تباينت اراء حول حزمة الاجراءات التي اعلنها الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء المكلف وذلك في خطوة لتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تثبيت500 ألف عامل بالقطاع الحكومي وتعيين العاملين الذين يتقاضون مرتبات ضعيفة. واعفاء المزارعين من ديون بنك التنمية والائتمان الزراعي فضلا عن تعويض اهالي الشهداء والمصابين. البعض ايد امكانية تحقيق هذه الاجراءات دون تحميل الموازنة اعباء جديدة وزيادة عجزها من خلال ترشيد الانفاق الحكومي وترشيد بعض البنود المبالغ فيها, وذلك وفقا لتصريحات رئيس الوزراء المكلف من خلال اتباع موازنة البرامج والاداء ومكافحة الفساد المالي, في حين ان البعض الاخر رأي استحالة اجراء تعيينات حكومية دون تحميل الموازنة العامة للدولة اعباء اضافية يمتد تأثيرها لسنوات طويلة وبالتالي فان هذه الاجراءات مجرد مسكنات لتهدئة الشارع المصري. الدكتور احمد غنيم, مدير مركز البحوث الاقتصادية اشار الي ان هناك اجراءات لابد من العمل علي تنفيذها خلال الفترة المقبلة ومنها اعفاء المديونيات الخاصة بالمزارعين لبنك التنمية والائتمان الزراعي نظرا لان البنك فقد دوره التمويلي والذي تم انشاؤه من اجله واقتصر دوره الاساسي خلال الفترة الماضية علي حصد المبالغ المالية عن طريق العمل كبنك تجاري. اما بالنسبة للتعيينات في القطاع الحكومي فأشار الي انها ستحمل الموازنة العامة للدولة اعباء مالية اضافية وستؤثر علي الموزانات المقبلة لسنوات طويلة قد تصل الي نحو30 عاما, وبالتالي لابد من اعادة النظر في عملية تعيين هؤلاء الافراد من خلال تحقيق فرص عمل لهم خارج النطاق الحكومي, مشيرا الي ان هذا الاجراء الهدف منه كسب تأييد الشعب في ظل التوتر الذي يسود تلك الفترة. وفيما يتعلق بالبنود المبالغ فيها في الموزانة قال ان الموازنات الخاصة بالدولة علي مدار السنوات الماضية وحتي الان مبالغ فيها, مشيرا الي انه بعد الثورة لم يحدث اي ترشيد في الانفاق الحكومي؟!. وتساءل هل تستطيع حكومة الجنزوري ترشيد الانفاق الحكومي ومن جانبه قال الدكتور حسن عودة الخبير الدولي في اصلاح النظام المحاسبي والموازنات الحكومية واستاذ المحاسبة بالجامعة الالمانية إن هناك بنودا تحتاج تدخل الدكتور كمال الجنزوري والتي تتمثل في بند الدعم البالغ137 مليار جنيه ويحتوي علي90 مليار جنيه لدعم الطاقة. وطالب بضرور إعادة النظر في الجزء المخصص بدعم الطاقة, مشيرا الي قيام شركات الاسمنت والحديد ببيع منتجاتها بالسوق المحلي بأسعار التصدير وضحا ان شركات الاسمنت تحقق مكاسب تتعدي300% حيث لاتتعدي تكلفة الطن180 جنيها ويتم بيعه ب500 جنيها فضل عن الدعم الوهمي الخاص بالمواد البترولية المستخدمة محليا. واشار عودة الي بند الاجور البالغ117 مليار جنيه والمتضمن الاجور المباشرة وهي اساسي المرتب وغير المباشرة كالحوافز والمزايا المختلفة والتي تتراوح بين خمسة وستة اضعاف الاجور المباشرة الامر الذي يدعو الي ترشيد النفقات في الاجور غير المباشرة للمستشارين بالقطاع الحكومي بما يوفر اموالا كثيرة تمكن الحكومة من تنفيذ رؤيتها دون احداث التأثير علي الموازنة الحالية. وأوصي بضرورة وضع حد اقصي مما يعمل توفير سيولة نقدية يتم استخدامها في تحقيق تنمية في مجالات مختلفة الي جانب ضم جميع الصناديق الخاصة الي الموازنة العامة والتي تردد انها تقدر ب135 مليار جنيه. وأكد انه في حالة استغلال تلك البنود بحكمة سوف يؤدي ذلك الي منح الحكومة القدرة الي تنفيذ ماتريده خلال المرحلة الانتقالية دون التاثير علي الموازنة العامة وبنودها بالرغم من انها في حاجة ماسة لاعادة النظر بجدية. يأتي ذلك في الوقت الذي اكدت فيه الدكتورة يمن الحماقي رئيسة قسم الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس امكانية ترشيد الانفاق الحكومي سريعا في ظل وجود ارادة سياسية وكوادر ذات خبرة يمكنها ادارة الازمة بكفاءة خلال الفترة المقبلة. وأشارت الي ان عملية ترشيد الانفاق لابد ان تصاحبها موازنة البرامج والاداء لضمان تحقيق عملية الترشيد من خلال تحديد الاهداف المرجو تحقيقها في الموازنة والتكاليف بناء علي الاحتياج الفعلي علي ارض الواقع وعدم احتساب تكاليف دفترية تفتح الباب امام الفساد المالي ومتابعة تنفيذ هذه الخطط التي وضعت كخطوة لمحاربة هذا الفساد وخاصة في مجال تنفيذ المقاولات الحكومية. وطالب الدكتور عنتر عبدالرازق استاذ الاقتصاد بالمعهد العالي التكنولوجي بضرورة اتخاذ سلسلة من الاجراءات علي مستوي جميع قيادات الدولة لترشيد الانفاق العام من خلال اعادة توزيع بنود الميزانية وفقا للاولويات بحيث لاتزيد نسبة عجز الموازنة علي3% بعد الترشيد ومواجهة التهرب الضريبي واصلاح منظومة الدعم التي تهدر اموال الدولة ولا يصل الدعم لمستحقيه اضافة الي ان مكافحة الفساد وتطبيق معايير الحوكمة في جميع المؤسسات والشركات سيعمل علي توفير بنود لتحسين مستوي الرواتب والوفاء بهذه الاجراءات. بينما اكد الدكتور محمود شعبان استاذ القانون التجاري ضرورة وضع خطة قصيرة الاجل تهدف الي استعادة الامن في الشارع المصري لجذب الاستثمارات الاجنبية والمحلية وتعاون المواطنين للدفع بعجلة الانتاج لتعويض الخسائر الاقتصادية والتقليل من الاعتماد علي الدين الداخلي او الخارجي. وتابع ان الخطة طويلة الاجل لابد ان تعتمد علي الاستثمارات في قطاع الزراعة بعد تهميشها خلال النظام السابق لضمان توفير العملة الاجنبية التي تنفقها مصر لاستيراد السلع الغذائية بالاضافة الي تراجع الصناعة المحلية بسبب عدم الاعتماد علي مجالات التصنيع الزراعي.