير خاصة أنها تحمل صبغة فنية (أو هكذا أظن).. لذا وجب علي الوزير أن يشرح للرأي العام نتائج رحلاته.. وعندما ينشر أحد الكتاب المرافقين عن رحلة وزير الاستثمار الأخيرة.. فيجب أن أهتم بما كتبه.. لعلي أجد إجابة عن أسئلة مقالي السابق. وعندما يري الأستاذ جودة أن تردد وزير الاستثمار أكثر من مرة سنويًا علي دول جنوب شرق آسيا.. ليس من أجل الفسحة أو الفرجة أو حتي الدهشة.. وإنما لأن طبيعة عمله كوزير للاستثمار تقضي عليه أن ينقل بعضاً مما يدور هناك إلي مصر!.. فإن السؤال الذي ينبغي أن نوجهه هنا هو:ما الذي يدور هناك ويريد الوزير أن ينقله إلينا؟!.. وعندما أكملت قراءة ما كتبه زميلي.. وجدته مدافعًا عن سفريات الوزير لأسباب حصرها فيما يلي: 1- الوزير يؤمن بفكرة أساسية وهي نقل عدوي التطور في تلك الدول إلينا.. لكن فات علي الوزير أو الزميل أن يقول لنا كيف؟. 2- يكمل الزميل: حتي تحدث العدوي في نقل التطور فيجب أن تكون الأرض المنقول إليها التجربة مهيأة وقابلة لذلك.. وهذا سبب انتشار العدوي بين جميع دول جنوب شرق آسيا.. لكن لم يقل لنا الوزير أو الأستاذ سليمان مدي قابلية التربة المصرية لتلك العدوي. 3- يجيب الزميل: ثلاثة أسباب جعلت البيئة مواتية في جنوب شرق آسيا.. وهي أولاً: الاستثمار في التعليم والصحة بلا حساب.. وثانيًا: البناء علي ما كان من قبل.. وليس البدء في كل مرة من عند نقطة الصفر.. وثالثًا: مرونة هائلة أثناء تعامل تلك العواصم مع التحديات التي كانت ولا تزال تواجهها.. وأن هذه هي الأسباب التي جعلت من الصين (صين) ومن كوريا (كوريا)!!. هنا أسمح لنفسي أن أقول لزميلي العزيز.. إن كل ما ساقه تبريرا لسفريات وزير الاستثمار يمكن أن نخلص إليه جميعا - ومعنا الوزير - بسهولة ودون سفر.. لأنه كلام مفهوم ويعلمه الكافة ولا جديد فيه.. بل إن أي قراءة متأنية لإحدي مقالات النخبة الاقتصادية أو السياسية المصرية.. يمكن أن تنقل للوزير كل تلك الخبرات وأكثر.. مما سيوفر عليه عناء السفر بالطائرة ساعات طوال.. لأنه ليس مقبولا ومعقولا أن يسافر الوزير كل تلك الساعات.. ثم يخرج علينا ليقول.. إنه سافر حتي ينقل لنا عدوي التطور.. وإنه لابد من الاستثمار في التعليم والصحة!!. ما نفهمه أن لوزير الاستثمار مهمتين رئيسيتين.. الأولي: تهيئة مناخ جيد للاستثمار داخل مصر.. والثانية: جذب رؤوس أموال أجنبية (حقيقية) للاستثمار داخل البلد.. أي يأتي مستثمر إلي مصر ومعه الفكرة والمال لإقامة نشاط اقتصادي مع تشغيل عمالة مصرية ويسد نقصًا داخل أسواقنا ثم يصدر الفائض.. ثم يربح بعد ذلك ما شاء.. فهل أسفرت رحلة الوزير عن إنجاز هاتين المهمتين أو إحداهما علي الأقل أم لا؟!.. هذا هو ما ينبغي علي الزميل أن يذكره لنا. ربما قد تغير التوصيف الوظيفي لطبيعة عمل وزير الاستثمار.. وأصبحت مجرد سفريات يرجع منها الوزير ليحكي لنا - أو يُحكي (بضم الياء) عنه- عن أهمية الإنفاق علي الصحة والتعليم.. لذا فإنني أري أن زيارة واحدة إلي مكتبة مدبولي قد تغني زميلي العزيز - وتكفي معالي الوزير- عن عناء كل تلك السفريات.